الموسوعة الحديثية


- ما أعرِفُ شيئًا ممَّا عَهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اليومَ. فقال أبو رافِعٍ: يا أبا حَمزةَ، ولا الصَّلاةَ؟ فقال: أوَليسَ قد عَلِمتُم ما صَنَعَ الحَجَّاجُ في الصَّلاةِ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 13168 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (529)، والترمذي (2447) بنحوه، وأحمد (13168) واللفظ له
الصَّلاةُ عَمودُ الدِّينِ وأساسُه، يُبْنَى عَليها غَيرُها، فَمَن حافَظَ عليها كما أدَّاها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كانَ حافِظًا لِما سِواها، ومَن ضَيَّعَها كانَ لِسِواها أضيعَ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ أنسٌ رَضِيَ اللهُ عنه: "ما أعرِفُ شَيئًا ممَّا عَهِدْتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اليومَ"، يَعني: أنَّ الناسَ في عهدِه تَرَكوا السُّننَ وكَثيرًا ممَّا كانَ في عَهدِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ وقد أنكَرَ أكثرَ أفعالِ أهْلِ عَصْرِه، ورأى أنَّها مُخالِفةٌ لِما أدْرَكَ مِن أفعالِ الصَّحابةِ؛ وذلك أنَّ التَّغييرَ يُمكِنُ أنْ يَلحَقَ صِفةَ الفِعلِ، كَتَأْخيرِ الصَّلاةِ عن أوقاتِها، ويُمكِنُ أنْ يَلحَقَ الفِعلَ جُملةً، كتَرْكِ الأمْرِ بكَثيرٍ مِن المعروفِ والنَّهيِ عن كَثيرٍ مِن المُنكَرِ، مع عِلْمِ الناسِ بذلك كلِّه، فتَعجَّبَ بَعضُ مَن سَمِعَه، "فقال أبو رافعٍ: يا أبا حَمْزةَ" وكانتْ تلك كُنْيةَ أنَسٍ رضِيَ اللهُ عنه، "ولا الصَّلاةَ؟" فإنَّ الصَّلاةَ كانتْ مِمَّا عُرِفَ على عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وَهي مَوجودَةٌ، "فقال: أوَلَيْسَ قد عَلِمْتُم ما صنَعَ الحَجَّاجُ في الصَّلاةِ؟" يَعني: تَأخيرَها عَن وَقْتِها، أو إخراجَها عن وَقْتِها، وكان الحَجَّاجُ بنُ يُوسفَ الثَّقفيُّ والِيًا على الحِجازِ والعِراقِ مِن قِبَلِ عبدِ المَلِكِ بنِ مَرْوانَ، وقد أخَّرَ الصَّلاةَ عن وَقْتِها، ويقال: إنَّه أوَّلُ مَن أخَّرَ الصَّلاةَ عن وَقْتِها بالكُلِّيَّةِ؛ فكان يُصلِّي الظُّهرَ والعصْرَ مع غُروبِ الشَّمْسِ، وربَّما كان يُصلِّي الجُمُعةَ عِندَ غُروبِ الشَّمسِ، فتَفوتُ النَّاسَ صَلاةُ العصْرِ، فكان بَعضُ الناسِ يُومِئُ بالصَّلاةِ في المَسجِدِ الظُّهرَ والعَصْرَ خَوفًا مِن الحَجَّاجِ.
وفي الحَديثِ: حِرْصُ الصَّحابةِ على سُننِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وتَحذيرُهُم مِنَ التَّهاونِ بِها.
وفيه: أنَّ الأمورَ تَتبدَّلُ مِن عصْرٍ إلى عصْرٍ، ويَتهاوَنُ الناسُ في أُمورِ الدِّينِ .