الموسوعة الحديثية


- نهى عن مَجْلِسَيْنِ و مَلْبَسَيْنِ ، فَأَمَّا المَجْلسانِ : فجلوسٌ بين الظِّلِّ و الشمسِ ، و المَجْلِسُ الآخَرُ : أنْ تَحْتَبِيَ في ثَوْبٍ يُفْضِيَ إلى عَوْرَتِكَ ، و المَلْبَسانِ : أحدُهُما : أنْ تُصَلِّيَ في ثَوْبٍ و لا تُوَشَّحُ بهِ و الآخَرُ : أنْ تُصَلِّيَ في سَرَاوِيلَ ليس عليكَ رِدَاءٌ
الراوي : بريدة بن الحصيب الأسلمي | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة | الصفحة أو الرقم : 2905 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (636)، والحاكم (914) بنحوه مختصراً، وابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (4/329) باختلاف يسير.
ما تَرَكَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَيرًا إلَّا علَّمَه أُمَّتَه، ولا شَرًّا إلَّا حذَّرَها منه، حتَّى في أدَقِّ الأشْياءِ. وفي هذا الحَديثِ يقولُ بُرَيْدةُ بنُ الحُصَيْبِ الأَسْلَميُّ رضِيَ اللهُ عنه: "نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن مَجلِسَيْنِ ومَلبَسَينِ"، والمُرادُ: أنَّ النهْيَ إنَّما لصفَتَينِ في طَريقةِ الجُلوسِ للإنْسانِ، وكذلك صِفَتانِ لطريقةِ لِباسِه، "فأمَّا المَجلِسانِ: فجُلوسٌ بينَ الظلِّ والشمسِ"، فإنَّه لا يَنْبَغي أنْ يَجلِسَ الإنْسانُ في ذلك المَجلِسِ؛ لا ابتِداءً ولا عارِضًا، ومَعنى ابتِداءً، وهو الذي يَأْتي ويَتَعمَّدُ أنْ يَجلِسَ بينَ الشَّمسِ والظِّلِّ، والعارِضُ: هو أنْ يَجلِسَ كلُّه بالشَّمسِ أو بالظِّلِّ، ثمَّ يتحوَّلَ به الجوُّ فيَكونَ بَعضُه في الظِّلِّ، وبعضُه الآخَرُ في الشَّمسِ، والذي يَنبَغي أنْ يكونَ كلُّه في الشَّمسِ، أو كلُّه في الظِّلِّ؛ فإنَّ الجَسَدَ عندَما يكونُ على هَيْئةٍ واحدةٍ إمَّا حَرارةٍ أو بُرودةٍ، فإنَّه يكونُ مُتَوازِنًا، وأمَّا إذا كان بعضُه في الظِّلِّ، وبعضُه في الشَّمسِ، فإنَّه يَتأثَّرُ بعضُه، فيَحصُلُ له بُرودةٌ، وبعضُه يَحصُلُ له حَرارةٌ؛ وهذا مُضِرٌّ، والنَّومُ بينَهما أشَدُّ إضْرارًا. "والمَجلِسُ الآخَرُ: أنْ تَحْتَبيَ" والاحْتِباءُ: أنْ يَجلِسَ على الأرضِ ويَنصِبَ رُكبَتَيْه، ويَضُمَّ ساقَيْه إلى صَدْرِه، "في ثوبٍ يُفْضي إلى عَوْرتِكَ"، فبيَّنَ أنَّ العِلَّةَ في الاحْتِباءِ المَنْهيِّ عنه هو الكاشفُ للعَوْرةِ كما في الصحيحِ: "نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. . . ، أنْ يَحْتَبيَ الرجُلُ في ثوبٍ واحدٍ، ليس على فَرْجِه منه شيءٌ"، وأمَّا إذا تأكَّدَ المُحْتَبي أنَّ عَوْرتَه لا تَنكَشِفُ، فلا بأْسَ، ففي الصحيحِ: "رأيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بفِناءِ الكَعبةِ، مُحْتبيًا بيَدِه". "والمَلْبَسانِ: أحَدُهما: أنْ تُصلِّيَ في ثوبٍ"، فتَستَتِرَ باللِّحافِ، أوِ الثوبِ الواحِدِ عندَ الصلاةِ، واللِّحافُ: كلُّ ما يَتَغطَّى به الإنْسانُ، أو يَلُفُّ به جَسدَه، "ولا تَوشَّحُ به"، والتَّوشُّحُ: أنْ يُلقِيَ اللِّحافَ على كَتِفَيْهِ مُخالِفًا بينَ طَرَفَيْه، وذلك بأنْ يَأخُذَ طَرَفَه الأيسَرَ مِن تحتِ يدِه اليُسرَى لِيَرْمِيَ به على كَتِفِه الأيمَنِ، ثُمَّ يَأخُذَ طَرَفَه الأيمَنَ مِن تحتِ يدِه اليُمنَى لِيَرمِيَ به على كَتِفِه الأيسَرِ. "والآخَرُ: أنْ تُصلِّيَ في سَراويلَ"، ساتِرًا لنِصفِ الجَسدِ الأسفَلِ فقطْ، والسِّرْوالُ: لِباسٌ يُغطِّي الجِسمَ مِنَ السُّرَّةِ إلى الرُّكْبَتَينِ، أو إلى القَدَمَينِ، "ليس عليكَ رِداءٌ" كاشفًا للنِّصفِ الأعْلَى مِن جَسدِكَ، ويُحمَلُ هذا على ما إذا كان لدَى المَرءِ ثوبانِ، أو ما يَستُرُ به بَقيَّةَ جَسدِه، وأمَّا إذا لم يكُنْ يَملِكُ إلَّا ثوبًا واحدًا كالسِّرْوالِ ونَحوِه، فإنَّه يُغطِّي عَوْرتَه ونِصفَه الأسفَلَ كما بيَّنتِ الرِّواياتُ. وفي الحَديثِ: الحَثُّ على سَترِ العَوْرةِ في الصلاةِ وخارِجَها.