الموسوعة الحديثية


- لا تأْتوا البيوتَ من أبوابها ، ولكن ائْتوها من جوانبِها ، فاستأذِنوا فإن أُذِنَ لكم فادْخلوا ، وإلا فارْجِعوا .
الراوي : عبدالله بن بسر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب | الصفحة أو الرقم : 2731 | خلاصة حكم المحدث : حسن
شُرِعَ الاستِئْذانُ لِحمايةِ البُيوتِ؛ حتى لا يَهْجُمَ الإنْسانُ على عَوْراتِ النَّاسِ، ويَنْظُرَ منهم ما يَكْرَهونَ، مع حِفْظِ هَيْئاتِ النَّاسِ، وللتَّعْريفِ بالدَّاخِلِ ومَنْحِ الإذْنِ بالدُّخولِ أو عَدَمِه. وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ: "لا تَأْتوا البُيوتَ مِن أبْوابِها"، والمُرادُ: النَّهْيُ عن استِقْبالِ بابِ الغَيرِ بالوَجْهِ عندَ الوُقوفِ أمامَه؛ لأنَّ المُسْتَقبِلَ للبابِ مُباشَرةً يُمكِنُه الاطِّلاعُ على عَوْراتِ البُيوتِ مِن أبْوابِها، وهذا مَنْهِيٌّ عنه؛ ولذلك قالَ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ: "ولكنِ ائْتوها مِن جَوانِبِها"، بمعْنى: اجْعُلوا وُقوفَكم عندَ الاستِئْذانِ في الجِهةِ اليُمْنى أو اليُسْرى، وهذا أَدْعى للسَّلامةِ وعَدَمِ رُؤْيةِ ما في داخِلِ البُيوتِ، "فاسْتَأْذِنوا" بأنْ تَطْلُبوا الإذْنَ بالدُّخولِ مِن صاحِبِ البَيْتِ، "فإنْ أُذِن لكم فَادْخلوا، وإلَّا فَارْجِعوا"، وهذا مُنْتَهى الأَدَبِ في احْتِرامِ الخُصوصِيَّاتِ دَاخِلَ البُيوتِ وعَدَمِ فَرْضِ النَّفْسِ على النَّاسِ في بُيوتِهم، فالمُسْلِمُ الحقُّ يَعْرِفُ ما له مِن حُقوقٍ وما عليْه مِن واجِباتٍ. وقيلَ: كان هذا النَّهْيُ لأنَّ البُيوتَ لم تَكُنْ لها أبْوابٌ، ولكنْ كانَتْ عليْها سُتورٌ مِن الأقْمِشَةِ وكانَتْ سَهْلةَ الفَتْحِ، ويُحرِّكُها الرِّيحُ، وهذا أَدْعى لِأنْ يَغُضَّ المَرْءُ بَصَرَه، وأنْ يَتَعفَّفَ عن النَّظَرِ إلى ما قد يَظْهَرُ في البُيوتِ، أمَّا إذا وُجِدَتِ الأبْوابُ المُحْكَمةُ مِن الخَشَبِ أو المَعادِنِ، فلا حَرَجَ. وفي الحَديثِ: التَّنْبيهُ على ارْتِيادِ الأَدَبِ مع المُسْلِمينَ، وحِفْظِ حُقوقِهم في كلِّ الأُمورِ عامَّةً، والاستِئْذانِ خاصَّةً. وفيه: إشارةٌ إلى حُرْمةِ إطْلاقِ البَصَرِ؛ فقد جُعِلَ الاستِئْذانُ مِن أجْلِ النَّظَرِ.