الموسوعة الحديثية


- دخَلْتُ على أُمِّ سَلَمةَ، فسأَلَتْها امرأةٌ من قُريشٍ عنِ الصلاةِ في ثوبِ الحائضِ، فقالت أُمُّ سَلَمةَ: قد كان يُصيبُنا الحَيضُ على عَهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فتَلبَثُ إحْدانا أيامَ حَيضِها، ثم تَطهُرُ، فتَنظُرُ الثوبَ الذي كانت تَقلَّبُ فيه، فإنْ أصابَه دمٌ غسَلْناه وصَلَّيْنا فيه، وإنْ لم يكنْ أصابَه شيءٌ تَرَكْناه، ولم يَمنَعْنا ذلك أنْ نُصلِّيَ فيه، وأمَّا المُمتَشِطةُ فكانت إحْدانا تكونُ مُمتَشِطةً، فإذا اغتسَلَتْ لم تَنقُضْ ذلك، ولكنَّها تَحفِنُ على رأسِها ثلاثَ حَفَناتٍ، فإذا رَأتِ البَللَ في أُصولِ الشعَرِ دلَكَتْه، ثم أفاضَتْ على سائرِ جسَدِها.
الراوي : أم سلمة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود | الصفحة أو الرقم : 359 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره
عَلَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ أُمَّتَه كلَّ شيءٍ يَنفعُها في أمْرِ دِينِها ودُنياها، ومِن ذلك تَعليمُه لها أُمورَ الطَّهارةِ، وكَيْفيَّةَ الاغْتِسالِ مِن الجَنابةِ أو الحَيْضِ، كما بَيَّنَ تَيْسيرَ الإِسلامِ في هذا الأمرِ، وفي هذا الحديثِ يَقولُ بَكَّارُ بنُ يحْيى: حَدَّثَتْني جَدَّتي؛ قالَتْ: "دَخَلْتُ على أمِّ سَلَمَةَ"، زَوْجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ، "فسَأَلَتْها امْرأةٌ مِن قُرَيْشٍ عن الصَّلاةِ في ثَوبِ الحائِضِ"، أي: ما حُكْمُ الصَّلاةِ في الثَّوبِ الذي كانَتْ تَلْبَسُه المَرأةُ عندَ نُزولِ دَمِ حَيْضِها؟ فقالَتْ أمُّ سَلَمةَ مُفَصِّلةً هذا الأمْرَ: "قد كان يُصيبُنا الحَيْضُ على عَهْدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ، فتَلْبَثُ إحْدانا أيَّامَ حَيْضِها"، أي: تَنْتَظِرُ حتى تَنْقَضيَ تلك المُدَّةَ، "ثُمَّ تَطْهُرُ"، فتَغتسِل مِن الحَيْضِ، "فتَنْظُرُ الثَّوبَ الذي كانَتْ تَقَلَّبُ فيه"، فتَنْظُرُ في هذا الثَّوبِ الذي كان على جَسَدِها وقْتَ الحَيْضِ لِتَرى هلْ أصابَه دَمُ الحَيْضِ أم لا؟ "فإنْ أصابَه دَمٌ غَسَلْناه وصَلَّيْنا فيه، وإنْ لم يَكُنْ أصابَه شَيءٌ تَرَكْناه"، ولم نَغْسِلْه، "ولم يَمْنَعْنا ذلك أنْ نُصلِّيَ فيه"؛ لأنَّه لم يُصِبْه دَمٌ ولم يَتنجَّسْ بشَيءٍ، وهذا كلُّه مبْنيٌّ على طَهارةِ الثَّوبِ وخُلُوِّه مِن النَّجاساتِ في كلِّ الأحْوالِ، أمَّا إذا أصابَتْه نَجاسةٌ -سَواءً أكانَتْ مِن دَمِ الحَيْضِ أو غيرِه- فلا يُصلَّى فيه إلَّا بعْدَ تَطْهيرِه. ثُمَّ قالتْ أمُّ سَلَمةَ رضِيَ اللهُ عنها: "وأمَّا المُمْتَشِطةُ، فكانَتْ إحْدانا تَكونُ مُمْتَشِطةً"، وهي التي تُساوِي شَعرَ رأْسِها، وتَغْسِلُه، وتُنَظِّفُه، وتُرَجِّلُه، أو كانَتْ تَجْدُلُ شُعْرَها على هيْئَةِ الضَّفائرِ، "فإذا اغْتَسَلَتْ" الاغْتِسالَ الكامِلَ بعْدَ الحَيْضِ "لم تَنْقُضْ ذلك"، بل تَتْرُكُ شَعْرَها النَّظيفَ على حالِه مِن التَّرْجيلِ والتَّسْوِيةِ، "ولكنَّها تَحْفِنُ على رأْسِها ثَلاثَ حَفَناتٍ"، فتُفيضُ على رأْسِها وشَعْرِها الماءَ ثَلاثَ مرَّاتٍ بثَلاثِ غَرَفاتٍ بيَدَيْها مِن الماءِ وتُجْري عليه غُسْلَ الحَيْضِ، والحَفْنةُ مِن الشَّيءِ: مِلْءُ الكَفَّيْنِ منه، "فإذا رَأَتِ البَلَلَ في أُصولِ الشَّعرِ" ووَصَلَ الماءُ إلى جُذورِ الشَّعرِ، ولامَسَ جِلْدةَ الرَّأْسِ تَأَكَّدَتْ أنَّ الماءَ غَمَرَ كلَّ شَعْرِها "دَلَكَتْه" بِفَرْكِه بِأطْرافِ الأصابِعِ حتى يَتَخَلَّلَه الماءُ، "ثُمَّ أفاضَتْ" الماءَ "على سائِرِ جَسَدِها"، فأكْملَتْ غُسلَ جَميعِ جَسَدِها مع الدَّلْكِ والتَّنْظيفِ.