الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

1 - أمرَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ أن ننطلقَ معَ جعفرَ بنَ أبي طالبٍ إلى أرضِ النَّجاشيِّ، قالَ فبلغَ ذلِكَ قومَنا فبعثوا عَمرو بنَ العاصِ وعمارةَ بنَ الوليدِ وجمَعوا للنَّجاشيِّ هديةً، فقَدِمنا وقَدِما علَى النَّجاشيِّ، فأتَوهُ بِهَديَّتِهِ فقبِلَها وسجدوا ثمَّ قالَ لَهُ عَمرو بنُ العاصِ : إنَّ قومًا منَّا رغِبوا عن دينِنا وَهُم في أرضِكَ. فقالَ لَهُمُ النَّجاشيُّ : في أرضي ؟ قالوا : نعم. فبعثَ إلينا فقالَ لَنا جعفرٌ : لا يتَكَلَّمُ منكُم أحدٌ أَنا خطيبُكُمُ اليومَ. قال فانتَهَينا إلى النَّجاشيِّ وَهوَ جالسٌ في مَجلسِهِ وعَمرو بنُ العاصِ عن يمينِهِ وعمارةُ عن يسارِه، والقسِّيسونَ والرُّهبانُ جلوسٌ سماطينِ، وقد قال لهُ عمرو بنُ العاصِ وعمارةُ : إنَّهم لا يسجدونَ لَكَ. قال فلمَّا انتَهَينا زَبَرَنا قالَ مَن عندَهُ منَ القسِّيسينَ والرُّهبانُ : اسجدوا للملِكِ. فقالَ جعفرٌ : لا نسجدُ إلَّا للَّهِ فلمَّا انتَهَينا إلى النَّجاشيِّ قالَ : ما يمنعُكَ أن تسجُدَ ؟ قالَ : لا نسجُدَ إلَّا للَّهِ قالَ لَهُ النَّجاشيُّ : وما ذاكَ ؟ قالَ : إنَّ اللَّهَ بعثَ فينا رسولَهُ، وَهوَ الرسولُ الَّذي بشرَ بهِ عيسَى ابنُ مريمَ برسولٍ يأتي من بعدي اسمُهُ أحمدُ فأمرَنا أن نعبدَ اللَّهَ ولا نُشْرِكَ بِهِ شيئًا، ونقيمَ الصَّلاةَ، ونُؤْتيَ الزَّكاةَ، وأمرَنا بالمعروفِ، ونَهانا عنِ المنكرِ. قالَ : فأعجبَ النَّجاشيَّ قولُهُ، فلمَّا رأى ذلِكَ عَمرو بنُ العاصِ قال : أصلحَ اللَّهُ الملِكَ، إنَّهم يخالفونَ في ابنِ مريمَ. فقالَ النَّجاشيُّ لجعفرٍ : ما يقولُ صاحبُكَ في ابنِ مريمَ ؟ قالَ : يقولُ فيهِ قَولَ اللَّهِ هوَ روحُ اللَّهِ وَكَلمتُهُ أخرجَهُ منَ البتولِ العذراءِ الَّتي لم يَقربَها بشرٌ قالَ : فتَناولَ النَّجاشيُّ عودًا منَ الأرضِ، فقالَ : يا معشرَ القسِّيسينَ والرُّهبانَ، ما يزيدُ ما يقولُ هؤلاءُ علَى ما تقولونَ في ابنِ مريمَ ما يزنُ هذِهِ، مرحبًا بِكُم وبمَن جئتُمْ من عندِهِ، فأَنا أشهدُ أنَّهُ رسولُ اللَّهِ والَّذي بشرَ بهِ عيسَى ابنُ مريمَ، لَولا ما أَنا فيهِ منَ المُلكِ لأتَيتُهُ حتَّى أحملَ نعلَيهِ، امكثوا في أرضي ما شئتُمْ وأمرَ لَنا بطعامٍ وَكِسوةٍ، وقالَ : ردُّوا علَى هذَينِ هديَّتَهما. قالَ : وَكانَ عَمرو بنُ العاصِ، رجلًا قصيرًا، وَكانَ عمارةُ بنُ الوليدِ رجلًا جميلًا، قالَ : فأقبلا في البحرِ إلى النَّجاشيِّ، قال فشرِبوا، قال ومعَ عَمرو بنِ العاصِ امرأتُهُ، فلمَّا شرِبوا الخمرَ، قالَ عمارةُ لعمرٍو : مُرْ امرأتَكَ فلتقَبِّلْني. فقال لهُ عَمرو ألا تستحي فأخذَهُ عمارةُ فرمَى بِهِ في البحرِ، فجعلَ عَمرو يُناشدُهُ حتَّى أدخلَهُ السَّفينةَ، فحقدَ عليهِ عمرٌو ذلِكَ، فقالَ عمرٌو للنَّجاشيِّ : إنَّكَ إذا خرجتَ خَلَفَ عمارةُ في أَهْلِكَ. قالَ : فدعا النَّجاشيُّ بعمارةَ فنفخَ في إحليلِهِ فصارَ معَ الوحشِ

