الموسوعة الحديثية

نتائج البحث
 

1 - كُنْتُ رِدْفَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى حِمارٍ يُقالُ له عُفَيْرٌ، فقالَ: يا مُعاذُ، هلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ علَى عِبادِهِ، وما حَقُّ العِبادِ علَى اللَّهِ؟، قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّ حَقَّ اللَّهِ علَى العِبادِ أنْ يَعْبُدُوهُ ولا يُشْرِكُوا به شيئًا، وحَقَّ العِبادِ علَى اللَّهِ أنْ لا يُعَذِّبَ مَن لا يُشْرِكُ به شيئًا، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ أفَلا أُبَشِّرُ به النَّاسَ؟ قالَ: لا تُبَشِّرْهُمْ، فَيَتَّكِلُوا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2856 التخريج : أخرجه البخاري (2856)، ومسلم (30)
التصنيف الموضوعي: توحيد - الأمر بتوحيد الله توحيد - فضل التوحيد سفر - تسمية الخيل والدواب ونحوها سفر - جواز الإرداف على الدابة علم - كتمان بعض العلم للمصلحة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

2 - بيْنَما أنا رَدِيفُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ليسَ بَيْنِي وبيْنَهُ إلَّا آخِرَةُ الرَّحْلِ ، فقالَ: يا مُعاذُ قُلتُ: لَبَّيْكَ يا رَسولَ اللَّهِ وسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سارَ ساعَةً، ثُمَّ قالَ: يا مُعاذُ قُلتُ: لَبَّيْكَ رَسولَ اللَّهِ وسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سارَ ساعَةً، ثُمَّ قالَ: يا مُعاذُ بنَ جَبَلٍ قُلتُ: لَبَّيْكَ رَسولَ اللَّهِ وسَعْدَيْكَ، قالَ: هلْ تَدْرِي ما حَقُّ اللَّهِ علَى عِبادِهِ؟ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: حَقُّ اللَّهِ علَى عِبادِهِ أنْ يَعْبُدُوهُ ولا يُشْرِكُوا به شيئًا ثُمَّ سارَ ساعَةً، ثُمَّ قالَ: يا مُعاذُ بنَ جَبَلٍ قُلتُ: لَبَّيْكَ رَسولَ اللَّهِ وسَعْدَيْكَ، قالَ: هلْ تَدْرِي ما حَقُّ العِبادِ علَى اللَّهِ إذا فَعَلُوهُ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: حَقُّ العِبادِ علَى اللَّهِ أنْ لا يُعَذِّبَهُمْ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6500 التخريج : أخرجه البخاري (6500)، ومسلم (30)
التصنيف الموضوعي: توحيد - الأمر بتوحيد الله توحيد - فضل التوحيد سفر - جواز الإرداف على الدابة علم - أدب طالب العلم مناقب وفضائل - معاذ بن جبل
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

3 -  بيْنَا أنَا رَدِيفُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليسَ بَيْنِي وبيْنَهُ إلَّا أخِرَةُ الرَّحْلِ ، فَقالَ: يا مُعَاذُ بنَ جَبَلٍ، قُلتُ: لَبَّيْكَ رَسولَ اللَّهِ وسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قالَ: يا مُعَاذُ، قُلتُ: لَبَّيْكَ رَسولَ اللَّهِ وسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قالَ: يا مُعَاذُ، قُلتُ: لَبَّيْكَ رَسولَ اللَّهِ وسَعْدَيْكَ، قالَ: هلْ تَدْرِي ما حَقُّ اللَّهِ علَى عِبَادِهِ؟ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: حَقُّ اللَّهِ علَى عِبَادِهِ أنْ يَعْبُدُوهُ ولَا يُشْرِكُوا به شيئًا، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قالَ: يا مُعَاذُ بنَ جَبَلٍ، قُلتُ: لَبَّيْكَ رَسولَ اللَّهِ وسَعْدَيْكَ، فَقالَ: هلْ تَدْرِي ما حَقُّ العِبَادِ علَى اللَّهِ إذَا فَعَلُوهُ؟ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: حَقُّ العِبَادِ علَى اللَّهِ أنْ لا يُعَذِّبَهُمْ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5967 التخريج : أخرجه البخاري (5967)، ومسلم (30)
التصنيف الموضوعي: توحيد - الأمر بتوحيد الله توحيد - فضل التوحيد سفر - جواز الإرداف على الدابة علم - أدب طالب العلم مناقب وفضائل - معاذ بن جبل
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

4 - أَنَا رَدِيفُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا مُعَاذُ قُلتُ: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، ثُمَّ قالَ مِثْلَهُ ثَلَاثًا: هلْ تَدْرِي ما حَقُّ اللَّهِ علَى العِبَادِ قُلتُ: لَا، قالَ: حَقُّ اللَّهِ علَى العِبَادِ أنْ يَعْبُدُوهُ ولَا يُشْرِكُوا به شيئًا ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، فَقالَ: يا مُعَاذُ قُلتُ: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، قالَ: هلْ تَدْرِي ما حَقُّ العِبَادِ علَى اللَّهِ إذَا فَعَلُوا ذلكَ: أنْ لا يُعَذِّبَهُمْ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عن أنَسٍ، عن مُعَاذٍ، بهذا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6267 التخريج : أخرجه مسلم (30)، وابن ماجه (4296)، وأحمد (13742) جميعهم بلفظه.
التصنيف الموضوعي: آداب السلام - الإجابة بلبيك وسعديك توحيد - فضل التوحيد سفر - جواز الإرداف على الدابة إحسان - حق الله على العباد إيمان - حق الله على العباد
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

5 - يا مُعاذُ أتَدْرِي ما حَقُّ اللَّهِ علَى العِبادِ؟، قالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: أنْ يَعْبُدُوهُ ولا يُشْرِكُوا به شيئًا، أتَدْرِي ما حَقُّهُمْ عليه؟، قالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: أنْ لا يُعَذِّبَهُمْ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 7373 التخريج : أخرجه البخاري (7373)، ومسلم (30)
التصنيف الموضوعي: الكفر والشرك - ذم الشرك وما ورد فيه من العقوبة توحيد - فضل التوحيد توحيد - حق الله تعالى على العباد علم - أدب طالب العلم إيمان - الوعد
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

6 -  أنَّ نَاسًا مِن أهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قدْ قَتَلُوا وأَكْثَرُوا، وزَنَوْا وأَكْثَرُوا، فأتَوْا مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَقالوا: إنَّ الذي تَقُولُ وتَدْعُو إلَيْهِ لَحَسَنٌ، لو تُخْبِرُنَا أنَّ لِما عَمِلْنَا كَفَّارَةً ، فَنَزَلَ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68]، ونَزَلَتْ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53].
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4810 التخريج : أخرجه مسلم (122)
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة الفرقان ديات وقصاص - تحريم القتل تفسير آيات - سورة الزمر قرآن - أسباب النزول استغفار - مكفرات الذنوب
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

7 - أنَّ الرُّبَيِّعَ وهي ابْنَةُ النَّضْرِ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأرْشَ ، وطَلَبُوا العَفْوَ، فأبَوْا ، فأتَوُا النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأمَرَهُمْ بالقِصَاصِ، فَقالَ أنَسُ بنُ النَّضْرِ: أتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يا رَسولَ اللَّهِ، لا والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، لا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقالَ: يا أنَسُ كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ، فَرَضِيَ القَوْمُ وعَفَوْا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ مِن عِبَادِ اللَّهِ مَن لو أقْسَمَ علَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ زَادَ الفَزَارِيُّ، عن حُمَيْدٍ، عن أنَسٍ، فَرَضِيَ القَوْمُ وقَبِلُوا الأرْشَ .
خلاصة حكم المحدث : [صحيح] [قوله: زاد الفزاري... معلق، وصله البخاري في موضع آخر]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2703 التخريج : أخرجه مسلم (1675) بنحوه
التصنيف الموضوعي: ديات وقصاص - دية الأسنان مناقب وفضائل - أنس بن النضر ديات وقصاص - القصاص في كسر السن رقائق وزهد - مكارم الأخلاق والعفو عمن ظلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

8 - أنَّ الرُّبَيِّعَ عَمَّتَهُ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا إلَيْهَا العَفْوَ فأبَوْا ، فَعَرَضُوا الأرْشَ فأبَوْا ، فأتَوْا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبَوْا، إلَّا القِصَاصَ فأمَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالقِصَاصِ، فَقالَ أنَسُ بنُ النَّضْرِ: يا رَسولَ اللَّهِ أتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ؟ لا والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ لا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أنَسُ، كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ. فَرَضِيَ القَوْمُ فَعَفَوْا، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ مِن عِبَادِ اللَّهِ مَن لو أقْسَمَ علَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ .
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4500 التخريج : أخرجه مسلم (1675) بنحوه
التصنيف الموضوعي: ديات وقصاص - دية الأسنان مناقب وفضائل - أنس بن النضر اعتصام بالسنة - أوامر النبي ونواهيه وتقريراته ديات وقصاص - القصاص في كسر السن
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

9 - أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَكِبَ علَى حِمَارٍ، عليه قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وأُسَامَةُ ورَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ في بَنِي حَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ، قَبْلَ وقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَا حتَّى مَرَّا بمَجْلِسٍ فيه عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، وذلكَ قَبْلَ أنْ يُسْلِمَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا في المَجْلِسِ أخْلَاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ والمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأوْثَانِ واليَهُودِ، وفي المُسْلِمِينَ عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ ، خَمَّرَ ابنُ أُبَيٍّ أنْفَهُ برِدَائِهِ وقالَ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عليهم ثُمَّ وقَفَ، فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إلى اللَّهِ وقَرَأَ عليهمُ القُرْآنَ، فَقالَ له عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ: أيُّها المَرْءُ، لا أحْسَنَ ممَّا تَقُولُ إنْ كانَ حَقًّا، فلا تُؤْذِنَا به في مَجَالِسِنَا، فمَن جَاءَكَ فَاقْصُصْ عليه. قالَ عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، فَاغْشَنَا في مَجَالِسِنَا، فإنَّا نُحِبُّ ذلكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ واليَهُودُ حتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ ، فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَتُوا، ثُمَّ رَكِبَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَابَّتَهُ، فَسَارَ حتَّى دَخَلَ علَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيْ سَعْدُ، ألَمْ تَسْمَعْ ما قالَ أبو حُبَابٍ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ - قالَ كَذَا وكَذَا فَقالَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ: أيْ رَسولَ اللَّهِ، بأَبِي أنْتَ، اعْفُ عنْه واصْفَحْ، فَوَالَّذِي أنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ، لقَدْ جَاءَ اللَّهُ بالحَقِّ الذي أنْزَلَ عَلَيْكَ، ولَقَدِ اصْطَلَحَ أهْلُ هذِه البَحْرَةِ علَى أنْ يُتَوِّجُوهُ ويُعَصِّبُوهُ بالعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذلكَ بالحَقِّ الذي أعْطَاكَ شَرِقَ بذلكَ، فَذلكَ فَعَلَ به ما رَأَيْتَ. فَعَفَا عنْه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ وأَهْلِ الكِتَابِ كما أمَرَهُمُ اللَّهُ، ويَصْبِرُونَ علَى الأذَى، قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ} [آل عمران: 186] الآيَةَ. وقالَ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِن أهْلِ الكِتَابِ} [البقرة: 109] فَكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَأَوَّلُ في العَفْوِ عنْهمْ ما أمَرَهُ اللَّهُ به حتَّى أذِنَ له فيهم، فَلَمَّا غَزَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بهَا مَن قَتَلَ مِن صَنَادِيدِ الكُفَّارِ وسَادَةِ قُرَيْشٍ، فَقَفَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَصْحَابُهُ مَنْصُورِينَ غَانِمِينَ، معهُمْ أُسَارَى مِن صَنَادِيدِ الكُفَّارِ، وسَادَةِ قُرَيْشٍ، قالَ ابنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ ومَن معهُ مِنَ المُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأوْثَانِ: هذا أمْرٌ قدْ تَوَجَّهَ، فَبَايِعُوا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى الإسْلَامِ، فأسْلَمُوا.

