الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

1 - كنَّا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَلْقةٍ ورَجلٌ قائمٌ يُصلِّي، فلمَّا رَكَعَ وسَجَدَ تَشهَّدَ ودَعا، فقالَ في دُعائهِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسألُكَ بأنَّ لكَ الحمدَ لا إلَهَ إلَّا أنتَ، بديعَ السَّمواتِ والأرضِ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، يا حَيُّ يا قيُّومُ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لقد دَعا باسمِ اللهِ الأعظمِ، الَّذي إذا دُعِيَ به أجابَ، وإذا سُئلَ به أُعْطى.
 

1 - قَالَ مَعْمَرٌ: وَحَدَّثَنِي شَيْخٌ لَنَا أَنَّ امرأةً جاءت إلى بعضِ أزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالتْ لها: ادْعِي اللهَ أنْ يُطلِقَ لي يَدَي، قالت: وما شأْنُ يَدِكِ؟ قالت: كان لي أبوانِ، فكان أبي كثيرَ المالِ، كثيرَ المعروفِ، كثيرَ الفضلِ، كثيرَ الصَّدقةِ، ولم يكُنْ عِندَ أُمِّي مِن ذلكَ شَيءٌ، لم أرَها تَصدَّقَت بشَيءٍ قطُّ، غيْرَ أنَّا نَحَرْنا بَقَرةً، فأعْطَتْ مِسكينًا شَحمةً في يَدِه، وألْبَسَتْه خِرقةً ، فماتتْ أُمِّي ومات أبِي، فرَأيتُ أبي على نَهرٍ يَسْقي النَّاسَ، فقُلتُ: يا أبتاهُ، هلْ رَأيتَ أُمِّي؟ قال: لا، أو ماتتْ؟ قُلتُ: بَلى، قال: فذَهَبْتُ ألْتَمِسُها فوجَدْتُها قائمةً عُريانةً، ليْس عليها إلَّا تلكَ الخِرقةُ وتلكَ الشَّحمةُ في يَدِها، وهي تَضرِبُ بها في يَدِها الأُخرى، ثمَّ تَعَضُّ أثَرَها، وتقولُ: وا عَطَشاهُ! فقُلتُ: يا أُمَّهْ، ألَا أسْقِيكِ؟ قالتْ: بلى، فذهَبْتُ إلى أبي، فذكَرْتُ ذلكَ له وأخَذْتُ مِن عِندِه إناءً فسَقَيْتُها فيه، فنَبَّهَ بي بعضُ مَن كان عِندها قائمًا، فقال: مَن سَقاها أشلَّ اللهُ يَدَه، فاستَيْقَظْتُ وقدْ شَلَّت يَدي.
خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه
الراوي : شيخ | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 8678
التصنيف الموضوعي: رؤيا - تأويل الرؤيا صدقة - فضل الصدقة والحث عليها رقائق وزهد - ذم الشح صدقة - ذم البخل نفقة - الإنفاق في أوجه الخير وفضله

2 - جاءَتْنا رسُلُ كفَّارِ قُرَيشٍ، يَجعَلونَ في رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأبي بَكرٍ دِيَةَ كلِّ واحِدٍ منهما لمَن قتَلَهما أو أسَرَهما، فبَيْنا أنا جالِسٌ في مجلِسٍ من مجالِسِ قَوْمي من بَني مُدلِجٍ، أقبَلَ منهم رَجلٌ حتَّى قامَ علينا، فقالَ: يا سُراقةُ، إنِّي رأيْتُ آنِفًا أسْوِدةً بالساحل، أُراهُما محمَّدًا وأصْحابَه، قالَ سُراقةُ: فعرَفْتُ أنَّهم هُم، فقلْتُ لهُم: إنَّهم ليْسوا بهِم، ولكِنِّي رأيْتُ فُلانًا وفُلانًا انْطَلَقوا بُغاةً، قالَ: ثمَّ ما لبِثْتُ في المجلِسِ إلَّا ساعةً حتَّى قمْتُ فدخَلْتُ بَيْتي، فأمَرْتُ جاريةً أنْ تُخرِجَ إليَّ فَرَسي وهي وَراءَ أَكَمةٍ فحَبَسَتْها عليَّ، وأخذْتُ رُمْحي فخرَجْتُ من ظَهرِ البَيتِ، فخطَطْتُ بزُجِّه إلى الأرْضِ، وخفَضْتُ عاليةَ الرُّمحِ حتَّى أتيْتُ فَرَسي، فركِبْتُها فدفَعْتُها تُقرِّبُ بي حتَّى رأيْتُ أسْوِدَتَهما، فلمَّا دنَوْتُ منهم حيث أسْمَعَهمُ الصَّوتُ عثَرَ فَرَسي، فخرَرْتُ عنها، فقُمْتُ فأهوَيْتُ بيَدي إلى كِنانَتي ، فاستَخرَجْتُ الأزْلامَ ، فاستَقْسَمْتُ بها، فخرَجَ الَّذي أكْرَهُ ألَّا أضُرَّهم، فعصَيْتُ الأزْلامَ ، فركِبْتُ فَرَسي فدفَعْتُها تُقرِّبُ بي، حتَّى إذا دنَوْتُ منهم «سمِعْتُ قِراءةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو لا يَلتفِتُ»، وأبو بَكرٍ يُكثِرُ الالْتِفاتَ، فساخَتْ يَدا فَرَسي في الأرْضِ حتَّى بلَغَتا الرُّكبَتَينِ، [فَخَرَرْتُ] عنها، ثمَّ زجَرْتُها، فنهَضَتْ فلم تَكَدْ تُخرِجُ يَدَيْها، فلمَّا استَوَتْ قائمةً إذا ليَدَيْها عُثانٌ ساطعٌ في السَّماءِ، -قالَ عبدُ اللهِ: يَعْني الدُّخانَ الَّذي يَكونُ من غَيرِ نارٍ- ثمَّ أخرَجْتُ الأزْلامَ ، فاستَقْسَمْتُ بها، فخرَجَ الَّذي أكْرَهُ ألَّا أضُرَّهما، فنادَيْتُهما بالأمانِ فوَقَفا، فركِبْتُ فَرَسي حتَّى جِئتُهما فوقَعَ في نَفْسي حينَ لَقيتُ ما لَقيتُ منَ الحَبسِ عليهم أنْ سيَظهَرُ أمْرُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقلْتُ: إنَّ قَومَكَ قد جَعَلوا فيكَ الدِّيَةَ، وأخبَرْتُهم من أخْبارِ سفَرِهم، وما يُريدُ النَّاسُ بهِم، وعرَضْتُ عليهمُ الزَّادَ والمتاعَ فلم يَرزَؤُوني شَيئًا، ولم يَسْأَلوني إلَّا أنْ قالوا: أخْفِ عنَّا، فسألْتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يكتُبَ لي كِتابَ موادَعةٍ آمَنُ به، «فأمَرَ عامرَ بنَ فُهَيرةَ مَوْلى أبي بَكرٍ» فكتَبَ لي في رُقعةٍ من أَدَمٍ، ثمَّ مضَيَا.

3 - أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه جاءَ والصَّلاةُ قائمةٌ، ونفَرٌ ثَلاثةٌ جُلوسٌ، أحَدُهم أبو جَحشٍ اللَّيْثيُّ، قالَ: قُومُوا، فصَلُّوا معَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقامَ اثْنانِ وأبَى أبو جَحشٍ أنْ يَقومَ، فقالَ له عُمَرُ: صَلِّ يا أبا جَحشٍ معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: لا أقومُ حتَّى يأْتيَني رَجلٌ هو أقْوى منِّي ذِراعَينِ، وأشَدُّ منِّي بَطشًا فيَصرَعُني، ثمَّ يدُسُّ وَجْهي في التُّرابِ، قالَ عُمَرُ: فقُمْتُ إليه، فكنْتُ أشَدَّ منه ذِراعًا، وأقْوى بَطشًا فصرَعْتُه، ثمَّ دسَسْتُ وَجهَه في التُّرابِ، فأَتى عليَّ عُثْمانُ فحَجَزَني، فخرَجَ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ مُغضَبًا حتَّى انْتَهى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلمَّا رَآه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورَأى الغضَبَ في وَجهِه، قالَ: «ما رابَكَ يا أبا حَفصٍ؟» فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، أتَيْتُ على نَفرٍ جُلوسٍ على بابِ المَسجِدِ، وقد أُقيمَتِ الصَّلاةُ، وفيهم أبو جَحشٍ اللَّيْثيُّ، فقامَ الرَّجلانِ، فأعادَ الحَديثَ، ثمَّ قالَ عُمَرُ: واللهِ يا رَسولَ اللهِ، ما كانَتْ مَعونةُ عُثْمانَ إيَّاه إلَّا أنَّه ضافَه لَيلةً، فأحَبَّ أنْ يَشكُرَها له، فسمِعَه عُثْمانُ، فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، ألَا تَسمَعُ ما يَقولُ لنا عُمَرُ عندَكَ؟ فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنَّ رِضا عُمَرَ رَحْمةٌ، واللهِ لَودِدْتُ أنَّكَ كنْتَ جِئْتَني برأْسِ الخَبيثِ»، فقامَ عُمَرُ، فلمَّا بعُدَ ناداه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: «هلُمَّ يا عُمَرُ، أين أردْتَ أنْ تَذهَبَ؟» فقالَ: أردْتُ أنْ آتيَكَ برأْسِ الخَبيثِ ، فقالَ: "اجلِسْ حتَّى أُخبِرَكَ بغِنَى الرَّبِّ عن صَلاةِ أبي جَحشٍ اللَّيْثيِّ، إنَّ لله في سَمائِه الدُّنْيا مَلائكةً خُشوعًا لا يَرْفَعونَ رُؤوسَهم حتَّى تَقومَ السَّاعةُ، فإذا قامَتِ السَّاعةُ رَفَعوا رُؤوسَهم، قالوا: رَبَّنا ما عبَدْناكَ حقَّ عِبادَتِكَ"، وإنَّ للهِ في سَمائِه الثَّانيةِ مَلائكةً سُجودًا لا يَرْفَعونَ رُؤوسَهم حتَّى تَقومَ السَّاعةُ، فإذا قامَتِ السَّاعةُ رَفَعوا رُؤوسَهم، ثمَّ قالوا: رَبَّنا ما عبَدْناكَ حقَّ عِبادَتِكَ، فقالَ له عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه: وما يَقولونَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: "أمَّا أهْلُ السَّماءِ الدُّنْيا فيَقولونَ: سُبحانَ ذي المُلكِ والمَلَكوتِ، وأمَّا أهْلُ السَّماءِ الثَّانيةِ فيَقولونَ: سُبحانَ ذي العِزِّ والجَبَروتِ، وأمَّا أهْلُ السَّماءِ الثَّالثةِ فيَقولونَ: سُبحانَ الحَيِّ الَّذي لا يَموتُ، فقُلْها يا عُمَرُ في صَلاتِكَ"، قالَ: يا رَسولَ اللهِ، فكيف بالَّذي علَّمْتَني وأمَرْتَني أنْ أقولَه في صَلاتي، قالَ: "قُلْ هذه مرَّةً، وهذه مرَّةً، وكانَ الَّذي أمَرَ به أنْ قالَ: أعوذُ بعَفْوكَ من عِقابِكَ، وأعوذُ برِضاكَ من سخَطِكَ، وأعوذُ بكَ منكَ جلَّ وَجهُكَ.

