الموسوعة الحديثية


- الإسلامُ ثَمانِيَةُ أَسْهُمٍ : الإسلامُ سَهْمٌ ، والصَّلاةُ سَهْمٌ ، والزكاةُ سَهْمٌ ، والصَّوْمُ سَهْمٌ ، وحجُّ البيتِ سَهْمٌ ، والأَمْرُ بالمعروفِ سَهْمٌ ، والنَّهْيُ عَنِ المنكرِ سَهْمٌ ، والجهادُ في سبيلِ اللهِ سَهْمٌ ، وقد خَابَ مَنْ لا سَهْمَ لهُ
الراوي : حذيفة بن اليمان | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب | الصفحة أو الرقم : 2324 | خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره | التخريج : أخرجه البزار (2927)
الإسْلامُ بِناءٌ مُحكَمٌ، وأرْكانُه الخَمْسةُ هي قَواعدُ ثابِتةٌ مُحْكَمةٌ حامِلةٌ لذلك البُنْيانِ، ولا يَثبُتُ البُنْيانُ بِدُونِها، وبَقيَّةُ خِصالِ الإسْلامِ تَتِمَّةٌ لهذا البُنْيانِ. وفي هذا يُقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ: "الإسْلامُ ثَمانِيةُ أَسْهُمٍ"، أي: ثَمانِيةُ أقْسامٍ، أو ثَمانِيةُ أُمورٍ: "الإسْلامُ سَهْمٌ"، أي: الدُّخولُ في الإسْلامِ هو أوَّلُ سَهْمٍ، ويَكونُ بنُطْقِ الشَّهادَتَينِ. "والصَّلاةُ سَهْمٌ" وهو إقامَةُ الصَّلاةِ والمُحافَظةُ على أدائِها في أوْقاتِها، بِشُروطِها وأرْكانِها وواجِباتِها، والمُرادُ بها: الصَّلَواتُ الخَمْسُ التي هي الفرائضُ في اليومِ واللَّيلةِ. "والزَّكاةُ سَهْمٌ"، والمُرادُ بها: زَكاةُ الفَريضةِ، وهي المِقْدارُ الذي سَمَّاه وحَدَّدَه الشَّرْعُ في كلِّ أنْواعِ المالِ، ومنها ما يُشترَطُ فيه أن يَحولَ عليْه الحَوْلُ، وهو العامُ القَمَريُّ (الهِجري) كَزكاةِ المالِ والأنعامِ وعُروضِ التَّجارةِ، ومنها ما لا يشترط فيه حول، كزكاةِ الزُّروعِ والثَّمارِ فإنَّها تكونُ يَومَ الحَصادِ، وزكاةِ الرِّكازِ -وهو الكَنزُ المدفونُ في الأرضِ- فزَكاتُه تكونُ وقتَ استِخراجِه. "والصَّوْمُ سّهْمٌ" والصَّومُ عِبادةٌ بَدَنيَّةٌ ليستْ مُتَعدِّيةً، والمُرادُ به: صِيامُ رَمَضانَ، وهو الإمْساكُ، بِنِيَّةِ التَّعبُّدِ، عن الأَكْلِ والشُّرْبِ وغِشْيانِ النِّساءِ، وسائرِ المُفطِّراتِ، مِن طُلوعِ الفَجْرِ إلى غُروبِ الشَّمْسِ. "وحَجُّ البَيْتِ سَهْمٌ" بقَصْدِ المَشاعِرِ المُقدَّسةِ لإقامةِ المَناسِكِ، تَعبُّدًا للهِ عَزَّ وجَلَّ، مَرَّةً واحِدةً في العُمُرِ، على مَنِ اسْتَطاعَ إليْه سَبيلًا. "والأمْرُ بالمَعْروفِ سَهْمٌ"، وهو الحَثُّ والإرْشادُ إلى فِعْلِ المَعْروفِ، وهو كلُّ خيرٍ وبِرٍّ مِن الطَّاعاتِ، وفَضائِلِ الأعْمالِ، ويَشمَلُ ذلك أعْمالَ الدُّنْيا والآخِرةِ. "والنَّهْيُ عن المُنكَرِ سَهْمٌ"، ويَكونُ بمَنْعِ الغَيرِ عن كلِّ أفْعالِ الشَّرِّ والعِصْيانِ، وما خالَفَ الشَّرْعَ، والأمْرُ بالمَعْروفِ، والنَّهْيُ عن المُنكَرِ مِن أعْظَمِ مُميِّزاتِ الشَّرْعِ الإسْلاميِّ، وبِهما تتَفاضَلُ الأمَمُ؛ قالَ اللهُ تَعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [آل عمران: 110]؛ فإنَّها خيرُ أُمَّةٍ لأَجْلِ ذلك، ويُراعَى فيه أنْ يَكونَ بعِلمٍ وحِكمةٍ، ويُحذَرُ فيه أنْ يُؤدِّي إلى مَفسدةٍ أعْظَمَ. "والجِهادُ في سَبيلِ اللهِ سَهْمٌ" ويَكونُ الجِهادُ بالقِتالِ مِن أَجْلِ رَفْعِ كَلِمةِ اللهِ ودَعْوتِه، وهو يَشمَلُ الجِهادَ لفَتْحِ البُلْدانِ ونَشْرِ دَعوةِ الإسلامِ، والجِهادَ لدَفْعِ العَدُوِّ؛ فبِالجِهادِ تَعْلو كَلِمةُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وتَقْوى شَوْكةُ المُسْلِمينَ، فلا يَطْمَعُ فيهم عَدوُّهم، ولا يَسْتَبيحُهم. وبعْدَ بَيانِ هذه الأقْسامِ والسِّهامِ قالَ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ: "وقد خابَ مَن لا سَهْمَ له"؛ فمَن لم يَدْخُلْ في الإسْلامِ، وكَفَرَ به، فلا حَظَّ له، بل هو الخاسِرُ عندَ اللهِ، وكذلك فإنَّ المُسْلِمَ عليْه أنْ يأْخُذَ لنفْسِه بِنَصيبٍ مِن هذه السِّهامِ على حَسَبِ اسْتِطاعَتِه، فيُكثِرَ مِن فِعْلِه حتى يَزْدادَ رِفْعةً وإيمانًا. والحديثُ فيه دَلالةٌ على أنَّ أَسْهُمَ الإسْلامِ منها: ما هو عَمَلٌ لِسانيٌّ قَلْبيٌّ، وهو الشَّهادتانِ؛ إذْ لا بُدَّ فيهِما مِن نُطْقِ اللِّسانِ، وتَصْديقِ الجَنانِ، ومنها: ما هو عَمَلٌ بَدَنيٌّ، وهو الصَّلاةُ والصَّومُ، والجِهادُ، ومنها: ما هو ماليٌّ مَحْضٌ، وهو الزَّكاةُ، ومنها: ما هو عَمَلٌ بَدَنيٌّ ماليٌّ، وهو الحَجُّ، ومنها: ما هو مَعْنَويٌّ عَمَليٌّ، وهو الأمْرُ بالمَعْروفِ والنَّهْيُ عن المُنكَرِ؛ فشَمِلَتْ كلَّ أنْواعِ الأعْمالِ، فيَلْزَمُ الإنْسانَ المُسْلِمَ الأُصولُ الخَمْسةُ التي بُنيَ عليْها الإسْلامُ، ثُمَّ ما زادَ على ذلك فيَأْتِي منها ما اسْتَطاعَ.