10 -  أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَكِبَ علَى حِمَارٍ علَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ ، وأَرْدَفَ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ ورَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ في بَنِي الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ قَبْلَ وقْعَةِ بَدْرٍ، قالَ: حتَّى مَرَّ بمَجْلِسٍ فيه عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، وذلكَ قَبْلَ أنْ يُسْلِمَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا في المَجْلِسِ أخْلَاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ والمُشْرِكِينَ؛ عَبَدَةِ الأوْثَانِ واليَهُودِ والمُسْلِمِينَ، وفي المَجْلِسِ عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ ، خَمَّرَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ أنْفَهُ برِدَائِهِ، ثُمَّ قالَ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليهم، ثُمَّ وقَفَ فَنَزَلَ، فَدَعَاهُمْ إلى اللَّهِ وقَرَأَ عليهمُ القُرْآنَ، فَقالَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ: أيُّها المَرْءُ، إنَّه لا أحْسَنَ ممَّا تَقُولُ إنْ كانَ حَقًّا، فلا تُؤْذِنَا به في مَجْلِسِنَا، ارْجِعْ إلى رَحْلِكَ ، فمَن جَاءَكَ فَاقْصُصْ عليه، فَقالَ عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، فَاغْشَنَا به في مَجَالِسِنَا؛ فإنَّا نُحِبُّ ذلكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ واليَهُودُ، حتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَنُوا، ثُمَّ رَكِبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دَابَّتَهُ، فَسَارَ حتَّى دَخَلَ علَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، فَقالَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا سَعْدُ، ألَمْ تَسْمَعْ ما قالَ أبو حُبَابٍ؟ -يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ- قالَ: كَذَا وكَذَا، قالَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ: يا رَسولَ اللَّهِ، اعْفُ عنْه واصْفَحْ عنْه؛ فَوَالَّذِي أنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ، لقَدْ جَاءَ اللَّهُ بالحَقِّ الذي أنْزَلَ عَلَيْكَ، لَقَدِ اصْطَلَحَ أهْلُ هذِه البُحَيْرَةِ علَى أنْ يُتَوِّجُوهُ فيُعَصِّبُوهُ بالعِصَابَةِ ، فَلَمَّا أبَى اللَّهُ ذلكَ بالحَقِّ الذي أعْطَاكَ اللَّهُ شَرِقَ بذلكَ، فَذلكَ فَعَلَ به ما رَأَيْتَ، فَعَفَا عنْه رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ وأَهْلِ الكِتَابِ كما أمَرَهُمُ اللَّهُ، ويَصْبِرُونَ علَى الأذَى؛ قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186] الآيَةَ، وقالَ اللَّهُ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109] إلى آخِرِ الآيَةِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَتَأَوَّلُ العَفْوَ ما أمَرَهُ اللَّهُ به، حتَّى أذِنَ اللَّهُ فيهم، فَلَمَّا غَزَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ به صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قالَ ابنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ ومَن معهُ مِنَ المُشْرِكِينَ وعَبَدَةِ الأوْثَانِ: هذا أمْرٌ قدْ تَوَجَّهَ، فَبَايَعُوا الرَّسُولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علَى الإسْلَامِ فأسْلَمُوا.

11 -  أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَكِبَ علَى حِمَارٍ، علَى إكَافٍ علَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ ، وأَرْدَفَ أُسَامَةَ ورَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ قَبْلَ وقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَ حتَّى مَرَّ بمَجْلِسٍ فيه عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، وذلكَ قَبْلَ أنْ يُسْلِمَ عبدُ اللَّهِ، وفي المَجْلِسِ أخْلَاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ والمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأوْثَانِ واليَهُودِ، وفي المَجْلِسِ عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ ، خَمَّرَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ أنْفَهُ برِدَائِهِ، قَالَ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ووَقَفَ، ونَزَلَ فَدَعَاهُمْ إلى اللَّهِ فَقَرَأَ عليهمُ القُرْآنَ، فَقَالَ له عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ: يا أيُّها المَرْءُ، إنَّه لا أحْسَنَ ممَّا تَقُولُ إنْ كانَ حَقًّا، فلا تُؤْذِنَا به في مَجْلِسِنَا، وارْجِعْ إلى رَحْلِكَ ، فمَن جَاءَكَ فَاقْصُصْ عليه. قَالَ ابنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، فَاغْشَنَا به في مَجَالِسِنَا؛ فإنَّا نُحِبُّ ذلكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ واليَهُودُ حتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى سَكَتُوا، فَرَكِبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دَابَّتَهُ حتَّى دَخَلَ علَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ له: أيْ سَعْدُ، ألَمْ تَسْمَعْ ما قَالَ أبو حُبَابٍ؟ -يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ- قَالَ سَعْدٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، اعْفُ عنْه واصْفَحْ؛ فَلقَدْ أعْطَاكَ اللَّهُ ما أعْطَاكَ، ولَقَدِ اجْتَمع أهْلُ هذِه البَحْرَةِ علَى أنْ يُتَوِّجُوهُ فيُعَصِّبُوهُ، فَلَمَّا رَدَّ ذلكَ بالحَقِّ الذي أعْطَاكَ شَرِقَ بذلكَ، فَذلكَ الذي فَعَلَ به ما رَأَيْتَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أسامة بن زيد | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5663 التخريج : أخرجه مسلم (1798) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: أسماء - التكني آداب السلام - السلام على غير المسلمين سفر - جواز الإرداف على الدابة مناقب وفضائل - سعد بن عبادة مريض - مشروعية عيادة المريض وفضلها
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

12 - أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَكِبَ حِمَارًا، عليه إكَافٌ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وأَرْدَفَ ورَاءَهُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ، وهو يَعُودُ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ في بَنِي الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ، وذلكَ قَبْلَ وقْعَةِ بَدْرٍ، حتَّى مَرَّ في مَجْلِسٍ فيه أخْلَاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ والمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأوْثَانِ واليَهُودِ، وفيهم عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، وفي المَجْلِسِ عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ ، خَمَّرَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ أنْفَهُ برِدَائِهِ، ثُمَّ قالَ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ عليهمُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثُمَّ وقَفَ، فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إلى اللَّهِ، وقَرَأَ عليهمُ القُرْآنَ، فَقالَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ: أيُّها المَرْءُ، لا أحْسَنَ مِن هذا إنْ كانَ ما تَقُولُ حَقًّا، فلا تُؤْذِنَا في مَجَالِسِنَا، وارْجِعْ إلى رَحْلِكَ ، فمَن جَاءَكَ مِنَّا فَاقْصُصْ عليه، قالَ عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ: اغْشَنَا في مَجَالِسِنَا فإنَّا نُحِبُّ ذلكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ واليَهُودُ، حتَّى هَمُّوا أنْ يَتَوَاثَبُوا، فَلَمْ يَزَلِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ، ثُمَّ رَكِبَ دَابَّتَهُ حتَّى دَخَلَ علَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، فَقالَ: أيْ سَعْدُ، ألَمْ تَسْمَعْ إلى ما قالَ أبو حُبَابٍ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ - قالَ كَذَا وكَذَا قالَ: اعْفُ عنْه يا رَسولَ اللَّهِ واصْفَحْ، فَوَاللَّهِ لقَدْ أعْطَاكَ اللَّهُ الذي أعْطَاكَ، ولَقَدِ اصْطَلَحَ أهْلُ هذِه البَحْرَةِ علَى أنْ يُتَوِّجُوهُ، فيُعَصِّبُونَهُ بالعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذلكَ بالحَقِّ الذي أعْطَاكَ شَرِقَ بذلكَ، فَذلكَ فَعَلَ به ما رَأَيْتَ، فَعَفَا عنْه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

13 - غَابَ عَمِّي أَنَسُ بنُ النَّضْرِ عن قِتَالِ بَدْرٍ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، غِبْتُ عن أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ، لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِي قِتَالَ المُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ ما أَصْنَعُ، فَلَمَّا كانَ يَوْمُ أُحُدٍ وانْكَشَفَ المُسْلِمُونَ، قالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعْتَذِرُ إلَيْكَ ممَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ -يَعْنِي أَصْحَابَهُ- وأَبْرَأُ إلَيْكَ ممَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ -يَعْنِي المُشْرِكِينَ-، ثُمَّ تَقَدَّمَ، فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، فَقالَ: يا سَعْدُ بنَ مُعَاذٍ، الجَنَّةَ ورَبِّ النَّضْرِ، إنِّي أَجِدُ رِيحَهَا مِن دُونِ أُحُدٍ، قالَ سَعْدٌ: فَما اسْتَطَعْتُ يا رَسولَ اللَّهِ ما صَنَعَ، قالَ أَنَسٌ: فَوَجَدْنَا به بِضْعًا وثَمَانِينَ ضَرْبَةً بالسَّيْفِ، أَوْ طَعْنَةً برُمْحٍ، أَوْ رَمْيَةً بسَهْمٍ، ووَجَدْنَاهُ قدْ قُتِلَ وقدْ مَثَّلَ به المُشْرِكُونَ، فَما عَرَفَهُ أَحَدٌ إلَّا أُخْتُهُ ببَنَانِهِ، قالَ أَنَسٌ: كُنَّا نُرَى -أَوْ نَظُنُّ- أنَّ هذِه الآيَةَ نَزَلَتْ فيه وفي أَشْبَاهِهِ: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23]، إلى آخِرِ الآيَةِ. وَقالَ: إنَّ أُخْتَهُ -وهي تُسَمَّى الرُّبَيِّعَ- كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ امْرَأَةٍ، فأمَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالقِصَاصِ، فَقالَ أَنَسٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ لا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا. فَرَضُوا بالأرْشِ، وتَرَكُوا القِصَاصَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ مِن عِبَادِ اللَّهِ مَن لو أَقْسَمَ علَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ .

14 -  أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَاتَ وأَبُو بَكْرٍ بالسُّنْحِ، -قَالَ إسْمَاعِيلُ: يَعْنِي بالعَالِيَةِ- فَقَامَ عُمَرُ يقولُ: واللَّهِ ما مَاتَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَتْ: وقَالَ عُمَرُ: واللَّهِ ما كانَ يَقَعُ في نَفْسِي إلَّا ذَاكَ، ولَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ، فَلَيَقْطَعَنَّ أيْدِيَ رِجَالٍ وأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أبو بَكْرٍ فَكَشَفَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَبَّلَهُ، قَالَ: بأَبِي أنْتَ وأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا ومَيِّتًا، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوْتَتَيْنِ أبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أيُّها الحَالِفُ، علَى رِسْلِكَ ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أبو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ أبو بَكْرٍ وأَثْنَى عليه، وقَالَ: ألا مَن كانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فإنَّ مُحَمَّدًا قدْ مَاتَ، ومَن كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فإنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، وقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]، وقَالَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]، قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ، قَالَ: واجْتَمعتِ الأنْصَارُ إلى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ في سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقالوا: مِنَّا أمِيرٌ ومِنكُم أمِيرٌ، فَذَهَبَ إليهِم أبو بَكْرٍ، وعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، وأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فأسْكَتَهُ أبو بَكْرٍ، وكانَ عُمَرُ يقولُ: واللَّهِ ما أرَدْتُ بذلكَ إلَّا أنِّي قدْ هَيَّأْتُ كَلَامًا قدْ أعْجَبَنِي، خَشِيتُ ألَّا يَبْلُغَهُ أبو بَكْرٍ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أبو بَكْرٍ، فَتَكَلَّمَ أبْلَغَ النَّاسِ، فَقَالَ في كَلَامِهِ: نَحْنُ الأُمَرَاءُ وأَنْتُمُ الوُزَرَاءُ، فَقَالَ حُبَابُ بنُ المُنْذِرِ: لا واللَّهِ لا نَفْعَلُ، مِنَّا أمِيرٌ، ومِنكُم أمِيرٌ، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: لَا، ولَكِنَّا الأُمَرَاءُ، وأَنْتُمُ الوُزَرَاءُ، هُمْ أوْسَطُ العَرَبِ دَارًا، وأَعْرَبُهُمْ أحْسَابًا، فَبَايِعُوا عُمَرَ، أوْ أبَا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ، فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ أنْتَ؛ فأنْتَ سَيِّدُنَا، وخَيْرُنَا، وأَحَبُّنَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخَذَ عُمَرُ بيَدِهِ فَبَايَعَهُ، وبَايَعَهُ النَّاسُ، فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: قَتَلَهُ اللَّهُ. وقَالَ عبدُ اللَّهِ بنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ: عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، أخْبَرَنِي القَاسِمُ، أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: شَخَصَ بَصَرُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: في الرَّفِيقِ الأعْلَى ، ثَلَاثًا، وقَصَّ الحَدِيثَ. قَالَتْ: فَما كَانَتْ مِن خُطْبَتِهِما مِن خُطْبَةٍ إلَّا نَفَعَ اللَّهُ بهَا، لقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ، وإنَّ فيهم لَنِفَاقًا، فَرَدَّهُمُ اللَّهُ بذلكَ، ثُمَّ لقَدْ بَصَّرَ أبو بَكْرٍ النَّاسَ الهُدَى، وعَرَّفَهُمُ الحَقَّ الذي عليهم، وخَرَجُوا به يَتْلُونَ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إلى {الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144].
خلاصة حكم المحدث : [صحيح] [قوله: وقال عبد الله بن سالم... معلق ]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3667 التخريج : أخرجه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (2/ 206)، والبيهقي في ((الاعتقاد)) (346)، والبغوي في ((شرح السنة)) (2488) واللفظ لهم جميعا.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة آل عمران تفسير آيات - سورة الزمر فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - مرض النبي وموته مغازي - ذكر مبايعة أبي بكر وما كان في سقيفة بني ساعدة مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

15 - كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنَ المُهَاجِرِينَ، منهمْ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، فَبيْنَما أنَا في مَنْزِلِهِ بمِنًى، وهو عِنْدَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، في آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، إذْ رَجَعَ إلَيَّ عبدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: لو رَأَيْتَ رَجُلًا أتَى أمِيرَ المُؤْمِنِينَ اليَومَ، فَقَالَ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، هلْ لكَ في فُلَانٍ؟ يقولُ: لو قدْ مَاتَ عُمَرُ لقَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا، فَوَاللَّهِ ما كَانَتْ بَيْعَةُ أبِي بَكْرٍ إلَّا فَلْتَةً فَتَمَّتْ، فَغَضِبَ عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: إنِّي -إنْ شَاءَ اللَّهُ- لَقَائِمٌ العَشِيَّةَ في النَّاسِ، فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ. قَالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلتُ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لا تَفْعَلْ؛ فإنَّ المَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وغَوْغَاءَهُمْ؛ فإنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ علَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ في النَّاسِ، وأَنَا أخْشَى أنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ، وأَنْ لا يَعُوهَا، وأَنْ لا يَضَعُوهَا علَى مَوَاضِعِهَا، فأمْهِلْ حتَّى تَقْدَمَ المَدِينَةَ؛ فإنَّهَا دَارُ الهِجْرَةِ والسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بأَهْلِ الفِقْهِ وأَشْرَافِ النَّاسِ، فَتَقُولَ ما قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعِي أهْلُ العِلْمِ مَقَالَتَكَ، ويَضَعُونَهَا علَى مَوَاضِعِهَا.فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا واللَّهِ -إنْ شَاءَ اللَّهُ- لَأَقُومَنَّ بذلكَ أوَّلَ مَقَامٍ أقُومُهُ بالمَدِينَةِ. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ في عُقْبِ ذِي الحَجَّةِ، فَلَمَّا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ عَجَّلْتُ الرَّوَاحَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ ؛ حتَّى أجِدَ سَعِيدَ بنَ زَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ جَالِسًا إلى رُكْنِ المِنْبَرِ، فَجَلَسْتُ حَوْلَهُ تَمَسُّ رُكْبَتي رُكْبَتَهُ، فَلَمْ أنْشَبْ أنْ خَرَجَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مُقْبِلًا، قُلتُ لِسَعِيدِ بنِ زَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ: لَيَقُولَنَّ العَشِيَّةَ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اسْتُخْلِفَ، فأنْكَرَ عَلَيَّ وقَالَ: ما عَسَيْتَ أنْ يَقُولَ ما لَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ؟! فَجَلَسَ عُمَرُ علَى المِنْبَرِ، فَلَمَّا سَكَتَ المُؤَذِّنُونَ قَامَ، فأثْنَى علَى اللَّهِ بما هو أهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أمَّا بَعْدُ؛ فإنِّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً قدْ قُدِّرَ لي أنْ أقُولَهَا، لا أدْرِي لَعَلَّهَا بيْنَ يَدَيْ أجَلِي، فمَن عَقَلَهَا ووَعَاهَا فَلْيُحَدِّثْ بهَا حَيْثُ انْتَهَتْ به رَاحِلَتُهُ ، ومَن خَشِيَ أنْ لا يَعْقِلَهَا فلا أُحِلُّ لأحَدٍ أنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ: إنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالحَقِّ، وأَنْزَلَ عليه الكِتَابَ، فَكانَ ممَّا أنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وعَقَلْنَاهَا ووَعَيْنَاهَا، رَجَمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورَجَمْنَا بَعْدَهُ، فأخْشَى إنْ طَالَ بالنَّاسِ زَمَانٌ أنْ يَقُولَ قَائِلٌ: واللَّهِ ما نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ في كِتَابِ اللَّهِ، فَيَضِلُّوا بتَرْكِ فَرِيضَةٍ أنْزَلَهَا اللَّهُ، والرَّجْمُ في كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ علَى مَن زَنَى إذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ، إذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ، أوْ كانَ الحَبَلُ، أوْ الِاعْتِرَافُ. ثُمَّ إنَّا كُنَّا نَقْرَأُ فِيما نَقْرَأُ مِن كِتَابِ اللَّهِ: أنْ لا تَرْغَبُوا عن آبَائِكُمْ ؛ فإنَّه كُفْرٌ بكُمْ أنْ تَرْغَبُوا عن آبَائِكُمْ، أوْ: إنَّ كُفْرًا بكُمْ أنْ تَرْغَبُوا عن آبَائِكُمْ.ألَا ثُمَّ إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: لا تُطْرُونِي كما أُطْرِيَ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ، وقُولوا: عبدُ اللَّهِ ورَسولُهُ. ثُمَّ إنَّه بَلَغَنِي أنَّ قَائِلًا مِنكُم يقولُ: واللَّهِ لو قدْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلَانًا، فلا يَغْتَرَّنَّ امْرُؤٌ أنْ يَقُولَ: إنَّما كَانَتْ بَيْعَةُ أبِي بَكْرٍ فَلْتَةً وتَمَّتْ ، ألَا وإنَّهَا قدْ كَانَتْ كَذلكَ، ولَكِنَّ اللَّهَ وقَى شَرَّهَا، وليسَ مِنكُم مَن تُقْطَعُ الأعْنَاقُ إلَيْهِ مِثْلُ أبِي بَكْرٍ، مَن بَايَعَ رَجُلًا عن غيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، فلا يُبَايَعُ هو ولَا الذي بَايَعَهُ؛ تَغِرَّةً أنْ يُقْتَلَا، وإنَّه قدْ كانَ مِن خَبَرِنَا حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنَّ الأنْصَارَ خَالَفُونَا، واجْتَمَعُوا بأَسْرِهِمْ في سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وخَالَفَ عَنَّا عَلِيٌّ والزُّبَيْرُ ومَن معهُمَا، واجْتَمع المُهَاجِرُونَ إلى أبِي بَكْرٍ، فَقُلتُ لأبِي بَكْرٍ: يا أبَا بَكْرٍ، انْطَلِقْ بنَا إلى إخْوَانِنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الأنْصَارِ، فَانْطَلَقْنَا نُرِيدُهُمْ، فَلَمَّا دَنَوْنَا منهمْ، لَقِيَنَا منهمْ رَجُلَانِ صَالِحَانِ، فَذَكَرَا ما تَمَالَأَ عليه القَوْمُ، فَقَالَا: أيْنَ تُرِيدُونَ يا مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ؟ فَقُلْنَا: نُرِيدُ إخْوَانَنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الأنْصَارِ، فَقَالَا: لا علَيْكُم أنْ لا تَقْرَبُوهُمْ، اقْضُوا أمْرَكُمْ، فَقُلتُ: واللَّهِ لَنَأْتِيَنَّهُمْ، فَانْطَلَقْنَا حتَّى أتَيْنَاهُمْ في سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ بيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلتُ: مَن هذا؟ فَقالوا: هذا سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ، فَقُلتُ: ما له؟ قالوا: يُوعَكُ ، فَلَمَّا جَلَسْنَا قَلِيلًا تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ، فأثْنَى علَى اللَّهِ بما هو أهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أمَّا بَعْدُ؛ فَنَحْنُ أنْصَارُ اللَّهِ وكَتِيبَةُ الإسْلَامِ، وأَنْتُمْ مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ رَهْطٌ، وقدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِن قَوْمِكُمْ، فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أنْ يَخْتَزِلُونَا مِن أصْلِنَا، وأَنْ يَحْضُنُونَا مِنَ الأمْرِ. فَلَمَّا سَكَتَ أرَدْتُ أنْ أتَكَلَّمَ، وكُنْتُ قدْ زَوَّرْتُ مَقَالَةً أعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أنْ أُقَدِّمَهَا بيْنَ يَدَيْ أبِي بَكْرٍ، وكُنْتُ أُدَارِي منه بَعْضَ الحَدِّ، فَلَمَّا أرَدْتُ أنْ أتَكَلَّمَ، قَالَ أبو بَكْرٍ: علَى رِسْلِكَ ، فَكَرِهْتُ أنْ أُغْضِبَهُ، فَتَكَلَّمَ أبو بَكْرٍ، فَكانَ هو أحْلَمَ مِنِّي وأَوْقَرَ، واللَّهِ ما تَرَكَ مِن كَلِمَةٍ أعْجَبَتْنِي في تَزْوِيرِي، إلَّا قَالَ في بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا أوْ أفْضَلَ منها حتَّى سَكَتَ؛ فَقَالَ: ما ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِن خَيْرٍ فأنتُمْ له أهْلٌ، ولَنْ يُعْرَفَ هذا الأمْرُ إلَّا لِهذا الحَيِّ مِن قُرَيْشٍ؛ هُمْ أوْسَطُ العَرَبِ نَسَبًا ودَارًا، وقدْ رَضِيتُ لَكُمْ أحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَبَايِعُوا أيَّهُما شِئْتُمْ، فأخَذَ بيَدِي وبِيَدِ أبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ، وهو جَالِسٌ بيْنَنَا، فَلَمْ أكْرَهْ ممَّا قَالَ غَيْرَهَا، كانَ واللَّهِ أنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي، لا يُقَرِّبُنِي ذلكَ مِن إثْمٍ؛ أحَبَّ إلَيَّ مِن أنْ أتَأَمَّرَ علَى قَوْمٍ فيهم أبو بَكْرٍ، اللَّهُمَّ إلَّا أنْ تُسَوِّلَ إلَيَّ نَفْسِي عِنْدَ المَوْتِ شيئًا لا أجِدُهُ الآنَ. فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الأنْصَارِ: أنَا جُذَيْلُهَا المُحَكَّكُ ، وعُذَيْقُهَا المُرَجَّبُ ؛ مِنَّا أمِيرٌ، ومِنكُم أمِيرٌ يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ. فَكَثُرَ اللَّغَطُ ، وارْتَفَعَتِ الأصْوَاتُ، حتَّى فَرِقْتُ مِنَ الِاخْتِلَافِ، فَقُلتُ: ابْسُطْ يَدَكَ يا أبَا بَكْرٍ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ، وبَايَعَهُ المُهَاجِرُونَ ثُمَّ بَايَعَتْهُ الأنْصَارُ. ونَزَوْنَا علَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ قَائِلٌ منهمْ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ، فَقُلتُ: قَتَلَ اللَّهُ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ. قَالَ عُمَرُ: وإنَّا واللَّهِ ما وجَدْنَا فِيما حَضَرْنَا مِن أمْرٍ أقْوَى مِن مُبَايَعَةِ أبِي بَكْرٍ؛ خَشِينَا إنْ فَارَقْنَا القَوْمَ ولَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ أنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا منهمْ بَعْدَنَا، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ علَى ما لا نَرْضَى، وإمَّا نُخَالِفُهُمْ فَيَكونُ فَسَادٌ، فمَن بَايَعَ رَجُلًا علَى غيرِ مَشُورَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، فلا يُتَابَعُ هو ولَا الذي بَايَعَهُ؛ تَغِرَّةً أنْ يُقْتَلَا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6830 التخريج : أخرجه مسلم (1691) مختصراً
التصنيف الموضوعي: حدود - حد الرجم قرآن - أسباب النزول قرآن - نسخ التلاوة مغازي - ذكر مبايعة أبي بكر وما كان في سقيفة بني ساعدة مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق حدود - حد الزنا
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

16 - لَمَّا وقَفَ الزُّبَيْرُ يَومَ الجَمَلِ دَعَانِي، فَقُمْتُ إلى جَنْبِهِ فَقالَ: يا بُنَيِّ، إنَّه لا يُقْتَلُ اليومَ إلَّا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ، وإنِّي لا أُرَانِي إلَّا سَأُقْتَلُ اليومَ مَظْلُومًا، وإنَّ مِن أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي، أَفَتُرَى يُبْقِي دَيْنُنَا مِن مَالِنَا شيئًا؟ فَقالَ: يا بُنَيِّ بعْ مَالَنَا، فَاقْضِ دَيْنِي. وأَوْصَى بالثُّلُثِ، وثُلُثِهِ لِبَنِيهِ -يَعْنِي بَنِي عبدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَيْرِ- يقولُ: ثُلُثُ الثُّلُثِ، فإنْ فَضَلَ مِن مَالِنَا فَضْلٌ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيءٌ، فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ -قالَ هِشَامٌ: وكانَ بَعْضُ ولَدِ عبدِ اللَّهِ قدْ وازَى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ؛ خُبَيْبٌ وعَبَّادٌ، وله يَومَئذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ، وتِسْعُ بَنَاتٍ- قالَ عبدُ اللَّهِ: فَجَعَلَ يُوصِينِي بدَيْنِهِ، ويقولُ: يا بُنَيِّ إنْ عَجَزْتَ عنْه في شَيءٍ، فَاسْتَعِنْ عليه مَوْلَايَ، قالَ: فَوَاللَّهِ ما دَرَيْتُ ما أَرَادَ حتَّى قُلتُ: يا أَبَةِ مَن مَوْلَاكَ؟ قالَ: اللَّهُ، قالَ: فَوَاللَّهِ ما وقَعْتُ في كُرْبَةٍ مِن دَيْنِهِ، إلَّا قُلتُ: يا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عنْه دَيْنَهُ، فَيَقْضِيهِ، فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، ولَمْ يَدَعْ دِينَارًا ولَا دِرْهَمًا إلَّا أَرَضِينَ، منها الغَابَةُ، وإحْدَى عَشْرَةَ دَارًا بالمَدِينَةِ، ودَارَيْنِ بالبَصْرَةِ، ودَارًا بالكُوفَةِ، ودَارًا بمِصْرَ، قالَ: وإنَّما كانَ دَيْنُهُ الذي عليه أنَّ الرَّجُلَ كانَ يَأْتِيهِ بالمَالِ، فَيَسْتَوْدِعُهُ إيَّاهُ، فيَقولُ الزُّبَيْرُ: لا، ولَكِنَّهُ سَلَفٌ؛ فإنِّي أَخْشَى عليه الضَّيْعَةَ، وما ولِيَ إمَارَةً قَطُّ ولَا جِبَايَةَ خَرَاجٍ، ولَا شيئًا إلَّا أَنْ يَكونَ في غَزْوَةٍ مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أَوْ مع أَبِي بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمْ، قالَ عبدُ اللَّهِ بنُ الزُّبَيْرِ: فَحَسَبْتُ ما عليه مِنَ الدَّيْنِ، فَوَجَدْتُهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ ومِئَتَيْ أَلْفٍ، قالَ: فَلَقِيَ حَكِيمُ بنُ حِزَامٍ عَبْدَ اللَّهِ بنَ الزُّبَيْرِ، فَقالَ: يا ابْنَ أَخِي، كَمْ علَى أَخِي مِنَ الدَّيْنِ؟ فَكَتَمَهُ، فَقالَ: مِئَةُ أَلْفٍ، فَقالَ حَكِيمٌ: واللَّهِ ما أُرَى أَمْوَالَكُمْ تَسَعُ لِهذِه، فَقالَ له عبدُ اللَّهِ: أَفَرَأَيْتَكَ إنْ كَانَتْ أَلْفَيْ أَلْفٍ ومِئَتَيْ أَلْفٍ؟ قالَ: ما أُرَاكُمْ تُطِيقُونَ هذا، فإنْ عَجَزْتُمْ عن شَيءٍ منه فَاسْتَعِينُوا بي، قالَ: وكانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الغَابَةَ بسَبْعِينَ ومِئَةِ أَلْفٍ، فَبَاعَهَا عبدُ اللَّهِ بأَلْفِ أَلْفٍ وسِتِّ مِئَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ قَامَ فَقالَ: مَن كانَ له علَى الزُّبَيْرِ حَقٌّ، فَلْيُوَافِنَا بالغَابَةِ، فأتَاهُ عبدُ اللَّهِ بنُ جَعْفَرٍ، وكانَ له علَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُ مِئَةِ أَلْفٍ، فَقالَ لِعَبْدِ اللَّهِ: إنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكُمْ، قالَ عبدُ اللَّهِ: لَا، قالَ: فإنْ شِئْتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيما تُؤَخِّرُونَ إنْ أَخَّرْتُمْ، فَقالَ عبدُ اللَّهِ: لَا، قالَ: قالَ: فَاقْطَعُوا لي قِطْعَةً، فَقالَ عبدُ اللَّهِ: لكَ مِن هَاهُنَا إلى هَاهُنَا، قالَ: فَبَاعَ منها، فَقَضَى دَيْنَهُ فأوْفَاهُ، وبَقِيَ منها أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ ونِصْفٌ، فَقَدِمَ علَى مُعَاوِيَةَ، وعِنْدَهُ عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، والمُنْذِرُ بنُ الزُّبَيْرِ، وابنُ زَمْعَةَ، فَقالَ له مُعَاوِيَةُ: كَمْ قُوِّمَتِ الغَابَةُ؟ قالَ: كُلُّ سَهْمٍ مِئَةَ أَلْفٍ، قالَ: كَمْ بَقِيَ؟ قالَ: أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ ونِصْفٌ، قالَ المُنْذِرُ بنُ الزُّبَيْرِ: قدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بمِئَةِ أَلْفٍ، قالَ عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ: قدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بمِئَةِ أَلْفٍ، وقالَ ابنُ زَمْعَةَ: قدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بمِئَةِ أَلْفٍ، فَقالَ مُعَاوِيَةُ: كَمْ بَقِيَ؟ فَقالَ: سَهْمٌ ونِصْفٌ، قالَ: قدْ أَخَذْتُهُ بخَمْسِينَ ومِئَةِ أَلْفٍ، قالَ: وبَاعَ عبدُ اللَّهِ بنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِن مُعَاوِيَةَ بسِتِّ مِئَةِ أَلْفٍ، فَلَمَّا فَرَغَ ابنُ الزُّبَيْرِ مِن قَضَاءِ دَيْنِهِ، قالَ بَنُو الزُّبَيْرِ: اقْسِمْ بيْنَنَا مِيرَاثَنَا، قالَ: لَا، واللَّهِ لا أَقْسِمُ بيْنَكُمْ حتَّى أُنَادِيَ بالمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ: أَلَا مَن كانَ له علَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ، فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ، قالَ: فَجَعَلَ كُلَّ سَنَةٍ يُنَادِي بالمَوْسِمِ، فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ قَسَمَ بيْنَهُمْ، قالَ: فَكانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، ورَفَعَ الثُّلُثَ، فأصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ ومِئَتَا أَلْفٍ، فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ، ومِئَتَا أَلْفٍ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن الزبير | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3129 التخريج : أخرجه البيهقي (12807) باختلاف يسير، والبلاذري في ((أنساب الأشراف)) (9/ 425) بنحوه، والحاكم (5566) مختصرا.
التصنيف الموضوعي: فتن - موقعة الجمل مناقب وفضائل - الزبير بن العوام وصايا - الوصية بالثلث جنائز وموت - قضاء دين الميت وصايا - وصية من لا يعيش مثله
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

17 - كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَ ما أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ في هَوْدَجِي وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلكَ وقَفَلَ، دَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ، فَمَشيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى رَحْلِي، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، قالَتْ: وأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ أرْكَبُ عليه، وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ ، ولَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وحَمَلُوهُ، وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ فَسَارُوا، ووَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وليسَ بهَا منهمْ دَاعٍ ولَا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، وظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ في مَنْزِلِي، غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وكانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وجْهِي بجِلْبَابِي ، ووَاللَّهِ ما تَكَلَّمْنَا بكَلِمَةٍ، ولَا سَمِعْتُ منه كَلِمَةً غيرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وهَوَى حتَّى أنَاخَ رَاحِلَتَهُ ، فَوَطِئَ علَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وهُمْ نُزُولٌ، قالَتْ: فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى كِبْرَ الإفْكِ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، قالَ عُرْوَةُ: أُخْبِرْتُ أنَّه كانَ يُشَاعُ ويُتَحَدَّثُ به عِنْدَهُ، فيُقِرُّهُ ويَسْتَمِعُهُ ويَسْتَوْشِيهِ، وقالَ عُرْوَةُ أيضًا: لَمْ يُسَمَّ مِن أهْلِ الإفْكِ أيضًا إلَّا حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ، ومِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ، وحَمْنَةُ بنْتُ جَحْشٍ، في نَاسٍ آخَرِينَ لا عِلْمَ لي بهِمْ، غيرَ أنَّهُمْ عُصْبَةٌ، كما قالَ اللَّهُ تَعَالَى، وإنَّ كِبْرَ ذلكَ يُقَالُ له: عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، قالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ، وتَقُولُ: إنَّه الذي قالَ: فَإنَّ أبِي ووَالِدَهُ وعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنكُم وِقَاءُ قالَتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، لا أشْعُرُ بشيءٍ مِن ذلكَ، وهو يَرِيبُنِي في وجَعِي أنِّي لا أعْرِفُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللُّطْفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُسَلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذلكَ يَرِيبُنِي ولَا أشْعُرُ بالشَّرِّ، حتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مع أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ ، وكانَ مُتَبَرَّزَنَا، وكُنَّا لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، قالَتْ: وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ قِبَلَ الغَائِطِ، وكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، قالَتْ: فَانْطَلَقْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ، وهي ابْنَةُ أبِي رُهْمِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ عبدِ مَنَافٍ، وأُمُّهَا بنْتُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ عَبَّادِ بنِ المُطَّلِبِ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتي حِينَ فَرَغْنَا مِن شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِهَا فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ، أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ فَقالَتْ: أيْ هَنْتَاهْ ولَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قالَتْ: وقُلتُ: ما قالَ؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، قالَتْ: فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتي دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: كيفَ تِيكُمْ، فَقُلتُ له: أتَأْذَنُ لي أنْ آتِيَ أبَوَيَّ؟ قالَتْ: وأُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، قالَتْ: فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: يا أُمَّتَاهُ، مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قالَتْ: يا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ، إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قالَتْ: فَقُلتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أوَلقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بهذا؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ أصْبَحْتُ أبْكِي، قالَتْ: ودَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْأَلُهُما ويَسْتَشِيرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، قالَتْ: فأمَّا أُسَامَةُ فأشَارَ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَرَاءَةِ أهْلِهِ، وبِالَّذِي يَعْلَمُ لهمْ في نَفْسِهِ، فَقالَ أُسَامَةُ: أهْلَكَ، ولَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيٌّ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قالَتْ: فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقالَ: أيْ بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ؟ . قالَتْ له بَرِيرَةُ: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، ما رَأَيْتُ عَلَيْهَا أمْرًا قَطُّ أغْمِصُهُ غيرَ أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أهْلِهَا، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قالَتْ: فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن يَومِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ، وهو علَى المِنْبَرِ، فَقالَ: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَنِي عنْه أذَاهُ في أهْلِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، ولقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي. قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ أخُو بَنِي عبدِ الأشْهَلِ، فَقالَ : أنَا يا رَسولَ اللَّهِ أعْذِرُكَ، فإنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أمْرَكَ، قالَتْ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الخَزْرَجِ، وكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بنْتَ عَمِّهِ مِن فَخِذِهِ ، وهو سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ، وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، قالَتْ: وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا، ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ ، فَقالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى قَتْلِهِ، ولو كانَ مِن رَهْطِكَ ما أحْبَبْتَ أنْ يُقْتَلَ. فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، وهو ابنُ عَمِّ سَعْدٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، قالَتْ: فَثَارَ الحَيَّانِ الأوْسُ، والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ علَى المِنْبَرِ، قالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ، حتَّى سَكَتُوا وسَكَتَ، قالَتْ: فَبَكَيْتُ يَومِي ذلكَ كُلَّهُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، قالَتْ: وأَصْبَحَ أبَوَايَ عِندِي، وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا، لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، حتَّى إنِّي لَأَظُنُّ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبيْنَا أبَوَايَ جَالِسَانِ عِندِي وأَنَا أبْكِي، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ فأذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ دَخَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مُنْذُ قيلَ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي بشيءٍ، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، يا عَائِشَةُ، إنَّه بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عليه، قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلتُ لأبِي: أجِبْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِّي فِيما قالَ: فَقالَ أبِي: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أجِيبِي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قالَ: قالَتْ أُمِّي: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ: لا أقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ كَثِيرًا: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ: لقَدْ سَمِعْتُمْ هذا الحَدِيثَ حتَّى اسْتَقَرَّ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، فَلَئِنْ قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ، لا تُصَدِّقُونِي، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي منه بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُنِّي، فَوَاللَّهِ لا أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا إلَّا أبَا يُوسُفَ حِينَ قالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ} ثُمَّ تَحَوَّلْتُ واضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، ولَكِنْ واللَّهِ ما كُنْتُ أظُنُّ أنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ في شَأْنِي وحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِي في نَفْسِي كانَ أحْقَرَ مِن أنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بأَمْرٍ، ولَكِنْ كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَجْلِسَهُ، ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ، حتَّى أُنْزِلَ عليه، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِنَ العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ ، وهو في يَومٍ شَاتٍ مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي أُنْزِلَ عليه، قالَتْ: فَسُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أنْ قالَ: يا عَائِشَةُ، أمَّا اللَّهُ فقَدْ بَرَّأَكِ. قالَتْ: فَقالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، فَقُلتُ: واللَّهِ لا أقُومُ إلَيْهِ، فإنِّي لا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ عزَّ وجلَّ، قالَتْ: وأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُمْ} العَشْرَ الآيَاتِ، ثُمَّ أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه وفَقْرِهِ: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا، بَعْدَ الذي قالَ لِعَائِشَةَ ما قالَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولو الفَضْلِ مِنكُمْ} - إلى قَوْلِهِ - {غَفُورٌ رَحِيمٌ}، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى واللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُنْفِقُ عليه، وقالَ: واللَّهِ لا أنْزِعُهَا منه أبَدًا، قالَتْ عَائِشَةُ: وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقالَ لِزَيْنَبَ: مَاذَا عَلِمْتِ، أوْ رَأَيْتِ. فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ إلَّا خَيْرًا، قالَتْ عَائِشَةُ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي مِن أزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ، قالَتْ: وطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ، فِيمَن هَلَكَ قالَ ابنُ شِهَابٍ: فَهذا الذي بَلَغَنِي مِن حَديثِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ ثُمَّ قالَ عُرْوَةُ، قالَتْ عَائِشَةُ: واللَّهِ إنَّ الرَّجُلَ الذي قيلَ له ما قيلَ لَيقولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ ما كَشَفْتُ مِن كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ، قالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذلكَ في سَبيلِ اللَّهِ
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4141 التخريج : أخرجه البخاري (4141)، ومسلم (2770)
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النور توبة - حادثة الإفك قرآن - أسباب النزول مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

18 - كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَما نَزَلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجِي، وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلكَ وقَفَلَ، ودَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ فَمَشيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي وحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ رَكِبْتُ، وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا، لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما تَأْكُلُ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ، وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الجَمَلَ وسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وليسَ بهَا دَاعٍ، ولَا مُجِيبٌ فأمَمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، وظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ في مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأدْلَجَ فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وكانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وجْهِي بجِلْبَابِي ، ووَاللَّهِ ما كَلَّمَنِي كَلِمَةً ولَا سَمِعْتُ منه كَلِمَةً غيرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حتَّى أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ علَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ ، حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَما نَزَلُوا مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى الإفْكَ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، لا أشْعُرُ بشيءٍ مِن ذلكَ وهو يَرِيبُنِي في وجَعِي، أنِّي لا أعْرِفُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللَّطَفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُسَلِّمُ ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الذي يَرِيبُنِي ولَا أشْعُرُ بالشَّرِّ حتَّى خَرَجْتُ بَعْدَما نَقَهْتُ، فَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ وهو مُتَبَرَّزُنَا، وكُنَّا لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ، فَكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ وهي ابْنَةُ أبِي رُهْمِ بنِ عبدِ مَنَافٍ، وأُمُّهَا بنْتُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ خَالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي، وقدْ فَرَغْنَا مِن شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِهَا، فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ، أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ قالَتْ: أيْ هَنْتَاهْ أوَلَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قالَتْ: قُلتُ: وما قالَ؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتِي، ودَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَعْنِي سَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: كيفَ تِيكُمْ فَقُلتُ: أتَأْذَنُ لي أنْ آتِيَ أبَوَيَّ، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، قالَتْ: فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجِئْتُ أبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: يا أُمَّتَاهْ ما يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قالَتْ: يا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، ولَهَا ضَرَائِرُ إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قالَتْ: فَقُلتُ سُبْحَانَ اللَّهِ، أوَلقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بهذا؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، حتَّى أصْبَحْتُ أبْكِي، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَأْمِرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، قالَتْ: فأمَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ فأشَارَ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَرَاءَةِ أهْلِهِ، وبِالَّذِي يَعْلَمُ لهمْ في نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أهْلَكَ ولَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وإنْ تَسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قالَتْ: فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقالَ: أيْ بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ؟ قالَتْ بَرِيرَةُ: لا والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أمْرًا أغْمِصُهُ عَلَيْهَا، أكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أهْلِهَا، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَعْذَرَ يَومَئذٍ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قالَتْ: فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو علَى المِنْبَرِ: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَنِي أذَاهُ في أهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، ولقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ الأنْصَارِيُّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ أنَا أعْذِرُكَ منه، إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أمْرَكَ، قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا، ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ ، فَقالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ وهو ابنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَتَثَاوَرَ الحَيَّانِ الأوْسُ والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ علَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَتُوا، وسَكَتَ، قالَتْ: فَبَكَيْتُ يَومِي ذلكَ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، قالَتْ: فأصْبَحَ أبَوَايَ عِندِي وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا لا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ، ولَا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، يَظُنَّانِ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قالَتْ: فَبيْنَما هُما جَالِسَانِ عِندِي، وأَنَا أبْكِي فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مُنْذُ قيلَ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ يا عَائِشَةُ، فإنَّه قدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إلى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عليه قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلتُ لأبِي: أجِبْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قالَ، قالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أجِيبِي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: فَقُلتُ وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ لقَدْ سَمِعْتُمْ هذا الحَدِيثَ، حتَّى اسْتَقَرَّ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به فَلَئِنْ، قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي منه بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لَكُمْ مَثَلًا إلَّا قَوْلَ أبِي يُوسُفَ، قالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ}، قالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ، وأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، ولَكِنْ واللَّهِ ما كُنْتُ أظُنُّ أنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ في شَأْنِي وحْيًا يُتْلَى، ولَشَأْنِي في نَفْسِي كانَ أحْقَرَ مِن أنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بأَمْرٍ يُتْلَى، ولَكِنْ كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، قالَتْ: فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ حتَّى أُنْزِلَ عليه، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، وهو في يَومٍ شَاتٍ، مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي يُنْزَلُ عليه، قالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُرِّيَ عنْه وهو يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا: يا عَائِشَةُ، أمَّا اللَّهُ عزَّ وجلَّ فقَدْ بَرَّأَكِ فَقالَتْ أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، قالَتْ: فَقُلتُ: لا واللَّهِ لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ عزَّ وجلَّ، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُم لا تَحْسِبُوهُ) العَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا، فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه وفَقْرِهِ: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ الذي قالَ لِعَائِشَةَ ما قالَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولو الفَضْلِ مِنكُم والسَّعَةِ أنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى والمَسَاكِينَ والمُهَاجِرِينَ في سَبيلِ اللَّهِ، ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا، ألَا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي أُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُنْفِقُ عليه، وقالَ: واللَّهِ لا أنْزِعُهَا منه أبَدًا، قالَتْ عَائِشَةُ: وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقالَ: يا زَيْنَبُ مَاذَا عَلِمْتِ أوْ رَأَيْتِ؟ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، ما عَلِمْتُ إلَّا خَيْرًا، قالَتْ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي مِن أزْوَاجِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ وطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَن هَلَكَ مِن أصْحَابِ الإفْكِ .
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4750 التخريج : أخرجه مسلم (2770)، والبزار (153)، والطبراني (23/ 56)، (123) جميعهم باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النور توبة - حادثة الإفك قرآن - أسباب النزول مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق وحي - صفة نزول الوحي
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

19 - زَعَمُوا أنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بهَا معهُ، فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ معهُ بَعْدَ ما أُنْزِلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجٍ، وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا، حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وقَفَلَ ودَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ؛ آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ، فَمَشَيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ أظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، فأقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ أرْكَبُ وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ ولَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وإنَّما يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الهَوْدَجِ، فَاحْتَمَلُوهُ وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ وسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وليسَ فيه أحَدٌ، فأمَمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، فَظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي، فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ، فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي، وكانَ يَرَانِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ يَدَهَا، فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَ ما نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى الإفْكَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ بهَا شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ مِن قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، ويَرِيبُنِي في وجَعِي أنِّي لا أرَى مِنَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللُّطْفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أمْرَضُ، إنَّما يَدْخُلُ فيُسَلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ لا أشْعُرُ بشَيءٍ مِن ذلكَ حتَّى نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ ؛ مُتَبَرَّزُنَا، لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ أوْ في التَّنَزُّهِ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ بنْتُ أبِي رُهْمٍ نَمْشِي، فَعَثَرَتْ في مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ! أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟! فَقَالَتْ: يا هَنْتَاهْ، ألَمْ تَسْمَعِي ما قالوا؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتي دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَلَّمَ فَقَالَ: كيفَ تِيكُمْ؟ فَقُلتُ: ائْذَنْ لي إلى أبَوَيَّ، قَالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَيْتُ أبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ؟ فَقَالَتْ: يا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي علَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ؛ فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا ولَهَا ضَرَائِرُ ، إلَّا أكْثَرْنَ عَلَيْهَا، فَقُلتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! ولقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بهذا؟! قَالَتْ: فَبِتُّ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ أصْبَحْتُ، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَشِيرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، فأمَّا أُسَامَةُ فأشَارَ عليه بالَّذِي يَعْلَمُ في نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ لهمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أهْلُكَ يا رَسولَ اللَّهِ، ولَا نَعْلَمُ -واللَّهِ- إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقَالَ: يا بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ فِيهَا شيئًا يَرِيبُكِ؟ فَقَالَتْ بَرِيرَةُ: لا والَّذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ رَأَيْتُ منها أمْرًا أغْمِصُهُ عَلَيْهَا قَطُّ أكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنِ العَجِينِ، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن يَومِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ بَلَغَنِي أذَاهُ في أهْلِي؟! فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، وقدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي، فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنَا واللَّهِ أعْذِرُكَ منه؛ إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا، فَفَعَلْنَا فيه أمْرَكَ، فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ -وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ- فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى ذلكَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، واللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ؛ فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَثَارَ الحَيَّانِ -الأوْسُ والخَزْرَجُ- حتَّى هَمُّوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ، فَنَزَلَ، فَخَفَّضَهُمْ حتَّى سَكَتُوا، وسَكَتَ، وبَكَيْتُ يَومِي لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، فأصْبَحَ عِندِي أبَوَايَ، وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا حتَّى أظُنُّ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قَالَتْ: فَبيْنَا هُما جَالِسَانِ عِندِي وأَنَا أبْكِي، إذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، فَبيْنَا نَحْنُ كَذلكَ إذْ دَخَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَجَلَسَ، ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مِن يَومِ قِيلَ فِيَّ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ مَكَثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي شَيءٌ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: يا عَائِشَةُ، فإنَّه بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ؛ فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عليه، فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، وقُلتُ لأبِي: أجِبْ عَنِّي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قَالَ، قَالَتْ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَتْ: وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ، فَقُلتُ: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، ولَئِنْ قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ -واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ- لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ -واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ- لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ علَى فِرَاشِي وأَنَا أرْجُو أنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ، ولَكِنْ واللَّهِ ما ظَنَنْتُ أنْ يُنْزِلَ في شَأْنِي وحْيًا، ولَأَنَا أحْقَرُ في نَفْسِي مِن أنْ يُتَكَلَّمَ بالقُرْآنِ في أمْرِي، ولَكِنِّي كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ، فَوَاللَّهِ ما رَامَ مَجْلِسَهُ ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ، حتَّى أُنْزِلَ عليه الوَحْيُ، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ في يَومٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَضْحَكُ، فَكانَ أوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أنْ قَالَ لِي: يا عَائِشَةُ، احْمَدِي اللَّهَ؛ فقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ، فَقَالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: لا واللَّهِ، لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الآيَاتِ، فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قَالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه -وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه-: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ ما قَالَ لِعَائِشَةَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا} إلى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22]، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ الذي كانَ يُجْرِي عليه، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقَالَ: يا زَيْنَبُ، ما عَلِمْتِ؟ ما رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ عَلَيْهَا إلَّا خَيْرًا، قَالَتْ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2661 التخريج : أخرجه مسلم (2770)، وأحمد (25623)، والنسائي في ((الكبرى)) (8882) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النور توبة - حادثة الإفك قرآن - أسباب النزول مناقب وفضائل - زينب بنت جحش مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق إيمان - النفاق
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

20 - حديث الصُّورِ [يعني حديث: إنَّ اللهَ لما فرغَ من خلقِ السمواتِ والأرضِ خلقَ الصورَ فأعطاهُ إسرافيلَ فهو واضعُهُ على فيهِ شاخصٌ ببصرِهِ إلى العرشِ ينتظرُ متى يؤمرُ. قلْتُ : يا رسولَ اللهِ وما الصورُ ؟ قال : قرنٌ. قلْتُ : كيفَ هو ؟ قال : عظيمٌ، إنَّ عِظمَ دائرةٍ فيه لعرضِ السمواتِ والأرضِ لينفخَ فيه ثلاثَ نفخاتٍ : الأولى نفخةُ الفزعِ والثانيةُ نفخةُ الصعقِ والثالثةُ نفخةُ القيامِ لربِّ العالمينَ، فيأمرُ اللهُ إسرافيلَ بالنفخةِ الأولى فيقولُ : انفخْ نفخةَ الفزعِ، فيفزعَ أهلُ السمواتِ والأرضِ إلا من شاءَ اللهُ، ويأمرُهُ تعالى فيمدُّها ويطيلُها ولا يفترُ وهي التي يقولُ اللهُ فيها : وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلاءِ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ [ ص : 15 ] فتسيرُ الجبالُ سيرَ السحابِ فتكونُ سرابًا وترتجُّ الأرضُ بأهلِها رجًّا فتكونُ كالسفينةِ الموقورةِ في البحرِ تضربُها الأمواجُ تكفأُ بأهلِها كالقنديلِ المعلقِ بالعرشِ ترجحُهُ الأرواحُ وهي التي يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ : يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ [ النازعات : 6 - 7 ] فتميدُ الأرضُ بالناسِ على ظهرِها فتذهلُ المراضعُ وتضعُ الحواملُ وتشيبُ الولدانُ وتطيرُ الشياطينُ هاربةً منَ الفزعِ، حتى تأتيَ الأقطُّارَ، فتتلْقاها الملائكةُ، فتضربُ وجوهَها، فترجعُ، ويولِّي الناسُ مدبرينَ يُنادي بعضُهم بعضًا، فهو الذي يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ يَوْمَ التَّنَادِ، يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ [ غافر : 32، 33 ] فبينَما هم على ذلك إذْ تصدعَتِ الأرضُ، فانصدعَتْ من قُطرٍ إلى قطُّرٍ، فرأوا أمرًا عظيمًا، ثم نظروا إلى السماءِ فإذا هي كالمُهلِ، ثم انشقَّتْ فانتثرَتْ نجومُها، وخسفَتْ شمسُها وقمرُها، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ والأمواتُ يومئذٍ لا يعلمونَ بشيءٍ من ذلك، قلْتُ : يا رسولَ اللهِ فمن استثْنَى اللهُ في قولِهِ إلا مَن شاءَ اللهُ ؟ قال أولئكَ الشهداءُ، وإنَّما يصلُ الفزعُ إلى الأحياءِ، وهم أحياءُ عِندَ ربِّهم يرزقونَ فوقاهمُ اللهُ شرَّ ذلك اليومِ، وأمَّنَهم منه، وهو عذابٌ يبعثُهُ على شرارِ خلقِهِ، وهو الذي يقولُ اللهُ فيه يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [ الحج : 1, 2 ] فيمكثونَ في ذلك العذابِ ما شاء اللهُ، ثم يأمرُ اللهُ إسرافيلَ فينفخُ نفخةَ الصعقِ، فيُصعَقُ أهلُ السمواتِ والأرضِ إلا من شاء اللهُ فإذا هم خَمَدوا، جاء ملكُ الموتِ إلى الجبارِ، فيقولُ : يا ربِّ.. مات أهلُ السمواتِ والأرضِ إلا من شئْتَ فيقولُ اللهُ وهو أعلمُ بمن بقيَ فمن بقيَ ؟ فيقولُ : أي يا ربِّ بقيتَ أنتَ الحيُّ القيومُ الذي لا يموتُ، وبقيَتْ حملةُ العرشِ، وبقيَ جبريلُ وميكائيلُ، وبقيتُ أنا، فيقولُ : فليمتْ جبريلُ وميكائيلُ، فيموتانِ ثم يأتي ملكُ الموتِ إلى الجبارِ فيقولُ : قد مات جبريلُ وميكائيلُ، فيقولُ اللهُ تعالى : فليمتْ حملةُ العرشِ فيموتونَ، ويأمرُ اللهُ العرشَ أن يقبضَ الصورَ من إسرافيلَ، ثم يقولُ : ليمتْ إسرافيلُ فيموتُ، ثم يأتي ملكُ الموتِ إلى الجبارِ، فيقولُ : ربِّ قد مات حملةُ العرشِ، فيقولُ وهو أعلمُ : فمن بقيَ ؟ فيقولُ : بقيتَ أنتَ الحيُّ القيومُ الذي لا يموتُ وبقيتُ أنا، فيقولُ : أنتَ خلقٌ من خَلقي خُلِقتَ لِمَا رأيْتَ، فمُتْ، فيموتُ، فإذا لم يبقَ إلا اللهُ الواحدُ الأحدُ، طَوى السماءَ والأرضَ كطيِّ السجلِّ للكتابِ، وقال : أنا الجبارُ، لمنِ الملكُ اليومَ ؟ ثلاثَ مراتٍ، فلم يجبْهُ أحدٌ، فيقولُ لنفسِهِ : اللهُ الواحدُ القهارُ، ويبدلُ الأرضَ غيرَ الأرضِ والسمواتِ فيبسطُها ويسطحُها ويمدُّها مدَّ الأديمِ العُكاظيِّ، لا تَرى فيها عوجًا ولا أمتًا، ثم يزجرُ اللهُ الخلقَ زجرةً واحدةً، فإذا هم في مثلِ هذه الأرضِ المُبدَلةِ مثلُ ما كانوا فيه في الأولى من كان في بطنِها، كان في بطنِها، ومن كان على ظهرِها، كان على ظهرِها، ثم ينزلُ اللهُ عليْهِم ماءً من تحتِ العرشِ، ثم يأمرُ اللهُ السماءَ أن تمطرَ، فتمطرُ أربعينَ يومًا، حتى يكونَ الماءُ فوقَهم اثنيْ عشرَ ذراعًا، ثم يأمرُ اللهُ الأجسادَ أن تنبتَ فتنبتُ كنباتِ البقلِ، حتى إذا تكاملَتْ أجسادُهم فكانَتْ كما كانَتْ، قال اللهُ تعالى : لتحيَا حملةُ العرشِ، فيحيونَ، ويأمرُ اللهُ إسرافيلَ فيأخذُ الصورَ فيضعُهُ على فيهِ، ثم يقولُ : ليحيَا جبريلُ وميكائيلُ فيَحييانِ، ثم يدعو اللهُ بالأرواحِ فيؤتى بها، تتوهجُ أرواحُ المسلمينَ نورًا، والأخرى ظلمةً فيقبضُها جميعًا، ثم يُلقيها في الصُّورِ، ثم يأمرُ إسرافيلَ أن ينفخَ نفخةَ البعثِ والنشورِ، فينفخُ نفخةَ البعثِ، فتخرجُ الأرواحُ، كأنَّها النحلُ قد ملأَتْ ما بين السماءِ والأرضِ فيقولُ اللهُ : وعزَّتي وجَلالي ليرجعَنَّ كلُّ روحٍ إلى جسدِهِ فتدخلُ الأرواحُ في الأرضِ إلى الأجسادِ، فتدخلُ في الخياشيمِ، ثم تَمشي في الأجسادِ مشيَ السُّمِّ في اللديغِ، ثم تنشقُ الأرضُ عنكُمْ، وأنا أولُ من تنشقُّ الأرضُ عنه فتخرجونَ منها سراعًا إلى ربِّكم تنسلونَ، مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ حفاةً عراةً غلفًا غُرلًا ثم تقِفونَ موقفًا واحدًا مقدارَ سبعينَ عامًا، لا ينظرُ إليكمْ ولا يُقضى بينَكم فتبكونَ حتى تنقطعَ الدموعُ، ثم تدمعونَ دمًا، وتعرقونَ حتى يبلغَ ذلك منكم أن يُلجمَكم أو يبلغَ الأذقانَ فتضجُّونَ، وتقولونَ : من يشفعُ لنا إلى ربِّنا ليقضيَ بينَنا ؟ فيقولونَ : من أحقُّ بذلك من أبيكمْ آدمَ ؟ خلقَهُ اللهُ بيدِهِ، ونفخَ فيه من روحِهِ، وكلَّمَهُ قبلًا، فيأتونَ آدمَ فيطلبونَ ذلك إليه، فيأْبى ويقولُ : ما أنا بصاحبِ ذلكَ، فيأتونَ الأنبياءَ نبيًّا نبيًّا، كلما جاءُوا نبيًّا أبى عليْهِم، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : حتى تأتونَ فأنطلقُ حتى آتيَ الفحصَ فأخِرُّ ساجدًا قال أبو هريرةَ : يا رسولَ اللهِ وما الفَحصُ ؟ قال : موضعٌ قُدَّامَ العرشِ حتى يبعثَ اللهُ ملكًا فيأخذَ بعَضُدي، فيقولُ : يا محمدُ، فأقولُ : نعم لبيكَ يا ربِّ، فيقولُ : ما شأنُكَ ؟ وهو أعلمُ فأقولُ : يا ربِّ وعدْتَني الشفاعةَ وشفَّعتَني في خلقِكَ، فاقضِ بينهم، فيقولُ اللهُ : قد شفعْتُكَ أنا آتيهُم فأقضيَ بينهم، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : فأرجعُ، فأقفُ مع الناسِ، فبينما نحنُ وقوفٌ إذا سمِعْنا حسًّا منَ السماءِ شديدًا، فينزلُ أهلُ السماء الدُّنيا على من في الأرضِ منَ الجنِّ والإنسِ حتى إذا دَنوْا منَ الأرضِ أشرقَتِ الأرضُ بنورِها، وأخَذوا مصافَّهم، وقلْنا لهم : أفيكُمْ ربُّنا ؟ قالوا : لا، هو آتٍ، ثم ينزلُ أهلُ كلِّ سماءٍ على قدرِ ذلك منَ التضعيفِ، ثم ينزلُ الجبارُ تباركَ وتعالى في ظُللٍ منَ الغمامِ والملائكةُ ويحملُ عرشَ ربِّكَ فوقَهم يومئذٍ ثمانيةٌ وهم اليومَ أربعةٌ أقدامُهم على تُخُومِ الأرضِ السُّفلى، والأرضُ والسمواتُ إلى حُجزِهم والعرشُ على مناكبِهم، لهم زَجلٌ من تَسبيحِهم، يقولُ : سبحانَ ذي العزةِ والجبروتِ، سبحانَ ذي المُلكِ والملكوتِ، سبحانَ الحيِّ الذي لا يموتُ، سبحانَ الذي يميتُ الخلائقَ ولا يموتُ، سبوحٌ قدوسٌ، سبحانَ ربِّنا الأعلى ربِّ الملائكةِ والروحِ، سبحانَ ربِّنا الأعلى الذي خلقَ الخلائقَ ولا يموتُ، فيضعُ اللهُ كرسيَّهُ، حيث يشاءُ من أرضِهِ، ثم يهتِفُ فيقولُ : يا معشرَ الجنِّ والإنسِ، إنِّي قد أنصتُّ لكم من يومِ خلقْتُكم إلى يومِكم هذا، أسمعُ قولَكم، وأرى أعمالَكم، فأنصِتوا إليَّ فإنَّما هي أعمالُكم وصحفُكم تُقرَأُ عليكم، فمن وجدَ خيرًا فليحمدِ اللهَ، ومن وجدَ غيرَ ذلك فلا يَلومنَّ غيرَ نفسِهِ، ثم يأمرُ اللهُ جهنمَ، فيخرجُ منها عُنقٌ ساطعٌ مظلمٌ، ثم يقولُ اللهُ وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ * أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ [ يس : 59, 60 ] فيميزُ اللهُ الناسَ ويُنادي الأممَ داعيًا كلَّ أمةٍ إلى كتابِها والأممُ جاثيةٌ منَ الهولِ، يقولُ اللهُ تعالى : وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا [ الجاثية : 28 ] فيَقضي اللهُ بين خلقِهِ إلا الثقلينِ الجنَّ والإنسَّ، فيقضي بين الوحوشِ والبهائمِ حتى إنَّهُ ليقيدُ الجماءَ من ذاتِ القرنِ، فإذا فرغَ اللهُ من ذلك فلم تبقَ تَبِعَةٌ عِندَ واحدةٍ للأخرى قال اللهُ : كوني ترابًا فعِندَ ذلك يقولُ الكافرُ : يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا. فيقضي بين العبادِ فيكونُ أولُ ما يُقضى فيه الدماءُ، فيأتي كلُّ قتيلٍ في سبيلِ اللهِ ويأمرُ اللهُ كلَّ قتيلٍ فيحملُ رأسَهُ تشخبُ أوداجُهُ دمًا، فيقولُ : يا ربِّ فيم قتلَني هذا ؟ فيقولُ اللهُ وهو أعلمُ : فيمَ قتلْتَهُ ؟ فيقولُ : يا ربِّ قتلْتهُ لتكون العزةُ لكَ، فيقولُ اللهُ : صدقْتَ. فيجعلُ اللهُ وجهَهُ مثلَ نورِ السمواتِ ثم تسبقُهُ الملائكةُ إلى الجنةِ، ثم يأمرُ اللهُ كلَّ قتيلٍ قُتِلَ على غيرِ ذلك فيأتي من قُتِلَ يحملُ رأسَهُ وتشخبُ أوداجُهُ دمًا فيقولُ : يا ربِّ فيمَ قتلَني هذا ؟ فيقولُ اللهُ وهو أعلمُ : فيم قتلْتَهُ ؟ فيقولُ : يا ربِّ قتلْتهُ لتكونَ العزةُ لي، فيقولُ اللهُ : تعسْتَ، ثم ما تبقى نفسٌ قتلَها قاتلٌ إلا قُتِلَ بها، ولا مظلمةٌ إلا أخِذَ بها وكان في مشيئةِ اللهِ إن شاء عذبَهُ وإن شاء رحمَهُ، ثم يَقضي اللهُ بين من تبقى من خلقِهِ حتى لا تَبقى مظلمةٌ لأحدٍ عِندَ أحدٍ إلا أخذَها للمظلومِ منَ الظالمِ حتى إنَّهُ ليكلفُ شائِبُ اللبنِ بالماءِ أن يُخلصَ اللبنَ منَ الماءِ، فإذا فرغَ اللهُ من ذلك نادى منادٍ يُسمِعُ الخلائقَ كلَّهم فقال : ليلحقْ كلُّ قومٍ بآلهتِهم وما كانوا يعبدونَ من دونِ اللهِ فلا يبقى أحدٌ عبَدَ شيئًا من دونِ اللهِ إلا مُثِّلَتْ له آلهتُهُ بين يديْهِ فيُجعلُ يومئذٍ ملكًا منَ الملائكةِ على صورةِ عزيرٍ ويجعلُ اللهُ ملكًا منَ الملائكةِ على صورةِ عيسى ابنِ مريمَ فيتبعُ هذا اليهودُ وهذا النصارى ثم تقودُهم آلهتُهم إلى النارِ، وهم الذين يقولُ اللهُ : لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ [ الأنبياء : 99 ] فإذا لم يبقَ إلا المؤمنونَ ففيهمُ المنافقونَ جاءَهم اللهُ فيما يشاءُ من هيئةٍ فقال : يا أيُّها الناسُ ذهبَ الناسُ فالحَقوا بآلهتِكم وما كنْتم تعبدونَ، فيقولونَ : واللهِ ما لنا إلهٌ إلا اللهُ وما كُنَّا نعبدُ غيرَهُ، فينصرفُ اللهُ عنهم وهو اللهُ تبارك وتعالى فيمكثُ ما شاءَ اللهُ أن يمكثَ ثم يأتيهم فيقولُ : يا أيُّها الناسُ ذهب الناسُ فالحقوا بآلهتِكم وما كنْتُم تعبدونَ، فيقولونَ : واللهِ ما لنا إلهٌ إلا اللهُ وما كُنَّا نعبدُ غيرَهُ، فيكشفُ عن ساقِهِ ويتجلَّى لهم ويظهرُ لهم من عظمتِهِ ما يعرفونَ أنَّهُ ربُّهم فيخرونَ سُجدًا على وجوهِهم ويخرُّ كلُّ منافقٍ على قفاهُ ويجعلُ اللهُ أصلابَهم كصياصيِّ البقرِ ثم يأذنُ اللهُ لهم فيرفعونَ رؤوسَهم ويضربُ اللهُ الصراطٍ بين ظَهراني جهنمَ كعددِ أو كعقدةِ الشعرِ أو كحدِّ السيفِ عليْهِ كلاليبٌ وخطاطيفٌ وحسكٌ كحسكِ السعدانِ دونَهُ جسرٌ دحضٌ مزلةٌ فيمرونَ كطرفِ البصرِ أو كلمحِ البرقِ أو كمرِّ الريحِ أو كجيادِ الخيلِ أو كجيادِ الرِّكابِ أو كجيادِ الرجالِ، فناجٍ سالمٍ وناجٍ مخدوشٍ ومكدوحٍ على وجهِهِ في جهنمَ، فإذا أفضى أهلُ الجنةِ إلى الجنةِ قالوا : من يشفعُ لنا إلى ربِّنا فندخلَ الجنةَ ؟ فيقولونَ : من أحقُّ بذلك من أبيكم آدمَ خلقَهُ اللهُ بيدِهِ ونفخَ فيه من روحِهِ وكلمَهُ قبلًا وأسجدَ له ملائكتَهُ، فيأتونَ آدمَ فيطلبونَ إليه ذلك فيذكرُ ذنبًا ويقولُ : ما أنا بصاحبِ ذلك ولكن عليكم بنوحٍ فإنَّهُ أولُ رسلِ اللهِ، فيُؤتى نوحٌ فيطلبونَ إليه ذلك فيذكرُ ذنبًا ويقولُ : ما أنا بصاحبِ ذلك ولكن عليكم بإبراهيمَ فإنَّ اللهَ اتخذَهُ خليلًا، فيؤتى إبراهيمُ فيطلبونَ ذلك إليه فيذكرُ ذنبًا ويقولُ : ما أنا بصاحبِ ذلك ولكنْ عليكم بموسى فإنَّ اللهَ قربَهُ نجيًّا وكلمَهُ تكليمًا وأنزلَ عليْهِ التوراةَ، فيؤتى موسى، فيطلبُ ذلك إليه فيقولُ : ما أنا بصاحبِكم، ولكن عليكم بروحِ اللهِ وكلمتِهِ، عيسى ابنِ مريمَ، فيؤتى عيسى، فيطلبُ ذلك إليه، فيقولُ : ما أنا بصاحبِ ذلك، ولكن عليكم بمحمدٍ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فيأتوني، ولي عِندَ ربِّي ثلاثُ شفاعاتٍ، وعَدَنيهنَّ، فأنطلقُ فآتي الجنةَ فآخذُ بحلقةِ البابِ ثم أستفتِحُ فيفتحُ لي فأُحيِّي ويرحبُ بي، فإذا دخلْتُ الجنةَ، فنظرْتُ إلى ربِّي عزَّ وجلَّ خررْتُ ساجدًا، فيأذنَ لي من حمدِهِ وتحميدِهِ، وتمجيدِهِ، بشيءٍ ما أذنَ به لأحدٍ من خلقِهِ، ثم يقولُ اللهُ : ارفعْ رأسَكَ يا محمدُ واشفعْ تشفعْ، وسلْ تعطَ، فإذا رفعْتُ رأسي، قال اللهُ وهو أعلمُ ما شأنُكَ ؟ فأقولُ : يا ربِّ وعدْتَني الشفاعةَ، فشفِّعْني في أهلِ الجنةِ، أن يدخلوا الجنةَ، فيقولُ : قد شفعْتُكَ فيهم، وأذنْتُ في دخولِ الجنةِ، فكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ : والذي بعثَني بالحقِّ ما أنتُم في الدُّنيا بأعرفَ بأزواجِكم، ومساكنِكم من أهلِ الجنةِ بأزواجِهم، ومساكنِهم، فيدخلُ كلُّ رجلٍ منهم على اثنتينِ وسبعينَ زوجةً كما ينشئُهنّ اللهُ، واثنتينِ آدميتينِ من ولدِ آدمَ لهما فضلٌ على من شاءَ اللهُ لعبادتِهما اللهَ في الدُّنيا، فيدخلُ على الأولى منهما في غرفةٍ من ياقوتةٍ على سريرٍ من ذهبٍ مكللٍ باللؤلؤِ، له سبعونَ درجةً من سندسٍ وإستبرقٍ، ثم يضعُ يدَهُ بين كتفيْها، ثم ينظرُ إلى يدِهِ من صدرِها من وراءِ ثيابِها وجلدِها ولحمِها، وإنَّهُ لينظرُ إلى لحمِ ساقِها كما ينظرُ أحدُكم إلى السلكِ في قصبةِ الياقوتِ، كبدُهُ لها مِرآةٌ، وكبدُها له مرآةٌ، فبينما هو عِندَها لا يملُّها ولا تملُّهُ ما يأتيها من مرةٍ إلا وجدَها عذراءَ، فبينما هو كذلك إذا نوديَ، إنا قد عرفْنا أنكَ لا تَملُّ ولا تُملُّ، إلا إنَّهُ لا منيَّ ولا منيةً إلا أن لك أزواجًا غيرَها، فيخرجُ فيأتيهنَّ واحدةً واحدةً، كلما جاءَ واحدة قالَتْ : واللهِ ما أرى في الجنةِ شيئًا أحسنَ منك، وما في الجنةِ شيءٌ أحبَّ إليَّ منك، فإذا وقعَ أهلُ النارِ في النارِ وقعَ فيها خلقٌ كثيرٌ من خلقِ ربِّك قد أوبقَتْهم أعمالُهم، فمنهم من تأخذُهُ إلى قدميْهِ، لا تجاوزُ ذلك، ومنهم من تأخذُهُ إلى نصفِ ساقيْهِ، ومنهم من تأخذُهُ إلى ركبتيْهِ، ومنهم من تأخذُهُ إلى حِقويْهِ ومنهم من تأخذُهُ إلى ركبتيْهِ، ومنهم من تأخذُهُ إلى حقويْهِ ومنهم من تأخذُ جسدَهُ كلَّهُ، إلا وجهَهُ قد حرمَ اللهُ صورَهُ عليْها، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : فأقولُ : يا ربِّ شفعْني فيمن وقعَ في النارِ من أمتي، فيقولُ اللهُ تعالى : أخرجوا من عرفْتم فيخرجُ أولئك حتى لا يبقى منهم واحدٌ، ثم يأذنُ اللهُ لي في الشفاعةِ، فلا يبقى نبيٌّ ولا شهيدٌ إلا شفعَ، فيقولُ اللهُ : أخرجوا من وجدْتُم في قلبِهِ زِنةَ الدينارِ، فيخرجُ أولئك حتى لا يبقى منهم أحدٌ فيشفعُ اللهُ فيقولُ : أخرِجوا من وجدْتم في قلبِهِ إيمانًا ثلثيْ دينارٍ، ثم يقولُ : نصفُ دينارٍ ثم يقولُ : ثلثَ دينارٍ، ثم يقولُ : ربعَ دينارٍ، ثم يقولُ : قيراطًا، ثم يقولُ : حبةً من خردلٍ، فيخرجُ أولئك حتى لا يبقى منهم أحدٌ، وحتى لا يبقى في النارِ من عملَ للهِ خيرًا قطُّ، ولا يبقى أحدٌ له شفاعةٌ إلا شُفِّعَ، حتى أن إبليسَ ليتطاولُ لما يَرى من رحمةِ اللهِ، رجاءَ أن يُشفَعَ له ثم يقولُ اللهُ تعالى : بقيتُ أنا، وأنا أرحمُ الراحمينَ، فيدخلَ اللهُ يدَهُ في جهنمَ فيخرجَ منها ما لا يحصيهُ غيرُهُ، كأنَّهُم الحممُ على نهرٍ يقالُ له الحياةُ، فينبتونَ كما تنبتُ الحبةُ في حميلِ السيلِ ما يَلي الشمسَ منها أُخيضرُ، وما يلي الظلَّ منها أصيفرَ، فينبتونَ كنباتِ الطراثيثِ حتى يكونوا أمثالَ الدُّرِّ مكتوبًا في رقابِهم الجهنميونَ عتقاءُ اللهِ، فيعرفُهم أهلُ الجنةِ بذلك الكتابِ، ما عملوا خيرًا قطُّ فيمكثونَ في الجنةِ ما شاءَ اللهِ وذلك الكتابُ في رقابِهم ثم يقولونَ : ربَّنا امحُ عنَّا هذا الكتابَ فيُمحى عنهم]
خلاصة حكم المحدث : لم يصح
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : تهذيب التهذيب
الصفحة أو الرقم : 9/524
التصنيف الموضوعي: قيامة - الشفاعة إيمان - اليوم الآخر قيامة - النفخ في الصور
| أحاديث مشابهة