الموسوعة الحديثية


- كتبَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كتابَ الصَّدَقةِ، فلم يُخرِجْه إلى عُمَّالِه حتى قُبِضَ، فقرَنَه بسيفِه، فعَمِلَ به أبو بكرٍ حتى قُبِضَ، ثم عَمِلَ به عُمَرُ حتى قُبِضَ، فكان فيه: في خَمْسٍ من الإبِلِ شاةٌ، وفي عَشرٍ شاتانِ، وفي خَمْسَ عَشْرةَ ثَلاثُ شِياهٍ، وفي عشرين أربَعُ شِياهٍ، وفي خَمسٍ وعشرين ابنةُ مَخاضٍ، إلى خمسٍ وثلاثين، فإنْ زادتْ واحدةً، ففيها ابنةُ لَبونٍ إلى خمسٍ وأربَعينَ، فإذا زادَتْ واحِدةً، ففيها حِقَّةٌ، إلى سِتِّينَ، فإذا زادتْ واحدةً، ففيها جَذَعةٌ، إلى خَمْسٍ وسَبْعينَ، فإذا زادَتْ واحدةً، ففيها ابنتا لَبونٍ، إلى تِسْعينَ، فإذا زادتْ واحدةً، ففيها حِقَّتانِ، إلى عِشْرينَ ومِئةٍ، فإنْ كانتِ الإبِلُ أكثَرَ من ذلك، ففي كلِّ خَمْسينَ حِقَّةٌ، وفي كلِّ أرْبَعينَ ابنةُ لَبونٍ. وفي الغنَمِ في كلِّ أرْبَعينَ شاةً شاةٌ، إلى عِشْرين ومِئةٍ، فإنْ زادتْ واحدةً، فشاتانِ، إلى مِئَتينِ، فإنْ زادتْ على المِئَتينِ، ففيها ثلاثُ شِياهٍ، إلى ثَلاثِ مِئةٍ، فإنْ كانتِ الغنَمُ أكثَرَ من ذلك، ففي كلِّ مِئةِ شاةٍ شاةٌ، ليس فيها شيءٌ حتى تبلُغَ المِئةَ. ولا يُفرَّقُ بين مُجتمِعٍ، ولا يُجَمْعُ بين مُتفرِّقٍ، مَخافةَ الصَّدَقةِ، وما كان من خليطَينِ؛ فإنَّهما يَتراجَعانِ بالسَّويَّةِ. ولا يُؤخَذُ في الصَّدَقِة، هَرِمةٌ، ولا ذاتُ عَيبٍ. قال: وقالَ الزُّهْرِيُّ: إذا جاء المُصدِّقُ قُسِّمَتِ الشاءُ أثلاثًا: ثُلُثًا شِرارًا، وثُلُثًا خِيارًا، وثُلُثًا وَسَطًا، فيأخُذُ المُصَدِّقُ من الوَسَطِ، ولم يذكُرِ الزُّهْرِيُّ البقَرَ.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود | الصفحة أو الرقم : 1568 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه الترمذي (621)، وابن ماجه (1798)، وأحمد (4634) باختلاف يسير
فَرَضَ اللهُ زكاةَ المالِ تَطْهيرًا لأصحابِها وتَزْكيةً لهم عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فتُؤْخَذُ من أغْنِياءِ البَلَدِ؛ فتُرَدُّ على فُقرائِها. وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "كَتَبَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كِتابَ الصَّدقةِ"، أيْ: أنواعَ المالِ، وما يَحِقُّ فيها من زَكاةٍ، "فلم يُخْرِجْهُ إلى عُمَّالِهِ" فلم يُطْلِعْهم عليه، والمُرادُ بعُمَّالِهِ: أُمراءُ الأمْصارِ الذين كان يُرسِلُهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "حتى قُبِضَ"، فبَقِيَ كِتابُ الصَّدَقةِ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتى ماتَ، "وقَرَنَهُ بسَيْفِهِ"، أيْ: حَفِظَهُ معَ سَيْفِهِ، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ مَنْ مَنَعَ ما في هذا، يُقاتَلُ بالسَّيْفِ، وقد وَقَعَ المَنْعُ والقِتالُ في خِلافَةِ الصِّدِّيقِ رضِيَ اللهُ تعالى عنه، وثَبَتَ على القِتالِ، "فعَمِلَ به أبو