الموسوعة الحديثية


-  قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لنا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأحْزابِ: لا يُصَلِّيَنَّ أحَدٌ العَصْرَ إلَّا في بَنِي قُرَيْظَةَ. فأدْرَكَ بَعْضَهُمُ العَصْرُ في الطَّرِيقِ، فقالَ بَعضُهُمْ: لا نُصَلِّي حتَّى نَأْتِيَها، وقالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لمْ يُرَدْ مِنَّا ذلكَ، فَذُكِرَ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمْ يُعَنِّفْ واحِدًا منهمْ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 946
| التخريج : أخرجه مسلم (1770) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: اعتصام بالسنة - اتباع النبي في كل شيء اعتصام بالسنة - لزوم السنة مغازي - غزوة بني قريظة أقضية وأحكام - الحكم بالكتاب والسنة ثم باجتهاد الحاكم، والخطأ معذور علم - الأخذ باختلاف الصحابة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
كانَ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو المَرجِعَ للصَّحابةِ في كُلِّ شُؤونِهم؛ فإذا حَدَث اختِلافٌ رَدُّوه إليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ ليُبيِّنَ لهُم ما أَشْكَلَ عليهم، أو يُقِرَّهم على ما اجتَهدوا فيه.
وفي هذا الحَديثِ يَروي عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنْهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا رَجَعَ إلى المدينةِ بعْدَ انتِهائِه مِن غَزوةِ الأحْزابِ -وتُسمَّى أيضًا غَزوةَ الخندَقِ، وكانتْ في السَّنةِ الرابعةِ أو الخامسةِ مِن الهِجرةِ، بعْدَ أنْ تَحزَّبَ كُفَّارُ قُريشٍ ومَن حالَفَهم مِن العرَبِ واليهودِ على قِتالِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابِه في المدينةِ- أمَرَ أصحابَه وقال لهم: «لا يُصَلِّيَنَّ أحدٌ العَصْرَ إلَّا في بني قُرَيْظةَ»، وبَنو قُرَيظةَ فِرقةٌ مِن يَهودِ المدينةِ نقَضَتْ عَهْدَها معَ المُسلِمينَ، وتَحالَفوا معَ الأحْزابِ مِنَ المُشرِكينَ، وكادوا أنْ يُدْخِلوهم إلى المدينةِ مِن ناحيةِ دِيارِهِم.
وقد روَى البُخاريُّ عن عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها: «أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا رَجَعَ يومَ الخَندقِ، ووَضَعَ السِّلاحَ واغتَسَلَ، فأتاهُ جِبريلُ وقد عَصَبَ رَأسَه الغُبارُ، فقال: وضَعْتَ السِّلاحَ؟ فواللهِ ما وضَعْتُه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فأينَ؟ قال: هاهنا، وأومَأَ إلى بَني قُرَيْظةَ، قالت: فخرَجَ إليهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ»، فأمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المسلِمينَ بالخُروجِ لقِتالِهِم مُؤكِّدًا عليهم ألَّا يُصلُّوا العَصرَ إلَّا هناك، فأدْرَكَ وقْتُ العَصرِ الصحابةَ وهمْ في الطَّريقِ، فقال بَعضُهم: لا نُصَلِّي حتَّى نَصِلَ بني قُرَيظةَ، وأخَذوا بظاهِرِ اللَّفْظِ، ولم يُصَلُّوا إلَّا هناك؛ لأنَّهم رَأَوا أنَّ النُّزولَ للصَّلاةِ مَعصيةٌ لأمرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وقال بعضُهم: بلْ نُصَلِّي؛ لأنَّ مُرادَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن كَلامِه الاستِعجالُ في الذَّهابِ إلى بَني قُريظةَ، وليس الصَّلاةَ فيها، فلمَّا دَخَل عليهم وقتُ العَصرِ، رَأَوا أنْ يَنالوا فَضيلةَ الصَّلاةِ في وَقتِها، وأنْ يَذهَبوا إلى بَني قُرَيْظةَ مُمتَثلينَ أمْرَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الوُصولِ إليها، فصَلَّوا ولَحِقُوا بإخوانِهِم.
فلمَّا عَلِمَ ذلك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لمْ يُعَنِّفِ الفَريقَينِ؛ لم يُعَنِّفِ الذين صَلَّوا في الطَّريقِ على مُخالفَةِ أمْرِه؛ لأنَّهم فَهِمُوا منه الكِنايةَ عن العَجَلةِ، ولم يُعَنِّفِ التاركينَ للصَّلاةِ المؤَخِّرينَ لها عن أوَّلِ وَقْتِها؛ لِحَمْلِهم النَّهيَ على ظاهِرِه.
وفي الحديثِ: تَرْكُ الإنكارِ في المسائِلِ التي يَسوغُ فيها الاجتِهادُ.
وفيه: الحِرصُ على أداءِ الصَّلاةِ في أوَّلِ وقتِها.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها