الموسوعة الحديثية


- أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَيْنا هو جالسٌ في المسجِدِ يومًا قال رِفاعةُ: ونحن معه إذ دخَلَ رجُلٌ كالبَدَويِّ، فصلَّى، فأخَفَّ صلاتَه، ثُم انصرَفَ، فسلَّمَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وعليكَ فارجِعْ، فصَلِّ، فإنَّكَ لم تُصلِّ، ففعَلَ ذلك مرَّتَيْنِ، أو ثَلاثًا، فقال له الرَّجلُ في آخِرِ ذلك: فأَرِني، وعلِّمْني، فإنَّما أنا بَشَرٌ أُصيبُ، وأُخطِئُ، قال: أجَلْ، إذا قُمْتَ إلى الصَّلاةِ فتوضَّأْ كما أمَرَكَ اللهُ عزَّ وجلَّ، ثُم تَشهَّدْ، ثُم كَبِّرْ، فإنْ كان معكَ قُرآنٌ فاقرَأْهُ، وإلَّا فاحمَدِ اللهَ، وكبِّرْهُ، وهَلِّلْه، ثُم اركَعْ حتى تَطمَئنَّ راكعًا، ثُم ارفَعْ فاعتَدِلْ قائمًا، ثُم اسجُدْ فاعتَدِلْ ساجِدًا، ثُم اجلِسْ حتى تَطمَئنَّ جالِسًا، ثُم اسجُدْ فاعتَدِلْ ساجِدًا، ثُم قُمْ، فإذا فعَلْتَ ذلك فقد تمَّتْ صلاتُكَ.
الراوي : رفاعة بن رافع | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار | الصفحة أو الرقم : 6074 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
الصَّلاةُ رُكنُ الإسلامِ الرَّكينُ، وقد عَلَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه كَيفيَّةَ الصَّلاةِ وسُنَنَها وآدابَها، وبَيَّنَ لِلأُمَّةِ أنَّ الخُشوعَ والطُّمأنينةَ رُوحُ الصَّلاةِ. وفي هذا الحَديثِ بَيانٌ عَمَليٌّ لِتَعليمِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الصَّلاةَ لِمَن لا يُحسِنُها، وفيه يُخبِرُ رِفاعةُ بنُ رافِعٍ الأنصاريُّ رَضيَ اللهُ عنه: "أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَينا هو جالِسٌ في المَسجِدِ يَومًا -قالَ رِفاعةُ: ونحن معه-" يُجالِسُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه، "إذْ دَخَلَ رَجُلٌ كالبَدَوِيِّ" يُشبِهُ ساكِني الصَّحراءِ، قيلَ هو: خَلَّادُ بنُ رافِعٍ، كما جاءَ في الرِّواياتِ، "فصَلَّى، فأخَفَّ صَلاتَه" وظاهِرُه أنَّه انتَقَصَ في أركانِ الصَّلاةِ، وسيَأتي أنَّه قد أخَلَّ بالطُّمأنينةِ الَّتي هي رُكنٌ مِن أركانِ الصَّلاةِ، "ثم انصَرَفَ" انتَهى منها بالتَّسليمِ، "فسَلَّمَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وعليكَ" أيْ: وعليكَ السَّلامُ، ثم بادَرَه بقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فارجِعْ، فصَلِّ، فإنَّكَ لم تُصَلِّ" وفي رِوايةِ أحمَدَ: "أعِدْ صَلاتَكَ"، والمَعنى: أعِدْ صَلاتَكَ مَرَّةً أُخرى؛ لِأنَّكَ لم تُصَلِّ الصَّلاةَ التي أوجَبَ اللهُ عليكَ أنْ تُصَلِّيَها، "ففَعَلَ ذلك مَرَّتَيْنِ -أو ثَلاثًا-" أعادَ الرَّجُلُ صَلاتَه أكثَرَ مِن مَرَّةٍ، "فقالَ له الرَّجُلُ في آخِرِ ذلك: فأرِني، وعَلِّمْني، فإنَّما أنا بَشَرٌ أُصيبُ، وأُخطئُ" وفي رِوايةِ النَّسائيِّ: "والذي أنزَلَ عليكَ الكِتابَ، لقد جَهِدتُ؛ فعَلِّمْني وأرِني. فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أجَلْ، إذا قُمتَ إلى الصَّلاةِ" فَرضًا كانت أو نَفلًا؛ "فتَوضَّأْ كما أمَرَكَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ" والمُرادُ: إتمامُ الوُضوءِ على الوَجهِ الأكمَلِ له بإسباغِه وإعطاءِ كُلِّ عُضوٍ حَقَّه مِنَ الماءِ، "ثم تَشَهَّدْ، ثم كَبِّرْ" والمُرادُ بها تَكبيرةُ الإحرامِ، "فإنْ كانَ معكَ قُرآنٌ فاقْرَأْه" وهو الذي يُحفَظُ مِنَ القُرآنِ، ويَبدَأُ بفاتِحةِ الكِتابِ، ثم بما تَيسَّرَ مِن آياتِ القُرآنِ، كما في رِوايةِ أبي داودَ، وما هو مُتواتِرٌ في السُّنَّةِ، "وإلَّا فاحْمَدِ اللهَ، وكَبِّرْه، وهَلِّلْه" وهذا لِمَن لا يَحفَظُ شَيئًا مِنَ القُرآنِ؛ فيَجمَعُ بَينَ قَولِه: (الحَمدُ للهِ، واللهُ أكبَرُ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ)، "ثم اركَعْ حتى تَطمَئِنَّ راكِعًا، ثم ارفَعْ فاعتَدِلْ قائِمًا، ثم اسجُدْ فاعتَدِلْ ساجِدًا، ثم اجلِسْ حتى تَطمَئِنَّ جالِسًا، ثم اسجُدْ فاعتَدِلْ ساجِدًا، ثم قُمْ" وهذا تَنبيهٌ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلرَّجُلِ أنَّ حَرَكاتِ الصَّلاةِ والتَّنَقُّلاتِ فيها لا تَأتي إلَّا عن خُشوعٍ واطمِئنانٍ واعتِدالِ الجِسمِ على الهَيئةِ على ما هو عليها، "فإذا فَعَلتَ ذلك فقد تَمَّتْ صَلاتُكَ" قد أدَّيتَ صَلاتَكَ التي أُمِرتَ بها على وَجهِها، وفي رِوايةِ النَّسائيِّ: "وما انتَقَصتَ مِن ذلك فإنَّما تَنقُصُه مِن صَلاتِكَ"، ما تَترُكُه ولا تُتِمُّه على وَجهِه فإنَّما تَنقُصُه وتَترُكُه مِن صَلاتِكَ، ويَنقُصُ مِن أجْرِكَ. وفي الحَديثِ: تَتبُّعُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِأصحابِه في العِباداتِ؛ لِيُعَلِّمَهم ويُقَوِّمَ خَطَأَهم.