الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

181 -  لَمَّا سَارَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَامَ الفَتْحِ، فَبَلَغَ ذلكَ قُرَيْشًا، خَرَجَ أبو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ، وحَكِيمُ بنُ حِزَامٍ، وبُدَيْلُ بنُ ورْقَاءَ؛ يَلْتَمِسُونَ الخَبَرَ عن رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأقْبَلُوا يَسِيرُونَ حتَّى أتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ، فَإِذَا هُمْ بنِيرَانٍ كَأنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقالَ أبو سُفْيَانَ: ما هذِه؟ لَكَأنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ؟ فَقالَ بُدَيْلُ بنُ ورْقَاءَ: نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو، فَقالَ أبو سُفْيَانَ: عَمْرٌو أقَلُّ مِن ذلكَ، فَرَآهُمْ نَاسٌ مِن حَرَسِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأدْرَكُوهُمْ فأخَذُوهُمْ، فأتَوْا بهِمْ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأسْلَمَ أبو سُفْيَانَ، فَلَمَّا سَارَ قالَ لِلْعَبَّاسِ: احْبِسْ أبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الخَيْلِ؛ حتَّى يَنْظُرَ إلى المُسْلِمِينَ. فَحَبَسَهُ العَبَّاسُ، فَجَعَلَتِ القَبَائِلُ تَمُرُّ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً علَى أبِي سُفْيَانَ، فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ، قالَ: يا عَبَّاسُ، مَن هذِه؟ قالَ: هذِه غِفَارُ، قالَ: ما لي ولِغِفَارَ؟! ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ، قالَ مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بنُ هُذَيْمٍ فَقالَ مِثْلَ ذلكَ، ومَرَّتْ سُلَيْمُ، فَقالَ مِثْلَ ذلكَ، حتَّى أقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا، قالَ: مَن هذِه؟ قالَ: هَؤُلَاءِ الأنْصَارُ، عليهم سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ معهُ الرَّايَةُ، فَقالَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ: يا أبَا سُفْيَانَ، اليومَ يَوْمُ المَلْحَمَةِ، اليومَ تُسْتَحَلُّ الكَعْبَةُ ، فَقالَ أبو سُفْيَانَ: يا عَبَّاسُ، حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ، ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ -وهي أقَلُّ الكَتَائِبِ- فيهم رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَصْحَابُهُ، ورَايَةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مع الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأَبِي سُفْيَانَ، قالَ: ألَمْ تَعْلَمْ ما قالَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ؟ قالَ: ما قالَ؟ قالَ: كَذَا وكَذَا، فَقالَ: كَذَبَ سَعْدٌ، ولَكِنْ هذا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فيه الكَعْبَةَ ، ويَوْمٌ تُكْسَى فيه الكَعْبَةُ ، قالَ: وأَمَرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بالحَجُونِ. قالَ عُرْوَةُ: وأَخْبَرَنِي نَافِعُ بنُ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، قالَ: سَمِعْتُ العَبَّاسَ يقولُ لِلزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ: يا أبَا عبدِ اللَّهِ، هَا هُنَا أمَرَكَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ. قالَ: وأَمَرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ أنْ يَدْخُلَ مِن أعْلَى مَكَّةَ مِن كَدَاءٍ ، ودَخَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن كُدَا، فَقُتِلَ مِن خَيْلِ خَالِدِ بنِ الوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه يَومَئذٍ رَجُلَانِ: حُبَيْشُ بنُ الأشْعَرِ، وكُرْزُ بنُ جابِرٍ الفِهْرِيُّ.

182 -  قالَ لي رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ألَا تُرِيحُنِي مِن ذِي الخَلَصَةِ؟ فَقُلتُ: بَلَى، فَانْطَلَقْتُ في خَمْسِينَ ومِئَةِ فَارِسٍ مِن أحْمَسَ ، وكَانُوا أصْحَابَ خَيْلٍ، وكُنْتُ لا أثْبُتُ علَى الخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذلكَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَضَرَبَ يَدَهُ علَى صَدْرِي حتَّى رَأَيْتُ أثَرَ يَدِهِ في صَدْرِي، وقالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، واجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، قالَ: فَما وقَعْتُ عن فَرَسٍ بَعْدُ، قالَ: وكانَ ذُو الخَلَصَةِ بَيْتًا باليَمَنِ لِخَثْعَمَ وبَجِيلَةَ، فيه نُصُبٌ تُعْبَدُ، يُقَالُ له: الكَعْبَةُ، قالَ: فأتَاهَا فَحَرَّقَهَا بالنَّارِ وكَسَرَهَا، قالَ: ولَمَّا قَدِمَ جَرِيرٌ اليَمَنَ، كانَ بهَا رَجُلٌ يَسْتَقْسِمُ بالأزْلَامِ، فقِيلَ له: إنَّ رَسولَ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هَاهُنَا، فإنْ قَدَرَ عَلَيْكَ ضَرَبَ عُنُقَكَ، قالَ: فَبيْنَما هو يَضْرِبُ بهَا إذْ وقَفَ عليه جَرِيرٌ، فَقالَ: لَتَكْسِرَنَّهَا ولَتَشْهَدَنَّ: أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أوْ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ؟ قالَ: فَكَسَرَهَا وشَهِدَ، ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ رَجُلًا مِن أحْمَسَ يُكْنَى أبَا أرْطَاةَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُبَشِّرُهُ بذلكَ، فَلَمَّا أتَى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، ما جِئْتُ حتَّى تَرَكْتُهَا كَأنَّهَا جَمَلٌ أجْرَبُ ، قالَ: فَبَرَّكَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى خَيْلِ أحْمَسَ ورِجَالِهَا، خَمْسَ مَرَّاتٍ.

183 -  أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَكِبَ علَى حِمَارٍ، علَى إكَافٍ علَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ ، وأَرْدَفَ أُسَامَةَ ورَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ قَبْلَ وقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَ حتَّى مَرَّ بمَجْلِسٍ فيه عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، وذلكَ قَبْلَ أنْ يُسْلِمَ عبدُ اللَّهِ، وفي المَجْلِسِ أخْلَاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ والمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأوْثَانِ واليَهُودِ، وفي المَجْلِسِ عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ ، خَمَّرَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ أنْفَهُ برِدَائِهِ، قَالَ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ووَقَفَ، ونَزَلَ فَدَعَاهُمْ إلى اللَّهِ فَقَرَأَ عليهمُ القُرْآنَ، فَقَالَ له عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ: يا أيُّها المَرْءُ، إنَّه لا أحْسَنَ ممَّا تَقُولُ إنْ كانَ حَقًّا، فلا تُؤْذِنَا به في مَجْلِسِنَا، وارْجِعْ إلى رَحْلِكَ ، فمَن جَاءَكَ فَاقْصُصْ عليه. قَالَ ابنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، فَاغْشَنَا به في مَجَالِسِنَا؛ فإنَّا نُحِبُّ ذلكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ واليَهُودُ حتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى سَكَتُوا، فَرَكِبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دَابَّتَهُ حتَّى دَخَلَ علَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ له: أيْ سَعْدُ، ألَمْ تَسْمَعْ ما قَالَ أبو حُبَابٍ؟ -يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ- قَالَ سَعْدٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، اعْفُ عنْه واصْفَحْ؛ فَلقَدْ أعْطَاكَ اللَّهُ ما أعْطَاكَ، ولَقَدِ اجْتَمع أهْلُ هذِه البَحْرَةِ علَى أنْ يُتَوِّجُوهُ فيُعَصِّبُوهُ، فَلَمَّا رَدَّ ذلكَ بالحَقِّ الذي أعْطَاكَ شَرِقَ بذلكَ، فَذلكَ الذي فَعَلَ به ما رَأَيْتَ.

184 - أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَكِبَ حِمَارًا، عليه إكَافٌ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وأَرْدَفَ ورَاءَهُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ، وهو يَعُودُ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ في بَنِي الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ، وذلكَ قَبْلَ وقْعَةِ بَدْرٍ، حتَّى مَرَّ في مَجْلِسٍ فيه أخْلَاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ والمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأوْثَانِ واليَهُودِ، وفيهم عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، وفي المَجْلِسِ عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ ، خَمَّرَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ أنْفَهُ برِدَائِهِ، ثُمَّ قالَ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ عليهمُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثُمَّ وقَفَ، فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إلى اللَّهِ، وقَرَأَ عليهمُ القُرْآنَ، فَقالَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ: أيُّها المَرْءُ، لا أحْسَنَ مِن هذا إنْ كانَ ما تَقُولُ حَقًّا، فلا تُؤْذِنَا في مَجَالِسِنَا، وارْجِعْ إلى رَحْلِكَ ، فمَن جَاءَكَ مِنَّا فَاقْصُصْ عليه، قالَ عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ: اغْشَنَا في مَجَالِسِنَا فإنَّا نُحِبُّ ذلكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ واليَهُودُ، حتَّى هَمُّوا أنْ يَتَوَاثَبُوا، فَلَمْ يَزَلِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ، ثُمَّ رَكِبَ دَابَّتَهُ حتَّى دَخَلَ علَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، فَقالَ: أيْ سَعْدُ، ألَمْ تَسْمَعْ إلى ما قالَ أبو حُبَابٍ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ - قالَ كَذَا وكَذَا قالَ: اعْفُ عنْه يا رَسولَ اللَّهِ واصْفَحْ، فَوَاللَّهِ لقَدْ أعْطَاكَ اللَّهُ الذي أعْطَاكَ، ولَقَدِ اصْطَلَحَ أهْلُ هذِه البَحْرَةِ علَى أنْ يُتَوِّجُوهُ، فيُعَصِّبُونَهُ بالعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذلكَ بالحَقِّ الذي أعْطَاكَ شَرِقَ بذلكَ، فَذلكَ فَعَلَ به ما رَأَيْتَ، فَعَفَا عنْه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

185 - أنَّ أصْحَابَ الصُّفَّةِ، كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ وأنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: مَن كانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بثَالِثٍ، وإنْ أرْبَعٌ فَخَامِسٌ أوْ سَادِسٌ وأنَّ أبَا بَكْرٍ جَاءَ بثَلَاثَةٍ، فَانْطَلَقَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَشَرَةٍ، قَالَ: فَهو أنَا وأَبِي وأُمِّي - فلا أدْرِي قَالَ: وامْرَأَتي وخَادِمٌ - بيْنَنَا وبيْنَ بَيْتِ أبِي بَكْرٍ، وإنَّ أبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ لَبِثَ حَيْثُ صُلِّيَتِ العِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَلَبِثَ حتَّى تَعَشَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجَاءَ بَعْدَ ما مَضَى مِنَ اللَّيْلِ ما شَاءَ اللَّهُ، قَالَتْ له امْرَأَتُهُ: وما حَبَسَكَ عن أضْيَافِكَ - أوْ قَالَتْ: ضَيْفِكَ - قَالَ: أوَما عَشَّيْتِيهِمْ؟ قَالَتْ: أبَوْا حتَّى تَجِيءَ، قدْ عُرِضُوا فأبَوْا ، قَالَ: فَذَهَبْتُ أنَا فَاخْتَبَأْتُ، فَقَالَ يا غُنْثَرُ فَجَدَّعَ وسَبَّ، وقَالَ: كُلُوا لا هَنِيئًا ، فَقَالَ: واللَّهِ لا أطْعَمُهُ أبَدًا، وايْمُ اللَّهِ ، ما كُنَّا نَأْخُذُ مِن لُقْمَةٍ إلَّا رَبَا مِن أسْفَلِهَا أكْثَرُ منها - قَالَ: يَعْنِي حتَّى شَبِعُوا - وصَارَتْ أكْثَرَ ممَّا كَانَتْ قَبْلَ ذلكَ، فَنَظَرَ إلَيْهَا أبو بَكْرٍ فَإِذَا هي كما هي أوْ أكْثَرُ منها، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: يا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ ما هذا؟ قَالَتْ: لا وقُرَّةِ عَيْنِي، لَهي الآنَ أكْثَرُ منها قَبْلَ ذلكَ بثَلَاثِ مَرَّاتٍ، فأكَلَ منها أبو بَكْرٍ، وقَالَ: إنَّما كانَ ذلكَ مِنَ الشَّيْطَانِ - يَعْنِي يَمِينَهُ - ثُمَّ أكَلَ منها لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأصْبَحَتْ عِنْدَهُ، وكانَ بيْنَنَا وبيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ، فَمَضَى الأجَلُ، فَفَرَّقَنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، مع كُلِّ رَجُلٍ منهمْ أُنَاسٌ، اللَّهُ أعْلَمُ كَمْ مع كُلِّ رَجُلٍ، فأكَلُوا منها أجْمَعُونَ، أوْ كما قَالَ.

186 - اشْتَرَى أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه مِن عَازِبٍ رَحْلًا بثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، فَقَالَ أبو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرِ البَرَاءَ فَلْيَحْمِلْ إلَيَّ رَحْلِي، فَقَالَ عَازِبٌ: لَا، حتَّى تُحَدِّثَنَا: كيفَ صَنَعْتَ أنْتَ ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ خَرَجْتُما مِن مَكَّةَ، والمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمْ؟ قَالَ: ارْتَحَلْنَا مِن مَكَّةَ، فأحْيَيْنَا، أوْ: سَرَيْنَا لَيْلَتَنَا ويَومَنَا حتَّى أظْهَرْنَا وقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ ، فَرَمَيْتُ ببَصَرِي هلْ أرَى مِن ظِلٍّ فَآوِيَ إلَيْهِ، فَإِذَا صَخْرَةٌ أتَيْتُهَا فَنَظَرْتُ بَقِيَّةَ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ، ثُمَّ فَرَشْتُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيهِ، ثُمَّ قُلتُ له: اضْطَجِعْ يا نَبِيَّ اللَّهِ، فَاضْطَجَعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ أنْظُرُ ما حَوْلِي هلْ أرَى مِنَ الطَّلَبِ أحَدًا، فَإِذَا أنَا برَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إلى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ منها الذي أرَدْنَا، فَسَأَلْتُهُ فَقُلتُ له: لِمَن أنْتَ يا غُلَامُ، قَالَ لِرَجُلٍ مِن قُرَيْشٍ، سَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلتُ: هلْ في غَنَمِكَ مِن لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلتُ: فَهلْ أنْتَ حَالِبٌ لَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فأمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِن غَنَمِهِ، ثُمَّ أمَرْتُهُ أنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الغُبَارِ، ثُمَّ أمَرْتُهُ أنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ: هَكَذَا، ضَرَبَ إحْدَى كَفَّيْهِ بالأُخْرَى، فَحَلَبَ لي كُثْبَةً مِن لَبَنٍ، وقدْ جَعَلْتُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إدَاوَةً علَى فَمِهَا خِرْقَةٌ ، فَصَبَبْتُ علَى اللَّبَنِ حتَّى بَرَدَ أسْفَلُهُ، فَانْطَلَقْتُ به إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلتُ: اشْرَبْ يا رَسولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ حتَّى رَضِيتُ ، ثُمَّ قُلتُ: قدْ آنَ الرَّحِيلُ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بَلَى. فَارْتَحَلْنَا والقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أحَدٌ منهمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بنِ مَالِكِ بنِ جُعْشُمٍ علَى فَرَسٍ له، فَقُلتُ: هذا الطَّلَبُ قدْ لَحِقَنَا يا رَسولَ اللَّهِ، فَقَالَ: لا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ معنَا.

