الموسوعة الحديثية


- وعَد جِبريلُ النَّبيَّ عليهما السَّلامُ في ساعةٍ يأْتيهِ فيها، فجاءتِ السَّاعةُ، ولمْ يأْتِهِ، وفي يدِهِ عُصَيَّةٌ، فأَلْقاها من يدِهِ، وقال: ما يُخلِفُ اللهُ وعدَهُ، ولا رُسُلُهُ، ثمَّ التَفتَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فإذا جَرْوُ كلبٍ تَحْتَ السَّريرِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مِن أين هذا الكلبُ؟ قالت: واللهِ ما دَرَيْتُ به، فأمَر به، فأُخرِجَ. وجاءهُ جِبريلُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وعَدْتَني في ساعةٍ، وجلَسْتُ لكَ، فلمْ تأْتِني، فقال: منَعني الكلبُ الذي كان في بيتِكَ، إنَّا لا ندخُلُ بيتًا فيه كلبٌ ولا صورةٌ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار | الصفحة أو الرقم : 886 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

وَاعَدَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ في سَاعَةٍ يَأْتِيهِ فِيهَا، فَجَاءَتْ تِلكَ السَّاعَةُ وَلَمْ يَأْتِهِ، وفي يَدِهِ عَصًا، فألْقَاهَا مِن يَدِهِ، وَقالَ: ما يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَا رُسُلُهُ، ثُمَّ التَفَتَ، فَإِذَا جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ، فَقالَ: يا عَائِشَةُ، مَتَى دَخَلَ هذا الكَلْبُ هَاهُنَا؟ فَقالَتْ: وَاللَّهِ، ما دَرَيْتُ، فأمَرَ به فَأُخْرِجَ، فَجَاءَ جِبْرِيلُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: وَاعَدْتَنِي فَجَلَسْتُ لكَ فَلَمْ تَأْتِ، فَقالَ: مَنَعَنِي الكَلْبُ الَّذي كانَ في بَيْتِكَ؛ إنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فيه كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2104 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه مسلم (2104)


