- عن عائشةَ أنَّها سُئِلتْ ما كان عملُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بيتِه ؟ قالت: ما كان إلَّا بشَرًا مِن البشَرِ كان يَفْلي ثوبَه ويحلُبُ شاتَه ويخدُمُ نفسَه
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم: 5675 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه
وفي هذا الحديثِ سُئِلَتْ أُمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "ما كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يعمَلُ في بيتِه؟"، يعني: كيف كانتْ حالُه فيما يحتاجُه من الحوائِجِ، وهو خيرُ خلْقِ اللهِ، وله المكانةُ العاليةُ، "قالتْ: كان بشرًا من البَشَرِ"، وقولُها هذا تَمهيدٌ لِما بعدَه من الخَيرِ؛ لأنَّها لَمَّا رَأتْ من اعتِقادِ الكُفارِ بأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَليقُ بمكانتِه أنْ يَفعَلَ ما يَفعَلُ غيرُه من عامَّةِ الناسِ وَجَعَلوه كالمُلوكِ، فإنَّهم يترَفَّعونَ عنِ الأفعالِ العاديَّةِ الدَّنيَّةِ تكبُّرًا، فقالت ذلك. والمعنى: أنَّه كان مِن خَلْقِ اللهِ تَعالى، وواحِدًا من أولادِ آدَمَ، كما قال اللهُ تَعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} [الكهف: 110] ولكِنْ شرَّفه اللهُ بالنُّبوَّةِ، وكرَّمه بالرِّسالةِ، وكان يَعيشُ مع الخَلْقِ؛ فيفعلُ مثلَ ما يَفْعلون، ويُعينُهم في أفعالِهم تواضُعًا وإرشادًا لهم إلى التواضُعِ، فكان "يَفْلي ثوبَه"، وفي روايةٍ لأحمدَ: "يَخيطُ ثوبَه"، قالت: "ويَحلِبُ شاتَه"، وهذا الحالُ يَجِبُ حملُه على بعضِ الأحيانِ؛ فقد ثَبَتَ أنَّه كان له خَدَمٌ، فتارَةً يكونُ بنفسه، وتارَةً بغيرِه، وتارَةً بالمُشارَكةِ، والمقصودُ أنَّه كان يعمَلُ بيَدِه ما يَعِنُّ له من الحوائِجِ.
وفي الحديثِ: ندْبُ خِدمَةِ الإنسانِ نفسَه، وأنَّ ذلك لا يُخِلُّ بمَنْصِبِه وإنْ عَظُمَ( ).