بَكْرٍ حتى قُبِضَ، ثم عَمِلَ به عُمَرُ حتى قُبِضَ"، أيْ: أنْفَذَ أبو بَكْرٍ وعُمَرُ رضِيَ اللهُ عنهما ما جاء في هذا الكتابِ فَتْرةَ خِلافَتِهِما حتى ماتَا، قال ابْنُ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "فكان فيه"، ومِمَّا ذُكِرَ في فُروضِ الصَّدقاتِ التي ذَكَرَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في كِتابِهِ: "في خَمْسٍ منَ الإِبِلِ شاةٌ، وفي عَشْرٍ شاتانِ، وفي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلاثُ شِياهٍ، وفي عِشْرينَ أرْبَعُ شِياهٍ"، مِن 5 إلى 24 منَ الإِبِلِ، في كلِّ خَمسٍ شاةٌ، منَ الضَّأْنِ، ويُلاحَظُ أنَّ الزَّكاةَ هنا وهي الشِّياهُ منَ الغَنَمِ من غيرِ جِنْسِ الإِبِلِ؛ لأنَّ إيجابَ شَيءٍ منَ الإِبلِ فيه إجْحافٌ بالغَنيِّ، وعَدَمَ إيجابِ شيءٍ فيه تَضْييعٌ للفُقراءِ، "وفي خَمْسٍ وعِشْرينَ ابْنةُ مَخاضٍ إلى خَمْسٍ وثَلاثينَ"، ومِن 25 إلى 35 فيه بنتُ مَخاضٍ، والمَخَاضُ: الناقةُ الحامِلُ، وبِنْتُها: هي التي أَتَتْ عليها سَنَةٌ ودَخَلَتْ في الثانيةِ وحَمَلَتْ أُمُّها، "فإنْ زادَتْ واحدةً، ففيها ابْنةُ لَبونٍ إلى خَمْسٍ وأَرْبَعينَ"، أيْ: ومِن 36 إلى 45 فيه بِنتُ لَبونٍ، وهي الناقةُ التي دَخَلَتْ في السَّنَةِ الثالثةِ، سُمِّيَتْ بذلك؛ لأنَّ أُمَّها وَلَدَتْ غيرَها، فصار لها لَبَنٌ، والذَّكَرُ ابْنُ لَبونٍ، "فإذا زادَتْ واحدةً، ففيها حِقَّةٌ إلى سِتِّينَ"، ومِن 46 إلى 60 فيه حِقَّةٌ، وهي الناقةُ التي أتَتْ عليها ثَلاثُ سِنينَ، ودخَلَتْ في الرابِعَةِ، سُمِّيَتْ بها؛ لأنَّها اسْتَحَقَّتْ أنْ تُرْكَبَ، وتَحْمِلَ، ويَطْرُقَها الجَمَلُ، "فإذا زادَتْ واحدةً، ففيها جَذَعَةٌ إلى خَمْسٍ وسَبْعينَ"، ومِن 61 إلى 75 فيه جَذَعةٌ، وهي الناقةُ الَّتي دخَلَتْ في السَّنةِ الخامسةِ، سُمِّيَتْ بها؛ لأنَّها تَجْذَعُ أيْ تَقْلَعُ أسْنانَ اللَّبَنِ، "فإذا زادَتْ واحدةً، ففيها ابْنَتا لَبونٍ إلى تِسْعينَ"، ومِن 76 إلى 90 فيها بِنْتَا لَبونٍ، "فإذا زادَتْ واحدةً، ففيها حِقَّتانِ إلى عِشْرينَ ومِئَةٍ"، أيْ: ومِن 91 إلى 120 فيها حِقَّتانِ، "فإنْ كانتِ الإِبِلُ أكثَرَ من ذلك"، أيْ: أكثَرَ من 120، "ففي كلِّ خَمْسينَ حِقَّةٌ، وفي كلِّ أرْبَعينَ بنْتُ لَبونٍ"، أيْ: في أكثَرَ مِن مئةٍ وعِشْرينَ، فتُحسَبُ الزَّكاةُ في كلِّ خَمسينَ مِنَ الإبلِ تُؤخَذُ حِقَّةٌ، وفي كلِّ أرْبَعينَ تُؤخَذُ بنْتُ لَبونٍ، فيكونُ في 121 حتى 129 ثلاثُ بَناتِ لَبونٍ، وفي 130 حتى 139 حِقَّةٌ وبِنْتا لَبونٍ، وفي 140 حتى 149 حِقَّتانِ وبنْتُ لَبونٍ، وفي 150 حتى 159 ثَلاثُ حِقَاقٍ، وفي 160 حتى 169 أرْبعُ بَناتِ لَبونٍ، وفي 170 حتى 179 ثَلاثُ بَناتِ لَبونٍ وحِقَّةٌ، وفي 180 حتى 189 بِنْتا لَبونٍ وحِقَّتانِ، وفي 190 حتى 199 ثَلاثُ حِقاقٍ وبنْتُ لَبونٍ، وفي 200 حتى 209 أرْبعُ حِقاقٍ أو خَمْسُ بَناتِ لَبونٍ، وهكذا ما زادَ على