الملائكةُ خَلْقٌ مُكْرَمون، وهُمْ لا يَعْصون اللهَ ما أَمَرهم ويَفعَلون ما يُؤمَرون، ونُزولُهم في أيِّ مَكانٍ بالخيرِ يكونُ بَرَكةً لأهلِ المكانِ، وقدْ بَيَّنَت السُّنَّةُ أنَّ هناك أسبابًا تَمنَعُ الملائكةَ مِن دُخولِ البيتِ.
وفي هذا الحديثِ تَرْوي أمُّ المؤمِنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ ملَكَ الوحْيِ جِبريلَ عليه السَّلامُ، وَعَدَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَأْتِيَهُ في وَقتٍ مُعيَّنٍ وساعةٍ مُحدَّدةٍ، فجاءَتْ تِلك السَّاعةُ ولم يأتْهِ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِيدِه عصًا فَألقاهَا مِن يدِه وهو يقولُ: «ما يُخلِفُ اللهُ وعْدَه» أي: ما يَترُكُ وَفاءَ ما وَعَدَه لِعبادِه، ولا يُخلِفُ «رُسلُه» مِن الإنسِ والملائكةِ وَفاءَ وَعدِهم لمَن وَعَدوه، وقولُه هذا على التَّعجُّبِ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في تَأخُّرِ جِبريلَ عليه السَّلامُ في إتيانهِ له، والظَّاهرُ أنَّ الوعدَ كان ساعةً في لَيلةٍ، فلمَّا مَضى اللَّيلُ أصبَحَ حَزينًا مَهمومًا، كما عندَ مُسْلمٍ: «أصبَحَ يَومًا واجِمًا»، فأمسَكَ بعصًا، جَعَل يَضرِبُ أو يُخطِّطُ بها على رِمالِ الأرضِ مِن هَمِّه وانشغالِ فِكرِه، ثمَّ ألْقى العَصا ضِيقًا، ثُمَّ التفَتَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في نَواحي البيتِ، فَإذا كلْبٌ صَغيرٌ مُختبِئٌ تحْتَ سَريرِه، فَسألَ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها: متَى دَخلَ هذا الكلبُ تحْتَ السَّريرِ؟ فأجابَتْ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها: «واللهِ ما دَريتُ به» ولا عَلِمَت في أيِّ وَقتٍ دَخَل هاهنا، فَأمَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ به فَأُخرجَ الجَرْوُ مِن البيتِ، وفي حَديثِ مَيمونةَ رَضيَ اللهُ عنها عندَ مُسْلمٍ: «فأمَرَ به فأُخرِجَ، ثمَّ أخَذَ بيَدِه ماءً فنَضَح مَكانَه»، أي: رَشَّه بالماءِ لِيُطهِّرَه مِن أثرِ بَولِ الكلبِ أو لُعابِه، ويَحتمِلُ لِنَجاسةِ الكلبِ.
فَجاءه جِبريلُ عليه السَّلامُ، فأخبَرَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن وَعدِه له، وأنَّه جَلَس يَنتظِرُه في مَوعدِه، وسَألَه عن سَببِ تَخلُّفِه عن هذا الموعدِ، فقال جبريلُ عليه السَّلامُ: «مَنعنِي الكلبُ الَّذي كان في بيتِك» والمرادُ بالبيتِ المكانُ الَّذي يَستقِرُّ فيه الشَّخصُ، سواءٌ كان بِناءً أو خَيمةً أو غيرَ ذلك، «إنَّا لا نَدخلُ بيتًا فيه كلبٌ ولا صورةٌ»، والمرادُ بالصُّورةِ: التَّماثيلُ مِن ذَواتِ الأرواحِ، والملائكةُ الَّذينَ لا يَدخلونَ بيتًا فيه كلبٌ أو صورةٌ فَهُم ملائكةٌ يَطُوفونَ بِالَّرحمةِ والتَّبريكِ والاستغفارِ، وأمَّا الحَفَظَةُ فَيَدخلونَ في كلِّ بَيتٍ، ولا يُفارِقونَ بني آدمَ؛ لأنَّهم مَأمورونَ بِإحصاءِ أعمالِهم، وكتابتِها.
وفي تَمامِ حَديثِ مَيمونةَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لمَّا أصبَحَ يَومَئذٍ أَمَر بقَتلِ الكلابِ كُلِّها، حتَّى أمَرَ بقتلِ الكلابِ الَّتي في البَساتينِ والحَدائقِ الصَّغيرةِ، وأَبْقى على الكلابِ الَّتي تُستخدَمُ في حِراسةِ الحَدائقِ الكبيرةِ، وقدْ فرَّقَ بيْنَ البساتينِ الصَّغيرةِ والكبيرةِ؛ لأنَّ البُستانَ الكبيرَ تَدْعو الحاجةُ إلى حِفظِ جَوانبِه بالكلابِ لاتِّساعِهِ، بخِلافِ البُستانِ الصَّغيرِ، فيُمكِنُ لصاحبِه حِفظُه بغيرِ كَلبٍ؛ لقُربِ جَوانبِه.
وقد نُسِخ النَّهيُ عن اقتِناءِ الكِلاب جميعًا باستثناءِ ما كان للحِراسةِ الزَّرعِ أو الماشيةِ، أو للصَّيدِ، وكذلك نُسِخَ الأمرُ بقَتْلِها جَميعًا إلَّا الكلبَ العَقورَ.
وفي الحديثِ: التَّنبيهُ على الوثوقِ بوَعدِ اللهِ تَعالَى ورُسلِه عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ، لكنْ قدْ يكونُ للشَّيءِ شَرطٌ، فيَتوقَّفُ على حُصولِه.
وفيه: النَّهيُ عن اتِّخاذِ الكلبِ والصُّوَرِ في البيوتِ.