الموسوعة الحديثية


- إنِّي لَجالِسٌ إلى ابنِ عبَّاسٍ، إذ أتاهُ تِسْعةُ رَهطٍ، فقالوا: يا أبا عبَّاسٍ، إمَّا أنْ تَقومَ معَنا، وإمَّا أنْ تَخْلوَ بنا من بيْنِ هؤلاء، قالَ: فقالَ ابنُ عبَّاسٍ: بل أنا أقومُ معَكم، قالَ: وهو يومَئذٍ صَحيحٌ قبلَ أنْ يَعْمى، قالَ: فابْتَدَؤوا فتَحَدَّثوا، فلا نَدْري ما قالوا، قالَ: فجاءَ يَنفُضُ ثَوبَه ويَقولُ: أُفٍّ وتُفٍّ، وَقَعوا في رَجلٍ له بِضْعَ عَشْرةَ فَضائلَ ليسَتْ لأحَدٍ غَيرِه، وَقَعوا في رَجلٍ قالَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لأبعَثَنَّ رَجلًا لا يُخْزيهِ اللهُ أبدًا، يحِبُّ اللهَ ورَسولَه، ويحِبُّه اللهُ ورَسولهُ»، فاستَشرَفَ لها مُستَشرِفٌ، فقالَ: «أين عَليٌّ؟» فقالوا: إنَّه في الرَّحى يَطحَنُ، قالَ: «وما كان أحَدُهم ليَطحَنَ»، قالَ: فجاءَ وهو أرْمَدُ لا يَكادُ أنْ يُبصِرَ، قالَ: فنفَثَ في عَينَيْه، ثمَّ هزَّ الرَّايةَ ثَلاثًا فأعْطاها إيَّاه، فجاءَ عَليٌّ بصَفيَّةَ بنتِ حُيَيٍّ، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: ثمَّ بعَثَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فُلانًا بسورةِ التَّوبةِ، فبعَثَ عَليًّا خَلفَه فأخَذَها منه، وقالَ: «لا يذهَبْ بها إلَّا رَجلٌ هو منِّي وأنا منه»، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: وقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لبَني عمِّه: «أيُّكم يُوالِيني في الدُّنْيا والآخِرةِ؟» قالَ: وعَليٌّ جالِسٌ معَهم، فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأقبَلَ على رَجلٍ منهم، فقالَ: «أيُّكم يُوالِيني في الدُّنيا والآخِرةِ؟» فأبَوْا، فقالَ لعَليٍّ: «أنتَ وَليِّي في الدُّنيا والآخِرةِ»، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: وكانَ عَليٌّ أوَّلَ مَن آمَنَ منَ النَّاسِ بعدَ خَديجةَ رَضيَ اللهُ عنها، قالَ: وأخَذَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَوبَه فوضَعَه على عَليٍّ وفاطِمةَ وحسَنٍ وحُسَينٍ وقالَ: "{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: «وشَرى عَليٌّ نَفْسَه، فلبِسَ ثَوبَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ نامَ في مَكانِه»، قالَ: ابنُ عبَّاسٍ، "وكانَ المُشْرِكونَ يَرْمونَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فجاءَ أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه وعَليٌّ نائمٌ، قالَ: وأبو بَكرٍ يحسَبُ أنَّه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فقالَ: يا نَبيَّ اللهِ، فقالَ له عَليٌّ: إنَّ نَبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدِ انطَلَقَ نحوَ بِئرِ مَيْمونٍ فأدْرِكْه، قالَ: فانطَلَقَ أبو بَكرٍ فدخَلَ معَه الغارَ، قالَ: وجعَلَ عَليٌّ رَضيَ اللهُ عنه يُرْمى بالحِجارةِ كما كانَ نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَتضوَّرُ، وقد لفَّ رأْسَه في الثَّوبِ لا يُخرِجُه حتَّى أصبَحَ، ثمَّ كشَفَ عن رأْسِه فقالوا: إنَّكَ لَلَئيمٌ، وكانَ صاحِبُكَ لا يَتضوَّرُ، ونحن نَرْميه، وأنتَ تَتضوَّرُ، وقدِ استَنكَرْنا ذلك"، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: وخرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوةِ تَبوكَ، وخرَجَ بالنَّاسِ معَه، قالَ: فقالَ له عَليٌّ: أخرُجُ معَكَ؟ قالَ: فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا». فبَكَى عَليٌّ فقالَ له: «أمَا تَرْضى أنْ تَكونَ منِّي بمَنزِلةِ هارونَ من موسَى، إلَّا أنَّه ليسَ بَعْدي نَبيٌّ، إنَّه لا يَنبَغي أنْ أذهَبَ إلَّا وأنتَ خَليفَتي»، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: وقالَ له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أنتَ وَليُّ كلِّ مُؤمِنٍ بَعْدي ومُؤمِنةٍ»، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: «وسدَّ رَسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أبْوابَ المَسجِدِ غيرَ بابِ عَليٍّ، فكانَ يَدخُلُ المَسجِدَ جُنُبًا، وهو طَريقُه ليس له طَريقٌ غَيرُه»، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: وقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن كنْتُ مَوْلاه، فإنَّ مَوْلاه عَليٌّ»، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: وقد أخبَرَنا اللهُ عزَّ وجلَّ في القُرآنِ أنَّه رَضيَ عن أصْحابِ الشَّجَرةِ، فعلِمَ ما في قُلوبِهم، فهل أخبَرَنا أنَّه سخِطَ عليهم بعدَ ذلك، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: وقالَ نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لعُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه حينَ قالَ: ائذَنْ لي فأضرِبَ عُنقَه، قالَ: "وكنْتَ فاعِلًا، وما يُدْريكَ لعَلَّ اللهَ اطَّلعَ على أهْلِ بَدرٍ، فقالَ: اعْمَلوا ما شِئْتُم.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 4710 | خلاصة حكم المحدث : صحيح الإسناد