ذلك يكونُ في كلِّ خَمْسينَ حِقَّةٌ، وفي كلِّ أرْبَعينَ بنْتُ لَبونٍ. "وفي الغَنَمِ في كلِّ أرْبَعينَ شاةً شاةٌ إلى عِشْرينَ ومِئَةٍ، فإنْ زادَتْ واحدةً، فشاتانِ إلى مِئَتَينِ، فإنْ زادَتْ واحدةً على المِئَتَينِ، ففيها ثلاثُ شِياهٍ إلى ثَلاثِ مِئةٍ، فإنْ كانتِ الغَنَمُ أكْثَرَ من ذلك، ففي كلِّ مئةِ شاةٍ شاةٌ، وليس فيها شيءٌ حتى تبْلُغَ المِئةَ"، أيْ: وأمَّا الغَنَمُ فلا زَكاةَ فيها حتَّى تَبلُغَ أرْبَعينَ شاةً، فإذا بلغَتْ أرْبَعينَ، فالفَريضةُ فيها كما يَأْتي: مِن 40 إلى 120 فيها شاةٌ واحدةٌ، ومِن 121 إلى 200 فيها شاتانِ، ومِن 201 إلى 300 فيها ثلاثُ شِياهٍ، وما زادَ على ذلك في كلِّ مِئةٍ شاةٌ، ثم قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ولا يُفرَّقُ بينَ مُجتَمِعٍ، ولا يُجمَعُ بينَ مُتفَرِّقٍ مَخافَةَ الصَّدَقةِ"، بمَعنى: ولا يُجوزُ لأرْبابِ الأمْوالِ أنْ يَجمَعوا الأموالَ المُتفرِّقةَ بينَ عدَّةِ أشْخاصٍ، ويَضُمُّوا بعضَها إلى بعضٍ في مجموعةٍ واحدةٍ؛ احتيالًا منهم لتَنْقيصِ الصَّدَقةِ، كأنْ يكونَ هناك ثلاثةُ أشْخاصٍ، لكلِّ واحدٍ منهم أرْبَعونَ شاةً، فلمَّا عَرَفوا أنَّ على كلِّ واحدٍ منهم شاةً، أرادوا جَمْعَها معًا حتَّى تَصيرَ مِئةً وعِشرينَ، فتُصبِحَ عليهم شاةٌ واحدةٌ؛ لأنَّه احتيالٌ لتَنْقيصِ فَريضةِ الزَّكاةِ، كذلك لا يَجوزُ لهمُ التَّفريقُ بينَ مُجتَمِعٍ مِن أجْلِ تَنْقيصِ الزَّكاةِ، كأنْ يكونَ للشَّريكَيْنِ مِئَتا شاةٍ، فيكونُ عليهما ثلاثُ شياهٍ، فيُريدَا أنْ يَفْترِقَا حتَّى يكونَ لكلٍّ منهما مئةُ شاةٍ، ولا تجِبَ عليه سِوى شاةٍ واحدةٍ، فلا يَجوزُ لهما التفرُّقُ؛ لأنَّه حِيلةٌ لتَنْقيصِ الزَّكاةِ، وقيلَ: هو خِطابٌ لربِّ المالِ من جهةٍ، وللسَّاعي من جهةٍ، فأَمَرَ كلَّ واحدٍ منهما ألَّا يُحْدِثَ شيئًا منَ الجَمْعِ والتَّفْريقِ خَشْيةَ الصَّدقةِ، فربُّ المالِ يَخْشى أنْ تَكثُرَ الصَّدقةُ؛ فيَجمَعَ، أو يُفَرِّقَ لِتَقِلَّ؛ والسَّاعي يَخْشى أنْ تَقِلَّ الصَّدقةُ؛ فيَجمَعَ، أو يُفَرِّقَ لتَكثُرَ، "وما كان من خَليطَيْنِ، فإنَّهما يَتراجَعانِ بينَهما بالسَّويَّةِ"، أيْ: أنَّ ما أخَذَه الساعي من مالِ أحدِهِما عن واجِبِ المالَيْنِ يكونُ للمَأْخوذِ منه الرُّجوعُ على صاحِبِهِ بحِصَّتِهِ حتى يَتَساوَيا، وهذا في خُلطةِ الجِوارِ؛ فأمَّا في خُلطةِ الشَّرِكةِ كما إذا وَرِثا، أوِ اشْتَريَا النِّصابَ معًا، فما يأْخُذُه الساعي يكونُ بينَهما، فقد يكونُ الواجِبُ من غيرِ الجِنْسِ؛ فيأخُذُه من أحَدِهِما كشاةٍ من خَمْسٍ منَ الإِبِلِ مُشترَكةً بينَهما، فيكونُ الرُّجوعُ بحِصَّتِهِ منها، "ولا يُؤخذُ في الصَّدقةِ هَرِمَةٌ"، وهي الكبيرةُ التي سقَطَتْ أسْنانُها، "ولا ذاتُ عيْبٍ"، أيِ: التي بها نقْصٌ كالمَرَضِ ونَحوِه، قيلَ: هذا إذا كان كلُّ مالِهِ أو بَعضُه سَليمًا، فإنْ كان كلُّهُ مَعيبًا؛ فإنَّه يأْخُذُ واحدًا من وَسَطِهِ.