ما مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ، قالَ: فأخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قالوا: إنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا، فَقُلْنَا: ما نُرِيدُهُ، ما نُرِيدُ إلَّا المَدِينَةَ، فأخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إلى المَدِينَةِ، وَلَا نُقَاتِلُ معهُ، فأتَيْنَا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرْنَاهُ الخَبَرَ، فَقالَ: انْصَرِفَا، نَفِي لهمْ بعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عليهم.
الراوي :
حذيفة بن اليمان | المحدث :
مسلم
|
المصدر :
صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 1787 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
التخريج :
من أفراد مسلم على البخاري
الإسلامُ دِينُ الوفاءِ بالعهودِ والمواثيقِ لكلِّ مَن أقامَها على اسمِ اللهِ ومِيثاقِه، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَيرَ قُدوةٍ وخَيرَ أُسوةٍ في الوفاءِ بالمواثيقِ، حتَّى للكفَّارِ غيرِ المسْلِمين.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ حُذَيْفةُ بنُ اليَمَانِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ الَّذي مَنَعه أنْ يَشْهَدَ غَزوةَ بَدْرٍ، أنَّه خرَجَ مِن المدينةِ إلى بَدْرٍ هو وأبوه «حُسَيْلٌ» وهو اسمُ أبِي حُذَيْفَةَ، وإنَّما عُرِفَ بِاسْمِ اليَمَانِ؛ لأنَّه هَرَب إلى المدينةِ فحالَفَ بَني عبدِ الأَشْهَلِ فسمَّاه قومُه اليَمَانَ؛ لأنَّه حالَفَ اليَمَانِيةَ، وقيل: بلْ سُمِّيَ بذلكَ لأنَّه اسمُ جَدِّه الأعلى، وهو حُذَيفةُ بنُ حُسَيلِ بنِ جابرِ بنِ رَبيعةَ بنِ عمرِو بنِ اليَمانِ العَبْسيُّ، فلمَّا خرَجا أخَذَهم كُفَّارُ قُرَيْشٍ، وفي روايةِ الحاكمِ: «أخَذَ حُذَيفةَ وأباهُ المشْرِكون قبْلَ بَدرٍ، فأرادوا أنْ يَقتُلوهما»، فقال لهم المشْرِكون: «إنَّكم تُرِيدونَ مُحَمَّدًا؟» أي: تُريدون الذَّهابَ إلى مُحَمَّدٍ والقِتالَ معه ضِدَّنا، فنَفَيَا لهم ذلكَ، وأخْبَراهم أنَّ خُروجَهما كان لأجلِ المدينةِ لا القتالِ، فأخَذَ عليهم الكفَّارُ عهدًا ومِيثاقًا إنْ يُخَلُّوا سَبيلَهما على ألَّا يُقاتِلَا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فجاء حُذَيفةُ وأبوهُ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَراه بما جَرى بيْنهما وبيْن كفَّارِ قُريشٍ مِن العهدِ والميثاقِ، فأمَرَهما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالوفاءِ بعَهدِهما وأنْ يَنصِرَفا إلى المدينةِ وعدمِ المشارَكةِ في القتالِ معه، وقال: «ونَستَعِينُ اللهَ عليهم» أي: نَطلُبُ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ أنْ يُعينَنا على قِتالِهم؛ فإنَّه وَعَدنا بالنَّصرِ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ الكذبِ على العدوِّ في الحربِ؛ لحِفظِ النَّفْسِ وحِفظِ جَيشِ المسْلِمين.
وفيه: أنَّ مِن هَدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الوَفاءَ بالعهدِ.