الموسوعة الحديثية


- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رقِيَ الـمِنْبرَ، فقال: آمينَ، آمينَ، آمينَ، قيل له: يا رسولَ اللهِ، ما كُنتَ تَصْنَعُ هذا؟! فقال: قال لـي جِبريلُ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ أدرَكَ أَبَوَيْه أو أَحَدَهما لَـمْ يُدْخِلْه الجنةَ، قلتُ: آمينَ، ثم قال: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ دَخَلَ عليه رَمضانُ لَـمْ يُغْفَرْ له، فقلتُ: آمينَ، ثم قال: رَغِمَ أنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَه فلَمْ يُصَلِّ عَليْك، فقُلتُ: آمينَ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 12/422 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن | التخريج : أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (646) واللفظ له، وإدراك الأبوين أصله في صحيح مسلم (2551)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدُلُّ أُمَّتَه على جَوامِعِ الخَيرِ وأبوابِه، ويُرغِّبُهم فيما يُقرِّبُهم مِن الجنَّةِ ويُباعِدُهم عن النَّارِ. وفي هذا الحَديثِ يَروي أبو هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَقِيَ الـمِنبرَ"، أي: أوَّلَ ما صَعِدَ على دَرجاتِ المِنبَرِ، "فقال: آمينَ، آمينَ، آمينَ"، قالها ثلاثَ مرَّاتٍ كأنَّه معَ كلِّ دَرجةٍ يَصعَدُها يقولُ: آمينَ، كما جاء في الرِّواياتِ، "قيلَ له: يا رسولَ اللهِ، ما كُنتَ تَصنَعُ هذا؟!" وهذا استيضاحٌ من الصحابةِ لسبَبِ قولِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك، "فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قال لـي جِبريلُ: رَغِمَ أنفُ عبدٍ أدرَكَ أبوَيْه، أو أحَدَهما لـم يُدخِلْه الجنةَ"، والمَعنى: خابَ وخَسِرَ وذَلَّ وعجَزَ ولَصِقَ أنفُه بالتُّرابِ كلُّ مَن بلَغَ أبَواه سِنَّ الكِبَرِ فلم يَجتَهِدْ في بِرِّهما، ولم يَسْعَ في إرضائِهما حتَّى يُدخِلَه بِرُّهما الجنَّةَ، "قلتُ: آمينَ"، والتأمينُ طلَبٌ مِنَ اللهِ تعالَى أنْ يَستَجيبَ الدعاءَ". ثمَّ قال جبريلُ عليه السَّلامُ: رَغِمَ أنفُ عبدٍ دخَلَ عليه رمضانُ لـم يُغفَرْ له"، أي: خابَ وخَسِرَ وذَلَّ وعَجَزَ ولَصِقَ أنفُه بالتُّرابِ كلُّ مَن أدرَكَ شَهرَ رمَضانَ، فكَسِلَ عن العِبادةِ ولم يَجتَهِدْ ويُشمِّرْ حتَّى انتَهى الشَّهرُ فلم يَظفَرْ ببرَكةِ الشَّهرِ الكريمِ ولم يُغفَرْ له، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: آمينَ. ثم قال جِبريلُ عليه السَّلامُ: "رَغِمَ أنفُ امرئٍ ذُكِرْتَ عندَه فلم يصَلِّ عليكَ"، والمُرادُ: خابَ وخَسِرَ وذَلَّ وعجَزَ ولَصِقَ أنفُه بالتُّرابِ كلُّ مَن ذُكِرَ عِندَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلم يُصَلِّ عليه بأيِّ صيغةٍ مأثورةٍ كأنْ يقولَ: صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: آمينَ. وهذا التأمينُ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مَعنى الطلَبِ مِن اللهِ أنْ يَستَجيبَ الدُّعاءَ بالخَيْبةِ والخُسرانِ لمَن لم يَفعَلْ هذه الأمورَ، فمَن فاتَه ذلك وقصَّرَ فيه فقد فاتَه خَيرٌ كثيرٌ. وفي الحَديثِ: الحَثُّ على الصَّلاةِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كلَّما ذُكِرَ اسمُه. وفيه: الحَثُّ على الاجتِهادِ والتَّشميرِ للعِبادةِ في شهرِ رمَضانَ. وفيه: الحثُّ على الاجتِهادِ في بِرِّ الوالِدَينِ وإكرامِهما، خُصوصًا عِندَ الكِبَرِ.