الموسوعة الحديثية


- أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ في بيتِها، فأتَتْه فاطمةُ ببُرْمةٍ، فيها خَزيرةٌ، فدَخلَتْ بها عليه، فقالَ لها: ادعِي زوجَكِ وابنَيْكِ. قالَت: فجاءَ علِيٌّ، والحُسَينُ، والحسَنُ، فدَخَلوا عليه، فجَلَسوا يأكُلونَ مِن تلك الخَزِيرةِ، وهو على مَنامةٍ له على دُكَّانٍ تحتَه كِساءٌ خَيْبريٌّ. قالَت: وأنا أُصلِّي في الحُجْرةِ، فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ هذه الآيةَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] قالَت: فأخَذ فضْلَ الكِساءِ، فغشَّاهُم به، ثمَّ أَخرَج يدَه، فألْوَى بها إلى السَّماءِ، ثمَّ قالَ: اللَّهُمَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي وخاصَّتي، فأذْهِبْ عنهمُ الرِّجسَ، وطَهِّرْهم تطهيرًا، اللَّهمَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي وخاصَّتي، فأذْهِبْ عنهمُ الرِّجسَ، وطهِّرْهم تطهيرًا. قالَت: فأَدخلْتُ رأْسي البيتَ، فقلْتُ: وأنا معَكُم يا رسولَ اللهِ، قالَ: إنَّكِ إلى خيْرٍ، إنَّكِ إلى خيْرٍ.
الراوي : أم سلمة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 26508 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه الترمذي (3871) مختصراً، وأحمد (26508) واللفظ له
حُبُّ آلِ بَيتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقرِّبُ العَبدَ إلى ربِّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى، فبِحُبِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم نُحِبُّهم، ونُنزِلُهم مَنازِلَهم كما أنَزَلَهم اللهُ دُونَ غُلوٍّ فيهم، ولا تَفْريطٍ في حُبِّهم.
وفي هذا الحَديثِ تَرْوي أُمُّ المُؤمِنينَ أُمُّ سَلَمةَ رضِيَ اللهُ عنها زَوجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان في بَيتِها، فأتَتْهُ فاطِمةُ" بِنتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "ببُرْمةٍ" وهو قِدْرٌ أو إناءٌ مُتَّخذٌ من حَجَرٍ، وقيلَ غَيرُ ذلِكَ، "فيها خَزيرةٌ" وهو لَحمٌ يُقطَعُ صِغارًا، ويُصَبُّ عليه الماءُ الكَثيرُ، فإذا نَضِجَ نُثِرَ عليه الدَّقيقُ، وقيلَ: هي حَساءٌ ومَرَقةٌ من دَقيقٍ ودَسَمٍ، "فدَخَلتُ بها عليه، فقالَ لها: ادْعي زَوْجَكَ وابْنَيْكِ"، يَقصِدُ: عليَّ بنَ أبي طالِبٍ والحَسَنَ والحُسَينَ، "قالت: فجاءَ عليٌّ، والحُسَينُ، والحَسَنُ، فدَخَلوا عليه، فجَلَسوا يَأكُلونَ من تِلك الخَزيرةِ، وهو على مَنامةٍ له"، وهو ثَوبٌ يَكونُ للنَّومِ "على دُكَّانٍ" وهو مَكانٌ مُرتَفِعٌ مُعَدٌّ للجُلوسِ فَوقَهُ مِثلُ الدَّكَّةِ الخَشَبيَّةِ أو المَبنِيَّةِ لِلجُلوسِ، "تحتَهُ كِساءٌ خَيْبَريٌّ" نِسْبةً إلى خَيبَرَ، وهي مَدينةٌ قُربَ المدينةِ كان يَسكُنُها اليَهودُ قَبلَ أنْ يَظهَرَ عليها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالتْ أُمُّ سَلَمةَ رضِيَ اللهُ عنها: "وأنا أُصلِّي في الحُجْرةِ، فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ هذه الآيةَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]" والمَعْنى أنَّ اللهَ سُبْحانَهُ يُحِبُّ أنْ يَمحُوَ ويُزيلَ عنكم الرِّجْسَ، وهو اسمٌ لكُلِّ مُستَقذَرٍ مِن العَمَلِ، وقيلَ: هو الشَّكُّ، وقيلَ: العَذابُ، وقيلَ: الإثمُ، ويُطهِّرُكُم مِن دَنَسِ المعاصي والذُّنوبِ. "فأخَذَ فَضْلَ الكِساءِ، فغَشَّاهُم به" والمُرادُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمسَكَ بأطْرافِ ثَوبِهِ، وغطَّى فاطِمةَ وعَليًّا والحَسَنَ والحُسَينَ رضِيَ اللهُ عنهم، "ثُمَّ أخرَجَ يَدَهُ، فأَلْوى بها إلى السَّماءِ" رافِعًا لها للتَّوجُّهِ إلى اللهِ بالدُّعاءِ، "ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ هؤلاءِ أهْلُ بَيْتي وخاصَّتي"، أي: إنَّ فاطِمةَ وزَوجَها عليَّ بنَ أبي طالبٍ والحَسَنَ والحُسَينَ مِن أهْلِ بَيتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ وهذا لا يَدُلُّ على أنَّ غَيرَهُم مِن أزْواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لَيسوا داخِلينَ في أهْلِ البَيتِ، وإنَّما خصَّهُم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالدُّعاءِ لتَكْريمِهم؛ حتَّى لا يُتَوهَّمَ أنَّهم ليسوا مِن أهْلِ البَيتِ؛ لأنَّهم يَسْكُنونَ في غَيرِ بَيتِهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ثمَّ دَعا لهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقالَ: "فأذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ" فأَزِلْ عنهم الإثْمَ والخطَأَ "وطَهِّرْهم تَطْهيرًا" ونَقِّهم مِن الآفاتِ المادِّيَّةِ والمَعْنويَّةِ "اللَّهُمَّ هؤلاءِ أهْلُ بَيْتي وخاصَّتي، فأذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ، وطَهِّرْهم تَطْهيرًا"، وتكرار الدُّعاءِ للإلْحاحِ في الطَّلَبِ تَوْكيدًا لما يَدْعو به، قالت أُمُّ سَلَمةَ رضِيَ اللهُ عنها: "فأدخَلتُ رأسي البَيتَ، فقُلتُ: وأنا معكم يا رسولَ اللهِ، قال: إنَّكِ إلى خَيرٍ، إنَّكِ إلى خَيرٍ"، وهذا يَحتمِلُ أنْ يَكونَ مَعْناهُ: أنتِ خيرٌ، وعلى مَكانِكِ مِن كَونِكِ مِن أهْلِ بَيْتي، ولا حاجةَ لكِ في الدُّخولِ تَحتَ الكِساءِ؛ كأنَّه مَنَعَها عن ذلِكَ لِمَكانِ عليٍّ، وأمَّا المَقْصودُ بآلِ البَيتِ عُمومًا؛ فقيلَ: هُم أزواجُه وعليٌّ وفاطِمةُ وأولادُهما، وقيلَ: يَدخُلُ معهم كُلُّ مَن حَرُمتْ عليه الصَّدَقةُ مِن قَراباتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهُم آلُ العبَّاسِ، وآلُ عَقيلِ بنِ أبي طالِبٍ، وقيلَ غَيرُ ذلِكَ.
وفي الحَديثِ: فَضلُ فاطِمةَ وعَليٍّ والحَسَنِ والحُسَينِ .