الموسوعة الحديثية


-  كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ يومٍ قد وَضَعَ ثَوبَه بينَ فَخِذَيهِ فجاءَ أبو بَكرٍ فاستأذَنَ، فأَذِنَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على هَيئَتِه، ثم جاءَ عُمَرُ بمِثلِ هذه الصِّفةِ، ثم أُناسٌ من أصحابِه، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على هَيئَتِه، ثم جاءَ عُثمانُ فاستأذَنَ عليه، ثم أخَذَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَوبَه فتجلَّلَه، فتَحدَّثوا، ثم خَرَجوا، فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، جاءَ أبو بَكرٍ، وعُمَرُ، وعلِيٌّ، وناسٌ من أصحابِكَ، وأنتَ على حالِكَ، فلمَّا جاءَ عُثمانُ تجلَّلتَ ثَوبَكَ، قال: أوَلَا أسْتَحْيي ممَّن تَستَحْيي منه المَلائِكةُ ؟
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : حفصة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار | الصفحة أو الرقم : 1719
التصنيف الموضوعي: مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق مناقب وفضائل - عثمان بن عفان مناقب وفضائل - عمر بن الخطاب إيمان - الملائكة بر وصلة - الحياء
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُراعي أحْوالَ أصحابِه وطَبائعَهم، ويُنزِلُ كلَّ واحدٍ منهم مَنزلتَه. وفي هذا الحديثِ تقولُ حَفْصةُ بنتُ عُمَرَ زَوجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ يومٍ قد وضَعَ ثَوبَه بينَ فَخِذَيْه" والفَخِذُ هو مَا بينَ الساقِ والوَرِكِ، وهي المِنطَقةُ اللَّحْميةُ المُمَدَّةُ فوقَ الرُّكبةِ منَ الأمامِ، وفي روايةِ مُسلِمٍ من حديثِ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنه: " كاشِفًا عن فَخِذَيْه، أو ساقَيْه"، قالت حَفْصةُ: "فجاء أبو بَكرٍ فاسْتأذَنَ" للدخولِ والجلوسِ معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فأذِنَ له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على هَيْئَتِه"، وهو على تلك الحالِة، والتي فيها كَشْفٌ للفَخِذِ أوِ الساقِ، "ثم جاء عُمَرُ بمِثلِ هذه الصفةِ، ثم أُناسٌ من أصْحابهِ والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على هَيْئَتِه" بمَعنى: أنَّ كلَّ مَن دخَلَ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جالَسَه والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على حالتِه، قالت: "ثم جاء عُثمانُ فاسْتأْذَنَ عليه، ثم أخَذَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَوبَه فتَجَلَّلَه"، غطَّى فَخِذَيْه بالثوبِ، "فتَحَدَّثوا، ثم خَرَجوا" تكلَّمَ الصحابةُ معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وجالَسوه بعضَ الوَقتِ، ثم انْصَرَفوا من عندِه، "فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، جاء أبو بَكرٍ، وعُمَرُ، وعليٌّ، وناسٌ من أصحابِكَ، وأنتَ على حالِكَ"، كاشِفًا للفَخِذِ والساقِ، "فلمَّا جاء عُثمانُ تَجلَّلْتَ ثَوبَكَ، قال: أَوَلَا أسْتَحْيي ممَّن تَسْتَحْيي منه المَلائكةُ؟" غطَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَخِذَه واهتَمَّ لدُخولِ عُثمانَ اسْتِحْياءً له، لَمَّا كان الغالبُ عليه الحَياءَ، فجَزاه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عليه من جِنْسِ فِعلِه. والحَياءُ في الأصْلِ نَوْعانِ: ما كان خُلُقًا وجِبلَّةً غيرَ مُكتَسَبٍ، وهو مِن أجَلِّ الأخْلاقِ الَّتي يَمنَحُها اللهُ العَبدَ، ويَجبُلُه عليها؛ فإنَّه يكُفُّ عنِ ارْتِكابِ القَبائحِ، ودَناءةِ الأخْلاقِ، ويحُثُّ على استِعْمالِ مَكارمِ الأخْلاقِ ومَعاليها. والنَّوعُ الثَّاني: ما كان مُكتَسَبًا مِن مَعرفةِ اللهِ، ومَعرفةِ عَظَمتِه وقُربِه مِن عبادِه، واطِّلاعِه عليهم، وعِلمِه بخَائنةِ الأعْيُنِ وما تُخْفي الصُّدورُ؛ فهذا مِن أعْلى خِصالِ الإيمانِ، بل هو مِن أعْلى دَرَجاتِ الإحْسانِ. وفي الحديثِ: الحثُّ على تَوْقيرِ مَن يَستَحِقُّ منَ الناسِ، ولا سِيَّما منَ المَشايخِ والعُلَماءِ والصالِحينَ. وفيه: مَشْروعيَّةُ تَعَرِّي الرجُلِ في بَيتِه معَ سَترِ عَوْرَتِه. وفيه: مَشْروعيَّةُ الإذْنِ في دُخولِ الرجُلِ على غَيرِه. وفيه: فَضيلةٌ ومَنْقَبةٌ لعُثمانَ رضِيَ اللهُ عنه. وفيه: أنَّ الحَياءَ صِفةٌ خُلُقيَّةٌ مَمْدوحةٌ من صفاتِ المَلائكةِ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها