الموسوعة الحديثية


- لعلَّكم تُقاتِلونَ قومًا، فتَظهَرونَ عليهم، فيَتَّقونَكم بأموالِهم دونَ أنفُسِهم وأبنائِهم -قال سعيدٌ في حديثِه: فيُصالِحونَكم على صُلحٍ، ثمَّ اتَّفَقا:- فلا تُصيبوا منهم فوقَ ذلك؛ فإنَّه لا يصلُحُ لكم.
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : رجل من جهينة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود | الصفحة أو الرقم : 3051
| التخريج : أخرجه أبو داود (3051) باختلاف يسير، والبيهقي (18763)، وعبد الرزاق (10105) كلاهما بنحوه.
التصنيف الموضوعي: جهاد - الأمان والوفاء به ومن له إعطاء الأمان صلح - الصلح مع المشركين
|أصول الحديث
بيَّن الشَّرعُ كَيفيَّةَ التَّعامُلِ في الحَربِ مع الأسْرَى والمَغلوبينَ على أمْرِهم بحِفظِ العُهودِ والمَواثيقِ التي تُعقَدُ في هذه الأثناءِ، وأنْ تُحفَظَ الأنْفُسُ والأموالُ والأعراضُ. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لَعَلَّكم تُقاتِلونَ قَومًا"، أي: تُحارِبونَهم في سَبيلِ اللهِ لإعلاءِ كلمةِ اللهِ تعالَى بعدَما عرَضتُم عليهم الإسلامَ أو دفْعَ الجزيةِ فأبَوْا إلَّا الحربَ، "فتَظهَرونَ عليهم"، أي: فتَنتَصِرونَ عليهم ويقَعُ بعضُهم وبعضُ أبنائِهم أسْرَى لدَيكم، "فيَتَّقونَكم بأموالِهم دونَ أنْفُسِهم وأبنائِهم"، فيَجعَلونَ أموالَهم فِديةً؛ وِقايةً وحِمايةً لِأنْفُسِهم ولِأبنائِهم مِنَ القَتلِ أوِ استمرارِ الأسْرِ "-قالَ سَعيدٌ"، ابْنُ مَنصورٍ، أحَدُ رُواةِ الحَديثِ، "في حَديثِه"، أيْ: في رِوايَتِه لهذا الحديثِ: "فيُصالِحونَكم على صُلحٍ"، بمَعنى: يَنزِلونَ لكم على صُلحٍ ومُعاهَدةٍ؛ لِتَركِ قِتالِهم مُقابِلَ قَدْرٍ مِنَ المالِ مُحَدَّدٍ، وقد يكونُ هذا جِزيةً؛ فمِن أحوالِ الجزيةِ أيضًا أخذُها بعدَ القِتالِ والظُّهورِ على العدوِّ وإجبارِه عليها، ولكنْ لا يُكرَهونَ ولا يُجبَرونَ على الإسلامِ، فإنْ نزَلَ العدوُّ على ما فُرِضَ عليه دونَ مُقاوَمةٍ أو دُخولٍ في الإسلامِ قُبِلَتْ منهم كما في هذا الحديثِ، وهذا نوعٌ من أنواعِ الهُدنةِ والصُّلحِ، "ثم اتَّفَقا" أيِ: اتَّفَقَ سَعيدُ بنُ مَنصورٍ، ومُسدَّدُ بنُ مُسَرهَدٍ راويا الحَديثِ على لَفظِ الرِّوايةِ؛ فقالا: "فلا تُصيبوا منهم فَوقَ ذلك"؛ فلا تَأخُذوا منهم أكثَرَ مِمَّا اتَّفَقتُم عليه؛ "فإنَّه لا يَصلُحُ لكم"، لا يَحِلُّ لكم أخْذُ زِيادةٍ عليه بأيِّ وَسيلةٍ؛ فقد حَقَنوا دِماءَهم وحرَّزوا أموالَهم بالصُّلحِ، فلا يَحِلُّ نَقضُه؛ فإنَّ ذلك مِن تَركِ الوَفاءِ بِالعَهدِ، ونَقضِ العَقدِ، وهما مُحَرَّمانِ بِنَصِّ القُرآنِ والسُّنَّةِ.
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ مُصالَحةِ أهلِ الحَربِ على المالِ.
وفيه: الأمْرُ بحِفظِ العُهودِ والمَواثيقِ مع المُخالِفينَ، وعَدَمِ نَقضِها بَعدَ تَوثيقِها.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها