الموسوعة الحديثية


- آكُل كما يأكلُ العبدُ ، وأجلِسُ كما يجلسُ العبدُ ، فإنَّما أنا عبدٌ
الراوي : يحيى بن أبي كثير | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 8 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أكثَرَ النَّاسِ تَواضُعًا، مع ما حَباهُ اللهُ تَعالى مِنَ الفَضائِلِ الجَليلةِ، والخَصائِصِ العَظيمةِ، ومِن مَظاهِرِ تَواضُعِه ما قاله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا الحَديثِ: "آكُلُ كما يَأكُلُ العَبدُ"، فيَأكُلُ بيَدِه وأصابِعِه، "وأجلِسُ كما يَجلِسُ العَبدُ"، مُستَوفِزًا غَيرَ مُتَمكِّنٍ مِنَ القُعودِ؛ لِأنَّ العَبدَ أَكثَرُ مَا يَكونُ مَشغُولًا بِالخدمةِ، فإذا تَيَسَّرَ لَه الفَراغُ لِلأكلِ فإنَّه يَأكُلُ مُقْعيًا، أو مُتوَرِّكًا؛ تَحَسُّبًا لِمَن يُناديه أو يَطلُبُه مِن أسيادِه ومَخدوميه، فيَكونُ أسهَلَ وأسرَعَ قيامًا، وهذه الهَيئةُ مُتَضمِّنةٌ لإِظهَارِ كَمالِ عُبُودِيَّتِهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ للهِ سُبحانَه، ولذلك قال: "فإنَّما أنا عَبدٌ"، أيْ: عَبدٌ للهِ، غَيرُ مُتَجبِّرٍ ولا مُتَكبِّرٍ، ولا يَجلِسُ كما يَجلِسُ المُتكبِّرونَ والمُتعَظِّمونَ مِنَ التَّربُّعِ، والتَّمدُّدِ والاتِّكاءِ، ورَفعِ الرَّأسِ، وشَماخةِ الأَنفِ، وعَدَمِ الالتِفاتِ إلى المَساكينِ، والاحتِجابِ عنِ المُحتاجينَ.
قيلَ: وإنَّما كان فِعلُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أكلِه كذلك؛ لِئلَّا يَستقِرَّ في الجِلسةِ، فيَأكُلَ أكلًا كَثيرًا؛ لِأنَّ الغالبَ أنَّ الإنسانَ إذا كانَ مُستَوفِزًا لا يَكونُ مُطمَئِنًّا في الجُلوسِ، فلا يَأكُلُ كَثيرًا، وقيلَ: إنَّما كان يَأكُلُ كذلك لِعَدمِ نَهَمِه؛ إذْ لم تَكُنْ هِمَّتُه فيما يَجعَلُ في بَطنِه، وإنَّما كانَ يَأكُلُ القَليلَ مِنَ الطَّعامِ عِندَ الحاجةِ، وقيلَ: جَلَسَ كذلك على جِهةِ التَّواضعِ.
وفي الحَديثِ: دَعوةٌ لِكُلِّ مُسلِمٍ أنْ يَتواضَعَ للهِ سُبحانَه وتعالَى وفي إظهارِ العُبوديَّةِ له؛ اقتِداءً بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: احترامُ المُؤاكِلِ واختيارُ أحسنِ الهَيئاتِ وأكملِها عند الجلوسِ .