الموسوعة الحديثية


- أَهدى أُكيدِرُ دُومةِ الجَندلِ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَرَّةً فيها المَنُّ الذي رأيتُم وبالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأهلِ بيتِهِ يومئذِ واللهِ إليها حاجةٌ فلما قضى الصلاةَ أمر طائفًا فطاف بها على أصحابِهِ فجعل الرجلُ يُدخِلُ يدَه فيَستخرِجُ فيأكلُ فأتى على خالدِ بنِ الوليدِ فأدخل يدَه فقال يا رسولَ اللهِ أخذ القومُ مرَّةً وأخذتُ مرَّتينِ فقال كُلْ وأطعِمْ أهلَكَ
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : الحسن البصري | المحدث : ابن جرير الطبري | المصدر : مسند علي | الصفحة أو الرقم : 212
| التخريج : لم نقف عليه إلا عند ابن جرير في ((تهذيب الآثار-مسند علي)) (347).
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - جود النبي وكرمه هبة وهدية - قبول الهدية هبة وهدية - من أهدي له وعنده جلساؤه هبة وهدية - هدية المشرك
|أصول الحديث
في هذا الحديثِ يَرْوي التَّابِعيُّ الحَسَنُ البَصْريُّ: "أهْدى أُكَيدِرُ" وهو مِن نَصارَى العرَبِ، وحاكِمُ "دُومةِ الجَندَلِ"، وهي مَدينةٌ في شَمالِ الجَزيرةِ العَرَبيَّةِ قُرْبَ تَبوكَ، وهي حاليًّا إحْدى مُحافَظاتِ مِنطَقةِ الجُوفِ السُّعوديَّةِ، وتَبعُدُ عن العاصِمةِ السُّعوديةِ الرِّياضِ حاليًّا حَوالي 900 كم، وعن مكَّةَ المُكرَّمةِ حَوالي 1220 كم، "إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَرَّةً"، وهي وِعاءٌ كَبيرٌ مَصْنوعٌ من الفَخَّارِ، "فيها المَنُّ الذي رأيتُمْ" والمَنُّ سائِلٌ يُشبِهُ العَسَلَ، "وبالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأهْلِ بَيتِهِ يَومئذٍ واللهِ إليها حاجةٌ"، أي: يَحْتاجونَ إلى مِثلِهِ من الطَّعامِ؛ لِمَا هُم فيه من شِدَّةِ العَيشِ والزُّهدِ، "فلمَّا قَضَى الصَّلاةَ أمَرَ طائِفًا فطافَ بها"، أي: أمَرَ شَخصًا يَدورُ بها "على أصْحابِهِ، فجعَلَ الرَّجُلُ يُدخِلُ يَدَهُ فيَستَخرِجُ فيَأكُلُ"، أي: يَأخُذُ بأصابِعِ يَدِهِ، ويَأكُلُ من الجَرَّةِ، "فأتَى على خالدِ بنِ الوليدِ فأدخَلَ يَدَهُ، فقال: يا رسولَ اللهِ، أخَذَ القَومُ مرَّةً وأخَذتُ مرَّتَينِ"، وكان خالدُ بنُ الوليدِ قد أخَذَ قَبلَ ذَلِكَ؛ لأنَّه هو الذي أرسَلَهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى دُومةِ الجَندَلِ وأسَرَ أُكَيدِرَ، ولعلَّه أخَذَ من طَعامِهِم قَبلَ ذَلِكَ، "فقال" له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "كُلْ وأَطْعِمْ أهْلَكَ"، أي: خُذْ من الجَرَّةِ، وكُلْ وأَعْطِ لِأَهْلِكَ ما يَأكُلونَهُ منه.
وهذا الحَديثُ يُفيدُ قَبولَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الهَديَّةَ من المُشرِكينَ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم حَقَنَ دَمَ أُكَيدِرَ وصالَحَهُ على الجِزْيةِ بعدَ أنْ أتَى به خالِدُ بنُ الوليدِ إلى المدينةِ مَأسورًا، كما روى أبو داودَ وغَيرُهُ، فأصبَحَ ذِمِّيًّا مُعاهَدًا.
وقَدْ وردَتْ أحاديثُ أُخرى عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيها أنَّه كان لا يَقبَلُ الهديَّةَ مِن المُشرِكينَ؛ وقد جُمِعَ بيْنَ الأحاديثِ بوُجوهٍ؛ منها: أنَّ الامتِناعَ يقَعُ في حَقِّ مَن يُريدُ بهديَّتِهِ التَّودُّدَ والمُوالاةَ أو فِتْنةَ المُسلِمِ أو تَنازُلَهُ عن شَيءٍ من دِينِهِ، وأنَّ القَبولَ في حَقِّ مَن يُرجَى مِنه بذلك مَصلَحةٌ كتَأْليفِه إلى الإسلامِ وهِدايتِهِ، أو غَيرِ ذلك مِن المصالِحِ. ومنها: أنْ تُحمَلَ أحاديثُ القَبولِ على مَن كانَ مِن أهلِ الكِتابِ، وأنَّ أخْذَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم للهَديَّةِ مِن النَّجاشيِّ وغَيرِهِ؛ لأنَّهم أهْلُ كتِابٍ، وقد أُبيحَ لنا معَ أهْلِ الكِتابِ بعضُ الأشياءِ الَّتي مُنِعَتْ في غَيرِهِم؛ كالذَّبحِ والنِّكاحِ، وأمَّا أحاديثُ المَنْعِ مِن أخْذِ الهَديَّةِ فتُحمَلُ على مَن كان مِن أهْلِ الأوْثانِ. وقيلَ: إنَّ أحاديثَ المَنْعِ نُسِخَتْ بأحاديثِ القَبولِ، وقيلَ العَكْسُ. .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها