الموسوعة الحديثية


- عَن سَلَمةَ: قدِمنا مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الحُدَيبيةَ ونَحنُ أربَعَ عَشرةَ مِائةٍ وعليها خَمسونَ شاةً لا تَرويها، فقَعَدَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على جِبالِها، فإمَّا دَعا وإمَّا بَسَقَ فجاشَت، فسَقَينا واستَقَينا، قال: ثُمَّ إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دَعا بالبَيعةِ في أصلِ الشَّجَرةِ، فبايَعَه أوَّلُ النَّاسِ، وبايَعَ وبايَعَ، حَتَّى إذا كان في وسَطٍ مِنَ النَّاسِ قال: «يا سَلَمةُ، بايِعْني»، قُلتُ: قد بايَعتُكَ في أوَّلِ النَّاسِ يا رَسولَ اللهِ، قال: «وأيضًا»، قُلتُ: عَلامَ بايَعتُم؟ قال: على المَوتِ، ورَآني أعزَلَ فأعطاني حَجَفةً أو دَرَقةً، ثُمَّ بايَعَ وبايَعَ، حَتَّى إذا كان في آخِرِ النَّاسِ قال: «ألا تُبايِعُني؟»، قال: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، بايَعتُ أوَّلَ النَّاسِ وأوسَطَهم وآخِرَهم، قال: «وأيضًا فبايِعْ»، فبايَعتُه، ثُمَّ قال: «أينَ دَرَقَتُكَ أو حَجَفَتُكَ التي أعطَيتُكَ؟»، قال: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، لَقيَني عَمِّي عامِرٌ أعزَلًا فأعطَيتُه إيَّاها، قال: فقال: إنَّكَ كالذي قال: اللهُمَّ أبغِني حَبيبًا هو أحَبُّ إليَّ مِن نَفسي، وضَحِكَ! ثُمَّ إنَّ المُشرِكينَ راسَلونا الصُّلحَ، حَتَّى مَشى بَعضُنا إلى بَعضٍ، قال: وكُنتُ تَبيعًا لطَلحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ أحُسُّ فرَسَه وأسقيه، وآكُلُ مِن طَعامِه، وتَرَكتُ أهلي ومالي مُهاجِرًا إلى اللهِ ورَسولِه، فلَمَّا اصطَلَحنا نَحنُ وأهلُ مَكَّةَ واختَلَطَ بَعضُنا ببَعضٍ، أتَيتُ الشَّجَرةَ فكَسَحتُ شَوكَها، واضطَجَعتُ في ظِلِّها، فأتاني أربَعةٌ مِن أهلِ مَكَّةَ فجَعَلوا وهم مُشرِكونَ يَقَعونَ في رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فتَحَوَّلتُ عنهم إلى شَجَرةٍ أُخرى وعَلَّقوا سِلاحَهم واضطَجَعوا، فبَينَما هُم كَذلك إذ نادى مُنادٍ مِن أسفَلِ الوادي: يا آلَ المُهاجِرينَ قُتِلَ ابنُ زُنَيمٍ، فاختَرَطتُ سَيفي فشَدَدتُ على الأربَعةِ، فأخَذتُ سِلاحَهم فجَعَلتُه ضِغثًا، ثُمَّ قُلتُ: والذي أكرَمَ مُحَمَّدًا لا يَرفَعُ رَجُلٌ مِنكُم رَأسَه إلَّا ضَرَبتُ الذي -يَعني- فيه عَيناه، فجِئتُ أسوقُهم إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وجاءَ عَمِّي عامِرٌ بابنِ مِكرَزٍ يَقودُ به فرَسَه يَقودُ سَبعينَ، حَتَّى وقَفناهم، فنَظَرَ إليهم فقال: «دَعوهم، يَكونُ لَهم بَدوُ الفُجورِ»، وعَفا عنهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأُنزِلَت: {وهو الذي كَفَّ أيديَهم عنكم وأيديَكُم عنهم} [الفتح: 24]، ثُمَّ رَجَعنا إلى المَدينةِ فنَزَلنا مَنزِلًا يُقالُ لَه: لَحيُ جَمَلٍ، فاستَغفَرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمَن رَقيَ الجَبَلَ في تلك اللَّيلةِ، كَأنَّه طَليعةٌ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه، فرَقيتُ تلك اللَّيلةَ مَرَّتَينِ أو ثَلاثةً، ثُمَّ قدِمنا المَدينةَ وبَعَثَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بظَهرِه مَعَ غُلامِه رَباحٍ وأنا مَعَه، وخَرَجتُ بفَرَسِ طَلحةَ أُنَدِّيه على ظَهرِه، فلَمَّا أصبَحنا إذا عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عُيَينةَ الفَزاريُّ قد أغارَ على ظَهرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاستاقَه أجمَعَ وقَتَلَ راعيَه
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : سلمة بن الأكوع | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب الصفحة أو الرقم : 16518
التخريج : -