187 - كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ممَّا يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ لأصْحابِهِ: هلْ رَأَى أحَدٌ مِنكُم مِن رُؤْيا قالَ: فَيَقُصُّ عليه مَن شاءَ اللَّهُ أنْ يَقُصَّ، وإنَّه قالَ ذاتَ غَداةٍ: إنَّه أتانِي اللَّيْلَةَ آتِيانِ، وإنَّهُما ابْتَعَثانِي ، وإنَّهُما قالا لي انْطَلِقْ، وإنِّي انْطَلَقْتُ معهُما، وإنَّا أتَيْنا علَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وإذا آخَرُ قائِمٌ عليه بصَخْرَةٍ، وإذا هو يَهْوِي بالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ الحَجَرُ ها هُنا، فَيَتْبَعُ الحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فلا يَرْجِعُ إلَيْهِ حتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كما كانَ، ثُمَّ يَعُودُ عليه فَيَفْعَلُ به مِثْلَ ما فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى قالَ: قُلتُ لهما: سُبْحانَ اللَّهِ ما هذانِ؟ قالَ: قالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ قالَ: فانْطَلَقْنا، فأتَيْنا علَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفاهُ، وإذا آخَرُ قائِمٌ عليه بكَلُّوبٍ مِن حَدِيدٍ، وإذا هو يَأْتي أحَدَ شِقَّيْ وجْهِهِ فيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إلى قَفاهُ، ومَنْخِرَهُ إلى قَفاهُ، وعَيْنَهُ إلى قَفاهُ، - قالَ: ورُبَّما قالَ أبو رَجاءٍ: فَيَشُقُّ - قالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إلى الجانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ به مِثْلَ ما فَعَلَ بالجانِبِ الأوَّلِ، فَما يَفْرُغُ مِن ذلكَ الجانِبِ حتَّى يَصِحَّ ذلكَ الجانِبُ كما كانَ، ثُمَّ يَعُودُ عليه فَيَفْعَلُ مِثْلَ ما فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى قالَ: قُلتُ: سُبْحانَ اللَّهِ ما هذانِ؟ قالَ: قالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فانْطَلَقْنا، فأتَيْنا علَى مِثْلِ التَّنُّورِ - قالَ: فأحْسِبُ أنَّه كانَ يقولُ - فإذا فيه لَغَطٌ وأَصْواتٌ قالَ: فاطَّلَعْنا فِيهِ، فإذا فيه رِجالٌ ونِساءٌ عُراةٌ، وإذا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِن أسْفَلَ منهمْ، فإذا أتاهُمْ ذلكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا قالَ: قُلتُ لهما: ما هَؤُلاءِ؟ قالَ: قالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ قالَ: فانْطَلَقْنا، فأتَيْنا علَى نَهَرٍ - حَسِبْتُ أنَّه كانَ يقولُ - أحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وإذا في النَّهَرِ رَجُلٌ سابِحٌ يَسْبَحُ، وإذا علَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قدْ جَمع عِنْدَهُ حِجارَةً كَثِيرَةً، وإذا ذلكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ ما يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتي ذلكَ الذي قدْ جَمع عِنْدَهُ الحِجارَةَ، فَيَفْغَرُ له فاهُ فيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهِ كُلَّما رَجَعَ إلَيْهِ فَغَرَ له فاهُ فألْقَمَهُ حَجَرًا قالَ: قُلتُ لهما: ما هذانِ؟ قالَ: قالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ قالَ: فانْطَلَقْنا، فأتَيْنا علَى رَجُلٍ كَرِيهِ المَرْآةِ، كَأَكْرَهِ ما أنْتَ راءٍ رَجُلًا مَرْآةً، وإذا عِنْدَهُ نارٌ يَحُشُّها ويَسْعَى حَوْلَها قالَ: قُلتُ لهما: ما هذا؟ قالَ: قالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فانْطَلَقْنا، فأتَيْنا علَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ ، فيها مِن كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ، وإذا بيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، لا أكادُ أرَى رَأْسَهُ طُولًا في السَّماءِ، وإذا حَوْلَ الرَّجُلِ مِن أكْثَرِ وِلْدانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ قالَ: قُلتُ لهما: ما هذا ما هَؤُلاءِ؟ قالَ: قالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ قالَ: فانْطَلَقْنا فانْتَهَيْنا إلى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ، لَمْ أرَ رَوْضَةً قَطُّ أعْظَمَ مِنْها ولا أحْسَنَ قالَ: قالا لِي: ارْقَ فيها قالَ: فارْتَقَيْنا فيها، فانْتَهَيْنا إلى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بلَبِنِ ذَهَبٍ ولَبِنِ فِضَّةٍ، فأتَيْنا بابَ المَدِينَةِ فاسْتَفْتَحْنا فَفُتِحَ لنا فَدَخَلْناها، فَتَلَقَّانا فيها رِجالٌ شَطْرٌ مِن خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ ما أنْتَ راءٍ، وشَطْرٌ كَأَقْبَحِ ما أنْتَ راءٍ قالَ: قالا لهمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا في ذلكَ النَّهَرِ قالَ: وإذا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأنَّ ماءَهُ المَحْضُ في البَياضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إلَيْنا قدْ ذَهَبَ ذلكَ السُّوءُ عنْهمْ، فَصارُوا في أحْسَنِ صُورَةٍ قالَ: قالا لِي: هذِه جَنَّةُ عَدْنٍ وهذاكَ مَنْزِلُكَ قالَ: فَسَما بَصَرِي صُعُدًا فإذا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبابَةِ البَيْضاءِ قالَ: قالا لِي: هذاكَ مَنْزِلُكَ قالَ: قُلتُ لهما: بارَكَ اللَّهُ فِيكُما ذَرانِي فأدْخُلَهُ، قالَا: أمَّا الآنَ فلا، وأَنْتَ دَاخِلَهُ قالَ: قُلتُ لهمَا: فإنِّي قدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَما هذا الذي رَأَيْتُ؟ قالَ: قالَا لِي: أما إنَّا سَنُخْبِرُكَ، أمَّا الرَّجُلُ الأوَّلُ الذي أتَيْتَ عليه يُثْلَغُ رَأْسُهُ بالحَجَرِ، فإنَّه الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ ويَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، وأَمَّا الرَّجُلُ الذي أتَيْتَ عليه، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إلى قَفَاهُ، ومَنْخِرُهُ إلى قَفَاهُ، وعَيْنُهُ إلى قَفَاهُ، فإنَّه الرَّجُلُ يَغْدُو مِن بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ، وأَمَّا الرِّجَالُ والنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ في مِثْلِ بنَاءِ التَّنُّورِ ، فإنَّهُمُ الزُّنَاةُ والزَّوَانِي، وأَمَّا الرَّجُلُ الذي أتَيْتَ عليه يَسْبَحُ في النَّهَرِ ويُلْقَمُ الحَجَرَ، فإنَّه آكِلُ الرِّبَا ، وأَمَّا الرَّجُلُ الكَرِيهُ المَرْآةِ، الذي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا ويَسْعَى حَوْلَهَا، فإنَّه مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ، وأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الذي في الرَّوْضَةِ فإنَّه إبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأَمَّا الوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ علَى الفِطْرَةِ قالَ: فَقالَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ: يا رَسولَ اللَّهِ، وأَوْلَادُ المُشْرِكِينَ؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وأَوْلَادُ المُشْرِكِينَ، وأَمَّا القَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ منهمْ حَسَنًا وشَطْرٌ قَبِيحًا، فإنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وآخَرَ سَيِّئًا، تَجَاوَزَ اللَّهُ عنْهمْ.

188 -  أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَكِبَ علَى حِمَارٍ علَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ ، وأَرْدَفَ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ ورَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ في بَنِي الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ قَبْلَ وقْعَةِ بَدْرٍ، قالَ: حتَّى مَرَّ بمَجْلِسٍ فيه عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، وذلكَ قَبْلَ أنْ يُسْلِمَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا في المَجْلِسِ أخْلَاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ والمُشْرِكِينَ؛ عَبَدَةِ الأوْثَانِ واليَهُودِ والمُسْلِمِينَ، وفي المَجْلِسِ عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ ، خَمَّرَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ أنْفَهُ برِدَائِهِ، ثُمَّ قالَ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليهم، ثُمَّ وقَفَ فَنَزَلَ، فَدَعَاهُمْ إلى اللَّهِ وقَرَأَ عليهمُ القُرْآنَ، فَقالَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ: أيُّها المَرْءُ، إنَّه لا أحْسَنَ ممَّا تَقُولُ إنْ كانَ حَقًّا، فلا تُؤْذِنَا به في مَجْلِسِنَا، ارْجِعْ إلى رَحْلِكَ ، فمَن جَاءَكَ فَاقْصُصْ عليه، فَقالَ عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، فَاغْشَنَا به في مَجَالِسِنَا؛ فإنَّا نُحِبُّ ذلكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ واليَهُودُ، حتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَنُوا، ثُمَّ رَكِبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دَابَّتَهُ، فَسَارَ حتَّى دَخَلَ علَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، فَقالَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا سَعْدُ، ألَمْ تَسْمَعْ ما قالَ أبو حُبَابٍ؟ -يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ- قالَ: كَذَا وكَذَا، قالَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ: يا رَسولَ اللَّهِ، اعْفُ عنْه واصْفَحْ عنْه؛ فَوَالَّذِي أنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ، لقَدْ جَاءَ اللَّهُ بالحَقِّ الذي أنْزَلَ عَلَيْكَ، لَقَدِ اصْطَلَحَ أهْلُ هذِه البُحَيْرَةِ علَى أنْ يُتَوِّجُوهُ فيُعَصِّبُوهُ بالعِصَابَةِ ، فَلَمَّا أبَى اللَّهُ ذلكَ بالحَقِّ الذي أعْطَاكَ اللَّهُ شَرِقَ بذلكَ، فَذلكَ فَعَلَ به ما رَأَيْتَ، فَعَفَا عنْه رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ وأَهْلِ الكِتَابِ كما أمَرَهُمُ اللَّهُ، ويَصْبِرُونَ علَى الأذَى؛ قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186] الآيَةَ، وقالَ اللَّهُ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109] إلى آخِرِ الآيَةِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَتَأَوَّلُ العَفْوَ ما أمَرَهُ اللَّهُ به، حتَّى أذِنَ اللَّهُ فيهم، فَلَمَّا غَزَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ به صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قالَ ابنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ ومَن معهُ مِنَ المُشْرِكِينَ وعَبَدَةِ الأوْثَانِ: هذا أمْرٌ قدْ تَوَجَّهَ، فَبَايَعُوا الرَّسُولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علَى الإسْلَامِ فأسْلَمُوا.

189 - أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كَتَبَ إلى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إلى الإسْلَامِ، وبَعَثَ بكِتَابِهِ إلَيْهِ مع دِحْيَةَ الكَلْبِيِّ، وأَمَرَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَدْفَعَهُ إلى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إلى قَيْصَرَ ، وكانَ قَيْصَرُ لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ عنْه جُنُودَ فَارِسَ، مَشَى مِن حِمْصَ إلى إيلِيَاءَ شُكْرًا لِما أبْلَاهُ اللَّهُ ، فَلَمَّا جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ حِينَ قَرَأَهُ: التَمِسُوا لي هَا هُنَا أحَدًا مِن قَوْمِهِ، لأسْأَلَهُمْ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، 2941- قالَ ابنُ عَبَّاسٍ، فأخْبَرَنِي أبو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ أنَّه كانَ بالشَّأْمِ في رِجَالٍ مِن قُرَيْشٍ قَدِمُوا تِجَارًا في المُدَّةِ الَّتي كَانَتْ بيْنَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قالَ أبو سُفْيَانَ، فَوَجَدَنَا رَسولُ قَيْصَرَ ببَعْضِ الشَّأْمِ، فَانْطُلِقَ بي وبِأَصْحَابِي، حتَّى قَدِمْنَا إيلِيَاءَ ، فَأُدْخِلْنَا عليه، فَإِذَا هو جَالِسٌ في مَجْلِسِ مُلْكِهِ، وعليه التَّاجُ، وإذَا حَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، فَقالَ لِتَرْجُمَانِهِ: سَلْهُمْ أيُّهُمْ أقْرَبُ نَسَبًا إلى هذا الرَّجُلِ الذي يَزْعُمُ أنَّه نَبِيٌّ، قالَ أبو سُفْيَانَ: فَقُلتُ : أنَا أقْرَبُهُمْ إلَيْهِ نَسَبًا، قالَ: ما قَرَابَةُ ما بيْنَكَ وبيْنَهُ؟ فَقُلتُ: هو ابنُ عَمِّي، وليسَ في الرَّكْبِ يَومَئذٍ أحَدٌ مِن بَنِي عبدِ مَنَافٍ غيرِي، فَقالَ قَيْصَرُ: أدْنُوهُ، وأَمَرَ بأَصْحَابِي، فَجُعِلُوا خَلْفَ ظَهْرِي عِنْدَ كَتِفِي، ثُمَّ قالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لأصْحَابِهِ: إنِّي سَائِلٌ هذا الرَّجُلَ عَنِ الذي يَزْعُمُ أنَّه نَبِيٌّ، فإنْ كَذَبَ فَكَذِّبُوهُ، قالَ أبو سُفْيَانَ: واللَّهِ لَوْلَا الحَيَاءُ يَومَئذٍ، مِن أنْ يَأْثُرَ أصْحَابِي عَنِّي الكَذِبَ، لَكَذَبْتُهُ حِينَ سَأَلَنِي عنْه، ولَكِنِّي اسْتَحْيَيْتُ أنْ يَأْثُرُوا الكَذِبَ عَنِّي، فَصَدَقْتُهُ، ثُمَّ قالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ له كيفَ نَسَبُ هذا الرَّجُلِ فِيكُمْ؟ قُلتُ: هو فِينَا ذُو نَسَبٍ، قالَ: فَهلْ قالَ هذا القَوْلَ أحَدٌ مِنكُم قَبْلَهُ؟ قُلتُ: لَا، فَقالَ: كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ علَى الكَذِبِ قَبْلَ أنْ يَقُولَ ما قالَ؟ قُلتُ: لَا، قالَ: فَهلْ كانَ مِن آبَائِهِ مِن مَلِكٍ؟ قُلتُ: لَا، قالَ: فأشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قُلتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قالَ: فَيَزِيدُونَ أوْ يَنْقُصُونَ؟ قُلتُ: بَلْ يَزِيدُونَ، قالَ: فَهلْ يَرْتَدُّ أحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلتُ: لَا، قالَ: فَهلْ يَغْدِرُ؟ قُلتُ: لَا، ونَحْنُ الآنَ منه في مُدَّةٍ، نَحْنُ نَخَافُ أنْ يَغْدِرَ، - قالَ أبو سُفْيَانَ: ولَمْ يُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شيئًا أنْتَقِصُهُ به، لا أخَافُ أنْ تُؤْثَرَ عَنِّي غَيْرُهَا -، قالَ: فَهلْ قَاتَلْتُمُوهُ أوْ قَاتَلَكُمْ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: فَكيفَ كَانَتْ حَرْبُهُ وحَرْبُكُمْ؟ قُلتُ: كَانَتْ دُوَلًا وسِجَالًا، يُدَالُ عَلَيْنَا المَرَّةَ، ونُدَالُ عليه الأُخْرَى، قالَ: فَمَاذَا يَأْمُرُكُمْ بهِ؟ قالَ: يَأْمُرُنَا أنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وحْدَهُ لا نُشْرِكُ به شيئًا، ويَنْهَانَا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا، ويَأْمُرُنَا بالصَّلَاةِ، والصَّدَقَةِ، والعَفَافِ، والوَفَاءِ بالعَهْدِ، وأَدَاءِ الأمَانَةِ، فَقالَ لِتَرْجُمَانِهِ حِينَ قُلتُ ذلكَ له: قُلْ له: إنِّي سَأَلْتُكَ عن نَسَبِهِ فِيكُمْ، فَزَعَمْتَ أنَّه ذُو نَسَبٍ، وكَذلكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ في نَسَبِ قَوْمِهَا، وسَأَلْتُكَ: هلْ قالَ أحَدٌ مِنكُم هذا القَوْلَ قَبْلَهُ، فَزَعَمْتَ أنْ لَا، فَقُلتُ: لو كانَ أحَدٌ مِنكُم قالَ هذا القَوْلَ قَبْلَهُ، قُلتُ رَجُلٌ يَأْتَمُّ بقَوْلٍ قدْ قيلَ قَبْلَهُ، وسَأَلْتُكَ: هلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بالكَذِبِ قَبْلَ أنْ يَقُولَ ما قالَ، فَزَعَمْتَ أنْ لَا، فَعَرَفْتُ أنَّه لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الكَذِبَ علَى النَّاسِ ويَكْذِبَ علَى اللَّهِ، وسَأَلْتُكَ: هلْ كانَ مِن آبَائِهِ مِن مَلِكٍ، فَزَعَمْتَ أنْ لَا، فَقُلتُ لو كانَ مِن آبَائِهِ مَلِكٌ، قُلتُ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ، وسَأَلْتُكَ: أشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَزَعَمْتَ أنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وهُمْ أتْبَاعُ الرُّسُلِ ، وسَأَلْتُكَ: هلْ يَزِيدُونَ أوْ يَنْقُصُونَ، فَزَعَمْتَ أنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وكَذلكَ الإيمَانُ حتَّى يَتِمَّ، وسَأَلْتُكَ هلْ يَرْتَدُّ أحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَزَعَمْتَ أنْ لَا، فَكَذلكَ الإيمَانُ حِينَ تَخْلِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ، لا يَسْخَطُهُ أحَدٌ، وسَأَلْتُكَ هلْ يَغْدِرُ، فَزَعَمْتَ أنْ لَا، وكَذلكَ الرُّسُلُ لا يَغْدِرُونَ، وسَأَلْتُكَ: هلْ قَاتَلْتُمُوهُ وقَاتَلَكُمْ، فَزَعَمْتَ أنْ قدْ فَعَلَ، وأنَّ حَرْبَكُمْ وحَرْبَهُ تَكُونُ دُوَلًا، ويُدَالُ عَلَيْكُمُ المَرَّةَ وتُدَالُونَ عليه الأُخْرَى، وكَذلكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى وتَكُونُ لَهَا العَاقِبَةُ، وسَأَلْتُكَ: بمَاذَا يَأْمُرُكُمْ، فَزَعَمْتَ أنَّه يَأْمُرُكُمْ أنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ ولَا تُشْرِكُوا به شيئًا، ويَنْهَاكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ، ويَأْمُرُكُمْ بالصَّلَاةِ، والصَّدَقَةِ، والعَفَافِ، والوَفَاءِ بالعَهْدِ، وأَدَاءِ الأمَانَةِ، قالَ: وهذِه صِفَةُ النبيِّ، قدْ كُنْتُ أعْلَمُ أنَّه خَارِجٌ، ولَكِنْ لَمْ أظُنَّ أنَّه مِنكُمْ، وإنْ يَكُ ما قُلْتَ حَقًّا، فيُوشِكُ أنْ يَمْلِكَ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ ولو أرْجُو أنْ أخْلُصَ إلَيْهِ ، لَتَجَشَّمْتُ لُقِيَّهُ، ولو كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ قَدَمَيْهِ، قالَ أبو سُفْيَانَ: ثُمَّ دَعَا بكِتَابِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُرِئَ، فَإِذَا فِيهِ: بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِن مُحَمَّدٍ عبدِ اللَّهِ ورَسولِهِ، إلى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ، سَلَامٌ علَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أمَّا بَعْدُ: فإنِّي أدْعُوكَ بدِعَايَةِ الإسْلَامِ، أسْلِمْ تَسْلَمْ، وأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فإنْ تَوَلَّيْتَ، فَعَلَيْكَ إثْمُ الأرِيسِيِّينَ و: {يَا أهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بيْنَنَا وبيْنَكُمْ، ألَّا نَعْبُدَ إلَّا اللَّهَ ولَا نُشْرِكَ به شيئًا، ولَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أرْبَابًا مِن دُونِ اللَّهِ، فإنْ تَوَلَّوْا، فَقُولوا اشْهَدُوا بأنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64]، قالَ أبو سُفْيَانَ: فَلَمَّا أنْ قَضَى مَقالَتَهُ، عَلَتْ أصْوَاتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِن عُظَمَاءِ الرُّومِ، وكَثُرَ لَغَطُهُمْ، فلا أدْرِي مَاذَا قالوا، وأُمِرَ بنَا، فَأُخْرِجْنَا، فَلَمَّا أنْ خَرَجْتُ مع أصْحَابِي، وخَلَوْتُ بهِمْ قُلتُ لهمْ: لقَدْ أمِرَ أمْرُ ابْنِ أبِي كَبْشَةَ ، هذا مَلِكُ بَنِي الأصْفَرِ يَخَافُهُ، قالَ أبو سُفْيَانَ: واللَّهِ ما زِلْتُ ذَلِيلًا مُسْتَيْقِنًا بأنَّ أمْرَهُ سَيَظْهَرُ، حتَّى أدْخَلَ اللَّهُ قَلْبِي الإسْلَامَ وأَنَا كَارِهٌ.

190 - أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: فُرِجَ عن سَقْفِ بَيْتي وأَنَا بمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بطَسْتٍ مِن ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وإيمَانًا، فأفْرَغَهُ في صَدْرِي، ثُمَّ أطْبَقَهُ، ثُمَّ أخَذَ بيَدِي، فَعَرَجَ بي إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا جِئْتُ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قالَ جِبْرِيلُ: لِخَازِنِ السَّمَاءِ افْتَحْ، قالَ: مَن هذا؟ قالَ هذا جِبْرِيلُ، قالَ: هلْ معكَ أحَدٌ؟ قالَ: نَعَمْ مَعِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: أُرْسِلَ إلَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا فَتَحَ عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ علَى يَمِينِهِ أسْوِدَةٌ، وعلَى يَسَارِهِ أسْوِدَةٌ، إذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وإذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِهِ بَكَى، فَقالَ: مَرْحَبًا بالنبيِّ الصَّالِحِ والِابْنِ الصَّالِحِ، قُلتُ لِجِبْرِيلَ: مَن هذا؟ قالَ: هذا آدَمُ، وهذِه الأسْوِدَةُ عن يَمِينِهِ وشِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ ، فأهْلُ اليَمِينِ منهمْ أهْلُ الجَنَّةِ، والأسْوِدَةُ الَّتي عن شِمَالِهِ أهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ عن يَمِينِهِ ضَحِكَ، وإذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى حتَّى عَرَجَ بي إلى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَقالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ، فَقالَ له خَازِنِهَا مِثْلَ ما قالَ الأوَّلُ: فَفَتَحَ، - قالَ أنَسٌ: فَذَكَرَ أنَّه وجَدَ في السَّمَوَاتِ آدَمَ، وإدْرِيسَ، ومُوسَى، وعِيسَى، وإبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عليهم، ولَمْ يُثْبِتْ كيفَ مَنَازِلُهُمْ غيرَ أنَّه ذَكَرَ أنَّه وجَدَ آدَمَ في السَّمَاءِ الدُّنْيَا وإبْرَاهِيمَ في السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، قالَ أنَسٌ - فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بالنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بإدْرِيسَ قالَ: مَرْحَبًا بالنبيِّ الصَّالِحِ والأخِ الصَّالِحِ، فَقُلتُ مَن هذا؟ قالَ: هذا إدْرِيسُ، ثُمَّ مَرَرْتُ بمُوسَى فَقالَ: مَرْحَبًا بالنبيِّ الصَّالِحِ والأخِ الصَّالِحِ، قُلتُ: مَن هذا؟ قالَ: هذا مُوسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بعِيسَى فَقالَ: مَرْحَبًا بالأخِ الصَّالِحِ والنبيِّ الصَّالِحِ، قُلتُ: مَن هذا؟ قالَ: هذا عِيسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بإبْرَاهِيمَ، فَقالَ: مَرْحَبًا بالنبيِّ الصَّالِحِ والِابْنِ الصَّالِحِ، قُلتُ: مَن هذا؟ قالَ: هذا إبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ ابنُ شِهَابٍ: فأخْبَرَنِي ابنُ حَزْمٍ، أنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وأَبَا حَبَّةَ الأنْصَارِيَّ، كَانَا يَقُولَانِ: قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ثُمَّ عُرِجَ بي حتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوَى أسْمَعُ فيه صَرِيفَ الأقْلَامِ ، قالَ ابنُ حَزْمٍ، وأَنَسُ بنُ مَالِكٍ: قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَفَرَضَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ علَى أُمَّتي خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ بذلكَ، حتَّى مَرَرْتُ علَى مُوسَى، فَقالَ: ما فَرَضَ اللَّهُ لكَ علَى أُمَّتِكَ؟ قُلتُ: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً، قالَ: فَارْجِعْ إلى رَبِّكَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لا تُطِيقُ ذلكَ، فَرَاجَعْتُ، فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى، قُلتُ: وضَعَ شَطْرَهَا، فَقالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لا تُطِيقُ، فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إلَيْهِ، فَقالَ: ارْجِعْ إلى رَبِّكَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لا تُطِيقُ ذلكَ، فَرَاجَعْتُهُ، فَقالَ: هي خَمْسٌ، وهي خَمْسُونَ، لا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى، فَقالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَقُلتُ: اسْتَحْيَيْتُ مِن رَبِّي، ثُمَّ انْطَلَقَ بي، حتَّى انْتَهَى بي إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى ، وغَشِيَهَا ألْوَانٌ لا أدْرِي ما هي؟ ثُمَّ أُدْخِلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا حَبَايِلُ اللُّؤْلُؤِ وإذَا تُرَابُهَا المِسْكُ.

191 - فُرِجَ سَقْفُ بَيْتي وأَنَا بمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بطَسْتٍ مِن ذَهَبٍ، مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وإيمَانًا، فأفْرَغَهَا في صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بيَدِي فَعَرَجَ بي إلى السَّمَاءِ، فَلَمَّا جَاءَ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ، قالَ مَن هذا؟ قالَ هذا جِبْرِيلُ قالَ: معكَ أَحَدٌ قالَ: مَعِي مُحَمَّدٌ، قالَ أُرْسِلَ إلَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ فَافْتَحْ، فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا إذَا رَجُلٌ عن يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ، وعَنْ يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وإذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، فَقالَ: مَرْحَبًا بالنبيِّ الصَّالِحِ والِابْنِ الصَّالِحِ، قُلتُ مَن هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا آدَمُ وهذِه الأسْوِدَةُ عن يَمِينِهِ، وعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ ، فأهْلُ اليَمِينِ منهمْ أَهْلُ الجَنَّةِ، والأسْوِدَةُ الَّتي عن شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وإذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، ثُمَّ عَرَجَ بي جِبْرِيلُ حتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَقالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ، فَقالَ له خَازِنُهَا مِثْلَ ما قالَ الأوَّلُ فَفَتَحَ قالَ أَنَسٌ: فَذَكَرَ أنَّهُ وجَدَ في السَّمَوَاتِ إدْرِيسَ، ومُوسَى، وعِيسَى، وإبْرَاهِيمَ ولَمْ يُثْبِتْ لي كيفَ مَنَازِلُهُمْ، غيرَ أنَّهُ قدْ ذَكَرَ: أنَّهُ وجَدَ آدَمَ في السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وإبْرَاهِيمَ في السَّادِسَةِ، وقالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بإدْرِيسَ قالَ: مَرْحَبًا بالنبيِّ الصَّالِحِ والأخِ الصَّالِحِ، فَقُلتُ مَن هذا قالَ هذا إدْرِيسُ، ثُمَّ مَرَرْتُ بمُوسَى فَقالَ: مَرْحَبًا بالنبيِّ الصَّالِحِ والأخِ الصَّالِحِ، قُلتُ مَن هذا قالَ هذا مُوسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بعِيسَى فَقالَ: مَرْحَبًا بالنبيِّ الصَّالِحِ والأخِ الصَّالِحِ، قُلتُ مَن هذا قالَ عِيسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بإبْرَاهِيمَ فَقالَ: مَرْحَبًا بالنبيِّ الصَّالِحِ والِابْنِ الصَّالِحِ، قُلتُ مَن هذا، قالَ: هذا إبْرَاهِيمُ قالَ: وأَخْبَرَنِي ابنُ حَزْمٍ، أنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وأَبَا حَيَّةَ الأنْصَارِيَّ، كَانَا يَقُولَانِ: قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ثُمَّ عُرِجَ بي، حتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ صَرِيفَ الأقْلَامِ ، قالَ ابنُ حَزْمٍ، وأَنَسُ بنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ بذلكَ حتَّى أَمُرَّ بمُوسَى، فَقالَ: مُوسَى ما الذي فَرَضَ علَى أُمَّتِكَ؟ قُلتُ: فَرَضَ عليهم خَمْسِينَ صَلَاةً، قالَ: فَرَاجِعْ رَبَّكَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لا تُطِيقُ ذلكَ، فَرَجَعْتُ فَرَاجَعْتُ رَبِّي فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى، فَقالَ رَاجِعْ رَبَّكَ: فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى فأخْبَرْتُهُ فَقالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لا تُطِيقُ ذلكَ، فَرَجَعْتُ فَرَاجَعْتُ رَبِّي، فَقالَ: هي خَمْسٌ وهي خَمْسُونَ، لا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى، فَقالَ رَاجِعْ رَبَّكَ، فَقُلتُ: قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِن رَبِّي، ثُمَّ انْطَلَقَ حتَّى أَتَى بي السِّدْرَةَ المُنْتَهَى، فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لا أَدْرِي ما هي، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ، وإذَا تُرَابُهَا المِسْكُ.

192 -  أَوَّلَ ما اتَّخَذَ النِّسَاءُ المِنْطَقَ مِن قِبَلِ أُمِّ إسْمَاعِيلَ؛ اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لِتُعَفِّيَ أَثَرَهَا علَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بهَا إبْرَاهِيمُ وبِابْنِهَا إسْمَاعِيلَ وهي تُرْضِعُهُ، حتَّى وضَعَهُما عِنْدَ البَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ في أَعْلَى المَسْجِدِ، وليسَ بمَكَّةَ يَومَئذٍ أَحَدٌ، وليسَ بهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُما هُنَالِكَ، ووَضَعَ عِنْدَهُما جِرَابًا فيه تَمْرٌ، وسِقَاءً فيه مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إسْمَاعِيلَ فَقالَتْ: يا إبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وتَتْرُكُنَا بهذا الوَادِي الَّذي ليسَ فيه إنْسٌ ولَا شَيءٌ؟ فَقالَتْ له ذلكَ مِرَارًا، وجَعَلَ لا يَلْتَفِتُ إلَيْهَا، فَقالَتْ له: آللَّهُ الَّذي أَمَرَكَ بهذا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَتْ: إذَنْ لا يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إبْرَاهِيمُ حتَّى إذَا كانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لا يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بوَجْهِهِ البَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بهَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ، ورَفَعَ يَدَيْهِ فَقالَ: رَبِّ {إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} حتَّى بَلَغَ: {يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37]، وجَعَلَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إسْمَاعِيلَ وتَشْرَبُ مِن ذلكَ المَاءِ، حتَّى إذَا نَفِدَ ما في السِّقَاءِ عَطِشَتْ وعَطِشَ ابنُهَا، وجَعَلَتْ تَنْظُرُ إلَيْهِ يَتَلَوَّى -أَوْ قالَ: يَتَلَبَّطُ- فَانْطَلَقَتْ كَرَاهيةَ أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ في الأرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عليه، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِيَ تَنْظُرُ: هلْ تَرَى أَحَدًا؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حتَّى إذَا بَلَغَتِ الوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإنْسَانِ المَجْهُودِ حتَّى جَاوَزَتِ الوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ المَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا ونَظَرَتْ: هلْ تَرَى أَحَدًا؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذلكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ -قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَذلكَ سَعْيُ النَّاسِ بيْنَهُما- فَلَمَّا أَشْرَفَتْ علَى المَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقالَتْ: صَهٍ -تُرِيدُ نَفْسَهَا-، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيْضًا، فَقالَتْ: قدْ أَسْمَعْتَ إنْ كانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ، فَإِذَا هي بالمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بعَقِبِهِ -أَوْ قالَ: بجَنَاحِهِ- حتَّى ظَهَرَ المَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وتَقُولُ بيَدِهَا هَكَذَا، وجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ المَاءِ في سِقَائِهَا وهو يَفُورُ بَعْدَ ما تَغْرِفُ. قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إسْمَاعِيلَ، لو تَرَكَتْ زَمْزَمَ -أَوْ قالَ: لو لَمْ تَغْرِفْ مِنَ المَاءِ- لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا. قالَ: فَشَرِبَتْ وأَرْضَعَتْ ولَدَهَا، فَقالَ لَهَا المَلَكُ: لا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ؛ فإنَّ هَاهُنَا بَيْتَ اللَّهِ، يَبْنِي هذا الغُلَامُ وأَبُوهُ، وإنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَهْلَهُ، وكانَ البَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الأرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ، فَتَأْخُذُ عن يَمِينِهِ وشِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذلكَ حتَّى مَرَّتْ بهِمْ رُفْقَةٌ مِن جُرْهُمَ -أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِن جُرْهُمَ- مُقْبِلِينَ مِن طَرِيقِ كَدَاءٍ ، فَنَزَلُوا في أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا ، فَقالوا: إنَّ هذا الطَّائِرَ لَيَدُورُ علَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بهذا الوَادِي وما فيه مَاءٌ، فأرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فَإِذَا هُمْ بالمَاءِ، فَرَجَعُوا فأخْبَرُوهُمْ بالمَاءِ، فأقْبَلُوا، قالَ: وأُمُّ إسْمَاعِيلَ عِنْدَ المَاءِ، فَقالوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ فَقالَتْ: نَعَمْ، ولَكِنْ لا حَقَّ لَكُمْ في المَاءِ، قالوا: نَعَمْ، قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فألْفَى ذلكَ أُمَّ إسْمَاعِيلَ وهي تُحِبُّ الإنْسَ ، فَنَزَلُوا وأَرْسَلُوا إلى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا معهُمْ، حتَّى إذَا كانَ بهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ منهمْ، وشَبَّ الغُلَامُ وتَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ منهمْ، وأَنْفَسَهُمْ وأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً منهمْ، ومَاتَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إبْرَاهِيمُ بَعْدَما تَزَوَّجَ إسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ ، فَلَمْ يَجِدْ إسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عنْه، فَقالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا ، ثُمَّ سَأَلَهَا عن عَيْشِهِمْ وهَيْئَتِهِمْ، فَقالَتْ: نَحْنُ بشَرٍّ، نَحْنُ في ضِيقٍ وشِدَّةٍ، فَشَكَتْ إلَيْهِ، قالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عليه السَّلَامَ، وقُولِي له: يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إسْمَاعِيلُ كَأنَّهُ آنَسَ شيئًا، فَقالَ: هلْ جَاءَكُمْ مِن أَحَدٍ؟ قالَتْ: نَعَمْ، جَاءَنَا شَيخٌ كَذَا وكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فأخْبَرْتُهُ، وسَأَلَنِي: كيفَ عَيْشُنَا؟ فأخْبَرْتُهُ أنَّا في جَهْدٍ وشِدَّةٍ، قالَ: فَهلْ أَوْصَاكِ بشَيءٍ؟ قالَتْ: نَعَمْ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ، ويقولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، قالَ: ذَاكِ أَبِي، وقدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الْحَقِي بأَهْلِكِ، فَطَلَّقَهَا، وتَزَوَّجَ منهمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عنْهمْ إبْرَاهِيمُ ما شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ علَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عنْه، فَقالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا ، قالَ: كيفَ أَنْتُمْ؟ وسَأَلَهَا عن عَيْشِهِمْ وهَيْئَتِهِمْ، فَقالَتْ: نَحْنُ بخَيْرٍ وسَعَةٍ، وأَثْنَتْ علَى اللَّهِ، فَقالَ: ما طَعَامُكُمْ؟ قالتِ: اللَّحْمُ، قالَ: فَما شَرَابُكُمْ؟ قالتِ: المَاءُ. قالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لهمْ في اللَّحْمِ والمَاءِ، قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ولَمْ يَكُنْ لهمْ يَومَئذٍ حَبٌّ، ولو كانَ لهمْ دَعَا لهمْ فِيهِ. قالَ: فَهُما لا يَخْلُو عليهما أَحَدٌ بغيرِ مَكَّةَ إلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ، قالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عليه السَّلَامَ، ومُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إسْمَاعِيلُ قالَ: هلْ أَتَاكُمْ مِن أَحَدٍ؟ قالَتْ: نَعَمْ، أَتَانَا شَيخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ، وأَثْنَتْ عليه، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فأخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي: كيفَ عَيْشُنَا؟ فأخْبَرْتُهُ أنَّا بخَيْرٍ، قالَ: فأوْصَاكِ بشَيءٍ؟ قالَتْ: نَعَمْ، هو يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، ويَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ، قالَ: ذَاكِ أَبِي، وأَنْتِ العَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ، ثُمَّ لَبِثَ عنْهمْ ما شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذلكَ وإسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا له تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِن زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إلَيْهِ، فَصَنَعَا كما يَصْنَعُ الوَالِدُ بالوَلَدِ والوَلَدُ بالوَالِدِ، ثُمَّ قالَ: يا إسْمَاعِيلُ، إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بأَمْرٍ، قالَ: فَاصْنَعْ ما أَمَرَكَ رَبُّكَ، قالَ: وتُعِينُنِي؟ قالَ: وأُعِينُكَ، قالَ: فإنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَاهُنَا بَيْتًا، وأَشَارَ إلى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ علَى ما حَوْلَهَا، قالَ: فَعِنْدَ ذلكَ رَفَعَا القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ، فَجَعَلَ إسْمَاعِيلُ يَأْتي بالحِجَارَةِ وإبْرَاهِيمُ يَبْنِي، حتَّى إذَا ارْتَفَعَ البِنَاءُ، جَاءَ بهذا الحَجَرِ فَوَضَعَهُ له فَقَامَ عليه، وهو يَبْنِي وإسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الحِجَارَةَ، وهُما يَقُولَانِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127]، قالَ: فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حتَّى يَدُورَا حَوْلَ البَيْتِ وهُما يَقُولَانِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127].

193 - لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إلَّا وَهُما يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينَا فيه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ: بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الحَبَشَةِ، حتَّى إذَا بَلَغَ بَرْكَ الغِمَادِ لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ، وَهو سَيِّدُ القَارَةِ ، فَقالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فأنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ في الأرْضِ، فأعْبُدَ رَبِّي، قالَ ابنُ الدَّغِنَةِ: إنَّ مِثْلَكَ لا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ؛ فإنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ، وَأَنَا لكَ جَارٌ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ ببِلَادِكَ، فَارْتَحَلَ ابنُ الدَّغِنَةِ، فَرَجَعَ مع أَبِي بَكْرٍ، فَطَافَ في أَشْرَافِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَقالَ لهمْ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ المَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الكَلَّ ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ؟! فأنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَآمَنُوا أَبَا بَكْرٍ، وَقالوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ، فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ في دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ، وَلْيَقْرَأْ ما شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بذلكَ، وَلَا يَسْتَعْلِنْ به؛ فإنَّا قدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، قالَ ذلكَ ابنُ الدَّغِنَةِ لأبِي بَكْرٍ، فَطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ في دَارِهِ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بالصَّلَاةِ، وَلَا القِرَاءَةِ في غيرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لأبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بفِنَاءِ دَارِهِ وَبَرَزَ، فَكانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ عليه نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وَكانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً ، لا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ القُرْآنَ، فأفْزَعَ ذلكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فأرْسَلُوا إلى ابْنِ الدَّغِنَةِ، فَقَدِمَ عليهم فَقالوا له: إنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ علَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دَارِهِ، وإنَّه جَاوَزَ ذلكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بفِنَاءِ دَارِهِ، وَأَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالقِرَاءَةَ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَأْتِهِ، فإنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ علَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دَارِهِ فَعَلَ، وإنْ أَبَى إلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذلكَ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إلَيْكَ ذِمَّتَكَ ؛ فإنَّا كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأتَى ابنُ الدَّغِنَةِ أَبَا بَكْرٍ، فَقالَ: قدْ عَلِمْتَ الَّذي عَقَدْتُ لكَ عليه، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ علَى ذلكَ، وإمَّا أَنْ تَرُدَّ إلَيَّ ذِمَّتِي؛ فإنِّي لا أُحِبُّ أَنْ تَسْمعَ العَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ في رَجُلٍ عَقَدْتُ له، قالَ أَبُو بَكْرٍ: إنِّي أَرُدُّ إلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بجِوَارِ اللَّهِ . وَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ بمَكَّةَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ؛ رَأَيْتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بيْنَ لَابَتَيْنِ». وَهُما الحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَن هَاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذلكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وَرَجَعَ إلى المَدِينَةِ بَعْضُ مَن كانَ هَاجَرَ إلى أَرْضِ الحَبَشَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكَ ؛ فإنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي»، قالَ أَبُو بَكْرٍ: هلْ تَرْجُو ذلكَ بأَبِي أَنْتَ؟ قالَ: «نَعَمْ»، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح] [قوله: وقال أبو صالح... معلق]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2297
التصنيف الموضوعي: بر وصلة - فضل صلة الرحم صلاة - البكاء في الصلاة مغازي - الهجرة إلى الحبشة مغازي - هجرة النبي إلى المدينة مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

194 - لَمْ أعْقِلْ أبَوَيَّ قَطُّ، إلَّا وهُما يَدِينانِ الدِّينَ، ولَمْ يَمُرَّ عليْنا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينا فيه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَرَفَيِ النَّهارِ ، بُكْرَةً وعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ خَرَجَ أبو بَكْرٍ مُهاجِرًا نَحْوَ أرْضِ الحَبَشَةِ، حتَّى إذا بَلَغَ بَرْكَ الغِمادِ لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ وهو سَيِّدُ القارَةِ ، فقالَ: أيْنَ تُرِيدُ يا أبا بَكْرٍ؟ فقالَ أبو بَكْرٍ: أخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أنْ أسِيحَ في الأرْضِ وأَعْبُدَ رَبِّي، قالَ ابنُ الدَّغِنَةِ: فإنَّ مِثْلَكَ يا أبا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ ولا يُخْرَجُ، إنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ وتَصِلُ الرَّحِمَ ، وتَحْمِلُ الكَلَّ وتَقْرِي الضَّيْفَ وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فأنا لكَ جارٌ ارْجِعْ واعْبُدْ رَبَّكَ ببَلَدِكَ، فَرَجَعَ وارْتَحَلَ معهُ ابنُ الدَّغِنَةِ، فَطافَ ابنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً في أشْرافِ قُرَيْشٍ، فقالَ لهمْ: إنَّ أبا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ مِثْلُهُ ولا يُخْرَجُ، أتُخْرِجُونَ رَجُلًا يَكْسِبُ المَعْدُومَ ويَصِلُ الرَّحِمَ، ويَحْمِلُ الكَلَّ ويَقْرِي الضَّيْفَ، ويُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بجِوارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وقالوا: لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أبا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ في دارِهِ، فَلْيُصَلِّ فيها ولْيَقْرَأْ ما شاءَ، ولا يُؤْذِينا بذلكَ ولا يَسْتَعْلِنْ به، فإنَّا نَخْشَى أنْ يَفْتِنَ نِساءَنا وأَبْناءَنا، فقالَ ذلكَ ابنُ الدَّغِنَةِ لأبِي بَكْرٍ، فَلَبِثَ أبو بَكْرٍ بذلكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ في دارِهِ، ولا يَسْتَعْلِنُ بصَلاتِهِ ولا يَقْرَأُ في غيرِ دارِهِ، ثُمَّ بَدا لأبِي بَكْرٍ، فابْتَنَى مَسْجِدًا بفِناءِ دارِهِ، وكانَ يُصَلِّي فِيهِ، ويَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَنْقَذِفُ عليه نِساءُ المُشْرِكِينَ وأَبْناؤُهُمْ، وهُمْ يَعْجَبُونَ منه ويَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وكانَ أبو بَكْرٍ رَجُلًا بَكّاءً ، لا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إذا قَرَأَ القُرْآنَ، وأَفْزَعَ ذلكَ أشْرافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فأرْسَلُوا إلى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عليهم، فقالوا: إنَّا كُنَّا أجَرْنا أبا بَكْرٍ بجِوارِكَ، علَى أنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دارِهِ، فقَدْ جاوَزَ ذلكَ، فابْتَنَى مَسْجِدًا بفِناءِ دارِهِ، فأعْلَنَ بالصَّلاةِ والقِراءَةِ فِيهِ، وإنَّا قدْ خَشِينا أنْ يَفْتِنَ نِساءَنا وأَبْناءَنا، فانْهَهُ، فإنْ أحَبَّ أنْ يَقْتَصِرَ علَى أنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دارِهِ فَعَلَ، وإنْ أبَى إلَّا أنْ يُعْلِنَ بذلكَ، فَسَلْهُ أنْ يَرُدَّ إلَيْكَ ذِمَّتَكَ ، فإنَّا قدْ كَرِهْنا أنْ نُخْفِرَكَ ، ولَسْنا مُقِرِّينَ لأبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلانَ، قالَتْ عائِشَةُ: فأتَى ابنُ الدَّغِنَةِ إلى أبِي بَكْرٍ فقالَ: قدْ عَلِمْتَ الذي عاقَدْتُ لكَ عليه، فَإِمَّا أنْ تَقْتَصِرَ علَى ذلكَ، وإمَّا أنْ تَرْجِعَ إلَيَّ ذِمَّتِي، فإنِّي لا أُحِبُّ أنْ تَسْمع العَرَبُ أنِّي أُخْفِرْتُ في رَجُلٍ عَقَدْتُ له، فقالَ أبو بَكْرٍ: فإنِّي أرُدُّ إلَيْكَ جِوارَكَ، وأَرْضَى بجِوارِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ بمَكَّةَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ: إنِّي أُرِيتُ دارَ هِجْرَتِكُمْ، ذاتَ نَخْلٍ بيْنَ لابَتَيْنِ وهُما الحَرَّتانِ، فَهاجَرَ مَن هاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ، ورَجَعَ عامَّةُ مَن كانَ هاجَرَ بأَرْضِ الحَبَشَةِ إلى المَدِينَةِ، وتَجَهَّزَ أبو بَكْرٍ قِبَلَ المَدِينَةِ، فقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: علَى رِسْلِكَ ، فإنِّي أرْجُو أنْ يُؤْذَنَ لي فقالَ أبو بَكْرٍ: وهلْ تَرْجُو ذلكَ بأَبِي أنْتَ؟ قالَ: نَعَمْ فَحَبَسَ أبو بَكْرٍ نَفْسَهُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وعَلَفَ راحِلَتَيْنِ كانَتا عِنْدَهُ ورَقَ السَّمُرِ وهو الخَبَطُ، أرْبَعَةَ أشْهُرٍ. قالَ ابنُ شِهابٍ، قالَ: عُرْوَةُ، قالَتْ عائِشَةُ: فَبيْنَما نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ في بَيْتِ أبِي بَكْرٍ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، قالَ قائِلٌ لأبِي بَكْرٍ: هذا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَقَنِّعًا، في ساعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينا فيها، فقالَ أبو بَكْرٍ: فِداءٌ له أبِي وأُمِّي، واللَّهِ ما جاءَ به في هذِه السَّاعَةِ إلَّا أمْرٌ، قالَتْ: فَجاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ له فَدَخَلَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأبِي بَكْرٍ: أخْرِجْ مَن عِنْدَكَ. فقالَ أبو بَكْرٍ: إنَّما هُمْ أهْلُكَ، بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فإنِّي قدْ أُذِنَ لي في الخُرُوجِ فقالَ أبو بَكْرٍ: الصَّحابَةُ بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعَمْ قالَ أبو بَكْرٍ: فَخُذْ - بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ - إحْدَى راحِلَتَيَّ هاتَيْنِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بالثَّمَنِ. قالَتْ عائِشَةُ: فَجَهَّزْناهُما أحَثَّ الجِهازِ، وصَنَعْنا لهما سُفْرَةً في جِرابٍ ، فَقَطَعَتْ أسْماءُ بنْتُ أبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِن نِطاقِها، فَرَبَطَتْ به علَى فَمِ الجِرابِ، فَبِذلكَ سُمِّيَتْ ذاتَ النِّطاقَيْنِ قالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ بغارٍ في جَبَلِ ثَوْرٍ ، فَكَمَنا فيه ثَلاثَ لَيالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُما عبدُ اللَّهِ بنُ أبِي بَكْرٍ، وهو غُلامٌ شابٌّ، ثَقِفٌ لَقِنٌ ، فيُدْلِجُ مِن عِندِهِما بسَحَرٍ، فيُصْبِحُ مع قُرَيْشٍ بمَكَّةَ كَبائِتٍ، فلا يَسْمَعُ أمْرًا، يُكْتادانِ به إلَّا وعاهُ ، حتَّى يَأْتِيَهُما بخَبَرِ ذلكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلامُ، ويَرْعَى عليهما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ، مَوْلَى أبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِن غَنَمٍ، فيُرِيحُها عليهما حِينَ تَذْهَبُ ساعَةٌ مِنَ العِشاءِ، فَيَبِيتانِ في رِسْلٍ، وهو لَبَنُ مِنْحَتِهِما ورَضِيفِهِما، حتَّى يَنْعِقَ بها عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ بغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذلكَ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن تِلكَ اللَّيالِي الثَّلاثِ، واسْتَأْجَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِن بَنِي الدِّيلِ، وهو مِن بَنِي عبدِ بنِ عَدِيٍّ، هادِيا خِرِّيتًا، والخِرِّيتُ الماهِرُ بالهِدايَةِ، قدْ غَمَسَ حِلْفًا في آلِ العاصِ بنِ وائِلٍ السَّهْمِيِّ، وهو علَى دِينِ كُفّارِ قُرَيْشٍ، فأمِناهُ فَدَفَعا إلَيْهِ راحِلَتَيْهِما، وواعَداهُ غارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيالٍ، براحِلَتَيْهِما صُبْحَ ثَلاثٍ، وانْطَلَقَ معهُما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ، والدَّلِيلُ، فأخَذَ بهِمْ طَرِيقَ السَّواحِلِ،

195 - عَنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، قالَ: لَمْ أزَلْ حَرِيصًا علَى أنْ أسْأَلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه عَنِ المَرْأَتَيْنِ مِن أزْوَاجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللَّتَيْنِ قالَ اللَّهُ لهمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، فَحَجَجْتُ معهُ، فَعَدَلَ وعَدَلْتُ معهُ بالإِدَاوَةِ، فَتَبَرَّزَ حتَّى جَاءَ، فَسَكَبْتُ علَى يَدَيْهِ مِنَ الإدَاوَةِ فَتَوَضَّأَ، فَقُلتُ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَنِ المَرْأَتَانِ مِن أزْوَاجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللَّتَانِ قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ لهمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]؟ فَقالَ: واعَجَبِي لكَ يا ابْنَ عَبَّاسٍ! عَائِشَةُ وحَفْصَةُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الحَدِيثَ يَسُوقُهُ، فَقالَ: إنِّي كُنْتُ وجَارٌ لي مِنَ الأنْصَارِ في بَنِي أُمَيَّةَ بنِ زَيْدٍ -وهي مِن عَوَالِي المَدِينَةِ- وكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ علَى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَيَنْزِلُ يَوْمًا وأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِن خَبَرِ ذلكَ اليَومِ مِنَ الأمْرِ وغَيْرِهِ، وإذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ، وكُنَّا -مَعْشَرَ قُرَيْشٍ- نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا علَى الأنْصَارِ إذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِن أدَبِ نِسَاءِ الأنْصَارِ، فَصِحْتُ علَى امْرَأَتِي، فَرَاجَعَتْنِي، فأنْكَرْتُ أنْ تُرَاجِعَنِي، فَقالَتْ: ولِمَ تُنْكِرُ أنْ أُرَاجِعَكَ؟! فَوَاللَّهِ إنَّ أزْوَاجَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليُرَاجِعْنَهُ، وإنَّ إحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ اليومَ حتَّى اللَّيْلِ، فأفْزَعَنِي، فَقُلتُ: خَابَتْ مَن فَعَلَ منهنَّ بعَظِيمٍ! ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَدَخَلْتُ علَى حَفْصَةَ، فَقُلتُ: أيْ حَفْصَةُ، أتُغَاضِبُ إحْدَاكُنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اليومَ حتَّى اللَّيْلِ؟ فَقالَتْ: نَعَمْ، فَقُلتُ: خَابَتْ وخَسِرَتْ، أفَتَأْمَنُ أنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسولِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَتَهْلِكِينَ؟! لا تَسْتَكْثِرِي علَى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَا تُرَاجِعِيهِ في شَيءٍ، ولَا تَهْجُرِيهِ، واسْأَلِينِي ما بَدَا لَكِ، ولَا يَغُرَّنَّكِ أنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هي أوْضَأَ مِنْكِ، وأَحَبَّ إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -يُرِيدُ عَائِشَةَ- وكُنَّا تَحَدَّثْنَا أنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ النِّعَالَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي يَومَ نَوْبَتِهِ فَرَجَعَ عِشَاءً، فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، وقالَ: أنَائِمٌ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ، فَخَرَجْتُ إلَيْهِ، وقالَ: حَدَثَ أمْرٌ عَظِيمٌ، قُلتُ: ما هُوَ؟ أجَاءَتْ غَسَّانُ؟ قالَ: لَا، بَلْ أعْظَمُ منه وأَطْوَلُ؛ طَلَّقَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نِسَاءَهُ، قالَ: قدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وخَسِرَتْ، كُنْتُ أظُنُّ أنَّ هذا يُوشِكُ أنْ يَكونَ، فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ الفَجْرِ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَدَخَلَ مَشْرُبَةً له، فَاعْتَزَلَ فِيهَا، فَدَخَلْتُ علَى حَفْصَةَ، فَإِذَا هي تَبْكِي، قُلتُ: ما يُبْكِيكِ؟ أوَلَمْ أكُنْ حَذَّرْتُكِ؟! أطَلَّقَكُنَّ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قالَتْ: لا أدْرِي، هو ذَا في المَشْرُبَةِ، فَخَرَجْتُ، فَجِئْتُ المِنْبَرَ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ معهُمْ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي ما أجِدُ، فَجِئْتُ المَشْرُبَةَ الَّتي هو فِيهَا، فَقُلتُ لِغُلَامٍ له أسْوَدَ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ، فَكَلَّمَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ خَرَجَ فَقالَ: ذَكَرْتُكَ له، فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ، حتَّى جَلَسْتُ مع الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي ما أجِدُ، فَجِئْتُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَجَلَسْتُ مع الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي ما أجِدُ، فَجِئْتُ الغُلَامَ فَقُلتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَلَمَّا ولَّيْتُ مُنْصَرِفًا، فَإِذَا الغُلَامُ يَدْعُونِي قالَ: أذِنَ لكَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَدَخَلْتُ عليه، فَإِذَا هو مُضْطَجِعٌ علَى رِمَالِ حَصِيرٍ ليسَ بيْنَهُ وبيْنَهُ فِرَاشٌ، قدْ أثَّرَ الرِّمَالُ بجَنْبِهِ، مُتَّكِئٌ علَى وِسَادَةٍ مِن أدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ ، فَسَلَّمْتُ عليه، ثُمَّ قُلتُ وأَنَا قَائِمٌ: طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ فَرَفَعَ بَصَرَهُ إلَيَّ، فَقالَ: لَا، ثُمَّ قُلتُ وأَنَا قَائِمٌ: أسْتَأْنِسُ يا رَسولَ اللَّهِ، لو رَأَيْتَنِي وكُنَّا -مَعْشَرَ قُرَيْشٍ- نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا علَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَذَكَرَهُ، فَتَبَسَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ قُلتُ: لو رَأَيْتَنِي ودَخَلْتُ علَى حَفْصَةَ، فَقُلتُ: لا يَغُرَّنَّكِ أنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هي أوْضَأَ مِنْكِ، وأَحَبَّ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -يُرِيدُ عَائِشَةَ- فَتَبَسَّمَ أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِي في بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ ما رَأَيْتُ فيه شيئًا يَرُدُّ البَصَرَ غيرَ أَهَبَةٍ ثَلَاثَةٍ، فَقُلتُ: ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ علَى أُمَّتِكَ؛ فإنَّ فَارِسَ والرُّومَ وُسِّعَ عليهم، وأُعْطُوا الدُّنْيَا وهُمْ لا يَعْبُدُونَ اللَّهَ، وكانَ مُتَّكِئًا فَقالَ: أَوَفِي شَكٍّ أنْتَ يا ابْنَ الخَطَّابِ؟! أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لهمْ طَيِّبَاتُهُمْ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، اسْتَغْفِرْ لِي. فَاعْتَزَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أجْلِ ذلكَ الحَديثِ حِينَ أفْشَتْهُ حَفْصَةُ إلى عَائِشَةَ، وكانَ قدْ قالَ: ما أنَا بدَاخِلٍ عليهنَّ شَهْرًا؛ مِن شِدَّةِ مَوْجَدَتِهِ عليهنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وعِشْرُونَ دَخَلَ علَى عَائِشَةَ، فَبَدَأَ بهَا، فَقالَتْ له عَائِشَةُ، إنَّكَ أقْسَمْتَ أنْ لا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وإنَّا أصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وعِشْرِينَ لَيْلَةً أعُدُّهَا عَدًّا، فَقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الشَّهْرُ تِسْعٌ وعِشْرُونَ، وكانَ ذلكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وعِشْرِينَ، قالَتْ عَائِشَةُ: فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ، فَبَدَأَ بي أوَّلَ امْرَأَةٍ، فَقالَ: إنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أمْرًا، ولَا عَلَيْكِ أنْ لا تَعْجَلِي حتَّى تَسْتَأْمِرِي أبَوَيْكِ ، قالَتْ: قدْ أعْلَمُ أنَّ أبَوَيَّ لَمْ يَكونَا يَأْمُرَانِي بفِرَاقِكَ، ثُمَّ قالَ: إنَّ اللَّهَ قالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب: 28] إلى قَوْلِهِ: {عَظِيمًا} [الأحزاب: 29]، قُلتُ: أفِي هذا أسْتَأْمِرُ أبَوَيَّ؟ فإنِّي أُرِيدُ اللَّهَ ورَسولَه والدَّارَ الآخِرَةَ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ، فَقُلْنَ مِثْلَ ما قالَتْ عَائِشَةُ.

