الموسوعة الحديثية


- كنتُ أُقرئُ عبدَ الرحمنِ بنَ عوفٍ في آخرِ خلافةِ عمرَ، آخرِ حجَّةٍ حجَّهَا ونحنُ بِمِنًى، أتانا عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ، فقال : لو شهدتَ أميرَ المؤمنينَ اليومَ، وأتاهُ رجلٌ فقال : إني سمعتُ فلانًا يقولُ : لو مات أميرُ المؤمنينَ لبايعنا فلانًا، فقال عمرُ : لأقومنَّ العشيةَ في الناسِ فلأُحَذِّرَنَّهم هؤلاءِ الرهطَ الذين يُريدون أن يَغتصبوا الناسَ أمورَهم، فقلتُ : يا أميرَ المؤمنينَ ! إنَّ الموسمَ يجمعُ رِعاعَ الناسِ وهم الذين يَغلبون على مجلسِكَ، فلو أخَّرتَ ذلك حتى تَقْدُمَ المدينةَ فتقولُ ما تقولُ وأنت متمكنًا، فيَعونها عنك ويَضعونها موضعَها، قال : فقَدِمْنا المدينةَ وجاءتِ الجمعةُ وذكرتُ ما حدَّثني به عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ، فهَجَّرتُ إلى المسجدِ، فوجدتُ سعيدَ بنَ زيدِ بنِ عمرِو بنِ نُفيلٍ قد سبقني بالتهجيرِ، فجلستُ إلى جنبِه تَمَسُّ ركبتي ركبتَه، فلمَّا زالت الشمسُ ودخل عمرُ، قلتُ لسعيدِ بنِ زيدٍ : ليقولنَّ أميرُ المؤمنينَ اليومَ مقالةً لم يَقُلْ قبلَه، فغضبَ سعيدٌ وقال : وأيُّ مقالةٍ يقولُها لم يَقلْ قبلَهُ ؟ فلمَّا صعد المنبرَ أخذ المؤذنُ في أذانِهِ، فلمَّا فرغ قام فحمدَ اللهَ وأثْنى عليهِ وصلَّى على النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ثم قال : أمَّا بعدُ فإني أُريدُ أن أقولَ مقالةً قد قُدِّرَ لي أن أقولَها، ولا أدري لعلَّها بينَ يديْ أَجَلِي، فمَن حفِظها ووعاها فليتحدثْ بها حيثُ انتهت به راحلتُه ، ومَن لم يحفظْها ولم يَعِهَا فإني لا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أن يَكذبَ عليَّ، إنَّ اللهَ تبارَك وتعالَى بعث محمدًا وأنزلَ عليه الكتابَ، وأنزلَ عليهِ آيةَ الرجمِ، ألا وإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قد رجم ورجمنا بعدَه، ألا وإني قد خشيتُ أن يطولَ بالناسِ الزمانُ، فيقولون : لا نعرفُ آيةَ الرجمِ فيَضلُّون بتركِ فريضةٍ أنزلها اللهُ عزَّ وجلَّ، ألا وإنَّ الرجمَ حقٌّ على من زَنَى وكان محصنًا ، وقامتْ بَيِّنَةٌ، أو كان حَمْلًا أو اعترافًا، ألا وإنا كنا نقرأُ، لا ترغبوا عن آبائِكم فإنه كفرٌ بكم أن ترغبوا عن آبائِكم، وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : لا تُطروني كما أَطْرَتِ النصارى عيسَى ابنَ مريمَ، فإنَّما أنا عبدُه ولكن قولوا : عبدُه ورسولُه، ألا وإنه قد كان من خبرِنا لما تُوفِّي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ تَخَلَّفَ عنَّا عليٌّ والعباسُ ومن معهم في بيتِ فاطمةَ، فاجتمعتِ المهاجرون إلى أبي بكرٍ، واجتمعتِ الأنصارُ في سقيفةِ بني ساعدةَ، فقلتُ لأبي بكرٍ : انطلقْ بنا إلى إخوانِنا من الأنصارِ، فخرجنا فلَقِيَنا منهم رجلينِ صالحينِ. قال الزُّهري : هما عُوَيْمُ بنُ ساعدةَ ومَعْنُ بنُ عَدِيٍّ، فقالا : أينَ تُريدونَ يا معشرَ قُريشٍ ؟ فقُلنا : نُريدُ إخوانَنا من الأنصارِ، فقالا : أَمْهِلُوا حتى تَقضوا أمرَكم بينَكم، فقُلنا : لنأتينَّهم فأتيناهم وإذا هم مجتمعون في سقيفةِ بني ساعدةَ، وإذا رجلٌ مُزَمَّلٌ، فقلتُ : من هذا ؟ قالوا : هذا سعدٌ، قلتُ : وما شأنُه ؟ قالوا : وُعِكَ وقام خطيبٌ للأنصارِ، فقال : إنه قد دُفَّ إلينا منكم دافةٌ يا معشرَ قُريشٍ، وأنتم إخوانُنا ونحنُ كتيبةُ الإسلامِ تريدون أن تختزلونا وتختصون بالأمرِ، أو تستأثرون بالأمرِ دونَنا، وقد كنتُ رَوَيْتُ مقالةً أقولُها بينَ يديْ كلامِ أبي بكرٍ، فلمَّا ذهبتُ أن أتكلَّمَ بها، قال لي : على رِسْلِكَ ، فواللهِ ما ترك شيئًا مما أردتُ أن أتكلَّمَ به إلا جاء به وبأحسنِ منه، فقال : يا معشرَ الأنصارِ مهما قُلتم من خيرٍ فيكم فأنتم له أهلٌ، ولكن العربَ لا تعرفُ هذا الأمرَ إلا لهذا الحيِّ من قُريشٍ، وقد رضيتُ لكم أحدَ هذينِ الرجلينِ، فبايِعُوا أيَّهما شئتم وأخذ بيدي، وبيدِ أبي عُبيدةَ بنِ الجراحِ، فكنتُ لأنْ أُقَدَّمَ فتُضربُ عُنقي لا يُقرِّبُني ذلك من إثمٍ أَحَبَّ إليَّ من أن أَتَأَمَّرَ أو أَتَوَلَّى على قومٍ فيهم أبو بكرٍ، فقام حُبَابُ بنُ المنذرِ فقال : أنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ ، منا أميرٌ ومنكم أميرٌ، وإلا أَعَدْنَا الحربَ بينَنا وبينَكم جَذَعَةً، فقلتُ : إنه لا يصلحُ سيفانِ في غِمْدٍ واحدٍ، ولكن منا الأمراءُ ومنكم الوزراءُ، ابسطْ يدَك يا أبا بكرٍ أُبايعُكَ فبسطَ يدَهُ فبايعتُه، وبايعهُ المهاجرونَ والأنصارُ، وارتَفَعَتِ الأصواتُ وكَثُرَ اللَّغَطُ ، ونَزَوا على سعدٍ فقالوا : قتلتم سعدًا، فقلتُ : قتل اللهُ سعدًا، فمن زعمَ أنَّ بيعةَ أبي بكرٍ كانت فَلْتَةً فقد كانت فَلْتَةً ، ولكن وَقَى اللهُ شَرَّها، فمن كان فيكم تُمَدُّ الأعناقُ إليه مثلُ أبي بكرٍ رضي اللهُ عنه، ألا من بايعَ رجلًا من غيرِ مشورةٍ من المسلمين فإنه لا يُبايَعُ لا هو ولا من بُويِعَ له تِغِرَّةَ أن يُقتلَ
خلاصة حكم المحدث : لا نعلمه يروى عن عمر بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه وابن عيينة حسن السياق له
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : البزار | المصدر : البحر الزخار الصفحة أو الرقم : 1/299
التخريج : أخرجه أحمد (391)، وعبد الرزاق (9758) واللفظ لهما، والبخاري (7323) مختصرا.
التصنيف الموضوعي: حدود - حد الرجم قرآن - نسخ التلاوة مغازي - ذكر مبايعة أبي بكر وما كان في سقيفة بني ساعدة مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق حدود - حد الزنا
|أصول الحديث

