الموسوعة الحديثية


- لمَّا قَدِمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المدينةَ، اقتَرَعَتِ الأنصارُ أيُّهم يُؤْوي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقَرَعَهم أبو أيُّوبَ، فآوَى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فكان إذا أُهدِيَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَعامٌ أَهدَى لأبي أيُّوبَ، قال: فدَخَلَ أبو أيُّوبَ يَومًا، فإذا قَصْعةٌ فيها بَصَلٌ، فقال: ما هذا؟ فقالوا: أرسَلَ به رسولُ اللهِ، قال: فاطَّلَعَ أبو أيُّوبَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: يا رسولَ اللهِ، ما مَنَعَك مِن هذه القَصْعةِ؟ قال: رَأيتُ فيها بَصَلًا، قال: ولا يَحِلُّ لنا البَصَلُ؟ قال: بَلى، فكُلوه، ولكِنْ يَغْشاني ما لا يَغْشاكم. وقال حَيْوةُ: إنَّه يَغْشاني ما لا يَغْشاكم.
الراوي : أبو أيوب الأنصاري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 23507 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (6629)، وأحمد (23507) واللفظ له
كانتِ الأنصارُ رضِيَ اللهُ عنهم يتشوَّقون أشدَّ الشوقِ إلى مَقدَمِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المدينةِ، ولَمَّا قدِمَ تنافَسوا وتسابقوا إلى إيوائِه؛ كلٌّ منهم يُريدُ أنْ ينالَ ذلك الشرفَ العَظيمَ، حتى اقتَرَعوا على ذلك، وقد عَمِلَ بها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالقُرعةِ، وأقَرَّ الصَّحابةَ على بَعضِ أحْكامِهِم بها.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ جُبَيرُ بنُ نُفَيرٍ عن أبي أيُّوبَ الأنْصاريِّ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه: "لَمَّا قَدِمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المدينةَ" مُهاجِرًا إليها، "اقتَرَعَتِ الأنْصارُ؛ أيُّهُم يُؤْوي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" يَنزِلُ ويَبيتُ عِندَهُ؛ وذلِكَ قَبلَ بِناءِ بَيتِهِ ومَسجِدِهِ بالمدينةِ؛ "فقَرَعَهُم أبو أيُّوبَ" فازَ بالقُرْعةِ، "فآوى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" نزَلَ عِندَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فكان إذا أُهدِيَ لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَعامٌ أهْدَى لأبي أيُّوبَ"، بمَعْنى: أنَّ الأنصارَإذا أهْدَتْ لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هَديَّةً من طَعامٍ ونَحوِهِ أهْدَوا أيضًا لأبي أيُّوبَ رضِيَ اللهُ عنه، "قال: فدخَلَ أبو أيُّوبَ يومًا، فإذا قَصْعةٌ فيها بَصَلٌ"، وجَدَ في بَيتِهِ طَعامًا من بَصَلٍ، والقَصْعةُ تُطلَقُ على كُلِّ إناءٍ يُوضَعُ فيه الطَّعامُ، "فقال: ما هذا؟ فقالوا: أرسَلَ به رَسولُ اللهِ" بعَثَ بهذا الطَّعامِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلينا، "قال: فاطَّلَعَ أبو أيُّوبَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" ذهَبَ إلى النَّبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَسأَلَهُ عن سَبَبِ تَرْكِهِ هذا الطَّعامَ، "فقال: يا رسولَ اللهِ، ما مَنَعَكَ من هذه القَصْعةِ؟"فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "رَأيتُ فيها بَصَلًا، قال: ولا يَحِلُّ لنا البَصَلُ؟" ظنَّ أبو أيُّوبَ أنَّ البَصَلَ لا يَحِلُّ أكْلُهُ، "قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَلى، فكُلوهُ، ولكِنْ يَغْشاني ما لا يَغْشاكم- وقال حَيْوةُ: إنَّه يَغْشاني ما لا يَغْشاكم-" وهو أنَّه تَأتيهِ المَلائكةُ والوَحيُ؛ لذلِكَ كان لا يَأكُلُ البَصَلَ والثُّومَ كما في روايةِ مُسلِمٍ، وللبَصَلِ والثُّومِ رائِحةٌ كَريهةٌ إذا أُكِلَ نِيئًا يَبْقى أثَرُها بالفَمِ.
وفي الحَديثِ: حُبُّ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتعظيمُهم وتَوقيرُهُم له.
وفيه: فضْلُ أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ رضِيَ اللهُ عنه( ).