196 - عَنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، قالَ: لَمْ أزَلْ حَرِيصًا علَى أنْ أسْأَلَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، عَنِ المَرْأَتَيْنِ مِن أزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، اللَّتَيْنِ قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنْ تَتُوبَا إلى اللَّهِ فقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] حتَّى حَجَّ وحَجَجْتُ معهُ، وعَدَلَ وعَدَلْتُ معهُ بإدَاوَةٍ فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ جَاءَ فَسَكَبْتُ علَى يَدَيْهِ منها فَتَوَضَّأَ، فَقُلتُ له: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ مَنِ المَرْأَتَانِ مِن أزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، اللَّتَانِ قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنْ تَتُوبَا إلى اللَّهِ فقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]؟ قالَ: واعَجَبًا لكَ يا ابْنَ عَبَّاسٍ، هُما عَائِشَةُ وحَفْصَةُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الحَدِيثَ يَسُوقُهُ قالَ: كُنْتُ أنَا وجَارٌ لي مِنَ الأنْصَارِ في بَنِي أُمَيَّةَ بنِ زَيْدٍ، وهُمْ مِن عَوَالِي المَدِينَةِ، وكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَيَنْزِلُ يَوْمًا وأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بما حَدَثَ مِن خَبَرِ ذلكَ اليَومِ مِنَ الوَحْيِ أوْ غيرِهِ، وإذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذلكَ، وكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا علَى الأنْصَارِ إذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِن أدَبِ نِسَاءِ الأنْصَارِ، فَصَخِبْتُ علَى امْرَأَتي فَرَاجَعَتْنِي، فأنْكَرْتُ أنْ تُرَاجِعَنِي، قالَتْ: ولِمَ تُنْكِرُ أنْ أُرَاجِعَكَ؟ فَوَاللَّهِ إنَّ أزْوَاجَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَيُرَاجِعْنَهُ، وإنَّ إحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ اليومَ حتَّى اللَّيْلِ، فأفْزَعَنِي ذلكَ وقُلتُ لَهَا: قدْ خَابَ مَن فَعَلَ ذَلِكِ منهنَّ، ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَنَزَلْتُ فَدَخَلْتُ علَى حَفْصَةَ فَقُلتُ لَهَا: أيْ حَفْصَةُ، أتُغَاضِبُ إحْدَاكُنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اليومَ حتَّى اللَّيْلِ؟ قالَتْ: نَعَمْ، فَقُلتُ: قدْ خِبْتِ وخَسِرْتِ، أفَتَأْمَنِينَ أنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَتَهْلِكِي؟ لا تَسْتَكْثِرِي النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولَا تُرَاجِعِيهِ في شيءٍ ولَا تَهْجُرِيهِ، وسَلِينِي ما بَدَا لَكِ، ولَا يَغُرَّنَّكِ أنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أوْضَأَ مِنْكِ وأَحَبَّ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - يُرِيدُ عَائِشَةَ - قالَ عُمَرُ: وكُنَّا قدْ تَحَدَّثْنَا أنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الخَيْلَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي الأنْصَارِيُّ يَومَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ إلَيْنَا عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، وقالَ: أثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إلَيْهِ، فَقالَ: قدْ حَدَثَ اليومَ أمْرٌ عَظِيمٌ، قُلتُ: ما هُوَ، أجَاءَ غَسَّانُ؟ قالَ: لَا، بَلْ أعْظَمُ مِن ذلكَ وأَهْوَلُ، طَلَّقَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نِسَاءَهُ، - وقالَ عُبَيْدُ بنُ حُنَيْنٍ: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ عن عُمَرَ - فَقالَ: اعْتَزَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أزْوَاجَهُ فَقُلتُ: خَابَتْ حَفْصَةُ وخَسِرَتْ، قدْ كُنْتُ أظُنُّ هذا يُوشِكُ أنْ يَكونَ، فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ الفَجْرِ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَدَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَشْرُبَةً له فَاعْتَزَلَ فِيهَا، ودَخَلْتُ علَى حَفْصَةَ فَإِذَا هي تَبْكِي، فَقُلتُ: ما يُبْكِيكِ ألَمْ أكُنْ حَذَّرْتُكِ هذا، أطَلَّقَكُنَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قالَتْ: لا أدْرِي، هَا هو ذَا مُعْتَزِلٌ في المَشْرُبَةِ، فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ إلى المِنْبَرِ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ معهُمْ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي ما أجِدُ، فَجِئْتُ المَشْرُبَةَ الَّتي فِيهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِغُلَامٍ له أسْوَدَ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ الغُلَامُ فَكَلَّمَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقالَ: كَلَّمْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وذَكَرْتُكَ له فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ حتَّى جَلَسْتُ مع الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي ما أجِدُ فَجِئْتُ فَقُلتُ لِلْغُلَامِ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقالَ: قدْ ذَكَرْتُكَ له فَصَمَتَ، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ مع الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي ما أجِدُ، فَجِئْتُ الغُلَامَ فَقُلتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ إلَيَّ فَقالَ: قدْ ذَكَرْتُكَ له فَصَمَتَ، فَلَمَّا ولَّيْتُ مُنْصَرِفًا، قالَ: إذَا الغُلَامُ يَدْعُونِي، فَقالَ: قدْ أذِنَ لكَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَدَخَلْتُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَإِذَا هو مُضْطَجِعٌ علَى رِمَالِ حَصِيرٍ، ليسَ بيْنَهُ وبيْنَهُ فِرَاشٌ، قدْ أثَّرَ الرِّمَالُ بجَنْبِهِ، مُتَّكِئًا علَى وِسَادَةٍ مِن أدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ ، فَسَلَّمْتُ عليه، ثُمَّ قُلتُ وأَنَا قَائِمٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ فَرَفَعَ إلَيَّ بَصَرَهُ فَقالَ: لا فَقُلتُ: اللَّهُ أكْبَرُ، ثُمَّ قُلتُ وأَنَا قَائِمٌ أسْتَأْنِسُ: يا رَسولَ اللَّهِ، لو رَأَيْتَنِي وكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ إذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَتَبَسَّمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ لو رَأَيْتَنِي ودَخَلْتُ علَى حَفْصَةَ فَقُلتُ لَهَا: لا يَغُرَّنَّكِ أنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أوْضَأَ مِنْكِ، وأَحَبَّ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - يُرِيدُ عَائِشَةَ - فَتَبَسَّمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَبَسُّمَةً أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي في بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ ما رَأَيْتُ في بَيْتِهِ شيئًا يَرُدُّ البَصَرَ، غيرَ أهَبَةٍ ثَلَاثَةٍ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ علَى أُمَّتِكَ، فإنَّ فَارِسَ والرُّومَ قدْ وُسِّعَ عليهم وأُعْطُوا الدُّنْيَا، وهُمْ لا يَعْبُدُونَ اللَّهَ، فَجَلَسَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وكانَ مُتَّكِئًا ، فَقالَ: أوفي هذا أنْتَ يا ابْنَ الخَطَّابِ، إنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي، فَاعْتَزَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نِسَاءَهُ مِن أجْلِ ذلكَ الحَديثِ حِينَ أفْشَتْهُ حَفْصَةُ إلى عَائِشَةَ تِسْعًا وعِشْرِينَ لَيْلَةً، وكانَ قالَ: ما أنَا بدَاخِلٍ عليهنَّ شَهْرًا مِن شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عليهنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وعِشْرُونَ لَيْلَةً دَخَلَ علَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بهَا، فَقالَتْ له عَائِشَةُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّكَ كُنْتَ قدْ أقْسَمْتَ أنْ لا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وإنَّما أصْبَحْتَ مِن تِسْعٍ وعِشْرِينَ لَيْلَةً أعُدُّهَا عَدًّا، فَقالَ: الشَّهْرُ تِسْعٌ وعِشْرُونَ لَيْلَةً فَكانَ ذلكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وعِشْرِينَ لَيْلَةً، قالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ أنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ التَّخَيُّرِ، فَبَدَأَ بي أوَّلَ امْرَأَةٍ مِن نِسَائِهِ فَاخْتَرْتُهُ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ كُلَّهُنَّ فَقُلْنَ مِثْلَ ما قالَتْ عَائِشَةُ.

197 -  رَأَيْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه قَبْلَ أنْ يُصَابَ بأَيَّامٍ بالمَدِينَةِ، وقَفَ علَى حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ وعُثْمَانَ بنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: كيفَ فَعَلْتُمَا؟ أتَخَافَانِ أنْ تَكُونَا قدْ حَمَّلْتُما الأرْضَ ما لا تُطِيقُ؟ قَالَا: حَمَّلْنَاهَا أمْرًا هي له مُطِيقَةٌ، ما فِيهَا كَبِيرُ فَضْلٍ، قَالَ: انْظُرَا أنْ تَكُونَا حَمَّلْتُما الأرْضَ ما لا تُطِيقُ، قَالَ: قَالَا: لَا، فَقَالَ عُمَرُ: لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ، لَأَدَعَنَّ أرَامِلَ أهْلِ العِرَاقِ لا يَحْتَجْنَ إلى رَجُلٍ بَعْدِي أبَدًا، قَالَ: فَما أتَتْ عليه إلَّا رَابِعَةٌ حتَّى أُصِيبَ، قَالَ: إنِّي لَقَائِمٌ ما بَيْنِي وبيْنَهُ إلَّا عبدُ اللَّهِ بنُ عَبَّاسٍ غَدَاةَ أُصِيبَ، وكانَ إذَا مَرَّ بيْنَ الصَّفَّيْنِ، قَالَ: اسْتَوُوا، حتَّى إذَا لَمْ يَرَ فِيهِنَّ خَلَلًا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، ورُبَّما قَرَأَ سُورَةَ يُوسُفَ، أوِ النَّحْلَ، أوْ نَحْوَ ذلكَ في الرَّكْعَةِ الأُولَى حتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، فَما هو إلَّا أنْ كَبَّرَ، فَسَمِعْتُهُ يقولُ: قَتَلَنِي -أوْ أكَلَنِي- الكَلْبُ، حِينَ طَعَنَهُ، فَطَارَ العِلْجُ بسِكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ، لا يَمُرُّ علَى أحَدٍ يَمِينًا ولَا شِمَالًا إلَّا طَعَنَهُ، حتَّى طَعَنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، مَاتَ منهمْ سَبْعَةٌ، فَلَمَّا رَأَى ذلكَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ طَرَحَ عليه بُرْنُسًا، فَلَمَّا ظَنَّ العِلْجُ أنَّه مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ، وتَنَاوَلَ عُمَرُ يَدَ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ، فمَن يَلِي عُمَرَ فقَدْ رَأَى الذي أرَى، وأَمَّا نَوَاحِي المَسْجِدِ فإنَّهُمْ لا يَدْرُونَ، غيرَ أنَّهُمْ قدْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ، وهُمْ يقولونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! سُبْحَانَ اللَّهِ! فَصَلَّى بهِمْ عبدُ الرَّحْمَنِ صَلَاةً خَفِيفَةً، فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ: يا ابْنَ عَبَّاسٍ، انْظُرْ مَن قَتَلَنِي، فَجَالَ سَاعَةً ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: غُلَامُ المُغِيرَةِ، قَالَ: الصَّنَعُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ! لقَدْ أمَرْتُ به مَعْرُوفًا، الحَمْدُ لِلَّهِ الذي لَمْ يَجْعَلْ مِيتَتي بيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الإسْلَامَ، قدْ كُنْتَ أنْتَ وأَبُوكَ تُحِبَّانِ أنْ تَكْثُرَ العُلُوجُ بالمَدِينَةِ -وكانَ العَبَّاسُ أكْثَرَهُمْ رَقِيقًا- فَقَالَ: إنْ شِئْتَ فَعَلْتُ -أيْ: إنْ شِئْتَ قَتَلْنَا- قَالَ: كَذَبْتَ، بَعْدَما تَكَلَّمُوا بلِسَانِكُمْ، وصَلَّوْا قِبْلَتَكُمْ، وحَجُّوا حَجَّكُمْ! فَاحْتُمِلَ إلى بَيْتِهِ، فَانْطَلَقْنَا معهُ وكَأنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَومَئذٍ، فَقَائِلٌ يقولُ: لا بَأْسَ، وقَائِلٌ يقولُ: أخَافُ عليه، فَأُتِيَ بنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ، فَخَرَجَ مِن جَوْفِهِ، ثُمَّ أُتِيَ بلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِن جُرْحِهِ، فَعَلِمُوا أنَّه مَيِّتٌ، فَدَخَلْنَا عليه، وجَاءَ النَّاسُ، فَجَعَلُوا يُثْنُونَ عليه، وجَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ، فَقَالَ: أبْشِرْ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ ببُشْرَى اللَّهِ لَكَ؛ مِن صُحْبَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقَدَمٍ في الإسْلَامِ ما قدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ وَلِيتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ شَهَادَةٌ، قَالَ: وَدِدْتُ أنَّ ذلكَ كَفَافٌ لا عَلَيَّ ولَا لِي، فَلَمَّا أدْبَرَ إذَا إزَارُهُ يَمَسُّ الأرْضَ، قَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ الغُلَامَ، قَالَ: يا ابْنَ أخِي، ارْفَعْ ثَوْبَكَ؛ فإنَّه أبْقَى لِثَوْبِكَ، وأَتْقَى لِرَبِّكَ. يا عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ، انْظُرْ ما عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ، فَحَسَبُوهُ فَوَجَدُوهُ سِتَّةً وثَمَانِينَ ألْفًا أوْ نَحْوَهُ، قَالَ: إنْ وَفَى له مَالُ آلِ عُمَرَ، فأدِّهِ مِن أمْوَالِهِمْ، وإلَّا فَسَلْ في بَنِي عَدِيِّ بنِ كَعْبٍ، فإنْ لَمْ تَفِ أمْوَالُهُمْ فَسَلْ في قُرَيْشٍ، ولَا تَعْدُهُمْ إلى غيرِهِمْ، فأدِّ عَنِّي هذا المَالَ. انْطَلِقْ إلى عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، فَقُلْ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلَامَ، ولَا تَقُلْ: أمِيرُ المُؤْمِنِينَ؛ فإنِّي لَسْتُ اليومَ لِلْمُؤْمِنِينَ أمِيرًا، وقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ أنْ يُدْفَنَ مع صَاحِبَيْهِ، فَسَلَّمَ واسْتَأْذَنَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي، فَقَالَ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ السَّلَامَ، ويَسْتَأْذِنُ أنْ يُدْفَنَ مع صَاحِبَيْهِ، فَقَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، ولَأُوثِرَنَّ به اليومَ علَى نَفْسِي، فَلَمَّا أقْبَلَ، قيلَ: هذا عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ قدْ جَاءَ، قَالَ: ارْفَعُونِي، فأسْنَدَهُ رَجُلٌ إلَيْهِ، فَقَالَ: ما لَدَيْكَ؟ قَالَ: الذي تُحِبُّ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ؛ أذِنَتْ، قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ، ما كانَ مِن شَيءٍ أهَمُّ إلَيَّ مِن ذلكَ، فَإِذَا أنَا قَضَيْتُ فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمْ، فَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فإنْ أذِنَتْ لي فأدْخِلُونِي، وإنْ رَدَّتْنِي رُدُّونِي إلى مَقَابِرِ المُسْلِمِينَ، وجَاءَتْ أُمُّ المُؤْمِنِينَ حَفْصَةُ والنِّسَاءُ تَسِيرُ معهَا، فَلَمَّا رَأَيْنَاهَا قُمْنَا، فَوَلَجَتْ عليه، فَبَكَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً. واسْتَأْذَنَ الرِّجَالُ، فَوَلَجَتْ دَاخِلًا لهمْ، فَسَمِعْنَا بُكَاءَهَا مِنَ الدَّاخِلِ، فَقالوا: أوْصِ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، اسْتَخْلِفْ، قَالَ: ما أجِدُ أحَدًا أحَقَّ بهذا الأمْرِ مِن هَؤُلَاءِ النَّفَرِ -أوِ الرَّهْطِ- الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو عنْهمْ رَاضٍ، فَسَمَّى عَلِيًّا، وعُثْمَانَ، والزُّبَيْرَ، وطَلْحَةَ، وسَعْدًا، وعَبْدَ الرَّحْمَنِ ، وقَالَ: يَشْهَدُكُمْ عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ، وليسَ له مِنَ الأمْرِ شَيءٌ -كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ له- فإنْ أصَابَتِ الإمْرَةُ سَعْدًا فَهو ذَاكَ، وإلَّا فَلْيَسْتَعِنْ به أيُّكُمْ ما أُمِّرَ؛ فإنِّي لَمْ أعْزِلْهُ عن عَجْزٍ ولَا خِيَانَةٍ، وقَالَ: أُوصِي الخَلِيفَةَ مِن بَعْدِي بالمُهَاجِرِينَ الأوَّلِينَ؛ أنْ يَعْرِفَ لهمْ حَقَّهُمْ، ويَحْفَظَ لهمْ حُرْمَتَهُمْ، وأُوصِيهِ بالأنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ والإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ؛ أنْ يُقْبَلَ مِن مُحْسِنِهِمْ، وأَنْ يُعْفَى عن مُسِيئِهِمْ، وأُوصِيهِ بأَهْلِ الأمْصَارِ خَيْرًا؛ فإنَّهُمْ رِدْءُ الإسْلَامِ، وجُبَاةُ المَالِ، وغَيْظُ العَدُوِّ، وأَلَّا يُؤْخَذَ منهمْ إلَّا فَضْلُهُمْ عن رِضَاهُمْ، وأُوصِيهِ بالأعْرَابِ خَيْرًا؛ فإنَّهُمْ أصْلُ العَرَبِ، ومَادَّةُ الإسْلَامِ؛ أنْ يُؤْخَذَ مِن حَوَاشِي أمْوَالِهِمْ، ويُرَدَّ علَى فُقَرَائِهِمْ، وأُوصِيهِ بذِمَّةِ اللَّهِ، وذِمَّةِ رَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُوفَى لهمْ بعَهْدِهِمْ، وأَنْ يُقَاتَلَ مِن ورَائِهِمْ، ولَا يُكَلَّفُوا إلَّا طَاقَتَهُمْ. فَلَمَّا قُبِضَ خَرَجْنَا به، فَانْطَلَقْنَا نَمْشِي، فَسَلَّمَ عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ، قَالَ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، قَالَتْ: أدْخِلُوهُ، فَأُدْخِلَ، فَوُضِعَ هُنَالِكَ مع صَاحِبَيْهِ، فَلَمَّا فُرِغَ مِن دَفْنِهِ اجْتَمع هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: اجْعَلُوا أمْرَكُمْ إلى ثَلَاثَةٍ مِنكُمْ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: قدْ جَعَلْتُ أمْرِي إلى عَلِيٍّ، فَقَالَ طَلْحَةُ: قدْ جَعَلْتُ أمْرِي إلى عُثْمَانَ، وقَالَ سَعْدٌ: قدْ جَعَلْتُ أمْرِي إلى عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، فَقَالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: أيُّكُما تَبَرَّأَ مِن هذا الأمْرِ، فَنَجْعَلُهُ إلَيْهِ، واللَّهُ عليه والإِسْلَامُ، لَيَنْظُرَنَّ أفْضَلَهُمْ في نَفْسِهِ؟ فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ، فَقَالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: أفَتَجْعَلُونَهُ إلَيَّ؟ واللَّهُ عَلَيَّ ألَّا آلُ عن أفْضَلِكُمْ؟ قَالَا: نَعَمْ، فأخَذَ بيَدِ أحَدِهِما فَقَالَ: لكَ قَرَابَةٌ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والقَدَمُ في الإسْلَامِ ما قدْ عَلِمْتَ، فَاللَّهُ عَلَيْكَ لَئِنْ أمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ، ولَئِنْ أمَّرْتُ عُثْمَانَ لَتَسْمعنَّ ولَتُطِيعَنَّ، ثُمَّ خَلَا بالآخَرِ فَقَالَ له مِثْلَ ذلكَ، فَلَمَّا أخَذَ المِيثَاقَ قَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ يا عُثْمَانُ، فَبَايَعَهُ، فَبَايَعَ له عَلِيٌّ، ووَلَجَ أهْلُ الدَّارِ فَبَايَعُوهُ.

198 - خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ، حتَّى إذَا كَانُوا ببَعْضِ الطَّرِيقِ قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ بالغَمِيمِ في خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ ، فَخُذُوا ذَاتَ اليَمِينِ. فَوَاللَّهِ ما شَعَرَ بهِمْ خَالِدٌ حتَّى إذَا هُمْ بقَتَرَةِ الجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وسَارَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى إذَا كانَ بالثَّنِيَّةِ الَّتي يُهْبَطُ عليهم منها بَرَكَتْ به رَاحِلَتُهُ ، فَقالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ ، فألَحَّتْ ، فَقالوا: خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، وما ذَاكَ لَهَا بخُلُقٍ، ولَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ ، ثُمَّ قالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلَّا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاهَا، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، قالَ: فَعَدَلَ عنْهمْ حتَّى نَزَلَ بأَقْصَى الحُدَيْبِيَةِ علَى ثَمَدٍ قَلِيلِ المَاءِ، يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حتَّى نَزَحُوهُ، وشُكِيَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِن كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ أمَرَهُمْ أنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَاللَّهِ ما زَالَ يَجِيشُ لهمْ بالرِّيِّ حتَّى صَدَرُوا عنْه، فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إذْ جَاءَ بُدَيْلُ بنُ ورْقَاءَ الخُزَاعِيُّ في نَفَرٍ مِن قَوْمِهِ مِن خُزَاعَةَ، وكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أهْلِ تِهَامَةَ ، فَقالَ: إنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بنَ لُؤَيٍّ وعَامِرَ بنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أعْدَادَ مِيَاهِ الحُدَيْبِيَةِ، ومعهُمُ العُوذُ المَطَافِيلُ ، وهُمْ مُقَاتِلُوكَ وصَادُّوكَ عَنِ البَيْتِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أحَدٍ، ولَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وإنَّ قُرَيْشًا قدْ نَهِكَتْهُمُ الحَرْبُ وأَضَرَّتْ بهِمْ، فإنْ شَاؤُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، ويُخَلُّوا بَيْنِي وبيْنَ النَّاسِ، فإنْ أظْهَرْ: فإنْ شَاؤُوا أنْ يَدْخُلُوا فِيما دَخَلَ فيه النَّاسُ فَعَلُوا، وإلَّا فقَدْ جَمُّوا ، وإنْ هُمْ أبَوْا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ علَى أمْرِي هذا حتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، ولَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أمْرَهُ، فَقالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ ما تَقُولُ. قالَ: فَانْطَلَقَ حتَّى أتَى قُرَيْشًا، قالَ: إنَّا قدْ جِئْنَاكُمْ مِن هذا الرَّجُلِ وسَمِعْنَاهُ يقولُ قَوْلًا، فإنْ شِئْتُمْ أنْ نَعْرِضَهُ علَيْكُم فَعَلْنَا، فَقالَ سُفَهَاؤُهُمْ: لا حَاجَةَ لَنَا أنْ تُخْبِرَنَا عنْه بشَيءٍ، وقالَ ذَوُو الرَّأْيِ منهمْ: هَاتِ ما سَمِعْتَهُ يقولُ، قالَ: سَمِعْتُهُ يقولُ كَذَا وكَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بما قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَامَ عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ فَقالَ: أيْ قَوْمِ، ألَسْتُمْ بالوَالِدِ؟ قالوا: بَلَى، قالَ: أوَلَسْتُ بالوَلَدِ؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فَهلْ تَتَّهِمُونِي؟ قالوا: لَا، قالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنِّي اسْتَنْفَرْتُ أهْلَ عُكَاظٍ ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بأَهْلِي ووَلَدِي ومَن أطَاعَنِي؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فإنَّ هذا قدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، اقْبَلُوهَا ودَعُونِي آتِيهِ، قالوا: ائْتِهِ، فأتَاهُ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَحْوًا مِن قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذلكَ: أيْ مُحَمَّدُ، أرَأَيْتَ إنِ اسْتَأْصَلْتَ أمْرَ قَوْمِكَ، هلْ سَمِعْتَ بأَحَدٍ مِنَ العَرَبِ اجْتَاحَ أهْلَهُ قَبْلَكَ؟ وإنْ تَكُنِ الأُخْرَى، فإنِّي واللَّهِ لَأَرَى وُجُوهًا، وإنِّي لَأَرَى أوْشَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أنْ يَفِرُّوا ويَدَعُوكَ، فَقالَ له أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: امْصُصْ ببَظْرِ اللَّاتِ ، أنَحْنُ نَفِرُّ عنْه ونَدَعُهُ؟! فَقالَ: مَن ذَا؟ قالوا: أبو بَكْرٍ، قالَ: أمَا والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَوْلَا يَدٌ كَانَتْ لكَ عِندِي لَمْ أجْزِكَ بهَا لَأَجَبْتُكَ، قالَ: وجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَكُلَّما تَكَلَّمَ أخَذَ بلِحْيَتِهِ، والمُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ علَى رَأْسِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومعهُ السَّيْفُ وعليه المِغْفَرُ ، فَكُلَّما أهْوَى عُرْوَةُ بيَدِهِ إلى لِحْيَةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بنَعْلِ السَّيْفِ، وقالَ له: أخِّرْ يَدَكَ عن لِحْيَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، فَقالَ: مَن هذا؟ قالوا: المُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ، فَقالَ: أيْ غُدَرُ، ألَسْتُ أسْعَى في غَدْرَتِكَ؟! وكانَ المُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا في الجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ، وأَخَذَ أمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فأسْلَمَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا الإسْلَامَ فأقْبَلُ، وأَمَّا المَالَ فَلَسْتُ منه في شَيءٍ. ثُمَّ إنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أصْحَابَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَيْنَيْهِ، قالَ: فَوَاللَّهِ ما تَنَخَّمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نُخَامَةً إلَّا وقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ منهمْ، فَدَلَكَ بهَا وجْهَهُ وجِلْدَهُ، وإذَا أمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أمْرَهُ، وإذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ علَى وَضُوئِهِ، وإذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وما يُحِدُّونَ إلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا له، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إلى أصْحَابِهِ، فَقالَ: أيْ قَوْمِ، واللَّهِ لقَدْ وفَدْتُ علَى المُلُوكِ، ووَفَدْتُ علَى قَيْصَرَ ، وكِسْرَى، والنَّجَاشِيِّ، واللَّهِ إنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أصْحَابُهُ ما يُعَظِّمُ أصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُحَمَّدًا؛ واللَّهِ إنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إلَّا وقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ منهمْ، فَدَلَكَ بهَا وجْهَهُ وجِلْدَهُ، وإذَا أمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أمْرَهُ، وإذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ علَى وَضُوئِهِ، وإذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وما يُحِدُّونَ إلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا له، وإنَّه قدْ عَرَضَ علَيْكُم خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا. فَقالَ رَجُلٌ مِن بَنِي كِنَانَةَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقالوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أشْرَفَ علَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَصْحَابِهِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا فُلَانٌ، وهو مِن قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ البُدْنَ ، فَابْعَثُوهَا له فَبُعِثَتْ له، واسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذلكَ قالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! ما يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إلى أصْحَابِهِ، قالَ: رَأَيْتُ البُدْنَ قدْ قُلِّدَتْ وأُشْعِرَتْ، فَما أَرَى أنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ. فَقَامَ رَجُلٌ منهمْ يُقَالُ له: مِكْرَزُ بنُ حَفْصٍ، فَقالَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقالوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أشْرَفَ عليهم، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا مِكْرَزٌ، وهو رَجُلٌ فَاجِرٌ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبيْنَما هو يُكَلِّمُهُ إذْ جَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو. قالَ مَعْمَرٌ: فأخْبَرَنِي أيُّوبُ، عن عِكْرِمَةَ: أنَّه لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِن أمْرِكُمْ. قالَ مَعْمَرٌ: قالَ الزُّهْرِيُّ في حَديثِهِ: فَجَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو، فَقالَ: هَاتِ اكْتُبْ بيْنَنَا وبيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الكَاتِبَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قالَ سُهَيْلٌ: أمَّا الرَّحْمَنُ ، فَوَاللَّهِ ما أدْرِي ما هو، ولَكِنِ اكْتُبْ «باسْمِكَ اللَّهُمَّ» كما كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقالَ المُسْلِمُونَ: واللَّهِ لا نَكْتُبُهَا إلَّا «بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اكْتُبْ «باسْمِكَ اللَّهُمَّ»، ثُمَّ قالَ: هذا ما قَاضَى عليه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ، فَقالَ سُهَيْلٌ: واللَّهِ لو كُنَّا نَعْلَمُ أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ ما صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ، ولَا قَاتَلْنَاكَ، ولَكِنِ اكْتُبْ «مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ»، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللَّهِ إنِّي لَرَسولُ اللَّهِ، وإنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ «مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ» -قالَ الزُّهْرِيُّ: وذلكَ لِقَوْلِهِ: لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلَّا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاهَا- فَقالَ له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: علَى أنْ تُخَلُّوا بيْنَنَا وبيْنَ البَيْتِ، فَنَطُوفَ به، فَقالَ سُهَيْلٌ: واللَّهِ لا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً ، ولَكِنْ ذلكَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَكَتَبَ، فَقالَ سُهَيْلٌ: وعلَى أنَّه لا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وإنْ كانَ علَى دِينِكَ إلَّا رَدَدْتَهُ إلَيْنَا، قالَ المُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! كيفَ يُرَدُّ إلى المُشْرِكِينَ وقدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟! فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إذْ دَخَلَ أبو جَنْدَلِ بنُ سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ في قُيُودِهِ، وقدْ خَرَجَ مِن أسْفَلِ مَكَّةَ حتَّى رَمَى بنَفْسِهِ بيْنَ أظْهُرِ المُسْلِمِينَ، فَقالَ سُهَيْلٌ: هذا -يا مُحَمَّدُ- أوَّلُ ما أُقَاضِيكَ عليه أنْ تَرُدَّهُ إلَيَّ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ، قالَ: فَوَاللَّهِ إذًا لَمْ أُصَالِحْكَ علَى شَيءٍ أبَدًا، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فأَجِزْهُ لِي ، قالَ: ما أنَا بمُجِيزِهِ لَكَ، قالَ: بَلَى فَافْعَلْ، قالَ: ما أنَا بفَاعِلٍ، قالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قدْ أجَزْنَاهُ لَكَ، قالَ أبو جَنْدَلٍ: أيْ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إلى المُشْرِكِينَ وقدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، ألَا تَرَوْنَ ما قدْ لَقِيتُ؟! وكانَ قدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا في اللَّهِ ، قالَ: فَقالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: فأتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقُلتُ: ألَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: ألَسْنَا علَى الحَقِّ وعَدُوُّنَا علَى البَاطِلِ؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا إذًا؟ قالَ: إنِّي رَسولُ اللَّهِ، ولَسْتُ أعْصِيهِ، وهو نَاصِرِي، قُلتُ: أوَليسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أنَّا سَنَأْتي البَيْتَ فَنَطُوفُ بهِ؟ قالَ: بَلَى، فأخْبَرْتُكَ أنَّا نَأْتِيهِ العَامَ؟ قالَ: قُلتُ: لَا، قالَ: فإنَّكَ آتِيهِ ومُطَّوِّفٌ به، قالَ: فأتَيْتُ أبَا بَكْرٍ فَقُلتُ: يا أبَا بَكْرٍ، أليسَ هذا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: ألَسْنَا علَى الحَقِّ وعَدُوُّنَا علَى البَاطِلِ؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا إذًا؟ قالَ: أيُّها الرَّجُلُ، إنَّه لَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وليسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وهو نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بغَرْزِهِ؛ فَوَاللَّهِ إنَّه علَى الحَقِّ، قُلتُ: أليسَ كانَ يُحَدِّثُنَا أنَّا سَنَأْتي البَيْتَ ونَطُوفُ بهِ؟ قالَ: بَلَى، أفَأَخْبَرَكَ أنَّكَ تَأْتِيهِ العَامَ؟ قُلتُ: لَا، قالَ: فإنَّكَ آتِيهِ ومُطَّوِّفٌ به. قالَ الزُّهْرِيُّ: قالَ عُمَرُ: فَعَمِلْتُ لِذلكَ أعْمَالًا. قالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِن قَضِيَّةِ الكِتَابِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا، قالَ: فَوَاللَّهِ ما قَامَ منهمْ رَجُلٌ حتَّى قالَ ذلكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ منهمْ أحَدٌ دَخَلَ علَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا ما لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، أتُحِبُّ ذلكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ كَلِمَةً، حتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ حتَّى فَعَلَ ذلكَ؛ نَحَرَ بُدْنَهُ ، ودَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذلكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا، وجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} حتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]، فَطَلَّقَ عُمَرُ يَومَئذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا له في الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إحْدَاهُما مُعَاوِيَةُ بنُ أبِي سُفْيَانَ، والأُخْرَى صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ. ثُمَّ رَجَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أبو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِن قُرَيْشٍ وهو مُسْلِمٌ، فأرْسَلُوا في طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقالوا: العَهْدَ الذي جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إلى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا به حتَّى بَلَغَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِن تَمْرٍ لهمْ، فَقالَ أبو بَصِيرٍ لأحَدِ الرَّجُلَيْنِ: واللَّهِ إنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هذا يا فُلَانُ جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ، فَقالَ: أجَلْ ، واللَّهِ إنَّه لَجَيِّدٌ، لقَدْ جَرَّبْتُ به، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقالَ أبو بَصِيرٍ: أَرِنِي أنْظُرْ إلَيْهِ، فأمْكَنَهُ منه، فَضَرَبَهُ حتَّى بَرَدَ ، وفَرَّ الآخَرُ حتَّى أتَى المَدِينَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ يَعْدُو، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ رَآهُ: لقَدْ رَأَى هذا ذُعْرًا ، فَلَمَّا انْتَهَى إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: قُتِلَ واللَّهِ صَاحِبِي وإنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أبو بَصِيرٍ فَقالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، قدْ -واللَّهِ- أوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ ؛ قدْ رَدَدْتَنِي إليهِم، ثُمَّ أنْجَانِي اللَّهُ منهمْ، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ويْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ! لو كانَ له أحَدٌ. فَلَمَّا سَمِعَ ذلكَ عَرَفَ أنَّه سَيَرُدُّهُ إليهِم، فَخَرَجَ حتَّى أتَى سِيفَ البَحْرِ ، قالَ: ويَنْفَلِتُ منهمْ أبو جَنْدَلِ بنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لا يَخْرُجُ مِن قُرَيْشٍ رَجُلٌ قدْ أسْلَمَ إلَّا لَحِقَ بأَبِي بَصِيرٍ، حتَّى اجْتَمعتْ منهمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ ما يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إلى الشَّأْمِ إلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وأَخَذُوا أمْوَالَهُمْ، فأرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تُنَاشِدُهُ باللَّهِ والرَّحِمِ، لَمَّا أرْسَلَ، فمَن أتَاهُ فَهو آمِنٌ، فأرْسَلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليهِم، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} حتَّى بَلَغَ {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24 - 26]، وكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أنَّه نَبِيُّ اللَّهِ، ولَمْ يُقِرُّوا بـ«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، وحَالُوا بيْنَهُمْ وبيْنَ البَيْتِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2731
التصنيف الموضوعي: حج - الإحصار صلح - الصلح مع المشركين صلح - كتابة الصلح فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي مغازي - صلح الحديبية
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