2 - لمَّا نَزَلْنا أرضَ الحَبَشةِ جاوَرْنا بها خَيرَ جارٍ، النَّجاشي، أمِنَّا على دِينِنا، وعَبَدْنا اللهَ لا نُؤْذَى، ولا نَسمَعُ شَيئًا نَكرَهُه. فلمَّا بلَغَ ذلكَ قُرَيشًا، ائْتَمَروا أنْ يَبعَثوا إلى النَّجاشي فينا رجُلينِ جَلْدينِ ، وأنْ يُهدوا للنَّجاشيِّ هَدايا ممَّا يُستَطرَفُ مِن مَتاعِ مَكَّةَ. وكان مِن أعجَبِ ما يأتيه منها إليه الأدَمُ، فجَمَعوا له أَدَمًا كثيرةً، ولم يَترُكوا مِن بَطارِقَتِه بِطْريقًا إلَّا أهدَوْا له هَديَّةً. ثمَّ بَعَثوا بذلكَ مع عبدِ اللهِ بنِ أبي رَبيعةَ بنِ المُغيرةِ المَخزوميِّ، وعَمرِو بنِ العاصِ بنِ وائلٍ السَّهميِّ، وأمَروهما أمْرَهم، وقالوا لهما: ادفَعوا إلى كلِّ بِطريقٍ هَديَّتَه قبلَ أنْ تُكَلِّموا النَّجاشي فيهم. ثمَّ قَدِّموا للنَّجاشي هَداياه، ثمَّ سَلوه أنْ يُسَلِّمَهم إليكم قبلَ أنْ يُكَلِّمَهم. قالتْ: فخَرَجا فقَدِما على النَّجاشي، فنحنُ عندَه بخَيرِ دارٍ، وعِندَ خَيرِ جارٍ، فلم يَبقَ مِن بَطارِقَتِه بِطريقٌ إلَّا دَفَعا إليه هَديَّتَه قبلَ أنْ يُكَلِّما النَّجاشي، ثمَّ قالا لكلِّ بِطريقٍ منهم: إنَّه قد صَبا إلى بَلَدِ المَلِكِ مِنَّا غِلمانٌ سُفَهاءُ، فارَقوا دِينَ قَومِهم، ولم يَدخُلوا في دِينِكم، وجاؤُوا بدِينٍ مُبتَدَعٍ، لا نَعرِفُه نحنُ ولا أنتم، وقد بعَثَنا إلى المَلِكِ فيهم أشرافُ قَومِهم ليَرُدَّهم إليهم، فإذا كَلَّمْنا المَلِكَ فيهم، فتُشيروا عليه بأنْ يُسَلِّمَهم إلينا، ولا يُكَلِّمَهم؛ فإنَّ قَومَهم أعلى بهم عَينًا، وأعلَمُ بما عابوا عليهم. فقالوا لهما: نعَمْ. ثمَّ إنَّهما قَرَّبا هَداياهم إلى النَّجاشي، فقَبِلَها منهما، ثمَّ كَلَّماه فقالا له: أيُّها المَلِكُ، إنَّه قد صَبا إلى بَلَدِكَ مِنَّا غِلمانٌ سُفَهاءُ، فارَقوا دِينَ قَومِهم، ولم يَدخُلوا في دِينِكَ، وجاؤُوا بدِينٍ مُبتَدَعٍ، لا نَعرِفُه نحنُ ولا أنتَ، وقد بعَثَنا إليكَ فيهم أشرافُ قَومِهم، مِن آبائهم، وأعمامِهم، وعَشائرِهم؛ لتَرُدَّهم إليهم، فهم أعلى بهم عَينًا، وأعلَمُ بما عابوا عليهم، وعاتَبوهم فيه. قالتْ: ولم يَكُنْ شيءٌ أبغَضَ إلى عبدِ اللهِ بنِ أبي رَبيعةَ وعَمرِو بنِ العاصِ مِن أنْ يَسمَعَ النَّجاشي كَلامَهم. فقالت بَطارِقَتُه حَولَه: صَدَقوا أيُّها المَلِكُ، قَومُهم أعلى بهم عَينًا، وأعلَمُ بما عابوا عليهم، فأسْلِمْهم إليهما، فلْيَرُدَّاهم إلى بِلادِهم وقَومِهم. قال: فغَضِبَ النَّجاشي، ثمَّ قال: لاها اللهِ، ايْمُ اللهِ، إذَنْ لا أُسلِمُهم إليهما، ولا أُكادُ قَومًا جاوَروني، نَزَلوا بِلادي، واختاروني على مَن سِوايَ حتى أدعُوَهم، فأسأَلَهم ماذا يقولُ هذانِ في أمْرِهم، فإنْ كانوا كما يقولانِ أسلَمتُهم إليهم، ورَدَدتُهم إلى قَومِهم، وإنْ كانوا على غَيرِ ذلكَ مَنَعتُهم منهما، وأحسَنتُ جِوارَهم ما جاوَروني. قالتْ: ثمَّ أرسَلَ إلى أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسَلَّمَ، فدَعاهم، فلمَّا جاءَهم رسولُه اجتَمَعوا، ثمَّ قال بعضُهم لبعضٍ: ما تَقولونَ للرَّجُلِ إذا جِئتُموه؟ قال: نَقولُ: واللهِ ما عَلِمْنا، وما أمَرَنا به نَبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسَلَّمَ، كائنٌ في ذلكَ ما هو كائنٌ. فلمَّا جاؤُوه، وقد دَعا النَّجاشي أساقِفَتَه، فنَشَروا مَصاحِفَهم حَولَه، سألَهم فقال: ما هذا الدِّينُ الذي فارَقتُم فيه قَومَكم، ولم تَدخُلوا في دِيني، ولا في دِينِ أحَدٍ مِن هذه الأُمَمِ. قالتْ: فكان الذي كَلَّمَه جَعفَرُ بنُ أبي طالبٍ، فقال له: أيُّها المَلِكُ، كُنَّا قَومًا أهلَ جاهِليَّةٍ نَعبُدُ الأصنامَ، ونأكُلُ المَيْتةَ، ونأتي الفَواحِشَ، ونَقطَعُ الأرحامَ، ونُسيءُ الجِوارَ، يأكُلُ القَويُّ مِنَّا الضَّعيفَ، فكُنَّا على ذلكَ حتى بعَثَ اللهُ إلينا رسولًا مِنَّا، نَعرِفُ نَسَبَه، وصِدقَه، وأمانَتَه، وعَفافَه، فدَعانا إلى اللهِ لنُوَحِّدَه ونَعبُدَه، ونَخلَعَ ما كُنَّا نَعبُدُ نحنُ وآباؤُنا مِن دونِه مِن الحِجارةِ والأوثانِ، وأمَرَنا بصِدقِ الحديثِ وأداءِ الأمانةِ، وصِلةِ الرَحِّمِ، وحُسنِ الجِوارِ، والكَفِّ عنِ المَحارِمِ والدِّماءِ، ونَهانا عنِ الفَواحِشِ، وقَولِ الزُّورِ، وأكلِ مالِ اليَتيمِ، وقَذفِ المُحصَنةِ، وأمَرَنا أنْ نَعبُدَ اللهَ وَحدَه، ولا نُشرِكَ به شَيئًا، وأمَرَنا بالصَّلاةِ، والزَّكاةِ، والصِّيامِ. قالتْ: فعَدَّدَ عليه أُمورَ الإسلامِ، فصَدَّقناه وآمَنَّا، واتَّبَعْناه على ما جاءَ به. فعَبَدْنا اللهَ وَحدَه، فلم نُشرِكْ به شَيئًا، وحَرَّمْنا ما حَرَّمَ علينا، وأحلَلْنا ما أحَلَّ لنا، فعدا علينا قَوْمُنا فعَذَّبونا، وفَتَنونا عن دِينِنا؛ ليَرُدُّونا إلى عِبادةِ الأَوْثانِ مِن عِبادةِ اللهِ، وأنْ نَستَحِلَّ ما كُنَّا نَستَحِلُّ مِن الخَبائثِ، فلمَّا قَهَرونا وظَلَمونا وشَقُّوا علينا، وحالوا بَينَنا وبينَ دِينِنا خَرَجْنا إلى بَلَدِكَ، واختَرناكَ على مَن سِواكَ، ورَغِبْنا في جِوارِكَ، ورَجَوْنا ألَّا نُظلَمَ عِندَكَ أيُّها المَلِكُ. قالتْ: فقال له النَّجاشي: هل مَعَكَ مما جاءَ به عنِ اللهِ مِن شيءٍ؟ قالتْ: فقال له جَعفَرٌ: نعَمْ. فقال له النَّجاشي: فاقرَأْه علَيَّ. فقرَأَ عليه صَدرًا مِن {كهيعص...} [سورة مريم]. قالتْ: فبَكى واللهِ النَّجاشي حتى أخضَلَ لحيَتَه، وبَكى أساقِفَتُه حتى أخضَلوا مَصاحِفَهم حينَ سَمِعوا ما تَلا عليهم. ثمَّ قال النَّجاشي: إنَّ هذا -وَاللهِ- والذي جاء به عيسى لَيَخرُجُ مِن مِشكاةٍ واحِدةٍ، انطَلِقا؛ فوَاللهِ لا أُسلِمُهم إليكم أبَدًا، ولا أكادُ. قالتْ أُمُّ سَلَمةَ: فلمَّا خَرَجا مِن عِندِه قال عَمرُو بنُ العاصِ: واللهِ لَأُنَبِّئَنَّهم غَدًا عَيبَهم عندَهم، ثمَّ أَستأْصِلُ به خَضراءَهم. قالتْ: فقال له عبدُ اللهِ بنُ أبي رَبيعةَ -وكان أتْقَى الرجُلينِ فينا-: لا تَفعَلْ؛ فإنَّ لهم أَرْحامًا، وإنْ كانوا قد خالَفونا. قال: واللهِ لَأُخبِرَنَّه أنَّهم يَزعُمونَ أنَّ عيسى ابنَ مَريَمَ عبدٌ. قالتْ: ثمَّ غَدا عليه الغَدَ، فقال له: أيُّها المَلِكُ، إنَّهم يقولونَ في عيسى ابنِ مَريَمَ قَولًا عَظيمًا، فأرسِلْ إليهم فاسأَلْهم عَمَّا يقولونَ فيه. قالتْ: فأرسَلَ إليهم يَسألُهم عنه. قالتْ: ولم يَنزِلْ بنا مِثلُه، فاجتَمَعَ القَومُ، فقال بعضُهم لبعضٍ: ماذا تَقولونَ في عيسى إذا سألَكم عنه؟ قالوا: نَقولُ واللهِ فيه ما قال اللهُ، وما جاءَ به نَبيُّنا، كائنًا في ذلكَ ما هو كائنٌ. فلمَّا دَخَلوا عليه قال لهم: ما تَقولونَ في عيسى ابنِ مَريَمَ؟ فقال له جَعفَرُ بنُ أبي طالبٍ: نَقولُ فيه الذي جاء به نَبيُّنا، هو عبدُ اللهِ ورسولُه، ورُوحُه، وكَلِمَتُه، أَلْقاها إلى مَريَمَ العَذراءِ البَتولِ . قالتْ: فضَرَبَ النَّجاشي يَدَه إلى الأرضِ، فأخَذَ منها عُودًا، ثمَّ قال: ما عَدا عيسى ابنُ مَريمَ ما قلتَ هذا العُودَ. فتَناخَرَتْ بَطارِقَتُه حَولَه حينَ قال ما قال، فقال: وإنْ نَخَرتُم واللهِ، اذهَبوا فأنتُم سُيومٌ بأرضي -والسُّيومُ: الآمِنونَ- مَن سَبَّكم غُرِّمَ، ثمَّ مَن سَبَّكم غُرِّمَ، فما أُحِبُّ أنَّ لي دَبْرًا ذَهَبًا وأنِّي آذَيتُ رجُلًا منكم -والدَّبرُ بلِسانِ الحَبَشةِ: الجَبَلُ- رُدُّوا عليهم هداياهما، فلا حاجةَ لنا بها، فواللهِ ما أخَذَ اللهُ مِنِّي الرِّشوةَ حينَ رَدَّ علَيَّ مُلكي، فآخُذَ الرِّشوةَ فيه، وما أطاعَ الناسَ فيَّ فأُطيعَهم فيه. قالتْ: فخَرَجا مِن عِندِه مَقبوحينِ، مَردودًا عليهما ما جاءا به. وأقَمْنا عندَه بخَيرِ دارٍ مع خَيرِ جارٍ. قالتْ: فوَاللهِ إنَّا على ذلكَ؛ إذْ نزَلَ به -يعني: مَن يُنازِعُه في مُلكِه- قالتْ: فواللهِ ما عَلِمْنا حُزنًا قَطُّ كان أشَدَّ مِن حُزنٍ حَزِنَّا عِندَ ذلكَ؛ تَخَوُّفًا أنْ يَظهَرَ ذلكَ على النَّجاشي، فيأتيَ رجُلٌ لا يَعرِفُ مِن حَقِّنا ما كان النَّجاشي يَعرِفُ منه. قالتْ: وسارَ النَّجاشي، وبَينَهما عَرضُ النِّيلِ. قالتْ: فقال أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ: مَن رجُلٌ يَخرُجُ حتى يَحضُرَ وَقعةَ القَومِ، ثمَّ يأتينا بالخَبَرِ؟ قالتْ: قال الزُّبَيرُ بنُ العَوَّامِ: أنا. قالتْ: وكانَ مِن أحدَثِ القَومِ سِنًّا، قالتْ: فنَفَخوا له قِربةً، فجعَلَها في صَدرِه، ثمَّ سَبَحَ عليها حتى خرَجَ إلى ناحيةِ النِّيلِ التي بها مُلتَقى القَومِ، ثمَّ انطَلَقَ حتى حَضَرَهم. قالتْ: ودَعَوْنا اللهَ للنَّجاشي بالظُّهورِ على عَدُوِّه، والتَّمكينِ له في بِلادِه، واستَوثَقَ عليه أمْرُ الحَبَشةِ، فكُنَّا عندَه في خَيرِ مَنزِلٍ، حتى قَدِمْنا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ وهو بمَكَّةَ.
 

1 - أمرَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ أن ننطلقَ معَ جعفرَ بنَ أبي طالبٍ إلى أرضِ النَّجاشيِّ، قالَ فبلغَ ذلِكَ قومَنا فبعثوا عَمرو بنَ العاصِ وعمارةَ بنَ الوليدِ وجمَعوا للنَّجاشيِّ هديةً، فقَدِمنا وقَدِما علَى النَّجاشيِّ، فأتَوهُ بِهَديَّتِهِ فقبِلَها وسجدوا ثمَّ قالَ لَهُ عَمرو بنُ العاصِ : إنَّ قومًا منَّا رغِبوا عن دينِنا وَهُم في أرضِكَ. فقالَ لَهُمُ النَّجاشيُّ : في أرضي ؟ قالوا : نعم. فبعثَ إلينا فقالَ لَنا جعفرٌ : لا يتَكَلَّمُ منكُم أحدٌ أَنا خطيبُكُمُ اليومَ. قال فانتَهَينا إلى النَّجاشيِّ وَهوَ جالسٌ في مَجلسِهِ وعَمرو بنُ العاصِ عن يمينِهِ وعمارةُ عن يسارِه، والقسِّيسونَ والرُّهبانُ جلوسٌ سماطينِ، وقد قال لهُ عمرو بنُ العاصِ وعمارةُ : إنَّهم لا يسجدونَ لَكَ. قال فلمَّا انتَهَينا زَبَرَنا قالَ مَن عندَهُ منَ القسِّيسينَ والرُّهبانُ : اسجدوا للملِكِ. فقالَ جعفرٌ : لا نسجدُ إلَّا للَّهِ فلمَّا انتَهَينا إلى النَّجاشيِّ قالَ : ما يمنعُكَ أن تسجُدَ ؟ قالَ : لا نسجُدَ إلَّا للَّهِ قالَ لَهُ النَّجاشيُّ : وما ذاكَ ؟ قالَ : إنَّ اللَّهَ بعثَ فينا رسولَهُ، وَهوَ الرسولُ الَّذي بشرَ بهِ عيسَى ابنُ مريمَ برسولٍ يأتي من بعدي اسمُهُ أحمدُ فأمرَنا أن نعبدَ اللَّهَ ولا نُشْرِكَ بِهِ شيئًا، ونقيمَ الصَّلاةَ، ونُؤْتيَ الزَّكاةَ، وأمرَنا بالمعروفِ، ونَهانا عنِ المنكرِ. قالَ : فأعجبَ النَّجاشيَّ قولُهُ، فلمَّا رأى ذلِكَ عَمرو بنُ العاصِ قال : أصلحَ اللَّهُ الملِكَ، إنَّهم يخالفونَ في ابنِ مريمَ. فقالَ النَّجاشيُّ لجعفرٍ : ما يقولُ صاحبُكَ في ابنِ مريمَ ؟ قالَ : يقولُ فيهِ قَولَ اللَّهِ هوَ روحُ اللَّهِ وَكَلمتُهُ أخرجَهُ منَ البتولِ العذراءِ الَّتي لم يَقربَها بشرٌ قالَ : فتَناولَ النَّجاشيُّ عودًا منَ الأرضِ، فقالَ : يا معشرَ القسِّيسينَ والرُّهبانَ، ما يزيدُ ما يقولُ هؤلاءُ علَى ما تقولونَ في ابنِ مريمَ ما يزنُ هذِهِ، مرحبًا بِكُم وبمَن جئتُمْ من عندِهِ، فأَنا أشهدُ أنَّهُ رسولُ اللَّهِ والَّذي بشرَ بهِ عيسَى ابنُ مريمَ، لَولا ما أَنا فيهِ منَ المُلكِ لأتَيتُهُ حتَّى أحملَ نعلَيهِ، امكثوا في أرضي ما شئتُمْ وأمرَ لَنا بطعامٍ وَكِسوةٍ، وقالَ : ردُّوا علَى هذَينِ هديَّتَهما. قالَ : وَكانَ عَمرو بنُ العاصِ، رجلًا قصيرًا، وَكانَ عمارةُ بنُ الوليدِ رجلًا جميلًا، قالَ : فأقبلا في البحرِ إلى النَّجاشيِّ، قال فشرِبوا، قال ومعَ عَمرو بنِ العاصِ امرأتُهُ، فلمَّا شرِبوا الخمرَ، قالَ عمارةُ لعمرٍو : مُرْ امرأتَكَ فلتقَبِّلْني. فقال لهُ عَمرو ألا تستحي فأخذَهُ عمارةُ فرمَى بِهِ في البحرِ، فجعلَ عَمرو يُناشدُهُ حتَّى أدخلَهُ السَّفينةَ، فحقدَ عليهِ عمرٌو ذلِكَ، فقالَ عمرٌو للنَّجاشيِّ : إنَّكَ إذا خرجتَ خَلَفَ عمارةُ في أَهْلِكَ. قالَ : فدعا النَّجاشيُّ بعمارةَ فنفخَ في إحليلِهِ فصارَ معَ الوحشِ
خلاصة حكم المحدث : صحيح . ورجاله رجال الشيخين
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : الوادعي | المصدر : صحيح دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 104 التخريج : أخرجه الحاكم في ((المستدرك)) (2/ 338)، وابن أبي شيبة (14/ 346) واللفظ له، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/ 114). باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: أنبياء - عيسى توحيد - ما جاء في أنه لا يسجد إلا لله فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - صفة النبي وأمته في كتب أهل الكتاب مغازي - الهجرة إلى الحبشة مناقب وفضائل - جعفر بن أبي طالب
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

2 - لمَّا نَزَلْنا أرضَ الحَبَشةِ جاوَرْنا بها خَيرَ جارٍ، النَّجاشي، أمِنَّا على دِينِنا، وعَبَدْنا اللهَ لا نُؤْذَى، ولا نَسمَعُ شَيئًا نَكرَهُه. فلمَّا بلَغَ ذلكَ قُرَيشًا، ائْتَمَروا أنْ يَبعَثوا إلى النَّجاشي فينا رجُلينِ جَلْدينِ ، وأنْ يُهدوا للنَّجاشيِّ هَدايا ممَّا يُستَطرَفُ مِن مَتاعِ مَكَّةَ. وكان مِن أعجَبِ ما يأتيه منها إليه الأدَمُ، فجَمَعوا له أَدَمًا كثيرةً، ولم يَترُكوا مِن بَطارِقَتِه بِطْريقًا إلَّا أهدَوْا له هَديَّةً. ثمَّ بَعَثوا بذلكَ مع عبدِ اللهِ بنِ أبي رَبيعةَ بنِ المُغيرةِ المَخزوميِّ، وعَمرِو بنِ العاصِ بنِ وائلٍ السَّهميِّ، وأمَروهما أمْرَهم، وقالوا لهما: ادفَعوا إلى كلِّ بِطريقٍ هَديَّتَه قبلَ أنْ تُكَلِّموا النَّجاشي فيهم. ثمَّ قَدِّموا للنَّجاشي هَداياه، ثمَّ سَلوه أنْ يُسَلِّمَهم إليكم قبلَ أنْ يُكَلِّمَهم. قالتْ: فخَرَجا فقَدِما على النَّجاشي، فنحنُ عندَه بخَيرِ دارٍ، وعِندَ خَيرِ جارٍ، فلم يَبقَ مِن بَطارِقَتِه بِطريقٌ إلَّا دَفَعا إليه هَديَّتَه قبلَ أنْ يُكَلِّما النَّجاشي، ثمَّ قالا لكلِّ بِطريقٍ منهم: إنَّه قد صَبا إلى بَلَدِ المَلِكِ مِنَّا غِلمانٌ سُفَهاءُ، فارَقوا دِينَ قَومِهم، ولم يَدخُلوا في دِينِكم، وجاؤُوا بدِينٍ مُبتَدَعٍ، لا نَعرِفُه نحنُ ولا أنتم، وقد بعَثَنا إلى المَلِكِ فيهم أشرافُ قَومِهم ليَرُدَّهم إليهم، فإذا كَلَّمْنا المَلِكَ فيهم، فتُشيروا عليه بأنْ يُسَلِّمَهم إلينا، ولا يُكَلِّمَهم؛ فإنَّ قَومَهم أعلى بهم عَينًا، وأعلَمُ بما عابوا عليهم. فقالوا لهما: نعَمْ. ثمَّ إنَّهما قَرَّبا هَداياهم إلى النَّجاشي، فقَبِلَها منهما، ثمَّ كَلَّماه فقالا له: أيُّها المَلِكُ، إنَّه قد صَبا إلى بَلَدِكَ مِنَّا غِلمانٌ سُفَهاءُ، فارَقوا دِينَ قَومِهم، ولم يَدخُلوا في دِينِكَ، وجاؤُوا بدِينٍ مُبتَدَعٍ، لا نَعرِفُه نحنُ ولا أنتَ، وقد بعَثَنا إليكَ فيهم أشرافُ قَومِهم، مِن آبائهم، وأعمامِهم، وعَشائرِهم؛ لتَرُدَّهم إليهم، فهم أعلى بهم عَينًا، وأعلَمُ بما عابوا عليهم، وعاتَبوهم فيه. قالتْ: ولم يَكُنْ شيءٌ أبغَضَ إلى عبدِ اللهِ بنِ أبي رَبيعةَ وعَمرِو بنِ العاصِ مِن أنْ يَسمَعَ النَّجاشي كَلامَهم. فقالت بَطارِقَتُه حَولَه: صَدَقوا أيُّها المَلِكُ، قَومُهم أعلى بهم عَينًا، وأعلَمُ بما عابوا عليهم، فأسْلِمْهم إليهما، فلْيَرُدَّاهم إلى بِلادِهم وقَومِهم. قال: فغَضِبَ النَّجاشي، ثمَّ قال: لاها اللهِ، ايْمُ اللهِ، إذَنْ لا أُسلِمُهم إليهما، ولا أُكادُ قَومًا جاوَروني، نَزَلوا بِلادي، واختاروني على مَن سِوايَ حتى أدعُوَهم، فأسأَلَهم ماذا يقولُ هذانِ في أمْرِهم، فإنْ كانوا كما يقولانِ أسلَمتُهم إليهم، ورَدَدتُهم إلى قَومِهم، وإنْ كانوا على غَيرِ ذلكَ مَنَعتُهم منهما، وأحسَنتُ جِوارَهم ما جاوَروني. قالتْ: ثمَّ أرسَلَ إلى أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسَلَّمَ، فدَعاهم، فلمَّا جاءَهم رسولُه اجتَمَعوا، ثمَّ قال بعضُهم لبعضٍ: ما تَقولونَ للرَّجُلِ إذا جِئتُموه؟ قال: نَقولُ: واللهِ ما عَلِمْنا، وما أمَرَنا به نَبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسَلَّمَ، كائنٌ في ذلكَ ما هو كائنٌ. فلمَّا جاؤُوه، وقد دَعا النَّجاشي أساقِفَتَه، فنَشَروا مَصاحِفَهم حَولَه، سألَهم فقال: ما هذا الدِّينُ الذي فارَقتُم فيه قَومَكم، ولم تَدخُلوا في دِيني، ولا في دِينِ أحَدٍ مِن هذه الأُمَمِ. قالتْ: فكان الذي كَلَّمَه جَعفَرُ بنُ أبي طالبٍ، فقال له: أيُّها المَلِكُ، كُنَّا قَومًا أهلَ جاهِليَّةٍ نَعبُدُ الأصنامَ، ونأكُلُ المَيْتةَ، ونأتي الفَواحِشَ، ونَقطَعُ الأرحامَ، ونُسيءُ الجِوارَ، يأكُلُ القَويُّ مِنَّا الضَّعيفَ، فكُنَّا على ذلكَ حتى بعَثَ اللهُ إلينا رسولًا مِنَّا، نَعرِفُ نَسَبَه، وصِدقَه، وأمانَتَه، وعَفافَه، فدَعانا إلى اللهِ لنُوَحِّدَه ونَعبُدَه، ونَخلَعَ ما كُنَّا نَعبُدُ نحنُ وآباؤُنا مِن دونِه مِن الحِجارةِ والأوثانِ، وأمَرَنا بصِدقِ الحديثِ وأداءِ الأمانةِ، وصِلةِ الرَحِّمِ، وحُسنِ الجِوارِ، والكَفِّ عنِ المَحارِمِ والدِّماءِ، ونَهانا عنِ الفَواحِشِ، وقَولِ الزُّورِ، وأكلِ مالِ اليَتيمِ، وقَذفِ المُحصَنةِ، وأمَرَنا أنْ نَعبُدَ اللهَ وَحدَه، ولا نُشرِكَ به شَيئًا، وأمَرَنا بالصَّلاةِ، والزَّكاةِ، والصِّيامِ. قالتْ: فعَدَّدَ عليه أُمورَ الإسلامِ، فصَدَّقناه وآمَنَّا، واتَّبَعْناه على ما جاءَ به. فعَبَدْنا اللهَ وَحدَه، فلم نُشرِكْ به شَيئًا، وحَرَّمْنا ما حَرَّمَ علينا، وأحلَلْنا ما أحَلَّ لنا، فعدا علينا قَوْمُنا فعَذَّبونا، وفَتَنونا عن دِينِنا؛ ليَرُدُّونا إلى عِبادةِ الأَوْثانِ مِن عِبادةِ اللهِ، وأنْ نَستَحِلَّ ما كُنَّا نَستَحِلُّ مِن الخَبائثِ، فلمَّا قَهَرونا وظَلَمونا وشَقُّوا علينا، وحالوا بَينَنا وبينَ دِينِنا خَرَجْنا إلى بَلَدِكَ، واختَرناكَ على مَن سِواكَ، ورَغِبْنا في جِوارِكَ، ورَجَوْنا ألَّا نُظلَمَ عِندَكَ أيُّها المَلِكُ. قالتْ: فقال له النَّجاشي: هل مَعَكَ مما جاءَ به عنِ اللهِ مِن شيءٍ؟ قالتْ: فقال له جَعفَرٌ: نعَمْ. فقال له النَّجاشي: فاقرَأْه علَيَّ. فقرَأَ عليه صَدرًا مِن {كهيعص...} [سورة مريم]. قالتْ: فبَكى واللهِ النَّجاشي حتى أخضَلَ لحيَتَه، وبَكى أساقِفَتُه حتى أخضَلوا مَصاحِفَهم حينَ سَمِعوا ما تَلا عليهم. ثمَّ قال النَّجاشي: إنَّ هذا -وَاللهِ- والذي جاء به عيسى لَيَخرُجُ مِن مِشكاةٍ واحِدةٍ، انطَلِقا؛ فوَاللهِ لا أُسلِمُهم إليكم أبَدًا، ولا أكادُ. قالتْ أُمُّ سَلَمةَ: فلمَّا خَرَجا مِن عِندِه قال عَمرُو بنُ العاصِ: واللهِ لَأُنَبِّئَنَّهم غَدًا عَيبَهم عندَهم، ثمَّ أَستأْصِلُ به خَضراءَهم. قالتْ: فقال له عبدُ اللهِ بنُ أبي رَبيعةَ -وكان أتْقَى الرجُلينِ فينا-: لا تَفعَلْ؛ فإنَّ لهم أَرْحامًا، وإنْ كانوا قد خالَفونا. قال: واللهِ لَأُخبِرَنَّه أنَّهم يَزعُمونَ أنَّ عيسى ابنَ مَريَمَ عبدٌ. قالتْ: ثمَّ غَدا عليه الغَدَ، فقال له: أيُّها المَلِكُ، إنَّهم يقولونَ في عيسى ابنِ مَريَمَ قَولًا عَظيمًا، فأرسِلْ إليهم فاسأَلْهم عَمَّا يقولونَ فيه. قالتْ: فأرسَلَ إليهم يَسألُهم عنه. قالتْ: ولم يَنزِلْ بنا مِثلُه، فاجتَمَعَ القَومُ، فقال بعضُهم لبعضٍ: ماذا تَقولونَ في عيسى إذا سألَكم عنه؟ قالوا: نَقولُ واللهِ فيه ما قال اللهُ، وما جاءَ به نَبيُّنا، كائنًا في ذلكَ ما هو كائنٌ. فلمَّا دَخَلوا عليه قال لهم: ما تَقولونَ في عيسى ابنِ مَريَمَ؟ فقال له جَعفَرُ بنُ أبي طالبٍ: نَقولُ فيه الذي جاء به نَبيُّنا، هو عبدُ اللهِ ورسولُه، ورُوحُه، وكَلِمَتُه، أَلْقاها إلى مَريَمَ العَذراءِ البَتولِ . قالتْ: فضَرَبَ النَّجاشي يَدَه إلى الأرضِ، فأخَذَ منها عُودًا، ثمَّ قال: ما عَدا عيسى ابنُ مَريمَ ما قلتَ هذا العُودَ. فتَناخَرَتْ بَطارِقَتُه حَولَه حينَ قال ما قال، فقال: وإنْ نَخَرتُم واللهِ، اذهَبوا فأنتُم سُيومٌ بأرضي -والسُّيومُ: الآمِنونَ- مَن سَبَّكم غُرِّمَ، ثمَّ مَن سَبَّكم غُرِّمَ، فما أُحِبُّ أنَّ لي دَبْرًا ذَهَبًا وأنِّي آذَيتُ رجُلًا منكم -والدَّبرُ بلِسانِ الحَبَشةِ: الجَبَلُ- رُدُّوا عليهم هداياهما، فلا حاجةَ لنا بها، فواللهِ ما أخَذَ اللهُ مِنِّي الرِّشوةَ حينَ رَدَّ علَيَّ مُلكي، فآخُذَ الرِّشوةَ فيه، وما أطاعَ الناسَ فيَّ فأُطيعَهم فيه. قالتْ: فخَرَجا مِن عِندِه مَقبوحينِ، مَردودًا عليهما ما جاءا به. وأقَمْنا عندَه بخَيرِ دارٍ مع خَيرِ جارٍ. قالتْ: فوَاللهِ إنَّا على ذلكَ؛ إذْ نزَلَ به -يعني: مَن يُنازِعُه في مُلكِه- قالتْ: فواللهِ ما عَلِمْنا حُزنًا قَطُّ كان أشَدَّ مِن حُزنٍ حَزِنَّا عِندَ ذلكَ؛ تَخَوُّفًا أنْ يَظهَرَ ذلكَ على النَّجاشي، فيأتيَ رجُلٌ لا يَعرِفُ مِن حَقِّنا ما كان النَّجاشي يَعرِفُ منه. قالتْ: وسارَ النَّجاشي، وبَينَهما عَرضُ النِّيلِ. قالتْ: فقال أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ: مَن رجُلٌ يَخرُجُ حتى يَحضُرَ وَقعةَ القَومِ، ثمَّ يأتينا بالخَبَرِ؟ قالتْ: قال الزُّبَيرُ بنُ العَوَّامِ: أنا. قالتْ: وكانَ مِن أحدَثِ القَومِ سِنًّا، قالتْ: فنَفَخوا له قِربةً، فجعَلَها في صَدرِه، ثمَّ سَبَحَ عليها حتى خرَجَ إلى ناحيةِ النِّيلِ التي بها مُلتَقى القَومِ، ثمَّ انطَلَقَ حتى حَضَرَهم. قالتْ: ودَعَوْنا اللهَ للنَّجاشي بالظُّهورِ على عَدُوِّه، والتَّمكينِ له في بِلادِه، واستَوثَقَ عليه أمْرُ الحَبَشةِ، فكُنَّا عندَه في خَيرِ مَنزِلٍ، حتى قَدِمْنا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ وهو بمَكَّةَ.
خلاصة حكم المحدث : حسن
الراوي : أم سلمة أم المؤمنين | المحدث : الوادعي | المصدر : صحيح دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 96 التخريج : أخرجه أحمد (1740) باختلاف يسير، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/115) مختصراً
التصنيف الموضوعي: إسلام - الأعمال التي من الإسلام فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - أخلاق النبي مناقب وفضائل - جعفر بن أبي طالب آداب عامة - الأخلاق الحميدة الحسنة مناقب وفضائل - النجاشي وأصحابه
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث