الموسوعة الحديثية


- رأيتُ عمَّارَ بنَ ياسرٍ دخَلَ المسجِدَ، فصلَّى، فأخَفَّ الصَّلاةَ، قال: فلمَّا خرَجَ، قُمتُ إليه، فقُلتُ: يا أبا اليَقْظانِ، لقد خفَّفتَ، قال: فهل رأيتَني انتقَصتُ من حُدودِها شيئًا؟ قُلتُ: لا، قال: فإنِّي بادَرتُ بها سَهْوةَ الشَّيطانِ، سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: "إنَّ العبدَ لَيُصلِّي الصَّلاةَ ما يُكتَبُ له منها إلَّا عُشْرُها، تُسعُها، ثُمُنُها، سُبُعُها، سُدُسُها، خُمُسُها، رُبُعُها، ثُلُثُها، نِصْفُها".
الراوي : عمار بن ياسر | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود | الصفحة أو الرقم : 7/267 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
يَنبَغي على المُسلِمِ إتمامُ الصَّلاةِ بأركانِها وهَيئاتِها وسُنَنِها، وفي كُلِّ الأحوالِ فالتَّطويلُ والتَّخفيفُ في الصَّلاةِ يَرجِعُ إلى حالِ المُصَلِّي، ويُصاحِبُ ذلك الخُشوعُ والتَّدبُّرُ، والمُسلِمُ مَأْمورٌ بذلك في كُلِّ صَلاتِه، ويَنبَغي له ألَّا يَنشَغِلَ بأُمورِ الدُّنيا عن رَبِّه الذي يَقِفُ بَينَ يَدَيْه؛ حتى يَفوزَ بالثَّوابِ والأجْرِ. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ التَّابِعيُّ عَبدُ اللهِ بنُ عَنَمةَ: "رَأيتُ عَمَّارَ بنَ ياسِرٍ دَخَلَ المَسجِدَ، فصَلَّى، فأخَفَّ الصَّلاةَ"، خَفَّفَ فيها مع التَّمامِ وعَدَمِ النَّقصِ، "قالَ: فَلَمَّا خَرَجَ قُمتُ إليه، فقُلتُ: يا أبا اليَقظانِ، لقد خَفَّفتَ"، يَستَفهِمُ ابنُ عَنَمةَ مِن عَمَّارٍ عن سَبَبِ التَّخفيفِ وصِحَّتِه في الصَّلاةِ، وأبو اليَقظانِ كُنيةُ عَمَّارِ بنِ ياسِرٍ رَضيَ اللهُ عنهما، فقالَ عَمَّارٌ رَضيَ اللهُ عنه: "فهل رَأيتَني انتَقَصتُ مِن حُدودِها شَيئًا؟" وهل كان في هذا التَّخفيفِ والإيجازِ إخلالٌ بإتمامِ رُكوعِها وسُجودِها، وما فيهما مِن طُمَأْنينةٍ؟ قال ابنُ عَنَمةَ: "قُلتُ: لا"، أي: إنَّكَ أتمَمتَ رُكوعَها وسُجودَها. قالَ عَمَّارٌ رَضيَ اللهُ عنه: "فإنِّي بادَرتُ بها سَهوةَ الشَّيطانِ"؛ فبَيَّنَ أنَّه خَفَّفَ الصَّلاةَ لِيَسبِقَ الشَّيطانَ قَبلَ أنْ يُوَسوِسَ إليه وهو في الصَّلاةِ؛ فيَشغَلَه فيَنقُصَ أجْرُ الصَّلاةِ، ثم وضَّحَ سببَ ذلك بقولِه: "سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ العَبدَ لَيُصلِّي الصَّلاةَ ما يُكتَبُ له منها إلا عُشرُها، تُسعُها، ثُمُنُها، سُبُعُها، سُدُسُها، خُمُسُها، رُبُعُها، ثُلُثُها، نِصفُها"؛ فلا يَكونُ له مِن أجْرِها إلَّا قَدْرُ ما عَقَلَ مِنْها، وقَدْرُ ما خَشَعَ فيها، وما أدَّى مِن شُروطِها وأركانِها، فرُبَّما يَكونُ له أيُّ جُزءٍ مِن هذه الأجزاءِ، وهذا الاختِلافُ يَدُلُّ على اختِلافِ أجْرِ المُصلِّينَ. وفي الحَديثِ أنَّ التَّخفيفَ في الصَّلاةِ لا يَعني عَدَمَ إكمالِ الأركانِ، وعَدَمَ الخُشوعِ.