4 - ذكَرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الدَّجَّالَ ذاتَ غَداةٍ، فخفَّضَ فيه ورفَّعَ، حتَّى ظَنَنَّاه في طائفةِ النَّخلِ ، فلمَّا رُحْنا إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَرَف ذلكَ فِينا، وقال: ما شأنُكم؟ فقُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، ذكَرْتَ الدَّجَّالَ الغَداةَ فخفَّضْتَ ورفَّعْتَ، حتَّى ظَنَنَّاه في طائفةٍ مِنَ النَّخلِ، قال: إنْ يَخرُجْ فأنا حَجيجُه دُونكم، وإنْ يَخرُجْ ولسْتُ فيكم، فكلُّ امرئٍ حَجيجُ نفْسِه، واللهُ خَليفتي على كلِّ مُسلمٍ، إنَّه شابٌّ قَطَطٌ، لِحيتُه قائمةٌ، كأنَّه شَبيهُ العُزَّى بنِ قَطَنٍ، فمَن رآهُ منكم فلْيَقرَأْ فَواتحَ أصحابِ سُورةِ الكهفِ، ثمَّ قال: أُراهُ يَخرُجُ ما بيْن الشَّامِ والعراقِ، فعاث يَمينًا وعاث شِمالًا، يا عِبادَ اللهِ، اثْبُتوا، قُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، وما لُبْثُه في الأرضِ؟ قال: أربعينَ يومًا؛ يومٌ كسَنةٍ، ويومٌ كشَهرٍ، ويومٌ كجُمعةٍ، وسائرُ أيَّامِه كأيامِكم. قال: قُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، فذلكَ الَّذي كسَنةٍ يَكْفِينا فيه صلاةُ يَومٍ؟ قال: لا اقْدُروا له قَدْرَه، قُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، فما إسراعُه في الأرضِ؟ قال: كالغَيثِ استَدْبَرَتْه الرِّيحُ، قال: فيَأتي على القومِ فيَدْعوهم، فيُؤمِنون به ويَسْتجِيبون له، فيَأمُرُ السَّماءَ فتُمطِرُ، ويَأمُرُ الأرضَ فتُنبِتُ، وتَروحُ عليهم سارحتُهم أطوَلَ ما كانت درًّا، وأسْبَغَه ضُروعًا ، وأمَدَّه خَواصِرَ، ثمَّ يَأْتي القومَ فيَدْعوهم، فيَرُدُّون عليه قوْلَه، فيَنصرِفُ عنهم، فتَتْبَعُه أموالُهم، ويُصبِحون مُمْحِلينَ، ما بأيْديهم شَيءٌ، ثمَّ يَمُرُّ بالخَرِبةِ فيَقولُ لها: أخْرِجي كُنوزَكِ، فيَنطلِقُ وتَتْبَعُه كُنوزُها كيَعاسيبِ النَّحلِ، ثمَّ يَدْعو رجُلًا مُسلِمًا شابًّا، فيَضرِبُه بالسَّيفِ فيَقطَعُه جِزْلتَينِ قَطْعَ رَمْيةِ الغرَضِ، ثمَّ يَدْعوه فيُقبِلُ يَتهلَّلُ وجْهُه ويَضحَكُ. قال: فبيْنا هو كذلكَ، إذ بعَثَ اللهُ تعالَى عِيسى ابنَ مَريمَ، فيَنزِلُ عِندَ المنارةِ البيضاءِ شَرقِيَّ دِمَشقَ في مَهْرُودتينِ، واضعًا كفَّيه على أجنحةِ مَلَكينِ، إذا طأْطأَ رأْسَه قَطَرَ، وإذا رفَعَه تَحدَّرَ منه جُمانٌ كاللُّؤلؤِ ، ولا يَحِلُّ لكافرٍ يَجِدُ رِيحَ نفْسِه إلَّا مات، يَنْتهي حيث يَنْتهي طَرْفُه ، فيَطلُبُه حتَّى يُدرِكَه عِندَ بابِ لُدٍّ ، فيَقتُلُه اللهُ، ثمَّ يَأْتي عِيسى ابنُ مَريمَ عليه السَّلامُ نَبيُّ اللهِ قومًا قدْ عصَمَهم اللهُ منه، فيَمسَحُ عن وَجهِه ويُحَدِّثُهم عن درَجاتِهم في الجنَّةِ. فبيْنما هُم كذلكَ إذ أوْحى اللهُ إليه: يا عِيسى، إنِّي قدْ أخرَجْتُ عِبادًا لي لا يَدانِ لأحدٍ بقِتالِهم، حَرِّزْ عِبادي إلى الطُّورِ ، ويَبعَثُ اللهُ يَأْجوجَ ومَأْجوجَ وهُم مِن كلِّ حدَبٍ يَنسِلون ، ويَمُرُّ أوَّلُهم على بُحَيرةِ الطَّبَريَّةِ، فيَشْرَبون ما فيها، ثمَّ يَمُرُّ آخِرُهم، فيَقولُون: لَقدْ كان في هذا ماءٌ مرَّةً، فيُحصَرُ نَبيُّ اللهِ عِيسى وأصحابُه، حتَّى يكونَ رأْسُ الثَّورِ لأحدِهم يومئذٍ خيْرٌ مِن مائةِ دِينارٍ لأحدِكم اليومَ، فيَرغَبُ نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابُه إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، فيُرسِلُ اللهُ عليهم النَّغَفَ في رِقابِهم، فيُصبِحون فَرْسى كمَوتِ نفْسٍ واحدةٍ، فيَهبِطُ نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابُه لا يَجِدون مَوضِعَ شِبرٍ إلَّا وقدْ مَلَأه اللهُ بِزَهَمِهم ونَتْنِهم ودَمائِهم، ويَرغَبُ نَبيُّ اللهِ وأصحابُه إلى اللهِ، فيُرسِلُ اللهُ طَيرًا كأعْناقِ البُختِ فتَحمِلُهم، وتَطْرَحُهم حيثُ شاء، ثمَّ يُرسِلُ اللهُ مَطرًا لا يكُنْ منه بَيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ، فيَغسِلُ الأرضَ حتَّى يَترُكَها كالزَّلَقةِ، ثمَّ قال للأرضِ: أنْبِتي ثَمَرَكِ ورُدِّي برَكَتَكِ، فيومئذٍ تَأكُلُ العِصابةُ مِنَ الرُّمَّانةِ، ويَسْتظِلُّون بقَحْفِها ، ويُبارَكُ في الرِّسْلِ، حتَّى إنَّ اللِّقْحةَ مِنَ الإبلِ لَتَكْفي الفئامَ مِنَ النَّاسِ، واللِّقْحةَ مِنَ البقَرِ تَكْفي القَبيلةَ، واللِّقْحةَ مِنَ الغنَمِ تَكْفي الفَخِذَ، فبيْنما هُم كذلكَ إذ بَعَث اللهُ رِيحًا طيِّبةً تَأخُذُ تحْتَ آباطِهم، وتَقبِضُ رُوحَ كلِّ مُسْلمٍ، ويَبْقى سائرُ النَّاسِ يَتهارَجون كما تَهارَجُ الحُمرُ، فعليهم تَقومُ السَّاعةُ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه»
الراوي : النواس بن سمعان الكلابي | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 8732
التصنيف الموضوعي: أشراط الساعة - خروج الدجال ومكثه بالأرض أشراط الساعة - نزول عيسى ابن مريم أشراط الساعة - صفة الدجال فتن - فتنة الدجال أشراط الساعة - علامات الساعة الكبرى

5 - أُحدِّثُكم عنْ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ثَمودَ، وكانتْ ثَمودُ وقَومُ صالحٍ أعمَرَهمُ اللهُ في الدُّنيا، فأطالَ أعْمارَهم حتَّى جعَلَ أحَدُهم يَبْني المَسكَنَ منَ المدَرِ، فيَنهدِمُ والرَّجلُ منهم حَيٌّ، فلمَّا رأَوْا ذلك اتَّخَذوا منَ الجِبالِ بَيوتًا فَرِهينَ، فنَحَتوها وجابُوها وجَوَّفوها، وكانوا في سَعةٍ من مَعائشِهم، فقالوا: يا صالِحُ، ادْعُ لنا ربَّكَ ليُخرِجَ لنا آيةً نَعلُمُ أنَّكَ رَسولُ اللهِ، فدَعا صالِحٌ ربَّه، فأخرَجَ لهُمُ النَّاقةَ، وكانَ شِرْبُها يَومًا وشِرْبُهم يَومًا مَعلومًا، فإذا كانَ يَومُ شِرْبِها خَلَّوْا عنها وعنِ الماءِ وحَلَبوا الماءَ، فمَلؤُوا كلَّ إناءٍ ووعاءٍ وسِقاءٍ، فإذا كان يَومُ شِرْبِهم صَرَفوها عنِ الماءِ فلم تَشرَبْ منه شَيئًا، فمَلؤُوا كلَّ إناءٍ ووعاءٍ وسِقاءٍ، فأوْحى اللهُ إلى صالِحٍ أنَّ قَومَكَ سيَعْقِرونَ ناقتَكَ، فقالَ لهم، فقالوا: ما كنَّا لِنَفعَلَ، قالَ: «إنْ لم تَعْقِروها أنتم يوشِكُ أنْ يولَدَ فيكم مَوْلودٌ يَعْقِرها»، قالَ: ما عَلامةُ ذلك المَوْلودِ؟ فواللهِ لا نجِدُه إلَّا قتَلْناه، قالَ: «فإنَّه غُلامٌ أشقَرُ أزرَقُ أصهَبُ»، قالَ: وكان في المدينةِ شَيْخانِ عَزيزانِ مَنيعانِ لأحَدِهما ابنٌ يَرغَبُ له عنِ المناكِحِ، وللآخَرِ ابْنةٌ لا يجِدُ لها كُفُوًا، فجمَعَ بيْنَهما مجلِسٌ، فقالَ أحَدُهما لصاحِبِه: ما منَعَكَ أنْ تُزوِّجَ ابنَكَ؟ قالَ: لا أجِدُ له كُفُوًا، قالَ: فإنَّ ابنَتي كُفءٌ له، وأنا أُزَوِّجُكَ، فزَوَّجَه، فوُلِدَ بيْنَهما ذلك المَوْلودُ، وكان في المَدينةِ ثَمانيةُ رَهْطٍ يُفسِدونَ في الأرْضِ ولا يُصلِحونَ، قالَ لهم صالِحٌ: "إنَّما يَعقِرُها مَوْلودٌ فيكم، اخْتارَ ثمانيةَ نِسوةٍ قَوابِلَ منَ القَريةِ، وجَعَلوا معَهم شُرَطًا، فكانوا يَطوفونَ في القَريةِ، فإذا وَجَدوا امْرأةً تُمخَضُ نَظَروا ما ولَدُها، فإنْ كان غُلامًا قلَبْنَه يَنظُرْنَ ما هو، وإنْ كانت جاريةً أعرَضْنَ عنها، فلمَّا وَجَدوا ذلك المَوْلودَ صرَخْنَ النِّسوةُ، قُلْنَ: هذا الَّذي يُريدُ رَسولُ اللهِ صالِحٌ، فأرادَ الشُّرَطُ أنْ يأْخُذوه فحالَ جَدَّاه بيْنَهم وبيْنَه، وقالوا: لو أنَّ صالِحًا أرادَ هذا قتَلْناه، وكان شرَّ مَوْلودٍ، وكان يَشِبُّ في اليومِ شَبابَ غيرِه في الجمُعةِ، ويَشِبُّ في الجمُعةِ شَبابَ غيرِه في الشَّهرِ، ويَشِبُّ في الشَّهرِ شَبابَ غيرِه في السَّنةِ، فاجتمَعَ الثَّمانيةُ الَّذين يُفسِدونَ في الأرْضِ ولا يُصلِحونَ والشَّيخانِ، فقالوا: نَستَعمِلُ علينا هذا الغُلامَ لمَنزِلَتِه وشَرَفِ جدَّيْه، فكانوا تِسْعةً، وكان صالِحٌ لا يَنامُ معَهم في القَريةِ، كان في البرِّيَّةِ في مَسجِدٍ، يُقالَ له: مَسجِدُ صالِحٍ فيه يَبيتُ باللَّيلِ، فإذا أصبَحَ أتاهُم فوعَظَهم وذكَّرَهم، وإذا أمْسى خرَجَ إلى المسجِدِ فباتَ فيه، قالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ولمَّا أرادوا أنْ يَمْكُروا بصالِحٍ مشَوْا حتَّى أتَوْا على شِرْبٍ على طَريقِ صالِحٍ، فاخْتَبأ فيه ثَمانيةٌ، وقالوا: إذا خرَجَ علينا قتَلْناه وأتَيْنا أهْلَه فبَيَّتْناهُم، فأمَرَ اللهُ الأرْضَ فاستَوَتْ عليهم، فأجْمَعوا ومشَوْا على النَّاقةِ، وهي على حَوْضِها قائمةٌ، فقالَ الشَّقيُّ لأحَدِهم: ائْتِها فاعْقِرْها، فأَتَاها فتَعاظَمَه ذلك، فأضرَبَ عن ذلك، فبعَثَ آخَرَ، فأعظَمَ ذلك، فجعَلَ لا يبعَثُ رجُلًا إلَّا يُعاظِمُه ذلك من أمْرِها حتَّى مَشى إليها وتَطاوَلَ فضرَبَ عُرْقوبَها، فوقَعَتْ تَركُضُ، فأتى رجُلٌ منهم صالحًا فقالَ: أدْرِكِ النَّاقةَ؛ فقدْ عُقِرَتْ، فأقبَلَ وخَرَجوا يتَلقَّوْنَه ويَعتَذِرونَ إليه: يا نَبيَّ اللهِ، إنَّما عقَرَها فلانٌ لا ذَنبَ لنا، قالَ: انْظُروا، هل تُدْرِكونَ فَصيلَها، فإنْ أدْرَكْتُموه فعَسى اللهُ أنْ يَرفَعَ عنكمُ العَذابَ، فخَرَجوا يَطلُبونَه، ولمَّا رَأى الفَصيلُ أمَّه تَضطَرِبُ أتَى جَبلًا يُقالُ له الغارةُ قَصيرًا، فصعِدَ وذَهَبوا يأْخُذوه، فأوْحى اللهُ إلى الجبَلِ فطالَ في السَّماءِ حتَّى ما يَنالُه الطَّيرُ، قالَ: «ودخَلَ صالحٌ القَريةَ، فلمَّا رَآه الفَصيلُ بَكى حتَّى [ سالَتْ ] دُموعُه، ثمَّ استَقبَلَ صالحًا فرَغَا رَغْوةً، ثمَّ رَغَا أُخْرى، ثمَّ رَغَا أُخْرى، فقالَ صالحٌ لكلِّ رَغْوةٍ أجَلُ يَومٍ تَمَتَّعوا في دارِكم ثَلاثةَ أيَّامٍ، ذلك وَعدٌ غيرُ مَكْذوبٍ، إلَّا أنَّ آيةَ العَذابِ أنَّ اليَومَ الأوَّلَ تُصبِحُ وُجوهُهم مُصفَرَّةً، واليَومَ الثَّانيَ مُحمَرَّةً، واليَومَ الثَّالثَ مُسوَدَّةً، فلمَّا أصْبَحوا إذا وُجوهُهم كأنَّما طُليَتْ بالخَلوقِ كَبيرُهم وصَغيرُهم ذَكَرُهم وأُنْثاهم، فلمَّا أمسَوْا صاحوا بأجْمعِهم، قد مَضى يَومٌ منَ الأجَلِ، وحضَرَكمُ العَذابُ، فلمَّا أصْبَحوا اليَومَ الثَّانيَ إذا وُجوهُهم مُحمَرَّة ٌكأنَّما خُضِبَتْ بالدِّماءِ، فصاحُوا وضَجُّوا وبكَوْا وعَرَفوا أنَّه العَذابُ، فلمَّا أمسَوْا صاحُوا بأجمَعِهم ألَا قد مَضى يَومانِ منَ الأجَلِ وحضَرَكمُ العذابُ، فلمَّا أصْبَحوا اليَومَ الثَّالثَ، إذا وُجوهُهم مُسوَدَّةٌ كأنَّما طُلِيَتْ بالقارِ، فصاحوا جَميعًا ألَا قد حضَرَكمُ العَذابُ فتَكفَّنوا وتَحنَّطوا، وكان حَنوطُهمُ الصَّبرَ والمُرَّ، وكانتْ أكْفانُهمُ الأنْطاعَ، ثمَّ ألقَوْا أنفُسَهم بالأرْضِ، فجَعَلوا يُقلِّبونَ أبْصارَهم إلى السَّماءِ مرَّةً وإلى الأرْضِ مرَّةً لا يَدْرونَ من حيثُ يأْتيهمُ العَذابُ من فَوقِهم منَ السَّماءِ، أو من تحتِ أرجُلِهم منَ الأرْضِ خُشَّعًا وفُرُقًا، فلمَّا أصْبَحوا اليَومَ الرَّابعَ أتَتْهم صَيْحةٌ منَ السَّماءِ فيها صَوتُ كلِّ صاعِقةٍ، وصَوتُ كلِّ شَيءٍ له صَوتٌ في الأرْضِ فتَقطَّعتْ قُلوبُهم في صُدورِهم، فأصْبَحوا في ديارِهم جاثِمينَ».
خلاصة حكم المحدث : تفرد به شهر بن حوشب، وليس له إسناد غيرها، ... وله شاهد على سبيل الاختصار بإسناد صحيح دلَّ على صحة الحديث الطويل على شرط مسلم.
الراوي : عمرو بن خارجة | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 4119
التصنيف الموضوعي: أنبياء - صالح أنبياء - معجزات أنبياء - عام علم - القصص

6 - إنَّها ستَكونُ فتنةٌ القاعدُ فيها خيرٌ مِنَ القائمِ، والقائمُ فيها خيرٌ مِنَ الماشي، والماشي خيرٌ مِنَ السَّاعي، والسَّاعي خيرٌ مِنَ الرَّاكبِ، والرَّاكبُ خيرٌ مِنَ المُوضِعِ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه
الراوي : سعد بن مالك | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 8581
التصنيف الموضوعي: فتن - النهي عن السعي في الفتنة أشراط الساعة - موقف المؤمن من الفتن قبل الساعة فتن - اختيار العجز على الفجور فتن - الترهب في أيام الفتن فتن - ما يفعل في الفتن

7 - رُبَّ صائمٍ حَظُّه من صِيامِه الجُوعُ، ورُبَّ قائمٍ حَظُّه من قِيامِه السَّهَرُ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط البخاري
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 1591
التصنيف الموضوعي: صلاة الجماعة والإمامة - الخشوع في الصلاة صيام - ما ينهى عنه الصائم صيام - التحفظ للصائم من الغيبة واللغو

8 - «إنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرجاتِ قائمِ اللَّيْلِ صائمِ النَّهارِ».

9 - قال عبدُ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه: إنَّكم في زمانٍ القائلُ فيه بالحقِّ خيرٌ مِنَ الصَّامتِ، والقائمُ فيه خيرٌ مِنَ القاعدِ، وإنَّ بَعْدكم زَمانًا الصَّامتُ فيه خيرٌ مِنَ النَّاطقِ، والقاعدُ فيه خيرٌ مِنَ القائمِ. قال: فقال رجُلٌ: يا أبا عبدِ الرَّحمنِ، كيْف يكونُ أمرٌ مَن أخَذَ به اليومَ كان هُدًى، ومَن أخَذَ به بعْدَ اليومِ كان ضَلالةً؟ قال: قدْ فعَلْتُموه، اعتَبِروا ذلكَ برجُلينِ مَرَّا بقومٍ يَعمَلون بالمعاصي فأنْكَرا كِلاهما، وصَمَت أحدُهما فسَلِم، وتكلَّمَ الآخَرُ، فقال: إنَّكم تَفعَلون وتَفعَلون، فأخَذوه وذَهَبوا به إلى ذي سُلطانِهم، فلم يَزَلْ -أو لـم يَزالوا- به حتَّى أَخَذ بأخْذِه، وعَمِل بعَملِه.
خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه
الراوي :  طارق بن شهاب | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 8547 التخريج : أخرجه ابن عبد البر في ((التمهيد)) (24/ 314) واللفظ له.
التصنيف الموضوعي: فتن - النهي عن السعي في الفتنة فتن - ظهور الفتن رقائق وزهد - الوصايا النافعة فتن - ما يفعل في الفتن
|أصول الحديث

10 - عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهُما، قالَ: أقْبلَ تُبَّعٌ يريدُ الكعبةَ حتَّى إذا كان بكُراعِ الغَميمِ بعثَ اللهُ عليه ريحًا لا يكادُ القائمُ يقومُ إلَّا بمَشقَّةٍ، ويَذهبُ القائمُ يَقعُدُ فيُصرعُ، وقامتْ عليه، ولَقُوا منها عناءً، ودعا تُبَّعٌ حَبْرَيهِ فسَأَلَهما ما هذا الَّذي بُعِثَ عَليَّ؟ قالا: أوَتُؤمِّنَّا؟ قالَ: أنتم آمِنونَ. قالا: فإنَّكَ تريدُ بيتًا يمنعُهُ اللهُ ممَّنْ أرادَهُ. قالَ: فما يُذهبُ هذا عنِّي؟ قالا: تجرَّدْ في ثوبينِ، ثُمَّ تقولُ: لبَّيكَ لبَّيكَ ، ثُمَّ تدخلُ، فتطوفُ بذلك البيتِ، ولا تَهيجُ أحدًا مِن أهلِهِ. قالَ: فإنْ أجمعتُ على هذا ذَهبتْ هذه الرِّيحُ عنِّي؟ قالا: نَعَمْ. فتجرَّدَ ثُمَّ لَبَّى. قالَ ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهُما: فأدبرتِ الرِّيحُ كقِطعِ اللَّيلِ المُظلمِ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين
الراوي : عبيد بن عمير | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 3508
التصنيف الموضوعي: جهاد - لا تغزى مكة ولا المدينة حج - فضائل الكعبة والمسجد الحرام مناقب وفضائل - مكة شرفها الله تعالى

11 - كنَّا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَلْقةٍ ورَجلٌ قائمٌ يُصلِّي، فلمَّا رَكَعَ وسَجَدَ تَشهَّدَ ودَعا، فقالَ في دُعائهِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسألُكَ بأنَّ لكَ الحمدَ لا إلَهَ إلَّا أنتَ، بديعَ السَّمواتِ والأرضِ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، يا حَيُّ يا قيُّومُ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لقد دَعا باسمِ اللهِ الأعظمِ، الَّذي إذا دُعِيَ به أجابَ، وإذا سُئلَ به أُعْطى.

12 - عنْ قيسِ بنِ عَبَّادٍ، قالَ: بَينَما أنا بالمَدينةِ في المَسجِدِ في الصَّفِّ المُقَدَّمِ قائمٌ أُصَلِّي فجَبَذَني رَجُلٌ من خَلفي جَبْذةً فنَحَّاني وقام مَقامي، قالَ: فواللهِ ما عَقَلتُ صَلاتي، فلمَّا انصَرَفَ فإذا هو أُبَيُّ بنُ كَعبٍ، فقالَ: لا يَسوءُكَ اللهُ، إنَّ هذا عَهدُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلينا أن نَلِيَه، ثُمَّ استَقبَلَ القِبلةَ، فقالَ: هَلَك أهلُ العَقدِ -ثَلاثًا- ورَبِّ الكَعبةِ، ثمَّ قالَ: واللهِ ما عَليهِم آسَى ، ولَكِنِّي آسَى على ما أضَلُّوا، قالَ: قُلتُ: مَن تَعني بهذا؟ قالَ: الأُمَراءُ.

13 - عن عَليٍّ رَضيَ اللهُ عنه، قالَ: "لمَّا أُمِرَ إبْراهيمُ ببِناءِ البَيتِ خرَجَ معَه إسْماعيلُ وهاجَرُ، فلمَّا قدِمَ مكَّةَ رَأى على رأْسِه في مَوضِعِ البَيتِ مِثلَ الغَمامةِ فيه مِثلُ الرَّأْسِ فكَلَّمَه، فقالَ: يا إبْراهيمُ، ابْنِ على ظِلِّي أو على قَدْري، ولا تَزِدْ ولا تَنقُصْ، فلمَّا بَنى خرَجَ، وخلَّفَ إسْماعيلَ وهاجَرَ؛ وذلك حيثُ يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26].
خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين
الراوي : حارثة بن مضرب | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 4072
التصنيف الموضوعي: أنبياء - إبراهيم أنبياء - إسماعيل تفسير آيات - سورة الحج مساجد ومواضع الصلاة - عمارة البيت الحرام وبناؤه وهدمه وما يتعلق بذلك

14 - أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نادى أُبيَّ بنَ كعبٍ وهو قائمٌ يُصلِّي، فلمْ يُجِبْه، فقالَ: ما مَنَعَكَ أنْ تُجيبَني يا أُبيُّ؟ فقالَ: كنتُ أُصلِّي، فقالَ: ألمْ يَقُلِ اللهُ تَباركَ وتَعالَى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24]؟ لا تَخرُجْ مِنَ المسجدِ حتَّى أُعلِّمَكَ سورةً ما أَنزَلَ اللهُ في التَّوراةِ والإنجيلِ والزَّبورِ مِثلَها. قالَ أُبَيٌّ: ثُمَّ اتَّكأَ على يَدي حتَّى إذا كان بأَقْصى المسجدِ، قلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ، قلتَ كذا وكذا، قالَ: نَعَمْ، هي أُمُّ القرآنِ، والَّذي نفسي بيدِهِ ما أَنزَلَ اللهُ في التَّوراةِ، والإنجيلِ، والزَّبورِ مِثلَها؛ وإنَّها السَّبعُ الطُّوَلُ الَّتي أُوتيتُ، وإنَّها القرآنُ العظيمُ.
خلاصة حكم المحدث : [سكت عنه وقال في المقدمة رواته ثقات احتج بمثله الشيخان أو أحدهما]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 2077
التصنيف الموضوعي: صلاة - رد السلام في الصلاة علم - أدب طالب العلم علم - الحث على طلب العلم اعتصام بالسنة - أوامر النبي ونواهيه وتقريراته فضائل سور وآيات - سورة الفاتحة

15 - أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ للعَبَّاسِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ: يا عَبَّاسُ، يا عَمَّاهُ، ألَا أُعطيكَ، ألا أَجزيكَ، ألَا أفعَلُ لكَ عَشْرَ خِصالٍ، إذا أنت فَعَلتَ ذلكَ غَفَر اللهُ لكَ ذَنبَكَ أوَّلَه وآخِرَه، قَديمَه وحَديثَه، خَطَأَه وعَمْدَه، صَغيرَه وكَبيرَه، سِرَّه وعَلانِيَتَه: أن تُصَلِّيَ أربَعَ رَكَعاتٍ، تَقرَأُ في كلِّ رَكعةٍ بفاتِحةِ الكِتابِ وسُورةٍ، فإذا فَرَغْتَ منَ القِراءةِ في أوَّلِ رَكعةٍ قُلتَ وأنتَ قائمٌ: سُبحانَ اللهِ، والحَمدُ للهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبَرُ خَمْسَ عَشْرةَ مَرَّةً، ثمَّ تَركَعُ فتَقولُ وأنت راكِعٌ عَشرًا، ثمَّ تَرفَعُ رَأسَكَ فتَقولُها عَشرًا، ثمَّ تَسجُدُ فتَقولُها عَشرًا، ثمَّ تَرفَعُ رأسَكَ فتَقولُها عَشرًا، ثمَّ تَسجُدُ فتَقولُها عَشرًا، ثمَّ تَرفَعُ رَأسَكَ فتَقولُها عَشرًا؛ فذلكَ خَمسةٌ وسَبعونَ في كلِّ رَكعةٍ، تَفعَلُ في أربَعِ رَكَعاتٍ، إنِ استَطَعْتَ أن تُصَلِّيَها في كلِّ يَومٍ فافعَلْ، فإنْ لم تَفعَلْ ففي كلِّ جُمُعةٍ مرَّةً، فإنْ لم تَفعَلْ ففي كلِّ شَهرٍ مَرَّةً، فإن لم تَفعَلْ ففي كلِّ سَنةٍ مَرَّةً، فإنْ لم تَفعَلْ ففي عُمُرِكَ مَرَّةَ.
خلاصة حكم المحدث : [سكت عنه وقال في المقدمة رواته ثقات احتج بمثله الشيخان أو أحدهما]
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 1209
التصنيف الموضوعي: استغفار - أسباب المغفرة صلاة - أقل التطوع صلاة - صلاة التسبيح استغفار - مكفرات الذنوب

