الموسوعة الحديثية


- أنَّهُ دخلَ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ على امرَأةٍ وبينَ يدَيها نوى ، أو حَصى تسبِّحُ بِهِ ، فقالَ : ألا أخبرُكِ بما هوَ أيسَرُ علَيكِ من هذا أو أفضلُ ؟ فقال : سُبحانَ اللَّهِ عددَ ما خلقَ في السَّماءِ ، وسُبحانَ اللَّهِ عددَ ما خلقَ في الأرضِ ، وسُبحانَ اللَّهِ عددَ ما بينَ ذلِكَ ، وسبحانَ اللَّهِ عددَ ما هوَ خالقٌ ، واللَّهُ أَكْبرُ مثلَ ذلِكَ ، والحمدُ للَّهِ مثلَ ذلِكَ ، ولا إلهَ إلَّا اللَّهُ مثلَ ذلِكَ ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ مثلَ ذلِكَ
الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الفتوحات الربانية | الصفحة أو الرقم : 1/244 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
ذِكرُ اللهِ تعالى مِن أفضَلِ الأعمالِ وأجَلِّها وأيسرِها في آنٍ واحدٍ، وهو يَرفَعُ الإنسانَ دَرجاتٍ، وبه يَنالُ الخيرَ والبرَكاتِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّه دخَلَ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على امرأةٍ وبينَ يدَيْها نوًى -أو حصًى- تُسبِّحُ به"، فهي تعُدُّ وتحسُبُ عددَ تسبيحاتِها باستخدامِ نوى البلحِ، أو الحجارةِ الصغيرةِ، فقال لها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ألا أُخبِرُكِ بما هو أيسَرُ" في الأجرِ والكيفيَّةِ "عليكِ مِن هذا، أو أفضَلُ" مِن هذا الجمعِ والتَّعْدادِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "سبحانَ اللهِ عدَدَ ما خلَقَ في السماءِ، وسبحانَ اللهِ عدَدَ ما خلَقَ في الأرضِ، وسبحانَ اللهِ عدَدَ ما بينَ ذلك"، ومعناهُ: تَسبيحُ اللهِ عزَّ وجَلَّ وتنزيهُه بعَددِ جميعِ مَخْلوقاتِه في السماءِ والأرضِ وما بينَهما، وعددُها لا يُحصيها إلَّا اللهُ، "وسبحانَ اللهِ عدَدَ ما هو خالقٌ"، أي: بمَبلَغِ عددِ الشيءِ الذي يخلُقُه اللهُ في الحالِ أو المستقبلِ، أو عدَدَ ما هو خالقٌ له مِن الأزلِ إلى الأبدِ، والمرادُ الاستمرارُ؛ فهو إجمالٌ بعدَ التفصيلِ، "واللهُ أكبرُ مِثلَ ذلك، والحمدُ للهِ مِثلَ ذلك، ولا إلهَ إلَّا اللهُ مِثلَ ذلك، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ مِثلَ ذلك"، والمرادُ مِن هذا المبالغةُ في الكثرةِ, لا أن يكونَ تسبيحُه وتكبيرُه وتحميدُه وتهليلُه مِثلَ عدَدِ ما خُلِق في السماءِ، أو مِثلَ عدَدِ ما خُلِق في الأرضِ, بل أكثرُ مِن ذلك؛ بحيثُ إنَّه لا يُحصى ولا يُعَدُّ، وبذلك كان هذا الذِّكرُ أفضَلَ؛ لأنَّه اعترافٌ بالقصورِ، وأنَّه لا يَقدِرُ أنِّ يُحصِيَ ثناءَه، وفي العدِّ بالنَّوى إقدامٌ على أنَّه قادرٌ على الإحصاءِ، وهذا مِن التَّعليمِ النَّبويِّ وإرشادِه إلى جوامعِ الكَلِمِ، التي تَحمِلُ القليلَ مِن الألفاظِ، ويُعطِي اللهُ عليها عظيمَ الفضلِ والثَّوابِ.
وفي الحديثِ: تيسيرُ الشرعِ على الناسِ في أمرِ الذِّكرِ، وأنَّ أفضَلَه جوامِعُ الكَلِمِ .