الموسوعة الحديثية


- إنَّ اللهَ يُحِبُّ ثلاثةً، ويُبغِضُ ثلاثةً: يُبغِضُ الشيخَ الزانيَ، والفَقيرَ المُختالَ، والمُكثِرَ البَخيلَ، ويُحِبُّ ثلاثةً: رَجُلٌ كان في كَتيبةٍ، فكَرَّ يَحْميهم حتى قُتِلَ، أو فتَحَ اللهُ عليه، ورَجُلٌ كان في قومٍ، فأَدْلَجوا، فنَزَلوا من آخِرِ الليلِ، وكان النومُ أحبَّ إليهم ممَّا يُعدَلُ به، فناموا، وقام يَتْلو آياتي ويَتمَلَّقُني، ورَجُلٌ كان في قومٍ فأَتاهم رَجُلٌ يَسأَلُهم بقَرابةٍ بينَهم وبينَه فبَخِلوا عنه، وخَلَفَ بأعْقابِهم، فأَعْطاهُ حيث لا يَراه إلَّا اللهُ، ومَن أَعْطاه.
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 21356
| التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (1315)، وأحمد (21356) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: جهاد - فضل الجهاد رقائق وزهد - الكبر والتواضع إحسان - إخفاء العمل صدقة - ذم البخل لعان وتلاعن - تعظيم الزنا والتشديد فيه
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرَبِّي أصحابَه على الالتزامِ بالفَضائلِ والبُعدِ عنِ الرَّذائلِ، وكَثيرًا ما كان يُحذِّرُهم من سيِّئِ الصِّفاتِ وقَبيحِ الأعْمالِ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَديدَ الحِرصِ على كلِّ ما يُقرِّبُهم منَ الآخِرةِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ اللهَ يُحبُّ ثلاثةً، ويُبغِضُ ثلاثةً: يُبغِضُ الشيخَ الزانيَ" وهو الشَّخصُ الَّذي طَعَنَ في السِّنِّ، وهو مُصِرٌّ على الزِّنا؛ فصُدورُ الزِّنا منه أقبَحُ من صُدورِه منَ الشَّبابِ؛ لأنَّه في سِنٍّ قدِ انكَسرَتْ معَها منه قوَّةُ الشَّهوةِ، ودنَتْ منه المَنيَّةُ، وذهَبَ منه الشَّبابُ الَّذي هو شُعبةٌ منَ الجُنونِ، وقوَّةُ الشَّهوةِ الدَّاعيةُ إلى التَّفكيرِ في الأمرِ، على أنَّ الزِّنا مُحرَّمٌ على الجميعِ، "والفَقيرَ المُخْتالَ"، وهو الفَقيرُ المُتكبِّرُ المُعجَبُ بنَفْسِه، والاختيالُ والتَّكبُّرُ مَنْهيٌّ عنهما، وخصَّ الفقيرَ معَ أنَّه مُحرَّمٌ على الغَنيِّ أيضًا إلَّا أنَّه منَ الفَقيرِ أقبَحُ؛ إذِ الفَقرُ يَقتَضي الانكِسارَ والذِّلَّةَ والمَسكَنةَ؛ فالتَّكبُّرُ منه أقبَحُ منَ الغَنيِّ، "والمُكثِرَ البَخيلَ"، وهو الغَنيُّ صاحِبُ المالِ الكثيرِ، ولكنَّه يَبخَلُ به، ولا يُنفِقُ منه ويمنَعُ الفُقراءَ والمحتاجِين حَقَّ اللهِ فيه.
قال: "ويُحِبُ ثلاثةً: رجلٌ كان في كَتيبةٍ" وهي جُزءٌ منَ الجَيشِ يُرسَلُ في مُهمَّةٍ "فكَرَّ يَحْميهم حتى قُتِلَ"، اي: سبَقَ وهجَمَ على الأعداءِ دونَ خَوفٍ ليَقتُلَهم حتى استُشهِدَ، "أو فتحَ اللهُ عليه"؛ فيكونُ قد فاز بإحْدى الحُسنَيَينِ، فيَفوزُ بالشهادةِ، أو يَفتَحُ اللهُ له بالنَّصرِ على الأعداءِ. "ورجُلٌ كان في قومٍ، فأدْلَجوا"، يعني: ساروا في أوَّلِ اللَّيلِ مُسافِرينَ، "فنَزَلوا من آخِرِ اللَّيلِ، وكان النومُ أحبَّ إليهم ممَّا يُعدَلُ به"، أي: كانتْ حاجَتُهم للنومِ أهمَّ عندَهم من كلِّ شيءٍ يُقابَلُ ويُساوى بالنومِ؛ بسببِ ما نزَلَ بهم منَ التعَبِ، "فناموا، وقام يَتْلو آياتي"، وقام هذا العَبدُ يَقرَأُ ألفاظَها ويَتبَعُها بالتأمُّلِ في مَعانيها "ويَتَمَلَّقُني" بأنْ يَتواضَعَ لدَيَّ ويَتضرَّعَ إليَّ بالدُّعاءِ والمسألةِ والصلاةِ.
"ورَجلٌ كان في قومٍ فأَتاهم رجُلٌ يَسألُهم بقَرابةٍ بينَهم وبينَه فبَخِلوا عنه"، أي: طلَبَ مِنهمُ العطاءَ بسببِ ما بينَهم منَ القَرابةِ فلم يُعْطوه، "وخلَفَ بأعْقابِهم" بعدَ ذَهابِهم، والعَقِبُ هو ما يُخلِّفُ الرجُلُ من ذُريةٍ، "فأعْطاه حيثُ لا يَراه إلَّا اللهُ ومَن أعْطاه"، فأنفَقَ سِرًّا، ولم يَعلَمْ بصَدَقتِه إلَّا اللهُ والذي أنفَقَ عليه؛ فكانتْ صدَقَتُه لوَجهِ اللهِ خالصةً؛ فاستحقَّ مَحبَّةَ اللهِ سبحانَه. وهؤلاء الثلاثةُ قدِ اجتمَعَ لهم مُعامَلةُ اللهِ سِرًّا فيما بينَهم وبينَه، معَ الإخْلاصِ والصِّدقِ، والمُحِبونَ للهِ يُحبُّونَ ذلك أيضًا عِلمًا منهم باطِّلاعِه عليهم، ومُشاهدتِه لهم، فهم يَكتَفونَ بذلك؛ لأنَّهم عَرَفوه، فاكْتَفَوْا به من بينِ خَلقِه، وعامَلوه فيما بينَه وبينَهم مُعامَلةَ الشاهِدِ غيرِ الغائبِ، وهذا هو مَقامُ الإحْسانِ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها