الموسوعة الحديثية


- أتَيْنا اليَشْكُريَّ في رَهْطٍ من بني ليثٍ، فقال: مَن القومُ؟ فقُلْنا: بنو ليثٍ. فقُلْنا: أتَيْناكَ نسألُكَ عن حديثِ حُذَيفةَ، قال: أقبَلْنا مع أبي موسى قافِلِينَ، وغلَتِ الدوابُّ بالكوفةِ، قال: فسألتُ أبا موسى أنا وصاحِبٌ لي، فأذِنَ لنا، فقدِمْنا الكوفةَ، فقلتُ لصاحبي: أنا داخلٌ المسجِدَ، فإذا قامتِ السوقُ خرَجتُ إليك، قال: فدخَلتُ المسجِدَ، فإذا فيه حَلْقةٌ كأنَّما قُطِّعتْ رؤوسُهم، يستَمِعونَ إلى حديثِ رجُلٍ، قال: فقمتُ عليهم، فجاء رجُلٌ فقام إلى جَنْبي، فقلتُ: مَن هذا؟ قال: أبصريٌّ أنتَ؟ قلتُ: نعَمْ، قال: قد عرَفتُ، لو كنتَ كوفيًّا لم تسألْ عن هذا، قال: فدنَوتُ منه، فسمِعتُ حُذَيفةَ يقولُ: كان الناسُ يسألونَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الخيرِ، وكنتُ أسألُه عن الشرِّ، وعرَفتُ أنَّ الخيرَ لن يسبِقَني. قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، بعدَ هذا الخيرِ شرٌّ؟ قال: يا حُذَيفةُ، تعلَّمْ كتابَ اللهِ، واتَّبِعْ ما فيه. ثلاثَ مِرارٍ، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، بعدَ هذا الخيرِ شرٌّ؟ فقال: يا حُذَيفةُ، تعلَّمْ كتابَ اللهِ، واتَّبِعْ ما فيه. قلت: يا رسولَ اللهِ، بعدَ هذا الخيرِ شرٌّ؟ قال: فِتْنةٌ وشرٌّ. قلتُ: يا رسولَ اللهِ، بعدَ هذا الشرِّ خيرٌ؟ قال:  يا حُذَيفةُ، تعلَّمْ كتابَ اللهِ، واتَّبِعْ ما فيه. ثلاثَ مِرارٍ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، بعدَ هذا الشرِّ خيرٌ؟ قال: هُدْنةٌ على دَخَنٍ، وجماعةٌ على أقذاءٍ، فيها -أو فيهم- قلتُ: يا رسولَ اللهِ، الهُدْنةُ على الدَّخَنِ ما هي؟ قال: لا ترجِعُ قلوبُ أقوامٍ على الذي كانت عليه. قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، بعدَ هذا الخيرِ شرٌّ؟ قال: يا حُذَيفةُ، تعلَّمْ كتابَ اللهِ، واتَّبِعْ ما فيه. ثلاثَ مِرارٍ. قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، بعدَ هذا الخيرِ شرٌّ؟ قال: فِتْنةٌ عَمْياءُ صَمَّاءُ، عليها دُعاةٌ على أبوابِ النارِ، فإنْ مِتَّ يا حُذَيفةُ وأنتَ عاضٌّ على جِذْلٍ، خيرٌ لك من أنْ تتَّبِعَ أحدًا منهم.
الراوي : حذيفة بن اليمان | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود | الصفحة أو الرقم : 4246 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، هل بعد هذا الخيرِ شرٌّ ؟ قال : فتنةٌ وشرٌّ . قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، هل بعد هذا الشَّرِّ خيرٌ ؟ قال : يا حُذَيفةُ ، تعلَّمْ كتابَ اللهِ واتَّبِعْ ما فيه . ثلاثَ مِرارٍ ، قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، هل بعد هذا الشَّرِّ خيرٌ ؟ قال : هُدنةٌ على دخَنٍ ، وجماعةٍ على أقذاءٍ ، فيها – أو فيهم – قلتُ : يا رسولَ اللهِ الهُدنةُ على الدَّخَنِ ما هي ؟ قال : لا ترجِعُ قلوبُ أقوامٍ على الَّذي كانت عليه . قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، أبعد هذا الخيرِ شرٌّ ؟ قال : فتنةٌ عمياءُ صمَّاءُ ، عليها دعاةٌ على أبوابِ النَّارِ ، فإن تمُتْ يا حذيفةُ ! وأنت عاضٌّ على جَذْلٍ ، خيرٌ لك من أن تتبَعَ أحدًا منهم
الراوي : نصر بن عاصم الليثي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 4246 | خلاصة حكم المحدث : حسن

هذا الحَديثُ مُختصرٌ مِن حديثٍ آخَرَ، وفيهِ: أنَّ نَصرَ بنَ عاصمٍ اللَّيثيَّ قالَ: "أتَينا اليَشْكُريَّ- وهو خالدُ بنُ خالدٍ- في رَهطٍ مِن بَني لَيثٍ"، أي: في جَماعةٍ مِنهم، فقالَ اليَشْكريُّ: "مَنِ القومُ؟"، أي: من أين يَكونُ القومُ؟ ومَن أنتمْ؟ قُلنا: "بَنو لَيثٍ، أتَيناكَ نَسألُكَ عن حديثِ حُذيفةَ"، أي: حديثُه الذي في الفِتنِ وشُرورِ الأزمِنةِ، "فذكرَ الحديثَ"، أي: فذَكرَ اليَشكُريَّ بما في الحديثِ الآخَرِ مِن سُؤالِ حُذيفةَ للنبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عن الشرِّ وعنِ الفِتنِ التي تقعُ.
ثم قالَ حُذيفةُ: قلتُ: "يا رَسولَ اللهِ، هلْ بعدَ هذا الخيرِ شرٌّ؟"، أي: هلْ هناكَ شَرٌّ بعدَ الذي نحنُ فيهِ مِن خَيرٍ؟ قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم: "فِتنةٌ وشَرٌّ"، وهذا تأكيدٌ من النبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم أنَّه سيعقُبُ هذا الزَّمانَ من الفِتنِ والشرِّ، قالَ حُذيفةُ: "يا رَسولَ اللهِ، هلْ بعدَ هذا الشرِّ خَيرٌ؟"، أي: هلْ سَيعقبُ هذا الشرَّ خيرٌ؟ قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم: "يا حُذيفةُ، تَعلَّمْ كتابَ اللهِ واتَّبِع ما فيهِ- ثلاثَ مِرارٍ-"، أي: إنَّ النَّجاةَ في تَعلُّمِ القرآنِ مِن حفظٍ ودِراسةٍ واتِّباعِ لما فيهِ مِن أوامرَ ونواهٍ، قالَها له ثلاثَ مرَّاتٍ تأكِيدًا له على أنَّ النَّجاةَ في ذلكَ.
قالَ حُذيفةُ: "يا رَسولَ اللهِ، هلْ بعدَ هذا الشرِّ خيرٌ؟" قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم: "هُدْنةٌ على دَخَنٍ"، أي: سَيكونُ هناكَ صُلحٌ على أحْقادٍ وضَغائنَ، "وجماعةٌ على أقْذاءٍ فيها- أو فيهِم-"، أي: وإنَّ بَينَهم جماعاتٍ تَجتمِعُ على أهواءٍ وفَسادٍ، والقَذى: ما يُصيبُ العينَ مِن ترابٍ وأوْساخٍ، قال حُذيفةُ: "يا رَسولَ اللهِ، الهُدنةُ على الدَّخَنِ ما هي؟" قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم: "لا تَرجِعُ قلوبُ أقوامٍ على الذي كانَت علَيهِ"، أي: لَن ترجِعَ القُلوبُ على ما كانتْ علَيهِ بعدَ هذا الصُّلحِ بل يَبقى بها ما يَبقى مِن الكُرهِ والضَّغينةِ.
قالَ حُذَيفة: "يا رَسولَ اللهِ، أبعدَ هذا الخيرِ شَرٌّ؟" قالَ: "فِتنةٌ عَمياءُ صمَّاءُ"، أي: كِنايةٌ على عَدمِ وُضوحِ الأمرِ بها ولا يُسمَع فيها الحقُّ لشدَّةِ ما بها من ظُلمةٍ. "علَيها دُعاةٌ على أبوابِ النارِ"، أي: إنَّ لتلكَ الفِتنةِ دُعاةً يَدعونَ لها الناسَ ليس فيهِم خيرٌ؛ فإنَّ مَن يَتَّبِعهم يكونُ مَصيرُه النارَ، "فإنْ تمَّتْ يا حُذيفةُ وأنتَ عاضٌّ على جِذْلٍ خيرٌ لك مِن أن تَتبِّعَ أحدًا مِنهم"، وجِذْلُ الشَّجرِة: أصلُها، والمرادُ: أنَّه صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم يأمُرُه بعدَمِ اتِّباعِ هَؤلاءِ الدُّعاةِ وأنْ يَعتزِلَهم ويترُكَ أمْرَ الدُّنيا.