الموسوعة الحديثية


- لمَّا قدِمنا المدينةَ أصَبنا من ثمارِها، فاجتَويناها وأصابَنا بِها وعَكٌ، وَكانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يتخبَّرُ عن بدرٍ، فلمَّا بلغَنا أنَّ المشرِكينَ قَد أقبلوا، سارَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إلى بدرٍ، وبدرٌ بئرٌ، فسبَقنا المشرِكون إليها، فوَجدنا فيها رجُلَيْنِ مِنهُم، رجلًا من قُرَيْشٍ، ومولًى لعقبةَ بنِ أبي مُعَيْطٍ، فأمَّا القرشيُّ فانفَلتَ، وأمَّا مولى عقبةَ فأخَذناهُ، فجعَلنا نقولُ لَهُ : كمِ القومُ ؟ فيقولُ : هم واللَّهِ كثيرٌ عددُهُم، شَديدٌ بأسُهُم . فجَعلَ المسلمونَ إذ قالَ ذلِكَ ضربوهُ، حتَّى انتَهَوا بِهِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ لَهُ : كمِ القومُ ؟ قالَ : هُم واللَّهِ كثيرٌ عددُهُم، شديدٌ بأسُهُم فجَهَدَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أن يُخْبِرَهُ كم هُم، فأبى ثمَّ إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ سألَهُ : كَم ينحرونَ منَ الجَزورِ ؟ فقالَ : عَشرًا كلَّ يومٍ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : القَومُ ألفٌ، كلُّ جزورٍ لمِائةٍ وتبعَها ثمَّ إنَّهُ أصابَنا منَ اللَّيلِ طشٌّ من مطرٍ، فانطلقنا تحتَ الشَّجرِ والحَجفِ نستظلُّ تحتَها، منَ المطرِ، وباتَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يدعو ربَّهُ عزَّ وجلَّ، ويقولُ : اللَّهمَّ إنَّكَ إن تُهْلِكْ هذِهِ الفئةَ لا تُعبَدُ قالَ : فلمَّا أَن طلعَ الفجرُ نادى : الصَّلاةَ عبادَ اللَّه، فَجاءَ النَّاسُ من تَحتِ الشَّجرِ، والحَجفِ، فصلَّى بنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، وحرَّضَ علَى القتالِ، ثمَّ قالَ : إنَّ جَمعَ قُرَيْشٍ تَحتَ هذِهِ الضِّلعِ الحمراءِ منَ الجبلِ. فلمَّا دَنا القومُ منَّا وصافَفناهُم إذا رجلٌ منهم على جَملٍ لَهُ أحمرَ يَسيرُ في القومِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : يا عليُّ نادِ لي حمزةَ - وَكانَ أقربَهُم منَ المشرِكينَ - : من صاحبُ الجملِ الأحمرِ، وماذا يَقولُ لَهُم ؟ ثمَّ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : إن يَكُن في القومِ أحَدٌ يأمرُ بخيرٍ، فعَسى أن يَكونَ صاحبَ الجمَلِ الأحمر فجاءَ حَمزةُ فقالَ : هوَ عتبةُ بنُ ربيعةَ، وَهوَ ينهى عنِ القِتالِ، ويقولُ لَهُم : يا قَومِ، إنِّي أرى قومًا مُستَميتينَ لا تصلونَ إليهِم وفيكُم خيرٌ، يا قومُ اعصِبوها اليومَ برَأسي، وقولوا : جَبُنَ عُتبةُ بنُ ربيعةَ، وقد عَلِمْتُم أنِّي لستُ بأجبنِكُم، فسمعَ ذلِكَ أبو جَهْلٍ، فقالَ : أنتَ تقولُ هذا ؟ واللَّهِ لو غيرُكَ يقولُ هذا لأعضَضتُهُ ، قد مَلأت رئتُكَ جوفَكَ رُعبًا، فقالَ عتبةُ : إيَّايَ تعيِّرُ يا مصفِّرَ استِهِ ؟ ستَعلمُ اليومَ أيُّنا الجبانُ، قالَ : فبرزَ عتبةُ وأخوهُ شيبةُ وابنُهُ الوليدُ حميَّةً ، فَقالَ : مَن يبارزُ ؟ فخرَجَ فِتيةٌ منَ الأنصارِ ستَّةٌ، فقالَ عُتبةُ : لا نريدُ هؤلاءِ، ولَكِن يُبارزُنا مِن بَني عمِّنا، مِن بَني عبدِ المطَّلبِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : قُم يا عليُّ، وقم يا حمزةُ، وقم يا عُبَيْدةُ بنَ الحَرِثِ بنِ عبد المطَّلب فقتلَ اللَّهُ تعالى عُتبةَ، وشَيبةَ، ابنَي ربيعةَ، والوليدَ بنَ عتبةَ، وجُرِحَ عُبَيْدةُ، فقتَلنا منهم سَبعينَ، وأسَرنا سَبعينَ، فجاءَ رجلٌ منَ الأنصارِ قَصيرٌ بالعبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلبِ أَسيرًا، فقالَ العبَّاسُ : يا رسولَ اللَّهِ، إنَّ هذا واللَّهِ ما أسرَني، لقد أسرَني رجلٌ أجلَحُ، مِن أحسنِ النَّاسِ وجهًا، على فرسٍ أبلقَ، ما أَراهُ في القومِ، فقالَ الأنصاريُّ : أَنا أسرتُهُ يا رسولَ اللَّهِ، فقالَ : اسكُت، فقَدْ أيَّدَكَ اللَّهُ تعالى بملَكٍ كريمٍ فقالَ عليٌّ رضيَ اللَّهُ عنهُ فأسَرنا وأسَرنا من بَني عبدِ المطَّلبِ : العبَّاسَ، وعقيلًا، ونوفلَ ابن الحرِثِ
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر
الصفحة أو الرقم : 2/193 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | أحاديث مشابهة
التخريج : أخرجه أحمد (948)، وابن جرير الطبري في ((التاريخ)) (2/ 424)، واللفظ لهما، والبزار في ((البحر الزخار)) (719)، باختلاف يسير، وأبو داود (2665)، مختصرا. | شرح حديث مشابه
التصنيف الموضوعي: جهاد - الذكر عند اللقاء والدعاء جهاد - المبارزة مغازي - غزوة بدر ملائكة - أعمال الملائكة مغازي - شهود الملائكة وقتالها يوم بدر