الموسوعة الحديثية


- أيُّما رجلٍ تَزَوَّجَ امرأةً على ما قَلَّ مِنَ المَهْرِ أوْ كَثُرَ ، ليس في نفسِهِ أنْ يُؤَدِّيَ إليها حقَّها ؛ خَدَعَها ، فماتَ ولمْ يُؤَدِّ إليها حقَّها ؛ لَقِيَ اللهَ يومَ القيامةِ وهوَ زَانٍ ، وأيُّما رجلٍ اسْتَدَانَ دَيْنًا لا يُرِيدُ أنْ يُؤَدِّيَ إلى صاحِبِه حقَّهُ ؛ خَدْعَةً حتى أَخَذَ مالهُ ، فماتَ ولمْ يَرُدَّ إليهِ دِينَهُ ؛ لَقِيَ اللهَ وهوَ سارِقٌ .
الراوي : أبو ميمون الكردي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب | الصفحة أو الرقم : 1807 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
حثَّ الشَّرعُ الحَكيمُ المُسلِمينَ على الوَفاءِ والصِّدْقِ في المُعامَلاتِ، وبيَّنَ سُوءَ الخيانةِ وعَدَمَ أداءِ الحُقوقِ لأهْلِها.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أيُّما رَجُلٍ تَزوَّجَ امرأةً" بعَقدٍ صَحيحٍ وأركانٍ كامِلةٍ، "على ما قَلَّ من المَهْرِ أو كَثُرَ" فَرَضَهُ لها، وجعَلَ جُزءًا منه أو كُلَّهُ مُؤخَّرًا بعدَ أنْ دخَلَ بالمرأةِ، والمَهرُ: هو المالُ الَّذي يَجعَلُهُ الرَّجُلُ للمَرأةِ بما استحلَّهُ من فَرجِها، "ليس في نَفسِهِ أنْ يُؤدِّيَ إليها حَقَّها؛ خَدَعَها" بالتَّحايُلِ عليها أوَّلًا لِيَتِمَّ الزَّواجُ، ثُمَّ إنَّه تَعمَّدَ وأخْفى في نَفسِهِ ألَّا يُعطِيَها هذا المالَ الَّذي هو في الأصْلِ كالدَّينِ بتَملُّكِهِ للمرأةِ والدُّخولِ عليها، "فماتَ، ولم يُؤَدِّ إليها حَقَّها" من المَهرِ الَّذي اتَّفَقَ عليه مع وَلِيِّها، "لَقِيَ اللهَ يَومَ القيامةِ وهو زانٍ"؛ لأنَّه استحَلَّ فَرْجَ امرأتِهِ؛ ولم يُؤَدِّ إليها حقَّها في المَهرِ، وهو من أحقِّ الشُّروطِ وأوْلاها بالوَفاءِ، وقد قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الحَديثِ المُتَّفقِ عليه: " إنَّ أحقَّ الشُّروطِ أنْ يُوفَّى به ما استَحْلَلْتُم به الفُروجَ"، وقال تَعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم:21] وهذه الخَديعةُ لا تَتَّفِقُ مع الوَفاءِ والمَودَّةِ والرَّحْمةِ، أمَّا الزَّوْجةُ فلا إثمَ عليها.
ثُمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وأيُّما رَجُلٍ استَدانَ دَينًا" بأنْ أخَذَ مالًا من غَيرِهِ على سَبيلِ الدَّينِ، "لا يُريدُ أنْ يُؤدِّيَ إلى صاحِبِهِ حقَّهُ؛ خِدْعةً حتى أخَذَ مالَهُ" بأنْ أخَذَ المالَ وانتَفَعَ به، وكانت نِيَّتُه أنْ يَخدَعَ صاحِبَ المالِ، ولا يرُدَّ إليه مالَهُ، "فماتَ، ولم يرُدَّ إليه دَينَهُ؛ لَقِيَ اللهَ وهو سارِقٌ"؛ لأنَّه أخَذَ المالَ بغَيرِ حقِّهِ، ولم يرُدَّه إلى صاحِبِهِ مرَّةً أُخرى، وهذا يُشبِهُ فِعلَ السَّارِقِ، فكان جزاؤُهُ أنَّه يُحشَرُ أمامَ اللهِ وهو سارِقٌ يَومَ القيامةِ.
وقد روى النَّسائيُّ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: " لو أنَّ رجُلًا قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ، ثُمَّ أُحْيِىَ، ثُمَّ قُتِلَ، ثُمَّ أُحْيِىَ، ثُمَّ قُتِلَ، وعليه دَينٌ، ما دخَلَ الجَنَّةَ حتَّى يُقضَى عنه دَينُهُ".
وهذا كُلُّه من خيانةِ الأمانةِ، وأكْلِ حُقوقِ النَّاسِ بالباطِلِ في الدُّنيا، فكانَ الجزاءُ غَليظًا عِندَ اللهِ تَحْذيرًا من مِثلِ هذه الأفْعالِ .