16 - عنْ مَرْوانَ بنِ الحَكَمِ: أنَّه سَأل أبا هُرَيرةَ: هل صَلَّيتَ مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلاةَ الخَوفِ؟ قالَ أبو هُرَيرةَ: نَعَم. قالَ مَرْوانُ: متى؟ فقالَ أبو هُرَيرةَ: عامَ غَزوةِ نَجدٍ، قامَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى الصَّلاةِ -صَلاةِ العَصرِ-، فقامَت معه طائفةٌ، وطائفةٌ أُخرى مُقابِلَ العَدُوِّ، وظُهورُهُم إلى القِبلةِ، فكَبَّر رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فكَبَّروا جَميعًا الَّذين معه والَّذين مُقابِلَ العَدُوِّ، ثمَّ رَكَع رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَكعةً واحِدةً، ورَكَعتِ الطَّائفةُ الَّتي خَلفَه، ثمَّ سَجَد فسَجَدتِ الطَّائفةُ الَّتي تَليه، والآخَرون قِيامٌ مُقابِلَ العَدُوِّ، ثمَّ قامَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقامتِ الطَّائفةُ الَّتي معه، وذَهَبوا إلى العَدُوِّ فقابَلوهُم، وأقبَلَتِ الطَّائفةُ مُقابِلي العَدُوِّ فرَكَعوا وسَجَدوا، ورَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قائمٌ كما هو، ثمَّ قاموا فرَكَع رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَكعةً أُخرى ورَكَعوا معه وسَجَد وسَجَدوا معه، ثمَّ أقبَلَتِ الطَّائفةُ الَّتي كانت مُقابِلي العَدُوِّ فرَكَعوا وسَجَدوا، ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قاعِدٌ ومَن معه، ثمَّ كان السَّلامُ، فسَلَّم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وسَلَّموا جَميعًا، فكان لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَكعَتانِ، ولكُلِّ رَجُلٍ منَ الطَّائفَتَينِ رَكعةٌ رَكعةٌ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 1270
التصنيف الموضوعي: صلاة - المحافظة على صلاة العصر صلاة الخوف - صفة صلاة الخوف صلاة - صلاة العصر

17 - يَجمَعُ اللهُ النَّاسَ، فيقومُ المؤمِنونَ حِين تُزْلَفُ الجنَّةُ، فيَأتون آدمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فيَقولُون: يا أبانا، استَفتِحْ لنا الجنَّةَ، فيَقولُ: وهلْ أخْرَجَتْكم مِنَ الجنَّةِ إلَّا خَطيئةُ أبيكُم آدمَ، لسْتُ بصاحبِ ذلك، اعْمِدوا إلى إبراهيمَ خليلِ ربِّه، فيَقولُ إبراهيمُ: لسْتُ بصاحبِ ذاكَ؛ إنَّما كُنتُ خَليلًا مِن وَراءَ وَراءَ، اعمِدوا إلى النَّبيِّ مُوسى الَّذي كلَّمَه اللهُ تَكليمًا، فيَأْتون مُوسى، فيَقولُ: لسْتُ بصاحبِ ذاكَ، اذْهَبوا إلى كَلمةِ اللهِ ورُوحِه عِيسى، فيَقولُ عِيسى: لسْتُ بصاحبِ ذاكَ، فيَأْتون محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فيقومُ فيُؤذَنُ له، ويُرسَلُ معه الأمانةُ والرَّحمُ، فيَقِفانِ بالصِّراطِ يَمينَه وشِمالَه، فيَمُرُّ أوَّلُكم كمَرِّ البرْقِ، قُلتُ: بأبي وأُمِّي، أيُّ شَيءٍ مَرُّ البرْقِ، قال: ألمْ تَرَ إلى البرْقِ كيْف يمُرُّ ثمَّ يَرجِعُ في طَرْفةٍ، ثمَّ كمَرِّ الرِّيحِ ومَرِّ الطَّيرِ وشَدِّ الرِّجالِ، تَجْري بهمْ أعمالُهم ونَبيُّكم قائمٌ على الصِّراطِ: ربِّ سلِّمْ سلِّمْ، قال: حتَّى تَعجِزَ أعمالُ النَّاسِ، حتَّى يَجِيءَ الرَّجلُ، فلا يَستطيعُ أنْ يَمُرَّ إلَّا زحْفًا، قال: وفي حافَتَي الصِّراطِ كَلاليبُ مُعلَّقةٌ مَأمورةٌ تَأخُذُ مَن أُمِرَت به؛ فمَخدوشٌ ناجٍ، ومُكرْدَسٌ في النَّارِ، والَّذي نفْسُ أبي هُرَيرةَ بيَدِه، إنَّ قَعْرَ جَهنَّمَ لسَبعينَ خَريفًا.
خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
الراوي : حذيفة بن اليمان، وأبو  هُرَيرةَ | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 8975
التصنيف الموضوعي: جهنم - شدة نار جهنم وبعد قعرها بر وصلة - صلة الرحم وتحريم قطعها فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - فضل النبي على جميع الخلائق قيامة - الشفاعة قيامة - الصراط

18 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ: "دَعا زَكريَّا ربَّه سِرًّا، فقالَ: {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي}، وهُمُ العَصَبةُ، {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوب}، يقولُ: يرِثُ نُبوَّتي ونُبوَّةَ آلِ يَعْقوبَ، {وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 4 - 6]، وقولُه: {هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}، يقولُ: مَنازِلُه، {إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38]، وقالَ: {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء: 89]، {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ} وهو جِبْريلُ، {وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ} [آل عمران: 39]، {بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم: 7]، لم يُسَمَّ قبلَه أحَدٌ يَحْيى، وقالَتِ المَلائكةُ: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} يُصدِّقُ بعيسَى، {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: 39]، والحَصورُ: الَّذي لا يُريدُ النِّساءَ، فلمَّا سمِعَ النِّداءَ جاءَه الشَّيطانُ فقالَ له: يا زكَريَّا، إنَّ الصَّوتَ الَّذي سمِعْتَ ليس منَ اللهِ، إنَّما هو منَ الشَّيطانِ سخِرَ بكَ، ولو كانَ منَ اللهِ أوْحاه إليكَ كما يوحِي إليكَ غَيرَه منَ الأمْرِ، فشَكَّ مَكانَه، وقالَ: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ}، يقولُ: من أين؟ {وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [آل عمران: 40]، {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} [مريم: 9].
خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط مسلم
الراوي : مرة وأبو مالك | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 4197
التصنيف الموضوعي: أنبياء - زكريا تفسير آيات - سورة آل عمران تفسير آيات - سورة الأنبياء تفسير آيات - سورة مريم إيمان - الملائكة

19 - "خرَجَ أبو طالِبٍ إلى الشَّامِ، وخرَجَ معَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أشْياخٍ من قُرَيشٍ، فلمَّا أشْرَفوا على الرَّاهِبِ هَبَطوا فحَلُّوا رِحالَهم ، فخرَجَ إليهمُ الرَّاهِبُ ، وكانوا قبلَ ذلك يمُرُّونَ به، فلا يَخرُجُ إليهم ولا يَلتفِتُ، قالَ: وهُم يحِلُّونَ رِحالَهم فجعَلَ يَتخلَّلُهم حتَّى جاءَ، فأخَذَ بيَدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقالَ: هذا سيِّدُ العالَمينَ، هذا رَسولُ ربِّ العالَمينَ، هذا يَبعَثُه اللهُ رَحمةَ العالَمينَ، فقالَ له أشْياخٌ من قُرَيشٍ: وما عِلمُكَ بذلك؟ قالَ: إنَّكم حينَ أشرَفْتُم منَ العَقَبةِ لم يَبقَ شَجرٌ، ولا حَجرٌ، إلَّا خرَّ ساجِدًا، ولا تَسجُدُ إلَّا لنَبيٍّ، وإنِّي أعرِفُه، خاتَمُ النُّبوَّةِ أسفَلَ من غُضْروفِ كَتفِه مثلُ التُّفَّاحةِ، ثمَّ رجَعَ فصنَعَ لهُم طَعامًا، ثمَّ أتاهُم، وكان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في رَعيِه الإبِلَ، قالَ: أرْسِلوا إليه، فأقبَلَ وعليه غَمامةٌ تُظِلُّه، قالَ: انْظُروا إليه غَمامةٌ تُظِلُّه، فلمَّا دَنا منَ القَومِ وجَدَهم قد سَبَقوه إلى فَيءِ الشَّجرةِ، فلمَّا جلَسَ مالَ فَيءُ الشَّجرةِ عليه، قالَ: انْظُروا إلى فَيءِ الشَّجرةِ مالَ عليه، فبيْنَما هو قائمٌ عليه وهو يُناشِدُهم ألَّا تَذْهَبوا به إلى الرُّوم؛ فإنَّ الرُّومَ إنْ رأَوْه عَرَفوه بالصِّفَّةِ فقَتَلوه، فالتَفَتَ فإذا هو بسَبعةِ نَفرٍ قد أقْبَلوا منَ الرُّومِ، فاستَقْبَلَهم فقالَ: ما جاءَ بكم؟ قالوا: جِئْنا فإنَّ هذا النَّبيَّ خارِجٌ في هذا الشَّهرِ، فلم يَبقَ طَريقٌ إلَّا قد بعَثَ إليه ناسٌ، وإنَّا بُعِثْنا إلى طَريقِه هذا، فقالَ لهمُ الرَّاهِبُ: هل خلَّفْتم خَلفَكم أحَدًا هو خَيرٌ منكم؟ قالوا: لا، قالوا: إنَّما أُخبِرْنا خبَرَه بُعِثْنا طَريقَكَ هذا، قالَ: أفرَأيْتُم أمْرًا أرادَه اللهُ أنْ يَقضِيَه، هل يَستَطيعُ أحَدٌ منَ النَّاسِ رَدَّه؟ قالوا: لا، قالَ: فبايِعوهُ، فبايَعوهُ وأقامُوا معَه، قالَ: فأتَاهُمُ الرَّاهِبُ فقالَ: أَنشُدُكمُ اللهَ أيُّكم وَليُّه؟ قالوا أبو طالِبٍ، فلم يزَلْ يُناشِدُه حتَّى رَدَّه وبعَثَ معَه أبو بَكرٍ بِلالًا، وزَوَّدَه الرَّاهِبُ منَ العَسلِ والزَّيتِ.

