الموسوعة الحديثية


- جاءَ رجلٌ مِن أهلِ الكِتابِ إلى النَّبيِّ فقالَ : يا أبا القاسمِ ! تزعُمُ أنَّ أهلَ الجنَّةِ يأكلونَ ويَشرَبونَ ؟ قال : نعَم ؛ والَّذي نَفسُ مُحمَّدٍ بيدِه ، إنَّ أحدَهم ليُعْطَى قوَّةَ مئةِ رجُلٍ ؛ في الأكلِ والشُّربِ والجِماعِ ( . قال : فإنَّ الَّذي يأكُلُ ويشرَبُ تكونُ لهُ الحاجَةُ ، وليسَ في الجنَّةِ أذًى ؟ قال : تكونُ حاجَةُ أحدِهم رَشحًا يفيضُ مِن جلودِهم كرشحِ المِسكِ ، فيَضمُرُ بطنُه .
الراوي : زيد بن أرقم | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب | الصفحة أو الرقم : 3739 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كثيرًا ما يُخْبِرُ عنِ الجنَّةِ بِما يُشوِّقُ النُّفوسَ إليها، ويَشحَذُ الهِمَمَ لَها، ولِيُشَمِّرَ لها الطَّالِبونَ، ويَرْغَبَ فيها الرَّاغِبونَ. وفي هذا الحَديثِ يَحكي زَيْدُ بنُ أرْقَمَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه: "جاء رجُلٌ من أهْلِ الكِتابِ إلى النبيِّ"، وأهْلُ الكِتابِ تُطلَقُ، ويُرادُ بها اليَهودُ والنَّصارى، "فقال: يا أبا القاسِمِ"، وهي كُنْيةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "تَزعُمُ أنَّ أهْلَ الجَنَّةِ يَأْكُلونَ ويَشْرَبونَ؟" بمَعنى: أنَّ من نَعيمِ أهْلِ الجَنَّةِ الأكْلَ والشُّربَ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "نَعم؛ والذي نَفْسُ مُحمدٍ بيَدِه" قاسِمًا باللهِ عزَّ وجلَّ، "إنَّ أحَدَهم لَيُعْطى قُوةَ مِئةِ رجُلٍ؛ في الأكْلِ والشُّربِ والجِماعِ" بمَعنى: إنَّ بِنْيَتَه الجِسميَّةَ في الجَنَّةِ تكونُ في قوَّةِ مِئةِ رجُلٍ مِن أهلِ الدُّنيا، فإذا كان له تلك القوَّةُ في الجَنَّةِ كان له ما يُقابِلُها مِن جِماعٍ، ولا فُتورَ في الجَنَّةِ، وهذا من بابِ النَّعيمِ، قال الرجُلُ: "فإنَّ الذي يأكُلُ ويَشرَبُ تَكونُ له الحاجةُ"، والمَعنى: إنَّ من دَواعي الأكْلِ والشُّربِ إخْراجَ الحاجةِ من بَولٍ أو غائطٍ، "وليس في الجَنَّةِ أذًى؟" ومثلُ البَوْلِ والغائطِ يَتَعارَضُ معَ الجَنَّةِ وحَقيقَتِها، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "تكونُ حاجةُ أحَدِهم رَشْحًا" كالعَرَقِ، "يَفيضُ من جُلودِهم" يَخرُجُ من مَسامِّه، كما يَخرُجُ العَرَقُ، "كرَشحِ المِسْكِ"، فقضاءُ حاجةِ أهلِ الجنَّةِ تكونُ عَرَقًا مثلَ المِسكِ، وهو من أفضَلِ أنْواعِ الطِّيبِ والعِطرِ، "فيَضمُرُ بَطنُهُ"، فيَقِلُّ حَجمُ بَطنِه بعدَما هُضِمَ ما فيه منَ الطعامِ والشرابِ، وخرجَتِ الزوائدُ مثلَ الرشْحِ، فيرجِعُ على حالِ ما كانَ. وفي الحَديثِ: بيانٌ لِمَا كان عليه أهلُ الكتابِ من مُجادَلةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وفيه: أنَّ ممَّا يُفسِدُ على المَرءِ دِينَه أنْ يَقيسَ على أسبابِ الدُّنْيا أحْوالَ الآخِرةِ. وفيه: بيانُ بعضِ أنْواعِ مَلذَّاتِ الجَنَّةِ ممَّا يُشبِهُ أحْوالَ الدُّنْيا في الاسمِ، وليس في الصفةِ والكَيْفيةِ.