الموسوعة الحديثية


- كانَ سلمانُ من أهلِ رامَهرمزَ فجاءَ راهبٌ إلى جبالِها يتعبَّدُ فكان يأتيهِ ابنُ دِهقانِ القريةِ قالَ: ففطِنتُ له فقلتُ: اذهَب بي معكَ، فقالَ: لا حتَّى أستأمرَهُ فاستأمرهُ، فقالَ: جِئ به معك فكنَّا نختلِفُ إليه حتَّى فطِن لذلك أهلُ القريةِ فقالوا: يا راهبُ إنَّك قد جاورتَنا فأحسنَّا جوارَكَ وإنَّا نراكَ تريدُ أن تفسِدَ علينا غلمانَنَا فاخرُج عن أرضِنا، قالَ: فخرَج وخرجتُ معه فجعَل لا يزدادُ ارتفاعًا في الأرضِ إلَّا ازداد معرفةً وكرامةً حتَّى أتى الموصِلَ، فأتى جبلًا من جبالِها فإذا رُهبانٌ سبعة كلُّ رجلٍ في غارٍ يتعبَّدُ فيه يصومُ ستَّةَ أيَّامٍ ولياليهنَّ حتَّى إذا كان يومُ السَّابعِ اجتَمعوا فأكلوا وتحدَّثوا. فقلتُ لصاحبي: اترُكني عندَ هؤلاءِ إن شئتَ؟ قالَ: فمضى وقالَ: إنَّكَ لا تطيقُ ما يُطيقُ هؤلاءِ وكان مَلِكٌ بالشَّامِ يقتُلُ النَّاسَ فأبى عليَّ إلَّا أن ننطلقَ فقلتُ: فإنِّي اخرج معَكَ قالَ: فانطلقتُ معهُ. فلمَّا انتهَينا إلى بابِ بيتِ المقدسِ فإذا على باب المسجِدِ رجلٌ مُقعدٌ قالَ: يا عبدَ اللَّهِ تصدَّقْ عليَّ فلم يكن معه شيءٌ يعطيهِ إيَّاهُ، فدخلَ المسجدَ فصلَّى ثلاثةَ أيَّامٍ ولياليهِنَّ ثمَّ إنه انصرف فخطَّ خطًّا وقالَ: إذا رأيت الظِّلَّ بلغ هذا الخطَّ فأيقِظني، فنام وقالَ: فرثَيتُ له من طولِ ما سهِرَ فلم أوقظْهُ حتَّى جاوزَ الخطَّ فاستيقَظ فقالَ: ألم أقل لك؟ قلتُ: إنِّي رثيتُ لكَ من طولِ ما سَهرتَ، فقالَ: ويحَكَ إنِّي أستحي من اللَّهِ أن تمضِيَ ساعةٌ من ليلٍ أو نهارٍ لا أذكرُه فيها، ثمَّ خرج فقالَ له المقعَدُ: أنتَ رجلٌ صالحٌ دخلتَ وخرجتَ ولم تصَّدَّق عليَّ فنظرَ يمينًا وشِمالًا فلم ير أحدًا قالَ أرِني يدَك قُم بإذنِ اللَّهِ فقامَ ليسَ به علَّةٌ فشغَلنِيَ النَّظرُ إليه ومضى صاحبي في السَّكَك فالتفتُّ فلم أرَه فانطلقتُ أطلبُه. قالَ: ومرَّت رفقةٌ من العراقِ فاحتملوني فجاءوا بي إلى المدينةِ، فلمَّا قدمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ المدينةَ قالَ: ذكرتُ قولَهم إنَّهُ لا يأكُلُ الصَّدقةَ وَ لا يقبلُ الهديَّةَ فجئتُ بطعامٍ إليه فقالَ: ما هذا؟ قلتُ: صدقَةٌ. فقالَ لأصحابِهِ: كلوا ولم يذقْهُ، ثُمَّ إنِّي رجَعت وجمعت طُعيمًا فقالَ: ما هذا يا سَلمانُ؟ قلتُ: هديَّةٌ فأكل قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ أخبِرني عن النَّصارى، قالَ: لا خيرَ فيهم، فقمتُ وأنا مثقَلٌ، قالَ: فرجعتُ إليه رجعَةً أخرى فقلتُ له: يا رسولَ اللَّهِ أخبِرني عن النَّصارَى، قالَ: لا خيرَ فيهِم ولا فيمَن يحبُّهم، فقمتُ وأنا مثقَلٌ، فأنزَلَ اللَّه تعالى لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى فأرسل إليَّ فقالَ: يا سلمانُ إنَّ صاحبَكَ أو أصحابَكَ مِن هؤلاءِ الَّذين ذكرَ اللَّهُ تعالى.
الراوي : سلمان | المحدث : الذهبي | المصدر : تاريخ الإسلام
الصفحة أو الرقم : 3/511 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد | شرح حديث مشابه