20 - عنْ زَيدِ بنِ صُوحانَ، أنَّ رَجُلينِ مِن أهْلِ الكوفةِ كانَا صَديقَينِ لزَيدِ بنِ صُوحانَ أتَياهُ؛ ليُكلِّمَ لهما سَلْمانَ أنْ يُحدِّثَهما حَديثَه، كيف كانَ إسْلامُه فأقْبَلا معَه حتَّى لَقُوا سَلْمانَ، وهو بالمَدائنِ أميرًا عليها، وإذا هو على كُرسيٍّ قاعِدٌ، وإذا خُوصٌ بيْنَ يدَيْه وهو يُسِفُّه، قالَا: فسَلَّمْنا وقعَدْنا، فقالَ له زَيدٌ: يا أبا عَبدِ اللهِ، إنَّ هذين لي صَديقانِ ولهُما إخاءٌ، وقد أحَبَّا أنْ يَسمَعا حَديثَكَ كيف كانَ بَدءُ إسْلامِكَ؟ قالَ: فقالَ سَلْمانُ: كنْتُ يَتيمًا مِن رامَ هُرْمُزَ ، وكانَ أبي دِهْقانَ رامَ هُرْمُزَ يَختلِفُ إلى مُعلِّمٍ يُعلِّمُه، فلَزِمْتُه؛ لأكونَ في كَنَفِه، وكانَ لي أخٌ أكبَرُ منِّي، وكانَ مُستَغْنيًا بنَفْسِه، وكنْتُ غُلامًا قَصيرًا، وكانَ إذا قامَ مِن مَجلِسِه تَفرَّقَ مَن يُحفِّظُهم، فإذا تَفرَّقوا خرَجَ فتَقنَّعَ بثَوبِه، ثمَّ صعِدَ الجبَلَ، وكانَ يفعَلُ ذلك غيرَ مرَّةٍ مُتنكِّرًا، قالَ: فقُلْتُ له: إنَّكَ تَفعَلُ كذا وكذا، فلمَ لا تذهَبُ بي معَكَ؟ قالَ: أنتَ غُلامٌ، وأخافُ أنْ يَظهَرَ منكَ شَيءٌ، قالَ: قُلْتُ: لا تَخَفْ، قالَ: فإنَّ في هذا الجبَلِ قَوما في بِرْطيلٍ لهم عِبادةٌ، ولهُم صَلاحٌ يَذْكُرونَ اللهَ تَعالَى، ويَذْكُرونَ الآخِرةَ، ويَزعُمونَ أنَّا عَبَدةُ النِّيرانِ، وعَبَدةُ الأوْثانِ ، وأنَّا على غَيرِ دينِهم، قالَ: قُلْتُ: فاذهَبْ بي معَكَ إليهم، قالَ: لا أقدِرُ على ذلك حتَّى أسْتَأْمِرَهم، وأنا أخافُ أنْ يَظهَرَ منكَ شَيءٌ، فيَعلَمَ أبي فيَقتُلَ القَومَ، فيَكونُ هَلاكُهم على يَدي، قالَ: قُلْتُ: لن يَظهَرَ منِّي ذلك، فاسْتَأْمِرْهم، فأتاهُم، فقالَ: غُلامٌ عِنْدي يَتيمٌ، فأُحِبُّ أنْ يَأتيَكم ويَسمَعَ كَلامَكم، قالوا: إنْ كنْتَ تثِقُ به، قالَ: أرْجو ألَّا يَجيءَ منه إلَّا ما أُحِبُّ، قالوا: فجِئْ به، فقالَ لي: لقدِ اسْتأذَنْتُ القَومَ في أنْ تَجيءَ مَعي، فإذا كانتِ السَّاعةُ الَّتي رَأيْتَني أخرُجُ فيها فأْتِني، ولا يَعلَمْ بكَ أحَدٌ، فإنَّ أبي إذا علِمَ بهِم قتَلَهم، قالَ: فلمَّا كانَتِ السَّاعةُ الَّتي يخرُجُ تَبِعْتُه فصَعِدْنا الجبَلَ، فانْتَهَيْنا إليهم، فإذا هُم في بِرْطِيلِهم، قالَ عَليٌّ: وأُراهُ قالَ: وهُم ستَّةٌ أو سَبعةٌ، قالَ: وكأنَّ الرُّوحَ قد خرَجَ منهم منَ العِبادةِ يَصومونَ النَّهارَ، ويَقومونَ اللَّيلَ، ويَأْكُلونَ الشَّجَرَ، ما وَجَدوا، فقَعَدْنا إليهم، فأثْنى الدِّهْقانُ على حَبرٍ ، فتَكَلَّموا، فحَمِدوا اللهَ، وأثْنَوْا عليه، وذَكَروا مَن مَضى منَ الرُّسلِ والأنْبياءِ حتَّى خَلُصوا إلى ذِكْرِ عيسَى بنِ مَرْيمَ عليه السَّلامُ، فقالوا: بعَثَ اللهُ عيسَى عليه السَّلامُ رَسولًا، وسخَّرَ له ما كانَ يَفعَلُ مِن إحْياءِ المَوْتى، وخَلْقِ الطَّيرِ، وإبْراءِ الأكْمَهِ ، والأبْرَصِ، والأعْمَى، فكفَرَ به قَومٌ وتَبِعَه قَومٌ، وإنَّما كانَ عَبدَ اللهِ ورَسولَه ابْتَلى به خَلْقَه، قالَ: وقالوا قبلَ ذلك: يا غُلامُ، إنَّ لكَ لَرَبًّا، وإنَّ لكَ مَعادًا، وإنَّ بيْنَ يدَيْكَ جنَّةً ونارًا، إليها تَصيرُ، وإنَّ هؤلاء القَومَ الَّذين يَعبُدونَ النِّيرانَ أهْلُ كُفرٍ وضَلالةٍ، لا يَرْضى اللهُ ما يَصنَعونَ، ولَيْسوا على دِينٍ، فلمَّا حضَرَتِ السَّاعةُ الَّتي يَنصرِفُ فيها الغُلامُ انصرَفَ وانصرَفْتُ معَه، ثمَّ غدَوْنا إليهم، فقالوا مثلَ ذلك وأحسَنَ، ولَزِمْتُهم، فقالوا لي: يا سَلْمانُ، إنَّكَ غُلامٌ، وإنَّكَ لا تَستَطيعُ أنْ تصنَعَ كما نصنَعُ فصَلِّ ونَمْ، وكُلْ واشرَبْ، قالَ: فاطَّلَعُ الملِكُ على صَنيعِ ابنِه، فركِبَ في الخَيلِ حتَّى أتاهُم في بِرْطيلِهم، فقالَ: يا هؤلاء، قد جاوَرْتُموني فأحسَنْتُ جِوارَكُم، ولم تَرَوْا منِّي سوءًا، فعمَدْتُم إلى ابْني فأفْسَدْتُموه عليَّ، قد أجَّلْتُكم ثَلاثًا، فإنْ قدِرْتُ عليكم بعدَ ثلاثٍ أحرَقْتُ عليكم بِرْطيلَكم هذا، فالْحَقوا ببِلادِكم؛ فإنِّي أكْرَهُ أنْ يَكونَ منِّي إليكم سوءٌ، قالوا: نعمْ، ما تَعمَّدْنا مَساءَتَكَ، ولا أرَدْنا إلَّا الخَيرَ، فكَفَّ ابنَه عنْ إتْيانِهم. فقُلْتُ له: اتَّقِ اللهَ؛ فإنَّكَ تَعرِفُ أنَّ هذا الدِّينَ دِينُ اللهِ، وأنَّ أباكَ ونحن على غَيرِ دينٍ، إنَّما هُم عَبَدةُ النِّيرانِ لا يَعبُدونَ اللهَ، فلا تَبِعْ آخِرَتَكَ بدُنْيا غَيرِكَ، قالَ: يا سَلْمانُ، هو كما تقولُ: وإنَّما أتخَلَّفُ عنِ القَومِ بَغيًا عليهم، إنْ تَبِعْتُ القَومَ طَلَبَني أبي في الجبَلِ، وقد خرَجَ في إتْياني إيَّاهُم حتَّى طَرَدَهم، وقد أعرِفُ أنَّ الحَقَّ في أيْديهِم فأتَيْتُهم في اليومِ الَّذي أرادُوا أنْ يَرْتَحِلوا فيه، فقالوا: يا سَلْمانُ: قد كنَّا نَحذَرُ مَكانَ ما رَأيْتَ فاتَّقِ اللهَ، واعلَمْ أنَّ الدِّينَ ما أوْصَيْناكَ به، وأنَّ هؤلاء عَبَدةُ النِّيرانِ لا يَعْرِفونَ اللهَ، ولا يَذْكُرونَه، فلا يَخدَعَنَّكَ أحَدٌ عنْ دينِكَ، قُلْتُ: ما أنا بمُفارِقِكم، قالوا: أنتَ لا تَقدِرُ أنْ تكونَ مَعَنا، نحن نَصومُ النَّهارَ، ونَقومُ اللَّيلَ، ونأكُلُ عندَ السَّحَرِ ، ما أصَبْنا، وأنتَ لا تَستَطيعُ ذلك، قالَ: فقُلْتُ: لا أُفارِقُكم، قالوا: أنتَ أعلَمُ، وقد أعْلَمْناكَ حالَنا، فإذا أتيْتَ خُذْ مِقْدارَ حِملٍ يكونُ معَكَ شَيءٌ تَأْكُلُه؛ فإنَّكَ لا تَستَطيعُ ما نَستَطيعُ بحقٍّ قالَ: ففعَلْتُ ولَقيتُ أخي، فعرَضْتُ عليه، ثمَّ أتَيْتُهم، فأتَيْتُهم يَمْشونَ وأمْشي معَهم، فرزَقَ اللهُ السَّلامةَ إلى أنْ قَدِمْنا المَوصِلَ، فأَتَيْنا بِيعةً بالمَوصِلِ، فلمَّا دَخَلوا احْتَفَوْا بهِم، وقالوا: أين كُنْتم؟ قالوا: كنَّا في بِلادٍ لا يَذْكُرونَ اللهَ، بها عَبَدةُ النِّيرانِ، فطَرَدونا، فقَدِمْنا عليكم، فلمَّا كانَ بعدُ قالوا: يا سَلْمانُ، إنَّ ها هُنا قَومًا في هذه الجِبالِ هُم أهْلُ دِينٍ، وإنَّا نُريدُ لِقاءَهُم، فكُنْ أنتَ ها هنا معَ هؤلاء؛ فإنَّهم أهْلُ دينٍ وسَتَرَى منهم ما تُحِبُّ، قُلْتُ: ما أنا بمُفارِقِكم، قالَ: وأوْصَوْا بي أهْلَ البِيعةَ ، فقالوا: قُمْ معَنا يا غُلامُ؛ فإنَّه لا يُعجِزُكَ شَيءٌ، قُلْتُ لهم: ما أنا بمُفارِقِكم، قالَ: فخَرَجوا وأنا معَهم، فأصْبَحوا بيْنَ جِبالٍ، وإذا صَخْرةٌ وماءٌ كَثيرٌ في جِرارٍ وخَيرٌ كَثيرٌ، فقَعَدْنا عندَ الصَّخْرةِ، فلمَّا طلَعَتِ الشَّمسُ خَرَجوا منَ الجِبالَ، يَخرُجُ رَجُلٌ مِن مَكانِه، كأنَّ الأرْواحَ قدِ انتُزِعَتْ منهم، حتَّى كَثُروا فرَحَّبوا بهم، وحَفُّوا، وقالوا: أين كُنْتم لم نَرَكم، قالوا: كنَّا في بِلادٍ لا يَذْكُرونَ اللهَ، فيها عَبَدةُ نِيرانٍ، وكنَّا نَعبُدُ اللهَ، فطَرَدونا، فقالوا: ما هذا الغُلامُ؟ فطَفِقوا يُثْنونَ عليَّ، وقالوا: صَحِبَنا مِن تلك البِلادِ، فلم نَرَ منه إلَّا خَيرًا، قالَ سَلَمانُ فوَاللهِ: إنَّهم لَكذلكَ إذا طلَعَ عليهم رَجُلٌ مِن كَهفِ جَبلٍ، قالَ: فجاء حتَّى سلَّمَ وجلَسَ فحَفُّوا به، وعَظَّموه أصْحابي الَّذين كنْتُ معَهم وأحْدَقوا به، فقالَ: أين كُنْتم؟ فأخْبَروه، فقالَ: ما هذا الغُلامُ معَكم؟ فأثْنَوْا عليَّ خَيرًا وأخْبَروه باتِّباعي إيَّاهم، ولم أرَ مِثلَ إعْظامِهم إيَّاه، فحمِدَ اللهَ وأثْنى عليه، ثمَّ ذكَرَ مَن أُرسِلَ مِن رُسلِه وأنْبيائِه وما لَقُوا، وما صنَعَ به، وذكَرَ مَولِدَ عيسَى بنِ مَرْيمَ عليه السَّلامُ، وأنَّه وُلِدَ بغَيرِ ذَكَرٍ فبعَثَه اللهُ عزَّ وجلَّ رَسولًا، وعلى يدَيْه إحْياءُ المَوْتى، وأنَّه يَخلُقُ منَ الطِّينِ كهَيئةِ الطَّيرِ، فيَنفُخُ فيه فيَكونُ طَيرًا بإذْنِ اللهِ، وأنزَلَ عليه الإنْجيلَ وعلَّمَه التَّوْراةَ، وبعَثَه رَسولًا إلى بَني إسْرائيلَ، فكفَرَ به قَومٌ وآمَنَ به قَومٌ، وذكَرَ بعض ما لَقِيَ عيسَى ابنُ مَرْيمَ عليه السَّلامُ، وأنَّه كانَ عَبدَ اللهِ أنعَمَ اللهُ عليه، فشكَرَ ذلك له، ورَضيَ اللهُ عنه حتَّى قبَضَه اللهُ عزَّ وجلَّ وهو يَعِظُهم ويَقولُ: اتَّقوا اللهَ، والْزَموا ما جاءَ به عيسَى عليه السَّلامُ، ولا تُخالِفوا فيُخالَفَ بكم، ثمَّ قالَ: مَن أرادَ أنْ يأخُذَ مِن هذا شَيئًا، فلْيأخُذْ، فجعَلَ الرَّجلُ يَقومُ فيأخُذُ الجَرَّةَ منَ الماءِ والطَّعامِ والشَّيءِ، فقامَ أصْحابي الَّذين جِئْتُ معَهم، فسَلَّموا عليه، وعَظَّموه، وقالَ لهمُ: الْزَموا هذا الدِّينَ، وإيَّاكم أنْ تَفَرَّقوا واسْتَوْصوا بهذا الغُلامِ خَيرًا، وقالَ لي: يا غُلامُ، هذا دِينُ اللهِ الَّذي تَسمَعُني أقولُه، وما سِواهُ الكُفرُ، قالَ: قُلْتُ: ما أنا بمُفارِقِكَ، قالَ: إنَّكَ لا تَستَطيعُ أنْ تكونَ مَعي؛ إنِّي لا أخرُجُ مِن كَهْفي هذا إلَّا كلَّ يومِ أحَدٍ، ولا تَقدِرُ على الكَيْنونةِ مَعي، قالَ: وأقبَلَ على أصْحابِه، وقالوا: يا غُلامُ، إنَّكَ لا تَستَطيعُ أنْ تَكونَ معَه، قُلْتُ: ما أنا بمُفارِقِكَ، قالَ له أصْحابُه: يا فلانُ، إنَّ هذا غُلامٌ ويُخافُ عليه، فقالَ لي: أنتَ أعلَمُ، قُلْتُ: فإنِّي لا أُفارِقُكَ، فبَكى أصْحابي الأوَّلونَ الَّذين كنْتُ معَهم عندَ فِراقِهم إيَّايَ، فقالوا: يا غُلامُ، خُذْ مِن هذا الطَّعامِ ما تَرى أنَّه يَكْفيكَ إلى الأحَدِ الآخَرِ، وخُذْ منَ الماءِ ما تَكْتَفي له، ففعَلْتُ، فما رَأيْتُه نائمًا ولا طاعِمًا إلَّا راكِعًا وساجِدًا إلى الأحَدِ الآخَرِ، فلمَّا أصْبَحْنا، قالَ لي: خُذْ جرَّتَكَ هذه، وانطَلِقْ، فخرَجْتُ معَه أتْبَعُه، حتَّى انْتَهَيْنا إلى الصَّخْرةِ، وإذا هُم قد خَرَجوا مِن تلك الجِبالِ يَنتَظِرونَ خُروجَه، فقَعَدوا، وعادَ في حَديثِه نحوَ المرَّةِ الأُولى، فقالَ: الْزَموا هذا الدِّينَ ولا تَفَرَّقوا، واذْكُروا اللهَ واعْلَموا أنَّ عيسَى ابنَ مَريمَ عليه السَّلامُ كانَ عَبدًا، أنعَمَ اللهُ عليه، ثمَّ ذَكَرَني، فقالوا له: يا فُلانُ، كيف وجَدْتَ هذا الغُلامَ؟ فأثْنى عليَّ، وقالَ خَيرًا، فحَمِدوا اللهَ تَعالى، وإذا خُبزٌ كَثيرٌ، وماءٌ كَثيرٌ، فأخَذوا، وجعَلَ الرَّجلُ يأخُذُ ما يَكْتَفي به، وفعَلْتُ فتَفَرَّقوا في تلك الجِبالِ، ورجَعَ إلى كَهْفِه، ورجَعْتُ معَه، فلَبِثْنا ما شاءَ اللهُ، يخرُجُ في كلِّ يومِ أحَدٍ، ويَخرُجونَ معَه، ويَحُفُّونَ به ويُوصِيهم بما كانَ يُوصِيهم به، فخرَجَ في أحَدٍ، فلمَّا اجْتَمَعوا حمِدَ اللهَ ووعَظَهم وقالَ مِثلَ ما كانَ يَقولُ لهُم، ثمَّ قالَ لهُم آخِرَ ذلك: يا هؤلاء، إنَّه قد كبِرَ سِنِّي، ورَقَّ عَظْمي، واقتَرَبَ أجَلي، وأنَّه لا عَهدَ لي بهذا البيتِ منذُ كذا وكذا، ولا بُدَّ مِن إتْيانِه، فاسْتَوْصوا بهذا الغُلامِ خَيرًا؛ فإنِّي رأيْتُه لا بأْسَ به، قالَ: فجَزِعَ القَومُ، فما رأيْتُ مثلَ جَزَعِهم، وقالوا: يا فلانُ، أنتَ كَبيرٌ، وأنتَ وَحدَكَ، ولا نأمَنُ مِن أنْ يُصيبَكَ الشَّيءُ، يُساعِدُكَ أحوَجُ ما كنَّا إليكَ، قالَ: فلا تُراجِعوني، لا بُدَّ مِن إتْيانِه، ولكنِ اسْتَوْصوا بهذا الغُلامِ خَيرًا، وافْعَلوا وافْعَلوا، قالَ: فقُلْتُ: ما أنا بمُفارِقِكَ، قالَ: يا سَلْمانُ، قد رأيْتَ حَالي، وما كنْتُ عليه، وليس هذا كذلك، أنا أمْشي أصومُ النَّهارَ وأقومُ اللَّيلَ، ولا أستَطيعُ أنْ أحمِلَ مَعي زادًا ولا غيرَه، وأنتَ لا تَقدِرُ على هذا، قُلْتُ: ما أنا بمُفارِقِكَ، قالَ: أنتَ أعلَمُ، قالَ: فقالوا: يا فلانُ، فإنَّا نَخافُ على هذا الغُلامِ، قالَ: فهو أعلَمُ، قد أعلَمْتُه الحالَ، وقد رَأى ما كانَ قبلَ هذا، قُلْتُ: لا أُفارِقُكَ، قالَ: فبَكَوْا، ووَدَّعوهُ، وقالَ لهمُ: اتَّقُوا اللهَ وكونُوا على ما أوْصَيْتُكم به، فإنْ أعِشْ فعَلَيَّ أرجِعُ إليكم، وإنْ مُتُّ، فإنَّ اللهَ حيٌّ لا يَموتُ، فسلَّمَ عليهم، وخرَجَ وخرَجْتُ معَه، وقالَ لي: احمِلْ معَكَ مِن هذا الخُبزِ شَيئًا تَأْكُلُه، فخرَجَ وخرَجْتُ معَه يَمْشي، واتَّبَعْتُه يَذكُرُ اللهَ ولا يَلتَفِتُ، ولا يقِفُ على