- لَمَّا كانَ ابنُ زِيَادٍ ومَرْوَانُ بالشَّأْمِ، ووَثَبَ ابنُ الزُّبَيْرِ بمَكَّةَ، ووَثَبَ القُرَّاءُ بالبَصْرَةِ، فَانْطَلَقْتُ مع أبِي إلى أبِي بَرْزَةَ الأسْلَمِيِّ، حتَّى دَخَلْنَا عليه في دَارِهِ، وهو جَالِسٌ في ظِلِّ عُلِّيَّةٍ له مِن قَصَبٍ، فَجَلَسْنَا إلَيْهِ، فأنْشَأَ أبِي يَسْتَطْعِمُهُ الحَدِيثَ فَقالَ: يا أبَا بَرْزَةَ، ألَا تَرَى ما وقَعَ فيه النَّاسُ؟ فأوَّلُ شيءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بهِ: إنِّي احْتَسَبْتُ عِنْدَ اللَّهِ أنِّي أصْبَحْتُ سَاخِطًا علَى أحْيَاءِ قُرَيْشٍ، إنَّكُمْ يا مَعْشَرَ العَرَبِ، كُنْتُمْ علَى الحَالِ الذي عَلِمْتُمْ مِنَ الذِّلَّةِ والقِلَّةِ والضَّلَالَةِ، وإنَّ اللَّهَ أنْقَذَكُمْ بالإِسْلَامِ وبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى بَلَغَ بكُمْ ما تَرَوْنَ، وهذِه الدُّنْيَا الَّتي أفْسَدَتْ بيْنَكُمْ، إنَّ ذَاكَ الذي بالشَّأْمِ، واللَّهِ إنْ يُقَاتِلُ إلَّا علَى الدُّنْيَا، وإنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بيْنَ أظْهُرِكُمْ، واللَّهِ إنْ يُقَاتِلُونَ إلَّا علَى الدُّنْيَا، وإنْ ذَاكَ الذي بمَكَّةَ واللَّهِ إنْ يُقَاتِلُ إلَّا علَى الدُّنْيَا.
الراوي : أبو المنهال العنزي | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 7112 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
فأخَذ عبدُ الله بنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ الله عَنهُما الحُكمَ في الحِجازِ.
واستولَى على الحُكمِ في البَصْرَةِ القُرَّاءُ، وهم طائفةٌ سَمَّوْا أنفسَهم: تَوَّابِينَ؛ لِتوبَتِهم ونَدامتِهم على تَرْك مساعدةِ الحُسَيْنِ رَضِيَ الله تعالى عنه، وكان أميرُهم سُلَيْمَانَ بنَ صُرَدٍ الخُزَاعِيَّ، كان فاضِلًا قارئًا عابدًا، وكان دَعْوَاهم: إنَّا نَطلُب دَمَ الحُسَيْنِ. فخرج من البَصْرَةِ عُبَيْدُ الله بنُ زِيَادٍ ولَحِقَ بِمَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ.
ثُمَّ نادَى مَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ بالخلافةِ لنفسِه في الشَّام.
فقال أبو المِنْهَالِ: فانطلقتُ مع أبي إلى أبي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ الله عنه حتَّى دَخَلْنا عليه في دارِه، وهو جالِسٌ في ظِلِّ عِلِّيَّةٍ له مِن قَصَبٍ، فجلَسْنا إليه، فأنشَأ أبي يَسْتَطْعِمُه الحديثَ، أي: يَستفتِحُه ويَطلُب منه التَّحدِيثَ، حتَّى ذَكَر له سَخَطَه (الَّذِي يَرجُو الأجرَ به) على هذا التفرُّق الذي حَدَث بعدَ أن أَنْقَذَ الله العَرَبَ من الذِّلَّةِ والقِلَّةِ والضَّلالَةِ بِمُحَمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّ هذا التفرُّقَ ما هو إلَّا لأجْلِ الدُّنيا، وإنْ كان ظاهرُه نُصرَةً للدِّينِ والحقِّ. وقولُه: «بين أَظهُرِكم»، أي: في العِرَاقِ حَيْثُ يَسكُنُ أبو المِنْهَالِ.
وفي الحديثِ: خُطورةُ التفرُّق والاقتِتالُ على الدُّنيا على أُمَّةِ الإسلامِ .