الموسوعة الحديثية


- قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للأنصارِ لمَّا أقبَلَ إليه سعدُ بنُ مُعاذٍ بعد أنْ حكَمَ في بَني قُرَيظةَ بما كان حكَمَ به فيهم، وبعد أنْ قال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حُكْمِه ذلك: لقد حكَمْتَ فيهم بحُكمِ اللهِ من فوقِ سَبعِ سَمَواتٍ، قوموا إلى سَيِّدِكم.
الراوي : أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأبو سعيد الخدري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار | الصفحة أو الرقم : 15/ 248 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُنزِلُ النَّاسَ مَنازِلَهم، فكانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أتاه رَجُلٌ كَريمٌ أكرَمَه، وإذا أتاه عَظيمُ قَومٍ رَحَّبَ به وعَظَّمَ شَأنَه. وسَبَبُ هذا الحَديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعدَ غَزوةِ الأحزابِ عَلِمَ بغَدْرِ بَني قُرَيظَةَ، فخَرَجَ لِمُقاتَلَتِهم، وهم قَبيلةٌ مِن قَبائِلِ اليَهودِ الذين كانوا في المَدينةِ، ورَضُوا بأنْ يَحكُمَ فيهم سَعدُ بنُ مُعاذٍ سَيِّدُ قَبيلةِ الأوْسِ، وذلك بَعدَ أنْ طالَ الحِصارُ عليهم، وفَشَلتْ كُلُّ مُحاوَلاتِهم في إنقاذِ أنْفُسِهم مِنَ المَوتِ المُحَقَّقِ، وقد حَكَمَ فيهم رَضيَ اللهُ عنه بأنْ تُقتَلَ مُقاتِلَتُهم، وتُسْبَى نِساؤُهم وأطفالُهم، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد أرْسَلَ إلى سَعدٍ رَضيَ اللهُ عنه رَسولًا يَطلُبُه لِلحُضورِ إليه، وكانَ سَعدٌ قد أُصيبَ في أكحَلِه يَومَ الأحزابِ، فلَزِمَ بَيتَه، ولَمَّا أتى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "قُوموا إلى سَيِّدِكم"، وفي رِوايةِ البُخاريِّ: "قُوموا إلى خَيرِكم"، وذلك تَعظيمًا لِسَعدٍ رَضيَ اللهُ عنه، أو لِلتَّسرِيةِ عنه بسَبَبِ إصابَتِه، وقيلَ: أمَرَهم بالقيامِ إليه لِيُعينوه على النُّزولِ مِنَ الحِمارِ ويَرفُقوا به؛ حتَّى لا يُصيبَه ألَمٌ، فلا يُضطَرَّ إلى حَركةٍ يَنفَجِرُ منه بسَبَبِها العِرقُ، ثم قالَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعدَ حُكمِه في بَني قُرَيظةَ: "لقد حَكَمتَ فيهم بحُكمِ اللهِ مِن فَوقِ سَبعِ سَمَواتٍ" والمَعنى: أصَبتَ وحَقَّقتَ فيهم بما حَكَمَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ، وهذا مِن تَوفيقِ اللهِ لِعِبادِه إذا أصابوا في اجتِهاداتِهم. وفي الحَديثِ: إكبارُ عَظيمِ القَومِ وأهلِ الخَيرِ وتَلَقِّيهم، والقيامُ لهم إذا أقبَلوا. وفيه: فَضلٌ ومَنقَبةٌ لِسَعدِ بنِ مُعاذٍ رَضيَ اللهُ عنه. وفيه: مَشروعيَّةُ قَولِ الرَّجُلِ لِصاحِبِه: يا سَيِّدي؛ إذا كان صاحِبُه خَيِّرًا فاضِلًا.