الموسوعة الحديثية


- يا أبا ذَرٍّ، اعقِلْ ما أقولُ لكَ: لَعَناقٌ يَأْتي رَجُلًا منَ المُسلِمينَ خَيرٌ له من أُحُدٍ ذَهَبًا يَترُكُه وراءَه، يا أبا ذَرٍّ، اعقِلْ ما أقولُ لكَ: إنَّ المُكثِرينَ همُ الأقَلُّونَ يومَ القِيامةِ، إلَّا مَن قال: كذا وكذا، اعقِلْ يا أبا ذَرٍّ ما أقولُ لكَ: إنَّ الخَيلَ في نَواصيها الخَيرُ إلى يومِ القِيامةِ، أو إنَّ الخَيلَ في نَواصيها الخَيرُ.
الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 21570 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (21570) واللفظ له، وأبو عوانة في ((المسند)) (7293) مختصراً، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (8/325) باختلاف يسير
في هذا الحديثِ إرْشاداتٌ نَبَويَّةٌ عَظيمةٌ؛ حيثُ يَرْوي أبو ذَرٍّ الغِفاريُّ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال له: "يا أبا ذَرٍّ، اعْقِلْ ما أقولُ لكَ" تدَبَّرْ وافْهَمْ قَوْلي وكَلامي، " لَعَناقٌ يَأْتي رَجُلًا من المُسلِمينَ خَيرٌ له من أُحُدٍ ذَهَبًا يَترُكُهُ وراءَه" العَنَاقُ: الأُنثَى مِن وَلَدِ المَعْزِ، والمُرادُ أنَّ المالَ القليلَ الَّذي يَحصُلُ عليه المَرءُ في الدُّنيا، ويكونُ كافِيًا له ولِحاجَتِهِ خَيرٌ من المالِ الكَثيرِ الَّذي يكونُ مِثلَ جَبَلِ أُحُدٍ في كَثرَتِهِ وعَظَمَتِهِ ثُمَّ يَترُكُهُ المَرءُ بعدَ مَوتِهِ ثُمَّ يُحاسَبُ عليه عِندَ اللهِ؛ مِن أينَ اكتسَبَهُ، وفيما أنفَقَهُ؟ وهل أدَّى حُقوقَهُ؟ "يا أبا ذَرٍّ، اعْقِلْ ما أقولُ لك: إنَّ المُكثِرينَ هُمُ الأقَلُّونَ يَومَ القيامةِ"، يعني: أنَّ الْمُكثريِنَ مِنَ المالِ في الدُّنيا هُم أقلُّ النَّاسِ ثوابًا في الآخِرةِ، "إلَّا مَن قالَ: كذا وكذا" فصرَفَ هذا المالَ عَنِ اليَمينِ والشِّمالِ وأمامَه، في وُجوهِ الخَيرِ كافَّةً، "اعْقِلْ يا أبا ذرٍّ ما أقولُ لك: إنَّ الخَيلَ في نَواصيها الخَيرُ إلى يَومِ القيامةِ -أو إنَّ الخَيلَ في نَواصيها الخَيرُ-" النَّواصي: هي قِصاصُ الشَّعرِ، وهو الشَّعرُ المُستَرسِلُ عَلى الجَبْهةِ، والمَعْنى: أنَّ الخَيرَ مُلازِمٌ لها كأنَّه مَعْقودٌ فيها، وهو الأجْرُ والثَّوابُ في الآخِرةِ، والغَنيمةُ في الدُّنْيا، إلى قُربِ يَومِ القِيامةِ، والمُرادُ بها الخَيلُ الَّتي يَغْزو بها صاحِبُها في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفي الحَديثِ: أنَّ المالَ وَسيلةٌ تُوصِلُ إلى الآخِرةِ، وليس غايةً في ذاتِهِ.
وفيه: التَّرغيبُ في اتِّخاذِ الخَيْلِ للجِهادِ.
وفيه: أنَّ الجِهادَ لا يَنْقَطِعُ أبَدًا إلى يَومِ القيامةِ .