الموسوعة الحديثية


- كانت فاطِمةُ تُذكَرُ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلا يَذكُرُها أحَدٌ إلَّا صَدَّ عنه، فيَئِسوا مِنها، فلقيَ سَعدَ بنَ مُعاذٍ، فقال: إنِّي واللهِ ما أراه يَحبسُها إلَّا عليك، فقال: ما أنا بأحَدِ الرَّجُلينِ، ما أنا بصاحِبِ دُنيا يَلتَمِسُها مِنِّي وقد عَلمَ: ما لي صَفراءُ ولا بَيضاءُ، وما أنا بالكافِرِ الذي يَتَرَفَّقُ بها عن دينِه. يُعنى مُبالغةً بها. إنِّي لأوَّلُ مَن أسلَمَ، فقال سَعدٌ: عَزَمتُ عليها لتُفرِّجُها عنِّي؛ فإنَّ لي في ذلك فرَجًا، ماذا أقولُ؟! قال: تَقولُ: جِئتُ خاطِبًا إلى اللهِ وإلى رَسولِه. فقال النَّبيُّ مِن كَلمةٍ ضَعيفةٍ، ثُمَّ رَجَعَ إلى سَعدٍ، فقال له: لم يَزِدْ على أن رَحَّب بي، كَلمةً ضَعيفةً، قال: أُنكِحُك، والذي بَعَثَه بالحَقِّ إنَّه لا خُلفَ ولا كَذِبَ عِنده، أعزِمُ عليك، فلتَأتينَّه غَدًا، فأتاه، فقال: يا نَبيَّ اللهِ، مَتى؟ قال: اللَّيلةَ إن شاءَ اللهُ. ثُمَّ دَعا ثَلاثًا، فقال: زوَّجتُ ابنَتي ابنَ عَمِّي، وأنا أحِبُّ أنِّي يكونَ سُنَّةُ أمَّتي الطَّعامَ عِندَ النِّكاحِ، فخُذْ شاةً وأربَعةَ أمدادٍ، واجعَلْ قَصعةً اجمَعْ عليها المُهاجِرينَ والأنصارَ، فإذا فرَغتَ فآذِنِّي. ففعَل، ثُمَّ أتاه بقَصعةٍ فوضَعَها بَينَ يَدَيه، فطَعنَ في رَأسِها، وقال: أدخِلِ النَّاسَ رَفَّةً بَعدَ رَفَّةٍ، فجَعَلوا يَرِدُونَ، كُلَّما فرَغَت رَفَّةٌ ورَدَت أُخرى حتَّى فرَغوا. ثُمَّ عَمَدَ إلى ما فضَل مِنها، فتَفَل فيها، فوضَعَها بَينَ يَدَيه وبارَكَ، وقال: احمِلْها إلى أُمَّهاتِك، وقُل لهنَّ: كُلْنَ وأطعِمنَ مَن غَشيَكُنَّ، ثُمَّ قامَ فدَخَل على النِّساءِ، فقال: زوَّجتُ بنتي ابنَ عَمِّي، وقد عَلِمتُنَّ مَنزِلَها مِنِّي، وأنا دَافِعُها إليه، فدونَكُنَّ، فقُمنَ فطَيِّبنَها مِن طيبِهنَّ وألبِسنَها مِن ثيابِهنَّ، وحُليِّهنَّ، فدَخَل، فلمَّا رَأته النِّساءُ ذَهَبنَ، وتَخَلَّقَت أسماءُ بنتُ عُمَيسٍ، فقال: على رِسْلك، مَن أنتِ؟ قالت: على رِسلِك مَن أنتَ؟ قالت: أنا التي أحرُسُ ابنَتَك، إنَّ الفتاةَ ليلةَ زِفافِها لا بُدَّ لها مِنِ امرَأةٍ قَريبةٍ مِنها إن عَرَضَت لها حاجةٌ، أو أرادَت أمرًا أفضَت إليها به، قال: فإنِّي أسألُ إلهي أن يَحرُسَك مِن بَينِ يَدَيك ومِن خَلفِك، وعن يَمينِك وشِمالِك مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ، ثُمَّ خَرَجَ بفاطِمةَ، فلمَّا رَأت عَليًّا بَكَت، فخَشي المُصطَفى أن يَكونَ بُكاؤُها أنَّ عَليًّا لا مالَ له! فقال: ما يُبكيك؟! ما ألومُك في نَفسي، وقد أصَبتُ لك خَيرَ أهلي، والذي نَفسي بيَدِه لقد زَوَّجتُك سَيِّدًا في الدُّنيا وفي الآخِرةِ لمَنِ المُصلِحينَ، فدَنا مِنها.. قال: آتيني بالمِخضَبِ فأميليه، فأتَت أسماءُ به فمَجَّ فيه، ثُمَّ دَعا فاطِمةَ فأخَذَ كَفًّا مِن ماءٍ فضَرَبَ على رَأسِها وبَينَ قدَمَيها، ثُمَّ التَزَمَها فقال: اللهُمَّ إنَّها مِني، وإنِّي مِنها، اللهُمَّ كَما أذهَبتَ عنِّي الرِّجسَ وطَهَّرتَني فطَهِّرْها، ثُمَّ دَعا بمِخضَبٍ آخَرَ فصَنَعَ بعليٍّ كَما صَنَعَ بها ثُمَّ قال: قُوما، جَمَعَ اللهُ شَملَكُما، وأصلَح بالكُما، ثُمَّ قامَ وأغلقَ عليهما بابَه.