الموسوعة الحديثية


- لا تَصوموا يَومَينِ، ولا تُصلُّوا صَلاتَينِ، ولا تَصوموا يَومَ الفِطْرِ ولا يَومَ الأضْحى، ولا تُصلُّوا بعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ، ولا بعْدَ العَصْرِ حتَّى تَغرُبَ الشَّمسُ. ولا تُسافِرِ المرأةُ ثلاثًا إلَّا ومعها مَحرَمٌ. ولا تُشَدُّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثلاثةِ مَساجِدَ: مَسجِدِ الحَرامِ، ومَسجِدي، ومَسجِدِ بَيتِ المَقدِسِ.
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 11505 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (1197) باختلاف يسير، ومسلم (827) مختصراً
يَشتَمِلُ هذا الحَديثُ على عِدَّةِ آدابٍ جَليلةٍ في العِباداتِ، وصِيانةِ المَرأةِ، وحِفْظِها عن كُلِّ ما يَكونُ فيه سَبَبٌ لِعَدَمِ صِيانَتِها؛ حيثُ يُخبِرُ أبو سَعيدٍ الخُدْريُّ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه قالَ: "لا تَصُوموا يَومَيْنِ، ولا تُصَلُّوا صَلاتَيْنِ"، وهذا إجْمالٌ لِلنَّهيِ، ثمَّ فَصَّلَه فقالَ: "ولا تَصوموا يَومَ الفِطرِ ولا يَومَ الأضْحى"؛ لِأنَّهما يَومَا أكْلٍ وشُرْبٍ وفَرَحٍ لِلمُسلِمينَ بَعدَ انتِهاءِ أوقاتِ عِبادتَيْنِ: صَومِ رَمضانَ، والحَجِّ، فلا يُصامُ هذانِ اليَومانِ بكُلِّ حالٍ، سَواءٌ صامَهما عن نَذْرٍ، أو تَطوُّعٍ، أو كَفَّارةٍ، فلو نَذَرَ صَومَهما لمْ يَنعَقِدْ نَذْرُه؛ لِأنَّه نَذْرٌ بمَعصيةٍ.
"ولا تُصَلُّوا بَعدَ الفَجرِ حتى تَطلُعَ الشَّمسُ، ولا بَعدَ العَصرِ حتى تَغرُبَ الشَّمسُ"، وهذا نَهيٌ عَنِ الصَّلاةِ وَقتَ الإشراقِ والغُروبِ؛ لِأنَّه الوَقتُ الَّذي كانَ يُصلِّي فيه مَن يَعبُدونَ الشَّمسَ، والمُرادُ بالبَعديَّةِ ليس على عُمومِه، وإنَّما المُرادُ وَقتُ الطُّلوعِ، ووَقتُ الغُروبِ وما قارَبَهُما.
"ولا تُسافِرِ المَرأةُ ثَلاثًا إلَّا ومعها مَحرَمٌ"، مَنَعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَرأةَ مِنَ السَّفرِ مَسيرةَ ثَلاثةِ أيَّامٍ بدونِ زَوجِها أو أحَدِ مَحارِمِها، والمَحرَمُ لِلنِّساءِ: الزوج وما حُرِّمَتْ عليه تَحريمًا مُؤبَّدًا؛ كالابنِ والأبِ، وابنِ الأخِ وابنِ الأُختِ، والعَمِّ والخالِ، ونَحوِ ذلك، وقد وَرَدَ في أحاديثَ أُخرى: "مَسيرةَ يَومٍ". وفي غَيرِها: "مَسيرةَ يَومَيْنِ". فقيلَ: إنَّ اختِلافَ المُدَّةِ هو لاختِلافِ السَّائِلينَ، واختِلافِ مَواطِنِهم، وليس في النَّهيِ عنِ الثَّلاثةِ تَصريحٌ بإباحةِ اليَومِ واللَّيلةِ، وليس في هذا كُلِّهِ تَحديدٌ لِأقَلِّ ما يَقَعُ عليه اسمُ السَّفَرِ، ولم يَرِدْ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَحديدُ أقَلِّ ما يُسمَّى سَفَرًا؛ فالحاصِلُ أنَّ كُلَّ ما يُسمَّى سَفَرًا تُنْهى عنه المَرأةُ بغَيرِ زَوجٍ أو مَحرَمٍ، سَواءٌ كانَ ثَلاثةَ أيَّامٍ، أو يَومَيْنِ، أو يَومًا، أو بَرِيدًا، أو غَيرَ ذلك.
"ولا تُشَدُّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثَلاثةِ مَساجِدَ"، والمَعنى: لا تُساقُ الإبِلُ والرَّكائِبُ بالسَّفَرُ إليها بنِيَّةٍ وقَصدٍ دُونَ غَيرِها مِنَ المَساجِدِ، "مَسجِدِ الحَرامِ" فتُشَدُّ الرِّحالُ إليه بالحَجِّ والعُمرةِ، "ومَسجِدي"، وهو مَسجِدُ النَّبيِّ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الذي بالمَدينةِ، فتُشَدُّ الرِّحالُ إليه بالزِّيارةِ والصَّلاةِ فيه، "ومَسجِدِ بَيتِ المَقدِسِ"، وهو المَسجِدُ الأقْصى، وهو القِبلةُ الأُولى لِلمُسلِمينَ، فتُشَدُّ الرِّحالُ إليه بالزِّيارةِ والصَّلاةِ فيه، وقد خُصِّصَتْ هذه المَساجِدُ؛ لِمَا لها مِنَ الفَضلِ عِندَ اللهِ، ولِمَا لِلصَّلاةِ فيها مِن أجْرٍ مُضاعَفٍ.
وفي الحَديثِ: فَضيلةُ هذه المَساجِدِ الثَّلاثةِ ومَزِيَّتُها على غَيرِها .