الموسوعة الحديثية


- أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ساقَى يَهودَ خَيبَرَ على تلك الأمْوالِ على الشَّطرِ، وسِهامُهُم مَعلومةٌ، وشرَطَ عليهم: أنَّا إذا شِئْنا أخْرَجْناكم.
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن الدارقطني | الصفحة أو الرقم : 2948 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
عُرِفَ اليَهودُ مُنذُ القِدَمِ بأنَّهم ليس لهم عَهدٌ، وبمُماطَلَتِهم في الحَقِّ، وجَورِ بَعضِهم على حَقِّ بَعضٍ، وعلى حُقوقِ غَيرِهم، وقد كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أبصَرَ النَّاسِ بهم وبمَكرِهم، ولذلك اشتَرَط عليهم في خَيبَرَ أنْ يُخرِجَهم متى شاءَ. وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه: "أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ساقَى يَهودَ خَيبَرَ على تلك الأموالِ" أنْ يُعمِلوها بأموالِهم بالنَّفَقةِ وخِدمةِ الأرضِ والبَذرِ والسَّقيِ، وغيرِ ذلك، "على الشَّطرِ"؛ فيَكونُ لهم نِصفُ الثَّمَرِ، وذلك أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان قد غَزا يَهودَ خَيبَرَ، وهي قَريةٌ على طَريقِ الشَّامِ، تَبعُدُ عنِ المَدينةِ 264 كم تَقريبًا، وكانَ فَتْحُها سَنةَ سَبعٍ مِنَ الهِجرةِ "وسِهامُهم مَعلومةٌ"، وكانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اشتَرَطَ أنَّ لهمُ النِّصفَ مِنَ الثَّمَرِ، فكانَ الشَّرطُ مَعلومًا، والإجارةُ مَعلومةً، وكذلك نَصيبُ الشَّريكِ في زِراعةِ الأرضِ مَعلومًا، فلا غَرَرَ ولا جَهالةَ، "وشَرَطَ عليهم: إنَّا إذا شِئْنا أخرَجْناكم" في المُدَّةِ التي نَراها ونَرتَضيها، وهذا شَرطُ احتِرازٍ؛ لِتَكونَ السِّيادةُ كامِلةً على خَيبَرَ، وحتى يَكونَ لِلمُسلِمينَ حُجَّةٌ إذا رَأوْا مِنَ اليَهودِ شَرًّا، أو رَأوْا مَصلَحةً في إخراجِهم، كما فَعَلَ أميرُ المُؤمِنينَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ حين أخرَجَهم مِن خَيبَرَ على شَرطِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وقد أجْلَاهم إلى تَيْماءَ وأريحاءَ، وقَسَّمَ أرضَ خَيبَرَ على المُسلِمينَ، ووَرَدَ في سُنَنِ أبي داودَ أنَّه خَيَّرَ أزواجَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَينَ أنْ يُعطيَهُنَّ نَصيبَهُنَّ مِنَ الأرضِ، وبيْنَ أنْ يُمضيَ لَهُنَّ نَصيبَهُنَّ مِنَ الوَسْقِ، كما كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفعَلُ معهُنَّ، فمِنهُنَّ مَنِ اختارَتِ الأرضَ، ومنهُنَّ منِ اختارَتِ الوَسْقَ، وكانت عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها مِمَّنِ اختارَ الأرضَ. وفي الحَديثِ: مشروعيَّةُ إجارةِ الأرضِ وزِراعَتِها على قَدْرٍ مَعلومٍ بيْنَ الشَّريكَينِ. وفيه: مَشروعيَّةُ مُعامَلةِ أهلِ الكِتابِ، وإنْشاءِ الصُّلحِ معهم؛ لِمَصلَحةِ الأُمَّةِ في مُدَّةٍ مُحَدَّدةٍ، مع الالتِزامِ بحُدودِ الشَّرعِ في ذلك.