شَيءٍ، حتَّى إذا أمْسَيْنا، قالَ: يا سَلْمانُ، صَلِّ أنتَ ونَمْ، وكُلْ واشرَبْ، ثمَّ قامَ وهو يُصلِّي حتَّى إذا انْتَهى إلى بيتِ المَقدِسِ ، وكانَ لا يَرفَعُ طَرْفَه إلى السَّماءِ، حتَّى إذا انْتَهَيْنا إلى بابِ المَسجِدِ، وإذا على البابِ مُقعَدٌ، فقالَ: يا عبدَ اللهِ، قد تَرى حَالي، فتَصدَّقْ عليَّ بشَيءٍ، فلم يَلتفِتْ إليه، ودخَلَ المَسجِدَ، ودخَلْتُ معَه، فجعَلَ يتَّبِعُ أمْكِنةً في المَسجِدِ فصَلَّى فيها، فقالَ: يا سَلْمانُ، إنِّي لم أجِدْ طَعْمَ النَّومِ منذُ كذا وكذا، فإنْ أنتَ جعَلْتَ أنْ توقِظَني إذا بلَغَ الظِّلُّ مَكانَ كذا وكذا نِمْتُ؛ فإنِّي أُحِبُّ أنْ أنامَ في هذا المَسجِدِ، وإلَّا لم أنَمْ، قالَ: قُلْتُ: فإنِّي أفعَلُ، قالَ: فإذا بلَغَ الظِّلُّ مَكانَ كذا وكذا فأيْقِظْني إذا غلَبَتْني عَيْني، فقامَ، فقُلْتُ في نَفْسي: هذا لم ينَمْ منذُ كذا وكذا، وقد رأيْتُ بعضَ ذلك، لأدَعَنَّه يَنامُ حتَّى يَشتَفيَ منَ النَّومِ، قالَ: وكانَ فيما يَمْشي وأنا معَه يُقبِلُ عليَّ فيَعِظُني، ويُخبِرُني أنَّ لي ربًّا، وأنَّ بيْنَ يدَيَّ جنَّةً ونارًا وحسابًا، ويُعلِّمُني ويُذَكِّرُني نحوَ ما يُذكِّرُ القَومَ يومَ الأحَدِ، حتَّى قالَ فيما يَقولُ: يا سَلْمانُ، إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ سوف يَبعَثُ رَسولًا اسمُه أحمَدُ، يَخرُجُ بتِهامةَ -وكانَ رَجُلًا أعْجميًّا لا يُحسِنُ أنْ يقولَ: مُحمَّدٌ- علامَتُه أنَّه يأكُلُ الهَديَّةَ، ولا يأكُلُ الصَّدَقةَ، بيْنَ كَتِفَيْه خاتَمٌ، وهذا زَمانُه الَّذي يخرُجُ فيه قد تَقارَبَ، فأمَّا أنا؛ فإنِّي شَيخٌ كَبيرٌ، ولا أحْسَبُني أُدرِكُه، فإنْ أدْرَكْتَه فصَدِّقْه واتَّبِعْه ، قالَ: قُلْتُ: وإنْ أمَرَني بتَرْكِ دينِكَ وما أنتَ عليه، قالَ: فاتْرُكْه؛ فإنَّ الحقَّ فيما يأمُرُ به، ورِضا الرَّحمَنِ فيما قالَ، فلم يَمضِ إلَّا يَسيرًا حتَّى استَيقَظَ فَزِعًا يَذكُرُ اللهَ، فقالَ لي: يا سَلْمانُ، مَضى الفَيْءُ مِن هذا المَكانِ، ولم أذكُرِ اللهَ، أين ما كُنْتَ جعَلْتَ على نفْسِكَ؟ قالَ: أخْبَرْتَني أنَّكَ لم تَنَمْ منذُ كذا وكذا، وقد رَأيْتُ بَعضَ ذلك، فأحبَبْتُ أنْ تَشتَفيَ منَ النَّومِ، فحمِدَ اللهَ، وقامَ، فخرَجَ، وتَبِعْتُه، فمَرَّ بالمُقعَدِ، فقالَ المُقعَدُ: يا عَبدَ اللهِ، دخلْتَ فسألْتُكَ فلم تُعْطِني، وخرَجْتَ فسألْتُكَ فلم تُعْطِني، فقامَ يَنظُرُ، هل يَرى أحَدًا؟ فلم يَرَه، فدَنا منه، فقالَ له: ناوِلْني يدَكَ فناوَلَه، فقالَ: بسمِ اللهِ، فقامَ كأنَّه أُنشِطَ مِن عِقالٍ صَحيحًا لا عَيبَ به، فخَلَّا عنْ يَدِه، فانطلَقَ ذاهِبًا، فكانَ لا يَلْوي على أحَدٍ، ولا يَقومُ عليه، فقالَ لي المُقعَدُ: يا غُلامُ، احمِلْ عليَّ ثِيابي حتَّى أنطَلِقَ أُبشِّرُ أهْلي، فحمَلْتُ عليه ثيابَه، وانطلَقَ لا يَلْوي عليَّ، فخرَجْتُ في إثْرِه أطلُبُه، فكلَّما سألْتُ عنه قالوا: أمامَكَ حتَّى لَقِيَني رَكْبٌ مِن كَلبٍ، فسألْتُهم، فلمَّا سَمِعوا، أناخَ رَجُلٌ مِنهم عليَّ بَعيرَه، فحمَلَني خَلفَه، حتَّى أتَوْا بلادَهُم فباعُوني، فاشْتَرَتْني امْرأةٌ منَ الأنْصارِ، فجعَلَتْني في حائطٍ لها، فقدِمَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأُخبِرْتُ به، فأخذْتُ أشْياءَ مِن ثَمرِ حائِطي، فجعَلْتُه على شَيءٍ، ثمَّ أتَيْتُه، فوجَدْتُ عندَه ناسًا، وإذا أبو بَكرٍ أقرَبُ النَّاسِ إليه، فوضَعْتُه بيْنَ يدَيْه، فقالَ: ما هذا؟ قُلْتُ: صَدَقةٌ، قالَ للقَومِ: كُلوا، ولم يأكُلْ، ثمَّ لبِثْتُ ما شاءَ اللهُ، ثمَّ أخذْتُ مثلَ ذلك، فجعَلْتُه على شَيءٍ، ثمَّ أتيْتُه، فوجَدْتُ عندَه ناسًا، وإذا أبو بَكرٍ أقرَبُ القَومِ منه، فوضَعْتُه بيْنَ يدَيْه، فقالَ لي: ما هذا؟ فقُلْتُ: هَديَّةٌ، قالَ: بسمِ اللهِ، وأكَلَ وأكَلَ القَومُ، قُلْتُ في نَفْسي: هذه مِن آياتِه، كانَ صاحِبي رَجُلًا أعْجميًّا لم يُحسِنْ أنْ يَقولَ: تِهامةَ ، فقالَ: تِهْمةَ، وقالَ: أحمَدُ، فدُرْتُ خَلفَه، ففَطِنَ بي، فأرْخى ثوبَه، فإذا الخاتَمُ في ناحيةِ كَتِفِه الأيسَرِ فتَبيَّنْتُه، ثمَّ دُرْتُ حتَّى جلَسْتُ بيْنَ يدَيْه، فقُلْتُ: أشهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ، وأنَّكَ رَسولُ اللهِ، قالَ: مَن أنتَ؟ قُلْتُ: مَمْلوكٌ، قالَ: فحَدَّثْتُه حَديثي، وحَديثَ الرَّجلِ الَّذي كنْتُ معَه، وما أمَرَني به، قالَ: لمَن أنتَ؟ قُلْتُ: لامْرأةٍ منَ الأنْصارِ جعَلَتْني في حائطٍ لها، قالَ: يا أبا بَكرٍ، قالَ: لبَّيكَ ، قالَ: اشْتَرِه، فاشْتَراني أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فأعْتَقَني، فلَبِثْتُ ما شاءَ اللهُ أنْ ألبَثَ، فسلَّمْتُ عليه، وقعَدْتُ بيْنَ يدَيْه، فقُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، ما تَقولُ في دينِ النَّصارى، قالَ: لا خَيرَ فيهم، ولا في دِينِهم، فدَخَلَني أمرٌ عَظيمٌ، فقُلْتُ في نَفْسي: هذا الَّذي كنْتُ معَه ورأيْتُ ما رَأيْتُه، ثمَّ رأيْتُه أخَذَ بيَدِ المُقعَدِ فأقامَه اللهُ على يدَيْه لا خيرَ في هؤلاء، ولا في دينِهم، فانصرَفْتُ وفي نَفْسي ما شاءَ اللهُ، فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 82] إلى آخِرِ الآيةِ، فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: عليَّ بسَلْمانَ، فأتَى الرَّسولُ وأنا خائفٌ، فجِئْتُ حتَّى قعَدْتُ بيْنَ يدَيْه فقَرَأَ بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 82] إلى آخِرِ الآيةِ، يا سَلْمانُ، إنَّ أولئك الَّذين كنْتَ معَهم وصاحِبَكَ لم يَكونوا نَصارى، إنَّما كانُوا مُسلِمينَ، فقُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، والَّذي بعَثَكَ بالحَقِّ لَهوَ الَّذي أمَرَني باتِّباعِكَ، فقُلْتُ له: وإنْ أمَرَني بتَرْكِ دينِكَ وما أنتَ عليه، قالَ: فاتْرُكْه؛ فإنَّ الحقَّ وما يجِبُ فيما يَأمُرُكَ به.