الموسوعة الحديثية


- فضلنا على الأنبياءِ بخمسٍ : جعلتْ صفوفُنا كصفوفِ الملائكةِ وجعلتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا ، وأُحِلَّتْ لي الغنائمُ ولم تحلّ لأحدٍ كان قبلنا ، وكان النبيُّ يبعثُ إلى قومِه خاصةًَ وبعثتُ إلى الناسِ عامَّةً ، وأعطيتُ الشفاعةَ
الراوي : - | المحدث : ابن تيمية | المصدر : مجموع الفتاوى | الصفحة أو الرقم : 32/89 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
مُحمَّدٌ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم خَيرُ الرُّسُلِ، وأُمَّتُهُ خَيرُ الأُمَمِ، وقد فضَّلَ اللهُ تَعالى أُمَّةَ نَبيِّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمَزايا لم يَجعَلْها للأُمَمِ السَّابقةِ، ومِن ذلك ما جاءَ في هذا الحَديثِ، حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "فُضِّلْنا على الأنبياءِ بخَمسٍ"، أي: قدَّمَني اللهُ وخيَّرَني أنا وأُمَّتي بمَزايا على باقي الرُّسُلِ والأنبياءِ وأُمَمِهم، وفي روايةِ التِّرْمِذيِّ: "أو قالَ: أُمَّتي على الأُمَمِ" بمَعْنى أنَّ اللهَ قدَّمَ أُمَّتي وميَّزَها بمَزايا على باقي الأُمَمِ الَّتي سبَقَتْها، كما في قولِه تَعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، وأفضَليَّتُهُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في الرِّسالةِ تَنسَحِبُ على أُمَّتِهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
الأُولى: "جُعِلَتْ صُفوفُنا"، أي: وُقوفُنا في الصَّلاةِ "كَصُفوفِ المَلائِكةِ"، أي: مِثلَ هَيئةِ وُقوفِ الملائكةِ في الصَّلاةِ، وهي أنَّهم يُتِمُّونَ المُقدَّمَ، ثُمَّ الَّذي يليهِ من الصُّفوفِ، ثُمَّ يُراصُّونَ الصُّفوفَ. وقيل: مِثلَ اصطفافِ الملائكةِ في المعركَةِ، بحيثُ يكونُ اصطفافُ المؤمنِينَ مُتراصِّينَ في صُفوفِهم عِندَ قِتالِ عَدُوِّهم كالبُنيانِ المرصوصِ؛ فلا يتوارَى أحدٌ بأحدٍ، ولا يتَّقي هذا بهذا.
الثَّانيةُ: "وجُعِلَتْ لِيَ الأرضُ مَسجِدًا"، أي: مَوضِعًا للسُّجودِ، أي: لا يَختَصُّ السُّجودُ منها بمَوضِعٍ دُونَ مَوضِعٍ، وهذا من فَضْلِ اللهِ على هذه الأُمَّةِ أنَّها لم تُقصَرْ مساجِدُها على بِقاعٍ مَحصورةٍ، ومعنى "وطَهورًا" جُعِلَتْ تُربةُ الأرضِ لنا طَهورًا؛ فتُرابُ الأرضِ لنا مُطهِّرٌ إذا لم نَجِدِ الماءَ.
الثَّالثةُ: "وأُحِلَّتْ لِيَ الغنائِمُ، ولم تُحَلَّ لأحَدٍ كان قَبلَنا"، أي: وأُحِلَّتْ له الغَنائِمُ، وهي الَّتي يأخُذُها المُسلِمونَ في حَرْبِهِم مع الكُفَّارِ، ولم تكنْ تَحِلُّ لِلأنبياءِ قبْلَه، بل كانت تُحرَقُ.
الرَّابِعةُ: "وكان النَّبيُّ يُبعَثُ إلى قَومِهِ خاصَّةً، وبُعِثتُ إلى النَّاسِ عامَّةً"، أي: كانتْ بَعثتُهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلنَّاسِ كافَّةً دُونَ تَخْصيصِهِ بمَكانٍ أو زَمانٍ، وكان النَّبيُّ قبْلَه يُبْعَثُ إلى قَومِهِ فقطْ.
الخامِسةُ: "وأُعطِيتُ الشَّفاعةَ" وهو التَّوسُّطُ عِندَ اللهِ للنَّاسِ وللمُسلِمينَ يومَ القيامةِ، فَيشفَعُ لِلنَّاسِ في بَدءِ الحِسابِ، وهي الشَّفاعةُ العامَّةُ ثم يَشفَعُ للمُؤمِنينَ ولِمَنْ شاءَ اللهُ له أنْ يَشفَعَ فيه.
وفي الحَديثِ: بَيانُ مَكانةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأُمَّتِهِ عِندَ اللهِ سُبحانَهُ في الدُّنيا.
وفيه: بَيانُ كَرامةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومَ القيامةِ وتَفْضيلِهُ على الأنبياءِ بالشَّفاعةِ .