الموسوعة الحديثية


- أُحدِّثُكم عنْ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ثَمودَ، وكانتْ ثَمودُ وقَومُ صالحٍ أعمَرَهمُ اللهُ في الدُّنيا، فأطالَ أعْمارَهم حتَّى جعَلَ أحَدُهم يَبْني المَسكَنَ منَ المدَرِ، فيَنهدِمُ والرَّجلُ منهم حَيٌّ، فلمَّا رأَوْا ذلك اتَّخَذوا منَ الجِبالِ بَيوتًا فَرِهينَ، فنَحَتوها وجابُوها وجَوَّفوها، وكانوا في سَعةٍ من مَعائشِهم، فقالوا: يا صالِحُ، ادْعُ لنا ربَّكَ ليُخرِجَ لنا آيةً نَعلُمُ أنَّكَ رَسولُ اللهِ، فدَعا صالِحٌ ربَّه، فأخرَجَ لهُمُ النَّاقةَ، وكانَ شِرْبُها يَومًا وشِرْبُهم يَومًا مَعلومًا، فإذا كانَ يَومُ شِرْبِها خَلَّوْا عنها وعنِ الماءِ وحَلَبوا الماءَ، فمَلؤُوا كلَّ إناءٍ ووعاءٍ وسِقاءٍ، فإذا كان يَومُ شِرْبِهم صَرَفوها عنِ الماءِ فلم تَشرَبْ منه شَيئًا، فمَلؤُوا كلَّ إناءٍ ووعاءٍ وسِقاءٍ، فأوْحى اللهُ إلى صالِحٍ أنَّ قَومَكَ سيَعْقِرونَ ناقتَكَ، فقالَ لهم، فقالوا: ما كنَّا لِنَفعَلَ، قالَ: «إنْ لم تَعْقِروها أنتم يوشِكُ أنْ يولَدَ فيكم مَوْلودٌ يَعْقِرها»، قالَ: ما عَلامةُ ذلك المَوْلودِ؟ فواللهِ لا نجِدُه إلَّا قتَلْناه، قالَ: «فإنَّه غُلامٌ أشقَرُ أزرَقُ أصهَبُ»، قالَ: وكان في المدينةِ شَيْخانِ عَزيزانِ مَنيعانِ لأحَدِهما ابنٌ يَرغَبُ له عنِ المناكِحِ، وللآخَرِ ابْنةٌ لا يجِدُ لها كُفُوًا، فجمَعَ بيْنَهما مجلِسٌ، فقالَ أحَدُهما لصاحِبِه: ما منَعَكَ أنْ تُزوِّجَ ابنَكَ؟ قالَ: لا أجِدُ له كُفُوًا، قالَ: فإنَّ ابنَتي كُفءٌ له، وأنا أُزَوِّجُكَ، فزَوَّجَه، فوُلِدَ بيْنَهما ذلك المَوْلودُ، وكان في المَدينةِ ثَمانيةُ رَهْطٍ يُفسِدونَ في الأرْضِ ولا يُصلِحونَ، قالَ لهم صالِحٌ: "إنَّما يَعقِرُها مَوْلودٌ فيكم، اخْتارَ ثمانيةَ نِسوةٍ قَوابِلَ منَ القَريةِ، وجَعَلوا معَهم شُرَطًا، فكانوا يَطوفونَ في القَريةِ، فإذا وَجَدوا امْرأةً تُمخَضُ نَظَروا ما ولَدُها، فإنْ كان غُلامًا قلَبْنَه يَنظُرْنَ ما هو، وإنْ كانت جاريةً أعرَضْنَ عنها، فلمَّا وَجَدوا ذلك المَوْلودَ صرَخْنَ النِّسوةُ، قُلْنَ: هذا الَّذي يُريدُ رَسولُ اللهِ صالِحٌ، فأرادَ الشُّرَطُ أنْ يأْخُذوه فحالَ جَدَّاه بيْنَهم وبيْنَه، وقالوا: لو أنَّ صالِحًا أرادَ هذا قتَلْناه، وكان شرَّ مَوْلودٍ، وكان يَشِبُّ في اليومِ شَبابَ غيرِه في الجمُعةِ، ويَشِبُّ في الجمُعةِ شَبابَ غيرِه في الشَّهرِ، ويَشِبُّ في الشَّهرِ شَبابَ غيرِه في السَّنةِ، فاجتمَعَ الثَّمانيةُ الَّذين يُفسِدونَ في الأرْضِ ولا يُصلِحونَ والشَّيخانِ، فقالوا: نَستَعمِلُ علينا هذا الغُلامَ لمَنزِلَتِه وشَرَفِ جدَّيْه، فكانوا تِسْعةً، وكان صالِحٌ لا يَنامُ معَهم في القَريةِ، كان في البرِّيَّةِ في مَسجِدٍ، يُقالَ له: مَسجِدُ صالِحٍ فيه يَبيتُ باللَّيلِ، فإذا أصبَحَ أتاهُم فوعَظَهم وذكَّرَهم، وإذا أمْسى خرَجَ إلى المسجِدِ فباتَ فيه، قالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ولمَّا أرادوا أنْ يَمْكُروا بصالِحٍ مشَوْا حتَّى أتَوْا على شِرْبٍ على طَريقِ صالِحٍ، فاخْتَبأ فيه ثَمانيةٌ، وقالوا: إذا خرَجَ علينا قتَلْناه وأتَيْنا أهْلَه فبَيَّتْناهُم، فأمَرَ اللهُ الأرْضَ فاستَوَتْ عليهم، فأجْمَعوا ومشَوْا على النَّاقةِ، وهي على حَوْضِها قائمةٌ، فقالَ الشَّقيُّ لأحَدِهم: ائْتِها فاعْقِرْها، فأَتَاها فتَعاظَمَه ذلك، فأضرَبَ عن ذلك، فبعَثَ آخَرَ، فأعظَمَ ذلك، فجعَلَ لا يبعَثُ رجُلًا إلَّا يُعاظِمُه ذلك من أمْرِها حتَّى مَشى إليها وتَطاوَلَ فضرَبَ عُرْقوبَها، فوقَعَتْ تَركُضُ، فأتى رجُلٌ منهم صالحًا فقالَ: أدْرِكِ النَّاقةَ؛ فقدْ عُقِرَتْ، فأقبَلَ وخَرَجوا يتَلقَّوْنَه ويَعتَذِرونَ إليه: يا نَبيَّ اللهِ، إنَّما عقَرَها فلانٌ لا ذَنبَ لنا، قالَ: انْظُروا، هل تُدْرِكونَ فَصيلَها، فإنْ أدْرَكْتُموه فعَسى اللهُ أنْ يَرفَعَ عنكمُ العَذابَ، فخَرَجوا يَطلُبونَه، ولمَّا رَأى الفَصيلُ أمَّه تَضطَرِبُ أتَى جَبلًا يُقالُ له الغارةُ قَصيرًا، فصعِدَ وذَهَبوا يأْخُذوه، فأوْحى اللهُ إلى الجبَلِ فطالَ في السَّماءِ حتَّى ما يَنالُه الطَّيرُ، قالَ: «ودخَلَ صالحٌ القَريةَ، فلمَّا رَآه الفَصيلُ بَكى حتَّى [ سالَتْ ] دُموعُه، ثمَّ استَقبَلَ صالحًا فرَغَا رَغْوةً، ثمَّ رَغَا أُخْرى، ثمَّ رَغَا أُخْرى، فقالَ صالحٌ لكلِّ رَغْوةٍ أجَلُ يَومٍ تَمَتَّعوا في دارِكم ثَلاثةَ أيَّامٍ، ذلك وَعدٌ غيرُ مَكْذوبٍ، إلَّا أنَّ آيةَ العَذابِ أنَّ اليَومَ الأوَّلَ تُصبِحُ وُجوهُهم مُصفَرَّةً، واليَومَ الثَّانيَ مُحمَرَّةً، واليَومَ الثَّالثَ مُسوَدَّةً، فلمَّا أصْبَحوا إذا وُجوهُهم كأنَّما طُليَتْ بالخَلوقِ كَبيرُهم وصَغيرُهم ذَكَرُهم وأُنْثاهم، فلمَّا أمسَوْا صاحوا بأجْمعِهم، قد مَضى يَومٌ منَ الأجَلِ، وحضَرَكمُ العَذابُ، فلمَّا أصْبَحوا اليَومَ الثَّانيَ إذا وُجوهُهم مُحمَرَّة ٌكأنَّما خُضِبَتْ بالدِّماءِ، فصاحُوا وضَجُّوا وبكَوْا وعَرَفوا أنَّه العَذابُ، فلمَّا أمسَوْا صاحُوا بأجمَعِهم ألَا قد مَضى يَومانِ منَ الأجَلِ وحضَرَكمُ العذابُ، فلمَّا أصْبَحوا اليَومَ الثَّالثَ، إذا وُجوهُهم مُسوَدَّةٌ كأنَّما طُلِيَتْ بالقارِ، فصاحوا جَميعًا ألَا قد حضَرَكمُ العَذابُ فتَكفَّنوا وتَحنَّطوا، وكان حَنوطُهمُ الصَّبرَ والمُرَّ، وكانتْ أكْفانُهمُ الأنْطاعَ، ثمَّ ألقَوْا أنفُسَهم بالأرْضِ، فجَعَلوا يُقلِّبونَ أبْصارَهم إلى السَّماءِ مرَّةً وإلى الأرْضِ مرَّةً لا يَدْرونَ من حيثُ يأْتيهمُ العَذابُ من فَوقِهم منَ السَّماءِ، أو من تحتِ أرجُلِهم منَ الأرْضِ خُشَّعًا وفُرُقًا، فلمَّا أصْبَحوا اليَومَ الرَّابعَ أتَتْهم صَيْحةٌ منَ السَّماءِ فيها صَوتُ كلِّ صاعِقةٍ، وصَوتُ كلِّ شَيءٍ له صَوتٌ في الأرْضِ فتَقطَّعتْ قُلوبُهم في صُدورِهم، فأصْبَحوا في ديارِهم جاثِمينَ».
الراوي : عمرو بن خارجة | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 4119 | خلاصة حكم المحدث : تفرد به شهر بن حوشب، وليس له إسناد غيرها، ... وله شاهد على سبيل الاختصار بإسناد صحيح دلَّ على صحة الحديث الطويل على شرط مسلم.