الموسوعة الحديثية


- أنَّ النَّبيَّ استعارَ منه أدرُعًا، فهلَكَ بَعضُها، فقال: إنْ شِئتَ غرِمتُها لك. قال: لا، أنا أرغَبُ في الإسلامِ مِن ذلك.
الراوي : صفوان | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سير أعلام النبلاء | الصفحة أو الرقم : 2/566 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان صَفْوانُ بنُ أُمَيَّةَ من أشْرافِ قُرَيشٍ هرَبَ يومَ فَتحِ مكَّةَ، واسْتُؤمِنَ له، فعادَ وحضَرَ معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حُنَينًا والطائفَ كافرًا، ثم أسلَمَ وحسُنَ إسْلامُه. وفي هذا الحَديثِ يَحكي صَفْوانُ بنُ أُمَيَّةَ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ النبيَّ استَعارَ منه أدْرُعًا" جمعُ دِرعٍ، وهي مِن أدَواتِ الحَربِ التي تَقي المُحارِبَ الضَّرَباتِ، وكانت عاريةً مَضْمونةً قيمَتُها، وكان ذلك عندَ غَزْوةِ حُنَينٍ، وكانت تلكَ الغَزْوةُ في السَّنَةِ الثَّامِنةِ مِنَ الهِجْرةِ عَقِبَ فَتْحِ مَكَّةَ، وحارَبَ فيها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَنْ مَعَهُ مِنَ المُسلِمينَ قَبِيلَتَيْ هَوازِنَ وثَقيفٍ، "فهلَكَ بعضُها"، أي: تَلِفَ بعضُ تلك الدروعِ، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنْ شِئْتَ غَرِمْتُها لكَ" بأنْ أُعوِّضَك عمَّا تَلِفَ منها بالمالِ، فقال صَفْوانُ: "لا، أنا أرغَبُ في الإسْلامِ من ذلك"، فلم يَقبَلْ عوضًا منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لأنَّه كان أكثَرَ رَغبةً في دُخولِ الإسْلامِ من أنْ يأخُذَ المالَ والعِوَضَ عمَّا تَلِفَ، وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد أعْطاه أسْهُمًا من غَنيمةِ حُنَينٍ، وظلَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعْطي صَفْوانَ من غَنيمةِ حُنَينٍ ويُجزِلُ له العَطاءَ حتى صارَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحبَّ خَلقِ اللهِ إلى قَلبِه بعدَ أنْ كان من أبغَضِ الناسِ إليه. وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ الاستعارةِ مِن غيرِ المُسلمِ. وفيه: بيانُ حُسنِ مُعامَلةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للناسِ، وتأليفِ قُلوبِهم على الإسلامِ.