الموسوعة الحديثية


- ما شئتُم ، إن شئتُم دَعوتُ اللهَ فدفعَها عنكُم ، وإن شئتُم تركتُموها وأسقَطتْ بقيَّةَ ذنوبِكُم .
الراوي : سلمان الفارسي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب | الصفحة أو الرقم : 3443 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
جَعَلَ اللهُ ابتِلاءَ العِبادِ بالمَصائِبِ والبَلايا والأمراضِ كَفَّاراتٍ لِذُنوبِ أهلِ الإيمانِ، وعُقوباتٍ يُمحِّصُ اللهُ بها مَن شاءَ مِنهم في الدُّنيا؛ وهي لأهلِ العِصْيانِ كُروبٌ وشَدائِدُ وعَذابٌ في الدُّنيا، ومع عَدَمِ رِضاهم وتَسليمِهم لِقَضاءِ اللهِ؛ فلا يَكونُ لهم أجْرٌ في الآخِرةِ. وهذا الحَديثُ جُزءٌ مِن رِوايةٍ طَويلةٍ، وله سَبَبٌ، وفيه يقولُ سَلمانُ الفارِسيُّ رَضيَ اللهُ عنه: "استَأذَنَتِ الحُمَّى على رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، وكَأنَّها صُوِّرَتْ إنسانًا، وذهَبَتْ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فطَلَبَتِ الإذْنَ بالدُّخولِ عليه، فقال لها النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن أنتِ؟ قالت: أنا الحُمَّى"، وهي مَرَضٌ يَرفَعُ حَرارةَ الجِسمِ، "أبري اللَّحمَ، وأمُصُّ الدَّمَ"، بمعنى: أنَّ مِن أعراضِها ودواعي مَرَضِها وَجَعٌ في اللَّحمِ والدَّمِ، "فقالَ لها" النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اذهَبي إلى أهلِ قُباءٍ"، اخرُجي مِن داخِلِ المَدينةِ واذهَبي إلى قُباءٍ، وهي مَوضِعٌ بقُربِ المَدينةِ مِن جِهَةِ الجَنوبِ نَحوَ مِيلَيْنِ، "فأتَتْهم، فجاؤوا إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقدِ اصفَرَّتْ وُجوهُهم"؛ مِن شِدَّةِ المَرَضِ والحَرارةِ، "فشَكَوُا الحُمَّى إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، شَكَوْا وَجَعَها، فقالَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ما شِئتُم"، أنتم بالخيارِ، "إن شِئتُم دَعَوتُ اللهَ فدَفَعَها عنكم"، أبعَدَها عن مَوطِنِكم، وعافاكم منها، وأذهَبَها عنكم، "وإنْ شِئتُم تَرَكتُموها وأسقَطَتْ بَقيَّةَ ذُنوبِكم"، بمَعنى: إنْ شِئتُم أنْ تَبقى في مَوطِنِكم وتُصيبَكم، على أنْ يَكونَ بَقاؤُها تَطهيرًا لِذُنوبِكم، "قالوا: بلى، فدَعْها يا رَسولَ اللهِ"، فكانَ اختيارُهم بَقاءَها؛ رَغبةً في تَطهيرِ الذُّنوبِ. والدُّعاءُ برَفعِ الوَباءِ يَتضَمَّنُ الدُّعاءَ برَفعِ المَوتِ، وهذا لا إشكالَ فيه ولا يُنافي التَّعبُّدَ بالدُّعاءِ؛ لأنَّه قد يَكونُ مِن جُملةِ الأسبابِ في طُولِ العُمُرِ، أو رَفْعِ المرَضِ، وقد تَواتَرَتِ الأحاديثُ بالاستِعاذةِ مِنَ الجُنونِ والجُذامِ، وسَيِّئِ الأسقامِ، ومُنكَراتِ الأخلاقِ والأهواءِ والأدْواءِ. وفي الحَديثِ: التَّرغيبُ في الصَّبرِ على المرَضِ، وثَوابِ ذلك. وفيه: أنَّ الإنسانَ يُؤجَرُ بصَبرِه على المَصائِبِ.