199 -  أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ -وكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِن بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ- قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عن قِصَّةِ تَبُوكَ ، قَالَ كَعْبٌ: لَمْ أتَخَلَّفْ عن رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةٍ غَزَاهَا إلَّا في غَزْوَةِ تَبُوكَ ، غيرَ أنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ في غَزْوَةِ بَدْرٍ، ولَمْ يُعَاتِبْ أحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا، إنَّما خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حتَّى جَمَعَ اللَّهُ بيْنَهُمْ وبيْنَ عَدُوِّهِمْ علَى غيرِ مِيعَادٍ، ولقَدْ شَهِدْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا علَى الإسْلَامِ ، وما أُحِبُّ أنَّ لي بهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وإنْ كَانَتْ بَدْرٌ أذْكَرَ في النَّاسِ منها، كانَ مِن خَبَرِي: أنِّي لَمْ أكُنْ قَطُّ أقْوَى ولَا أيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عنْه في تِلكَ الغَزَاةِ، واللَّهِ ما اجْتَمعتْ عِندِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ، حتَّى جَمَعْتُهُما في تِلكَ الغَزْوَةِ، ولَمْ يَكُنْ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرِيدُ غَزْوَةً إلَّا وَرَّى بغَيْرِهَا، حتَّى كَانَتْ تِلكَ الغَزْوَةُ، غَزَاهَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَرٍّ شَدِيدٍ، واسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا ومَفَازًا وعَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أمْرَهُمْ؛ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ ، فأخْبَرَهُمْ بوَجْهِهِ الذي يُرِيدُ، والمُسْلِمُونَ مع رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَثِيرٌ، ولَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ -يُرِيدُ الدِّيوَانَ- قَالَ كَعْبٌ: فَما رَجُلٌ يُرِيدُ أنْ يَتَغَيَّبَ إلَّا ظَنَّ أنْ سَيَخْفَى له، ما لَمْ يَنْزِلْ فيه وَحْيُ اللَّهِ، وغَزَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تِلكَ الغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ والظِّلَالُ، وتَجَهَّزَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والمُسْلِمُونَ معهُ، فَطَفِقْتُ أغْدُو لِكَيْ أتَجَهَّزَ معهُمْ، فأرْجِعُ ولَمْ أقْضِ شيئًا، فأقُولُ في نَفْسِي: أنَا قَادِرٌ عليه، فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بي حتَّى اشْتَدَّ بالنَّاسِ الجِدُّ ، فأصْبَحَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والمُسْلِمُونَ معهُ، ولَمْ أقْضِ مِن جَهَازِي شيئًا، فَقُلتُ: أتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بيَومٍ أوْ يَومَيْنِ، ثُمَّ ألْحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أنْ فَصَلُوا لِأتَجَهَّزَ، فَرَجَعْتُ ولَمْ أقْضِ شيئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ ولَمْ أقْضِ شيئًا، فَلَمْ يَزَلْ بي حتَّى أسْرَعُوا وتَفَارَطَ الغَزْوُ، وهَمَمْتُ أنْ أرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، ولَيْتَنِي فَعَلْتُ! فَلَمْ يُقَدَّرْ لي ذلكَ، فَكُنْتُ إذَا خَرَجْتُ في النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَطُفْتُ فيهم، أحْزَنَنِي أنِّي لا أرَى إلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عليه النِّفَاقُ، أوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ، ولَمْ يَذْكُرْنِي رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى بَلَغَ تَبُوكَ ، فَقَالَ وهو جَالِسٌ في القَوْمِ بتَبُوكَ: ما فَعَلَ كَعْبٌ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِن بَنِي سَلِمَةَ: يا رَسولَ اللَّهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ ونَظَرُهُ في عِطْفِهِ، فَقَالَ مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ: بئْسَ ما قُلْتَ، واللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ ما عَلِمْنَا عليه إلَّا خَيْرًا، فَسَكَتَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أنَّه تَوَجَّهَ قَافِلًا، حَضَرَنِي هَمِّي، وطَفِقْتُ أتَذَكَّرُ الكَذِبَ، وأَقُولُ: بمَاذَا أخْرُجُ مِن سَخَطِهِ غَدًا؟! واسْتَعَنْتُ علَى ذلكَ بكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِن أهْلِي، فَلَمَّا قيلَ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ أظَلَّ قَادِمًا، زَاحَ عَنِّي البَاطِلُ، وعَرَفْتُ أنِّي لَنْ أخْرُجَ منه أبَدًا بشَيءٍ فيه كَذِبٌ، فأجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وأَصْبَحَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَادِمًا، وكانَ إذَا قَدِمَ مِن سَفَرٍ، بَدَأَ بالمَسْجِدِ، فَيَرْكَعُ فيه رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذلكَ جَاءَهُ المُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إلَيْهِ ويَحْلِفُونَ له، وكَانُوا بِضْعَةً وثَمَانِينَ رَجُلًا، فَقَبِلَ منهمْ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلَانِيَتَهُمْ، وبَايَعَهُمْ واسْتَغْفَرَ لهمْ، ووَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إلى اللَّهِ، فَجِئْتُهُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ عليه تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ: تَعَالَ، فَجِئْتُ أمْشِي حتَّى جَلَسْتُ بيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: ما خَلَّفَكَ؟ ألَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ فَقُلتُ: بَلَى، إنِّي واللَّهِ لو جَلَسْتُ عِنْدَ غيرِكَ مِن أهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أنْ سَأَخْرُجُ مِن سَخَطِهِ بعُذْرٍ، ولقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا ، ولَكِنِّي واللَّهِ، لقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليومَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى به عَنِّي، لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، ولَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، إنِّي لَأَرْجُو فيه عَفْوَ اللَّهِ، لا واللَّهِ، ما كانَ لي مِن عُذْرٍ، واللَّهِ ما كُنْتُ قَطُّ أقْوَى، ولَا أيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا هذا فقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ. فَقُمْتُ، وثَارَ رِجَالٌ مِن بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي، فَقالوا لِي: واللَّهِ ما عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هذا، ولقَدْ عَجَزْتَ أنْ لا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما اعْتَذَرَ إلَيْهِ المُتَخَلِّفُونَ، قدْ كانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَكَ، فَوَاللَّهِ ما زَالُوا يُؤَنِّبُونِي حتَّى أرَدْتُ أنْ أرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، ثُمَّ قُلتُ لهمْ: هلْ لَقِيَ هذا مَعِي أحَدٌ؟ قالوا: نَعَمْ، رَجُلَانِ قَالَا مِثْلَ ما قُلْتَ، فقِيلَ لهما مِثْلُ ما قيلَ لَكَ، فَقُلتُ: مَن هُمَا؟ قالوا: مُرَارَةُ بنُ الرَّبِيعِ العَمْرِيُّ، وهِلَالُ بنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ، فَذَكَرُوا لي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِما أُسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُما لِي، ونَهَى رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُسْلِمِينَ عن كَلَامِنَا أيُّها الثَّلَاثَةُ مِن بَيْنِ مَن تَخَلَّفَ عنْه، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، وتَغَيَّرُوا لَنَا حتَّى تَنَكَّرَتْ في نَفْسِي الأرْضُ، فَما هي الَّتي أعْرِفُ، فَلَبِثْنَا علَى ذلكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فأمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وقَعَدَا في بُيُوتِهِما يَبْكِيَانِ، وأَمَّا أنَا، فَكُنْتُ أشَبَّ القَوْمِ وأَجْلَدَهُمْ ، فَكُنْتُ أخْرُجُ فأشْهَدُ الصَّلَاةَ مع المُسْلِمِينَ، وأَطُوفُ في الأسْوَاقِ ولَا يُكَلِّمُنِي أحَدٌ، وآتي رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَأُسَلِّمُ عليه وهو في مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فأقُولُ في نَفْسِي: هلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ برَدِّ السَّلَامِ عَلَيَّ أمْ لَا؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا منه، فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ ، فَإِذَا أقْبَلْتُ علَى صَلَاتي أقْبَلَ إلَيَّ، وإذَا التَفَتُّ نَحْوَهُ أعْرَضَ عَنِّي، حتَّى إذَا طَالَ عَلَيَّ ذلكَ مِن جَفْوَةِ النَّاسِ ، مَشَيتُ حتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أبِي قَتَادَةَ، وهو ابنُ عَمِّي وأَحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عليه، فَوَاللَّهِ ما رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَقُلتُ: يا أبَا قَتَادَةَ، أنْشُدُكَ باللَّهِ، هلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ؟ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ له فَنَشَدْتُهُ، فَسَكَتَ، فَعُدْتُ له فَنَشَدْتُهُ، فَقَالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وتَوَلَّيْتُ حتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَارَ، قَالَ: فَبيْنَا أنَا أمْشِي بسُوقِ المَدِينَةِ، إذَا نَبَطِيٌّ مِن أنْبَاطِ أهْلِ الشَّأْمِ، مِمَّنْ قَدِمَ بالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بالمَدِينَةِ، يقولُ: مَن يَدُلُّ علَى كَعْبِ بنِ مَالِكٍ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ له، حتَّى إذَا جَاءَنِي دَفَعَ إلَيَّ كِتَابًا مِن مَلِكِ غَسَّانَ، فَإِذَا فِيهِ: أمَّا بَعْدُ؛ فإنَّه قدْ بَلَغَنِي أنَّ صَاحِبَكَ قدْ جَفَاكَ، ولَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بدَارِ هَوَانٍ ولَا مَضْيَعَةٍ ، فَالْحَقْ بنَا نُوَاسِكَ ، فَقُلتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا: وهذا أيضًا مِنَ البَلَاءِ، فَتَيَمَّمْتُ بهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بهَا، حتَّى إذَا مَضَتْ أرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنَ الخَمْسِينَ، إذَا رَسولُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأْتِينِي، فَقَالَ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأْمُرُكَ أنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ، فَقُلتُ: أُطَلِّقُهَا أمْ مَاذَا أفْعَلُ؟ قَالَ: لَا، بَلِ اعْتَزِلْهَا ولَا تَقْرَبْهَا، وأَرْسَلَ إلى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذلكَ، فَقُلتُ لِامْرَأَتِي: الْحَقِي بأَهْلِكِ، فَتَكُونِي عِنْدَهُمْ حتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ في هذا الأمْرِ، قَالَ كَعْبٌ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلَالِ بنِ أُمَيَّةَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ: إنَّ هِلَالَ بنَ أُمَيَّةَ شيخٌ ضَائِعٌ، ليسَ له خَادِمٌ ، فَهلْ تَكْرَهُ أنْ أخْدُمَهُ؟ قَالَ: لَا، ولَكِنْ لا يَقْرَبْكِ. قَالَتْ: إنَّه واللَّهِ ما به حَرَكَةٌ إلى شَيءٍ، واللَّهِ ما زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كانَ مِن أمْرِهِ ما كانَ إلى يَومِهِ هذا، فَقَالَ لي بَعْضُ أهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في امْرَأَتِكَ كما أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلَالِ بنِ أُمَيَّةَ أنْ تَخْدُمَهُ؟ فَقُلتُ: واللَّهِ لا أسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما يُدْرِينِي ما يقولُ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ؟ فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذلكَ عَشْرَ لَيَالٍ، حتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِن حِينَ نَهَى رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن كَلَامِنَا، فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلَاةَ الفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً وأَنَا علَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِن بُيُوتِنَا، فَبيْنَا أنَا جَالِسٌ علَى الحَالِ الَّتي ذَكَرَ اللَّهُ؛ قدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وضَاقَتْ عَلَيَّ الأرْضُ بما رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ، أوْفَى علَى جَبَلِ سَلْعٍ بأَعْلَى صَوْتِهِ: يا كَعْبُ بنَ مَالِكٍ، أبْشِرْ ، قَالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وعَرَفْتُ أنْ قدْ جَاءَ فَرَجٌ، وآذَنَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، ورَكَضَ إلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا، وسَعَى سَاعٍ مِن أسْلَمَ، فأوْفَى علَى الجَبَلِ، وكانَ الصَّوْتُ أسْرَعَ مِنَ الفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الذي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي، نَزَعْتُ له ثَوْبَيَّ، فَكَسَوْتُهُ إيَّاهُمَا ببُشْرَاهُ، واللَّهِ ما أمْلِكُ غَيْرَهُما يَومَئذٍ، واسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، وانْطَلَقْتُ إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنُّونِي بالتَّوْبَةِ، يَقولونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ، قَالَ كَعْبٌ: حتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إلَيَّ طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حتَّى صَافَحَنِي وهَنَّانِي، واللَّهِ ما قَامَ إلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ، ولَا أنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ علَى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ: أبْشِرْ بخَيْرِ يَومٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ ولَدَتْكَ أُمُّكَ، قَالَ: قُلتُ: أمِنْ عِندِكَ يا رَسولَ اللَّهِ أمْ مِن عِندِ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، بَلْ مِن عِندِ اللَّهِ. وكانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حتَّى كَأنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وكُنَّا نَعْرِفُ ذلكَ منه، فَلَمَّا جَلَسْتُ بيْنَ يَدَيْهِ قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ مِن تَوْبَتي أنْ أنْخَلِعَ مِن مَالِي صَدَقَةً إلى اللَّهِ وإلَى رَسولِ اللَّهِ، قَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ؛ فَهو خَيْرٌ لَكَ. قُلتُ: فإنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الذي بخَيْبَرَ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ إنَّما نَجَّانِي بالصِّدْقِ، وإنَّ مِن تَوْبَتي أنْ لا أُحَدِّثَ إلَّا صِدْقًا ما بَقِيتُ. فَوَاللَّهِ ما أعْلَمُ أحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ أبْلَاهُ اللَّهُ في صِدْقِ الحَديثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذلكَ لِرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أحْسَنَ ممَّا أبْلَانِي؛ ما تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذلكَ لِرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى يَومِي هذا كَذِبًا، وإنِّي لَأَرْجُو أنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيما بَقِيتُ، وأَنْزَلَ اللَّهُ علَى رَسولِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} إلى قَوْلِهِ: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 117 - 119]، فَوَاللَّهِ ما أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِن نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أنْ هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ، أعْظَمَ في نَفْسِي مِن صِدْقِي لِرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أنْ لا أكُونَ كَذَبْتُهُ، فأهْلِكَ كما هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا؛ فإنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا -حِينَ أنْزَلَ الوَحْيَ- شَرَّ ما قَالَ لأحَدٍ، فَقَالَ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ} إلى قَوْلِهِ: {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 96]. قَالَ كَعْبٌ: وكُنَّا تَخَلَّفْنَا أيُّها الثَّلَاثَةُ عن أمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ منهمْ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ حَلَفُوا له، فَبَايَعَهُمْ واسْتَغْفَرَ لهمْ، وأَرْجَأَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمْرَنَا حتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذلكَ قَالَ اللَّهُ: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118]، وليسَ الذي ذَكَرَ اللَّهُ ممَّا خُلِّفْنَا عَنِ الغَزْوِ؛ إنَّما هو تَخْلِيفُهُ إيَّانَا، وإرْجَاؤُهُ أمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ له واعْتَذَرَ إلَيْهِ فَقَبِلَ منه.
 

