الموسوعة الحديثية


- أنَّهُ رأى عبدَالله بنَ عمرَ يرجعُ في السجدتينِ في الصلاةِ على صدورِ قدميهِ فلمَّا انصرف ذكر لهُ ذلكَ فقال إنَّها ليستْ سنةَ الصلاةِ وإنَّما أفعلُ ذلكَ مِنْ أجلِ أنِّي أشتكي
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : المغيرة بن حكيم | المحدث : ابن عبدالبر | المصدر : التمهيد | الصفحة أو الرقم : 16/271
| التخريج : أخرجه مالك (296) واللفظ له، وعبد الرزاق (3044)، والبيهقي (2801) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: صلاة - الإقعاء بين السجدتين صلاة - صفة الجلوس في الصلاة إحسان - الأخذ بالرخصة إيمان - الدين يسر علم - حسن السؤال ونصح العالم
|أصول الحديث
كان الصَّحابةُ الكِرامُ يتَّبِعونَ سُنَّةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ويُعلِّمونَها للنَّاسِ، كما أنَّهم كانوا يُبيِّنونَ ما يَصدُرُ مِن أفْعالِهم حالةَ الضَّرورةِ إذا خالَفَتِ السُّنَّةَ؛ حتَّى لا يقَعَ النَّاسُ في الوَهْمِ والحَرَجِ، كما يُبيِّنُ هذا الأثرُ، وفيَه يروي المُغيرةُ بنُ حَكِيمٍ: "أنَّه رأى عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ يَرجِعُ في السَّجدَتينِ في الصَّلاةِ على صُدورِ قَدَمَيهِ"؛ بمَعْنى أنَّه كان يَقعُدُ بيْنَ السَّجدَتينِ وقدَماهُ مَنصوبَتانِ على أطْرافِ المُقدِّمَتَينِ والأصابِعِ، "فلمَّا انصرَفَ ذكَرَ له ذلِكَ"، فاستَفسَرَ بعضُ مَن حضَرَه عن فَعْلتِهِ تلك، وهل تلك الهَيْئةُ هي مِن هَيْئاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الصَّلاةِ؟ فقال ابنُ عُمَرَ رَضِي اللهُ عنهما: "إنَّها ليستْ سُنَّةَ الصَّلاةِ؛ وإنَّما أَفعَلُ ذلِكَ مِن أجْلِ أنِّي أَشتكِي"، فبيَّنَ أنَّ فِعلَه هذا لعلَّةٍ ومَرَضٍ عِندَه، وأنَّه لا يَستَطيعُ الإتيانَ بالهَيْئةِ على وَجهِها وسُنِّيَّتِها، فكان يَفعَلُ بيْنَ السَّجدَتينِ بأقرَبِ وأيسَرِ ما كان يَقدِرُ عليه مِن هَيْئاتِ الجُلوسِ، وإنَّما سُنَّةُ الصَّلاةِ أنْ تَنصِبَ رِجلَكَ اليُمْنى، وتَثنِيَ رِجلَكَ اليُسْرى، وتَجلِسَ عليهما بيْنَ السَّجدَتَينِ أو عِندَ الجُلوسِ للتَّشهُّدِ. ورُجوعُهُ على قَدَمَيهِ في السَّجْدةِ الثَّانيةِ لا يَخْلو إمَّا أنْ يكونَ إلى قيامٍ أو جُلوسٍ؛ فإن كان رُجوعُهُ إلى جُلوسٍ، عاد إلى تلك الحالِ ثمَّ تَربَّعَ؛ لأنَّه كان لا يَقدِرُ على غَيرِ ذلِكَ، وإن كان إلى قيامٍ رجَعَ على صُدورِ قَدَمَيهِ للاعتِمادِ عليها، وهو قاعِدٌ وأَلْيَتاهُ تكادُ أنْ تَمَسَّ الأرْضَ، ثمَّ يَنهَضُ على تلك الحالِ إلى القِيامِ، وهو الإقْعاءُ المَكْروهُ، وقد نَفى عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ أنْ يكونَ شَيءٌ منه مِن سُنَّةِ الصَّلاةِ، وأخبَرَ أنَّه إنَّما كان يَفعَلُهُ لأجْلِ شَكْواهُ.
وأمَّا الإقْعاءُ المَرْضيُّ فيه والمَسْنونُ، فهو أنْ يضَعَ أطْرافَ أصابِعِ رِجلَيهِ على الأرْضِ، ويضَعَ أَلْيَتَيْهِ على عَقِبَيْهِ، ويضَعَ رُكبتَيهِ على الأرْضِ، وأمَّا حديثُ عائشةَ رَضِي اللهُ عنها عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "أنَّه كان يَنهى عن عَقِبِ الشَّيْطانِ"، فيَحتمِلُ أنْ يكونَ واردًا في الجُلوسِ للتَّشهُّدِ الأخيرِ، فلا يكونُ مُنافيًا لما رواهُ ابنُ عبَّاسٍ في الجُلوسِ بينَ السَّجدَتَينِ، وأنَّه ليس كإقْعاءِ الكلبِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ مَن عجَزَ عن الإتْيانِ بما يَجِبُ في الصَّلاةِ لعلَّةٍ منَعتْه مِن ذلِكَ: أنَّ عليه أنْ يأتيَ بما يَقدِرُ، ولا يُكلِّفُ اللهُ نفسًا إلَّا وُسعَها .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها