الموسوعة الحديثية


- جاءَ ابنا مُلَيْكةَ، وهما مِنَ الأنصارِ، فقالا: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أُمَّنا تَحفظُ على البَعْلِ، وتُكرِمُ الضَّيفَ، وقد وَأَدَتْ في الجاهليَّةِ فأين أُمُّنا؟ قالَ: «أُمُّكُما في النَّارِ». فقاما قد شَقَّ ذلك عليهِما فدَعاهُما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فرَجَعا فقالَ: «إنَّ أُمِّي مع أُمِّكُما». فقالَ منافقٌ مِنَ النَّاسِ لي: ما يُغني هذا عن أُمِّهِ إلَّا ما يُغني ابنا مُلَيْكةَ عنْ أُمِّهما ونحن نَطَأُ عَقِبيهِ ، فقالَ رَجلٌ شابٌّ مِنَ الأنصارِ لمْ أرَ رَجلًا كان أكثرَ سؤالًا لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منه: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أبَواكَ في النَّارِ؟ قالَ: فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ما سألتُهُما ربِّي فيُعطيني فيهما، وإنِّي لقائمٌ يومئذٍ المَقامَ المحمودَ». قالَ: فقالَ المنافقُ للشَّابِ الأنصاريِّ: سلْهُ وما المقامُ المحمودُ؟ قالَ: يا رسولَ اللهِ، وما المقامُ المحمودُ؟ قالَ: «يومَ يَنزلُ اللهُ فيه على كُرسيِّهِ يَئطُّ به كما يَئطُّ به الرَّحْلُ مِن تضايُقِهِ كسَعةِ ما بيْنَ السَّماءِ والأرضِ، ويُجاءُ بكم حُفاةً عُراةً غُرلًا ، فيكونُ أوَّلَ مَنْ يُكْسى إبراهيمُ، يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: اكسُوا خليلي رَيْطَتينِ بَيضاوَيْنِ مِن رياطِ الجنَّةِ، ثُمَّ أُكْسى على أَثرِهِ فأقومُ عن يمينِ اللهِ عزَّ وجلَّ مَقامًا يَغبِطُني فيه الأوَّلونَ والآخرونَ، ويُشقُّ لي نَهَرٌ مِنَ الكوثرِ إلى حَوْضي». قالَ: يقولُ المنافقُ: لمْ أسمعْ كاليومِ قطُّ، لقَلَّ ما جرى نَهَرٌ قطُّ إلَّا وكان في فخَّارةٍ أوْ رَضْراضٍ، فسَلْه فيما يجري النَّهرُ؟ قالَ: «في حالةٍ مِنَ المِسكِ ورَضْراضٍ». قالَ: يقولُ المنافقُ: لمْ أسمعْ كاليومِ قطُّ، لقَلَّ ما جرى نَهَرٌ قطُّ إلَّا كان له نباتٌ. قالَ: «نَعَمْ». قالَ: ما هو؟ قالَ: «قُضبانُ الذَّهبِ». قالَ: يقولُ المنافقُ: لمْ أسمعْ كاليومِ قطُّ، واللهِ ما نَبَتَ قَضيبٌ قطُّ إلَّا كان له ثَمَرٌ، فسَلْهُ هل لتلك القُضبانِ ثمارٌ؟ قالَ: «نَعَمِ، اللُّؤلؤ والجَوْهرُ». قالَ: فقالَ المنافقُ: لمْ أسمعْ كاليومِ قطُّ، سَلْهُ عنْ شرابِ الحوضِ، فقالَ الأنصاريُّ: يا رسولَ اللهِ، وما شرابُ الحوضِ؟ قالَ: «أشدُّ بياضًا مِنَ اللَّبنِ، وأحلى مِنَ العَسلِ، مَنْ سقاهُ اللهُ منه شَربةً لمْ يَظْمأْ بعدَها، ومَنْ حَرَمَهُ لمْ يَروِ بعدَها».