1 - طَلَّقَ ابنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وهي حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ: لِيُرَاجِعْهَا قُلتُ: تُحْتَسَبُ؟ قَالَ: فَمَهْ؟ وعَنْ قَتَادَةَ، عن يُونُسَ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا قُلتُ: تُحْتَسَبُ؟ قَالَ: أرَأَيْتَ إنْ عَجَزَ واسْتَحْمَقَ. عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: حُسِبَتْ عَلَيَّ بتَطْلِيقَةٍ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5252 التخريج : أخرجه البخاري (5252)، ومسلم (1471)
التصنيف الموضوعي: طلاق - الرجعة طلاق - طلاق الحائض طلاق - طلاق السنة وطلاق البدعة طلاق - ما يقع وما لا يقع على امرأته من الطلاق طلاق - مراجعة الحائض
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

2 - أنَّه طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وهي حَائِضٌ، علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلكَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أمْسَكَ بَعْدُ، وإنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتي أمَرَ اللَّهُ أنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5251 التخريج : أخرجه مسلم (1471) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة الطلاق طلاق - الرجعة طلاق - طلاق الحائض طلاق - طلاق السنة وطلاق البدعة طلاق - مراجعة الحائض
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

3 - مَثَلُ المُؤْمِنِ كَالخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، تُفَيِّئُهَا الرِّيحُ مَرَّةً، وتَعْدِلُهَا مَرَّةً، ومَثَلُ المُنَافِقِ كَالأرْزَةِ ، لا تَزَالُ حتَّى يَكونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً واحِدَةً
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : كعب بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5643 التخريج : أخرجه البخاري (5643)، ومسلم (2810)
التصنيف الموضوعي: إيمان - صفات المؤمنين رقائق وزهد - مثل المؤمن نفاق - علامة المنافق وصفاته نفاق - مثل المنافق آداب عامة - ضرب الأمثال
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

4 - تَوَضَّأَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرَّةً مَرَّةً.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 157 التخريج : من أفراد البخاري على مسلم
التصنيف الموضوعي: وضوء - التخفيف في الوضوء وضوء - صفة الوضوء وضوء - عدد مرات الوضوء وضوء - الوضوء مرة ومرتين وثلاثا والنهي عن مجاوزة ذلك
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

5 - سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، علَى المِنْبَرِ والحَسَنُ إلى جَنْبِهِ، يَنْظُرُ إلى النَّاسِ مَرَّةً وإلَيْهِ مَرَّةً، ويقولُ: ابْنِي هذا سَيِّدٌ، ولَعَلَّ اللَّهَ أنْ يُصْلِحَ به بيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ.

6 - أَهْدَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرَّةً غَنَمًا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 1701 التخريج : أخرجه مسلم (1321)، وأبو داود (1755) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: حج - إهلال النبي صلى الله عليه وسلم وهديه حج - حجة النبي صلى الله عليه وسلم حج - ما يجوز من الهدي حج - مناسك الحج
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

7 -  أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا فَرَغَ مِن طَعَامِهِ -وقالَ مَرَّةً: إذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ- قالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي كَفَانَا وأَرْوَانَا، غيرَ مَكْفِيٍّ ولَا مَكْفُورٍ . وقالَ مَرَّةً: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّنَا، غيرَ مَكْفِيٍّ ولَا مُوَدَّعٍ ولَا مُسْتَغْنًى، رَبَّنَا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5459 التخريج : أخرجه أبو داود (3849)، والترمذي (3456)، وابن ماجه (3284)، وابن حبان (6634) واللفظ لهم.
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - أذكار الطعام أدعية وأذكار - حمد الله بعد الأكل والشرب أطعمة - آداب الأكل أطعمة - ما يقول إذا فرغ من الطعام آداب عامة - آداب الطعام
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

8 - واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6307 التخريج : من أفراد البخاري على مسلم
التصنيف الموضوعي: استغفار - استحباب الاستغفار والإكثار منه استغفار - فضل الاستغفار توبة - الحض على التوبة استغفار - استغفار النبي صلى الله عليه وسلم باليوم والليلة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

9 - مَن قال: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِائَةَ مَرَّةٍ؛ حُطَّتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6405 التخريج : أخرجه البخاري (6405) واللفظ له، ومسلم (2691) مطولاً
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - فضل الذكر أدعية وأذكار - فضل سبحان الله وبحمده استغفار - أسباب المغفرة أدعية وأذكار - الحث على ذكر الله تعالى استغفار - مكفرات الذنوب
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

10 - إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ ، لا نَكْتُبُ ولَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وهَكَذَا. يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وعِشْرِينَ، ومَرَّةً ثَلَاثِينَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 1913 التخريج : أخرجه مسلم (1080) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: صيام - ما جاء أن الشهر يكون تسعا وعشرين طلاق - الإشارة بالطلاق والأمور آداب عامة - ضرب الأمثال صيام - الشهر يكون تسعا وعشرين
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

11 - أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا في كِتَابَتِهَا ، فَقالَتْ: إنْ شِئْتِ أعْطَيْتُ أهْلَكِ ويَكونُ الوَلَاءُ لِي، وقالَ أهْلُهَا: إنْ شِئْتِ أعْطَيْتِهَا ما بَقِيَ - وقالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: إنْ شِئْتِ أعْتَقْتِهَا، ويَكونُ الوَلَاءُ لَنَا - فَلَمَّا جَاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَّرَتْهُ ذلكَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ابْتَاعِيهَا فأعْتِقِيهَا، فإنَّ الوَلَاءَ لِمَن أعْتَقَ. ثُمَّ قَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ - وقالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فَصَعِدَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ - فَقالَ: ما بَالُ أقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا ليسَ في كِتَابِ اللَّهِ؟! مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا ليسَ في كِتَابِ اللَّهِ، فليسَ له، وإنِ اشْتَرَطَ مِئَةَ مَرَّةٍ.
خلاصة حكم المحدث : [أورده في صحيحه] وقال : رواه مالك عن يحيى عن عمرة أن بريرة . ولم يذكر صعد المنبر
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 456 التخريج : أخرجه البخاري (456)، ومسلم (1504)
التصنيف الموضوعي: بيوع - الشروط في البيع جمعة - الخطبة على المنبر عتق وولاء - الاشتراط في المكاتبة عتق وولاء - الولاء لمن أعتق مناقب وفضائل - بريرة مولاة عائشة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

12 - كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأضَاحِيِّ علَى عَهْدِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المَدِينَةِ وقالَ غيرَ مَرَّةٍ: لُحُومَ الهَدْيِ .

13 - الشَّهْرُ هَكَذا وهَكَذا وهَكَذا - يَعْنِي: ثَلاثِينَ - ثُمَّ قالَ: وهَكَذا وهَكَذا وهَكَذا - يَعْنِي تِسْعًا وعِشْرِينَ - يقولُ: مَرَّةً ثَلاثِينَ، ومَرَّةً تِسْعًا وعِشْرِينَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5302 التخريج : أخرجه مسلم (1080) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: صيام - ما جاء أن الشهر يكون تسعا وعشرين صيام - الشهر يكون تسعا وعشرين صيام - الصوم لرؤية الهلال
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

14 - أَذْكُرُ أنِّي خَرَجْتُ مع الغِلْمانِ إلى ثَنِيَّةِ الوَداعِ ، نَتَلَقَّى رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقالَ سُفْيانُ مَرَّةً : مع الصِّبْيانِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : السائب بن يزيد | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4426 التخريج : أخرجه أبو داود (2779) بنحوه، والترمذي (1718) بنحوه، وأحمد (15721) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: جهاد - استقبال الغزاة أدعية وأذكار - الدعاء للصبيان ومسح رؤوسهم مغازي - غزوة تبوك إيمان - حب الرسول مغازي - تشييع الغازي والدعاء له واستقباله
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

15 - أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَهُ أنْ يُرْدِفَ عَائِشَةَ، ويُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ ، قالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: سَمِعْتُ عَمْرًا كَمْ سَمِعْتُهُ مِن عَمْرٍو.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 1784 التخريج : أخرجه مسلم (1212)، وابن ماجه (2999) كلاهما بلفظه، وأبو داود (1995)، والترمذي (934) كلاهما بنحوه.
التصنيف الموضوعي: حج - مواقيت الحج والعمرة الزمانية والمكانية سفر - جواز الإرداف على الدابة عمرة - العمرة من التنعيم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

16 - غَزَوْتُ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وخَرَجْتُ فِيما يَبْعَثُ مِنَ البُعُوثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، مَرَّةً عَلَيْنَا أبو بَكْرٍ، ومَرَّةً عَلَيْنَا أُسَامَةُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح] [قوله: وقال عمر بن حفص... معلق]
الراوي : سلمة بن الأكوع | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4270 التخريج : أخرجه مسلم (1815) وابن حبان (7174) والحاكم (4961) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: سرايا - تأمير الأمراء على البعوث والسرايا ووصيتهم مغازي - عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق مناقب وفضائل - أسامة بن زيد مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

17 - كانَ ابنُ عُمَرَ، إذَا سُئِلَ عَمَّنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا، قالَ: لو طَلَّقْتَ مَرَّةً أوْ مَرَّتَيْنِ، فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَنِي بهذا، فإنْ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا حَرُمَتْ حتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ.
خلاصة حكم المحدث : [معلق]
الراوي : نافع مولى ابن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5264 التخريج : أخرجه مسلم (1471)، وأحمد (6061)،_x000D_ والدارقطني (3966)، باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: طلاق - الترهيب من الطلاق طلاق - طلاق الثلاث طلاق - طلاق الحائض طلاق - عدد الطلاق اعتصام بالسنة - أوامر النبي ونواهيه وتقريراته
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

18 - فِينَا نَزَلَتْ: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنكُم أنْ تَفْشَلَا ، واللَّهُ ولِيُّهُمَا} قَالَ: نَحْنُ الطَّائِفَتَانِ بَنُو حَارِثَةَ، وبَنُو سَلِمَةَ وما نُحِبُّ - وقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً - وما يَسُرُّنِي أنَّهَا لَمْ تُنْزَلْ لِقَوْلِ اللَّهِ: {وَاللَّهُ ولِيُّهُمَا}
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4558 التخريج : أخرجه مسلم (2505) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة آل عمران جهاد - الشجاعة في الحرب والجبن قرآن - أسباب النزول قرآن - نزول القرآن مناقب وفضائل - فضائل الأنصار
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

19 - أنَّ أهْلَ المَدِينَةِ فَزِعُوا مَرَّةً، فَرَكِبَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَرَسًا لأبِي طَلْحَةَ كانَ يَقْطِفُ - أوْ كانَ فيه قِطافٌ - فَلَمَّا رَجَعَ قالَ: وجَدْنا فَرَسَكُمْ هذا بَحْرًا، فَكانَ بَعْدَ ذلكَ لا يُجارَى.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2867 التخريج : أخرجه مسلم (2307) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: خيل - الفرس القطوف خيل - فضل الخيل فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - شجاعة النبي خيل - خيل الصحابة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

20 - كانَ يَعْرِضُ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَعَرَضَ عليه مَرَّتَيْنِ في العَامِ الذي قُبِضَ فِيهِ، وكانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ عَامٍ عَشْرًا، فَاعْتَكَفَ عِشْرِينَ في العَامِ الذي قُبِضَ فِيهِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4998 التخريج : أخرجه البخاري (4998)
التصنيف الموضوعي: اعتكاف - اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم قرآن - عرض القرآن ملائكة - أعمال الملائكة رقائق وزهد - الازدياد من الخير في أواخر العمر
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

21 - ما مِن عَبْدٍ يَمُوتُ له عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ، يَسُرُّهُ أنْ يَرْجِعَ إلى الدُّنْيا وأنَّ له الدُّنْيا وما فيها، إلَّا الشَّهِيدَ؛ لِما يَرَى مِن فَضْلِ الشَّهادَةِ؛ فإنَّه يَسُرُّهُ أنْ يَرْجِعَ إلى الدُّنْيا، فيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2795 التخريج : أخرجه البخاري (2795)، ومسلم (1877)
التصنيف الموضوعي: إيمان - تفاضل أهل الإيمان جهاد - الترغيب في الجهاد جهاد - فضل الشهيد جنائز وموت - فضل موت الشهادة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

22 - بيْنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْطُبُ، إذَا هو برَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عنْه فَقالوا: أبو إسْرَائِيلَ، نَذَرَ أنْ يَقُومَ ولَا يَقْعُدَ، ولَا يَسْتَظِلَّ، ولَا يَتَكَلَّمَ، ويَصُومَ. فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ ولْيَسْتَظِلَّ ولْيَقْعُدْ، ولْيُتِمَّ صَوْمَهُ

23 - صَحِبْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَلَاثَ سِنِينَ لَمْ أكُنْ في سِنِيَّ أحْرَصَ علَى أنْ أعِيَ الحَدِيثَ مِنِّي فِيهِنَّ، سَمِعْتُهُ يقولُ: وقَالَ هَكَذَا بيَدِهِ: بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ وهو هذا البَارِزُ، وقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً وهُمْ أهْلُ البَازِرِ.

24 - ما رَأَيْتُ أحَدًا أحْسَنَ في حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مِنَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ بَعْضُ أصْحَابِي، عن مَالِكٍ: إنَّ جُمَّتَهُ لَتَضْرِبُ قَرِيبًا مِن مَنْكِبَيْهِ قالَ أبو إسْحَاقَ: - سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ غيرَ مَرَّةٍ، ما حَدَّثَ به قَطُّ إلَّا ضَحِكَ - قالَ شُعْبَةُ: شَعَرُهُ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ.

25 - أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمِ المُحَلِّقِينَ قالوا: والمُقَصِّرِينَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمِ المُحَلِّقِينَ قالوا: والمُقَصِّرِينَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: والمُقَصِّرِينَ، وقالَ اللَّيْثُ: حدَّثَني نَافِعٌ: رَحِمَ اللَّهُ المُحَلِّقِينَ مَرَّةً أوْ مَرَّتَيْنِ، قالَ، وقالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: حدَّثَني نَافِعٌ، وقالَ في الرَّابِعَةِ: والمُقَصِّرِينَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح] [وقوله: قال الليث... معلق] [وقوله: قال عبيد الله... معلق]
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 1727 التخريج : أخرجه مسلم (1301) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: حج - الحلق والتقصير حج - مناسك الحج فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - دعاء النبي لبعض الناس
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

26 - كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ يُعْطِينِي العَطَاءَ، فأقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، حتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا، فَقُلتُ: أَعْطِهِ مَن هو أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ: خُذْهُ، فَتَمَوَّلْهُ، وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَما جَاءَكَ مِن هذا المَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَالَا فلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 7164 التخريج : أخرجه مسلم (1045) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: إمامة وخلافة - أرزاق العمال سؤال - ذم السؤال سؤال - فضل التعفف والتصبر سؤال - فيمن أعطى شيئا بإشراف صدقة - فضل الصدقة والحث عليها
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

27 - ما مِنكُم أحَدٌ إلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ ليسَ بيْنَهُ وبيْنَهُ تُرْجُمانٌ ، فَيَنْظُرُ أيْمَنَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ مِن عَمَلِهِ، ويَنْظُرُ أشْأَمَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ، ويَنْظُرُ بيْنَ يَدَيْهِ فلا يَرَى إلَّا النَّارَ تِلْقاءَ وجْهِهِ، فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ. قال الأعمش : وحدثني عمرو بن مرة، عن خيثمة : مثله. وزاد فيه : ولو بكلمة طيبة
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عدي بن حاتم الطائي | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 7512 التخريج : أخرجه البخاري (7512)، ومسلم (1016)
التصنيف الموضوعي: آداب الكلام - استحباب طيب الكلام صدقة - فضل الصدقة والحث عليها قيامة - الحساب والقصاص قيامة - العرض قيامة - أهوال يوم القيامة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

28 - مَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ . في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، كانَتْ له عَدْلَ عَشْرِ رِقابٍ، وكُتِبَ له مِئَةُ حَسَنَةٍ، ومُحِيَتْ عنْه مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وكانَتْ له حِرْزًا مِنَ الشَّيْطانِ، يَومَهُ ذلكَ حتَّى يُمْسِيَ، ولَمْ يَأْتِ أحَدٌ بأَفْضَلَ ممَّا جاءَ إلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أكْثَرَ منه.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6403 التخريج : أخرجه مسلم (2691) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - فضل التهليل والتسبيح والدعاء أدعية وأذكار - فضل الذكر جن - ما يعصم من الشيطان أدعية وأذكار - أذكار الصباح استغفار - أسباب المغفرة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

29 - كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي الصُّبْحَ وأَحَدُنا يَعْرِفُ جَلِيسَهُ ، ويَقْرَأُ فيها ما بيْنَ السِّتِّينَ إلى المِائَةِ، ويُصَلِّي الظُّهْرَ إذا زالَتِ الشَّمْسُ، والعَصْرَ وأَحَدُنا يَذْهَبُ إلى أقْصَى المَدِينَةِ ، رَجَعَ والشَّمْسُ حَيَّةٌ - ونَسِيتُ ما قالَ في المَغْرِبِ - ولا يُبالِي بتَأْخِيرِ العِشاءِ إلى ثُلُثِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قالَ: إلى شَطْرِ اللَّيْلِ. وقالَ مُعاذٌ: قالَ شُعْبَةُ: لَقِيتُهُ مَرَّةً، فقالَ: أوْ ثُلُثِ اللَّيْلِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 541 التخريج : أخرجه مسلم (647) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: صلاة - القراءة في الفجر صلاة - وقت صلاة الظهر صلاة - وقت صلاة العشاء صلاة - وقت صلاة العصر صلاة - وقت صلاة الفجر
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

30 - [عن] أبي جحيفة قال: سَأَلْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عنْه هلْ عِنْدَكُمْ شيءٌ ممَّا ليسَ في القُرْآنِ؟ وقالَ ابنُ عُيَيْنَةَ مَرَّةً: ما ليسَ عِنْدَ النَّاسِ؟ فقالَ: والذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ ما عِنْدَنا إلَّا ما في القُرْآنِ إلَّا فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ في كِتابِهِ، وما في الصَّحِيفَةِ قُلتُ: وما في الصَّحِيفَةِ؟ قالَ: العَقْلُ، وفِكاكُ الأسِيرِ، وأَنْ لا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بكافِرٍ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6915 التخريج : أخرجه البخاري (6915)، ومسلم (1370)
التصنيف الموضوعي: ديات وقصاص - العقل ديات وقصاص - القود بين المسلم والكافر علم - كتابة العلم جهاد - فداء الأسارى قرآن - التمسك بالقرآن وتطبيق ما فيه
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه