الموسوعة الحديثية


- مَن فارَقَ جَماعةَ المُسلِمينَ قِيدَ شِبرٍ، فقد خلَعَ رِبقةَ الإسلامِ مِن عُنُقِه، ومَن ماتَ وليسَ عليه إمامٌ فمِيتَتُه مِيتةٌ جاهِليَّةٌ، ومَن ماتَ تَحتَ رايةٍ عِمِّيَّةٍ يَدعو إلى عَصَبةٍ، أو يَنصُرُ [عَصَبةً] فقِتلَتُه جاهِليَّةٌ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : ابن حبان | المصدر : المجروحين | الصفحة أو الرقم : 1/348 | خلاصة حكم المحدث : [فيه] خليد بن دعلج كان كثير الخطأ فيما يروي يعجبني التنكب عن حديثه إذا انفرد | التخريج : أخرجه البزار (4695)، وابن قانع في ((معجم الصحابة)) (2/66)، والطبراني (10/349) (10687) باختلاف يسير

مَن خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وفارَقَ الجَماعَةَ فَماتَ، ماتَ مِيتَةً جاهِلِيَّةً، ومَن قاتَلَ تَحْتَ رايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أوْ يَدْعُو إلى عَصَبَةٍ، أوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فقِتْلَةٌ جاهِلِيَّةٌ، ومَن خَرَجَ علَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّها وفاجِرَها، ولا يَتَحاشَى -وفي رواية: لا يَتَحاشَ- مِن مُؤْمِنِها، ولا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فليسَ مِنِّي ولَسْتُ منه.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 1848 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : من أفراد مسلم على البخاري


كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصُ على تَوضيحِ أُمورِ الدِّينِ والدُّنيا للمسْلِمين، ومِن ذلك أنَّه أمَرَ النَّاسَ أنْ يَلْزَمُوا السَّمْعَ والطَّاعةَ لِولاةِ أُمورِهم؛ لِمَا في الخُروجِ عليهم مِنَ المَفاسِدِ الكَبيرةِ، وحَذَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن شَقِّ عَصا الطَّاعةِ، ومُفارَقةِ الجَماعةِ أو إلحاقِ الضَّررِ بالمسْلِمين.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن خرَج عن طاعةِ الإمامِ ووُلاةِ الأمورِ، وفارَق جماعةَ الإسلامِ المتَّفِقةَ على بَيعةِ الإمامِ، فمَات على تلكَ الحالِ مِن المفارَقةِ وعدَمِ الطَّاعةِ؛ مَاتَ مِيتَةً جاهليَّةً، أي: على الضَّلالِ؛ لأنَّه مُفارِقٌ للجماعةِ عاصٍ لِوَلِيِّ أمرِه، فتكونُ مَوتتُه على هَيئةِ مَوتِ أهلِ الجاهليَّةِ، وهي فَترةُ ما قبْلَ بَعثةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فإنَّهم كانوا لا يُطِيعون أميرًا ولا يَنضمُّون إلى جَماعةٍ واحدةٍ، بلْ كانوا فِرَقًا وعَصائبَ يُقاتِلُ بعضُهم بعضًا.
وأخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن قاتَلَ تحتَ رَايَةٍ «عُمِّيَّةٍ» نِسبَةً إلى العَمَى الَّذِي لا يَستبِين فيه وجْهُ الحقِّ من الباطلِ؛ يَغْضَبُ لِلْعَصَبَةِ ويُقاتِلُ لِلْعَصَبَةِ، أي: يَغضَبُ لِمَحْضِ التَّعَصُّبِ لقومِه أو قَبيلتِه، لا لِنُصْرَةِ الدِّينِ والحقِّ، فيُقاتِلُ بغيرِ بَصِيرَةٍ وعلمٍ تعصُّبًا، فإذا قُتِل على تلكَ الحالِ، كانت كقِتْلةِ الجاهليَّةِ.
«ومَن خرَج على أُمَّتِي يَضرِبُ بَرَّها»، أي: صالِحَها المجْتَنبَ للمَناهي، «وفاجِرَها» وهو الَّذي لا يَقرَبُ الطَّاعاتِ، ويُجاهِرُ بالمَعاصي، فهذا الخارجيُّ يُوقِعُ أذاهُ على مَن تَمكَّنَ منه دونَ تَفرِقةٍ بيْن تَقِيٍّ وشَقيٍّ، «ولا يَتَحَاشَى»، أي: لا يَكْتَرِثُ ولا يُبالِي بما يَفعَلُه ولا يَخافُ عُقوبَتَه ووبَالَه مِن قتْلِ مُؤمِنِها، ولا يَفِي لذِي عَهدٍ، وهُم الذِّمِّيُّون الَّذين لهُم عَهدٌ وأمانٌ مِن المسْلِمين، بلْ يَنقُضُه ويَقتُلُهم كما يَقتُلُ المسْلِمين، ويَحتمِلُ أنَّه لا يَفي للإمامِ بَيعتَه بالولايةِ وبالسَّمعِ والطَّاعةِ، فمَن فَعَل ذلكَ فليْس منِّي، أي: ليْست له حُرمةٌ، بلْ إنْ ظُفِر به قُتِل، أو عُوقِبَ بحسَبِ حالِه وجَريمتِه. ويَحتمِلُ أنْ يكونَ مَعناه: لَيْسَ على طَرِيقَتي، وهذا تَبرُّؤٌ مِن أفعالِه، وأمرُه إلى مَشيئةِ اللهِ؛ إنْ شاءَ عذَّبَه، وإنْ شاء غفَرَ له، لا أنَّه كافرٌ خارجٌ عن مِلَّةِ الإسلامِ.
وفي الحديثِ: الأمرُ بطاعةِ الأُمراءِ على كلِّ حالٍ فيما يُرضِي اللهَ عزَّ وجلَّ.
وفيه: الأمرُ بِمُلازَمَةِ الجَماعةِ.
وفيه: النَّهيُ عن القتالِ عَصَبِيَّةً.