أصول الحديث:


[مسند البزار - البحر الزخار] (1/ 299)
: 194 - حدثنا أحمد بن عبدة، وأبو بكر بن خلاد، واللفظ لأبي بكر، وأكثر كلام هذا الحديث لأبي بكر بن خلاد قالا: نا سفيان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: كنت أقرئ عبد الرحمن بن ‌عوف في آخر خلافة عمر آخر حجة حجها ونحن بمنى أتانا عبد الرحمن بن ‌عوف فقال: لو شهدت أمير المؤمنين اليوم وأتاه رجل فقال : إني سمعت فلانا يقول: لو مات أمير المؤمنين لبايعنا فلانا، فقال عمر: ‌لأقومن ‌العشية ‌في ‌الناس فلأحذرنهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغتصبوا الناس أمورهم، فقلت: يا أمير المؤمنين إن الموسم يجمع رعاع الناس وهم الذين يغلبون على مجلسك فلو أخرت ذلك حتى تقدم المدينة فتقول ما تقول وأنت متمكنا فيعونها عنك ويضعونها موضعها، قال: فقدمنا المدينة وجاءت الجمعة وذكرت ما حدثني به عبد الرحمن بن ‌عوف فهجرت إلى المسجد فوجدت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قد سبقني بالتهجير فجلست إلى جنبه تمس ركبتي ركبته فلما زالت الشمس ودخل عمر، قلت لسعيد بن زيد: ليقولن أمير المؤمنين اليوم مقالة لم تقل قبله، فغضب سعيد وقال: وأي مقالة يقولها لم تقل قبله؟ فلما صعد عمر المنبر أخذ المؤذن في أذانه فلما فرغ قام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: أما بعد فإني أريد أن أقول مقالة قد قدر لي أن أقولها ولا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن حفظها ووعاها فليتحدث بها حيث انتهت به راحلته، ومن لم يحفظها ولم يعها فإني لا أحل لأحد أن يكذب علي، إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا وأنزل عليه الكتاب وأنزل عليه آية الرجم ألا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ورجمنا بعده، ألا وإني قد خشيت أن يطول بالناس الزمان فيقولون: لا نعرف آية الرجم فيضلون بترك فريضة أنزلها الله عز وجل، ألا وإن الرجم حق على من زنى وكان محصنا وقامت بينة أو كان حملا أو اعترافا، ألا وإنا كنا نقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبده، ولكن قولوا: عبده ورسوله، ألا وإنه قد كان من خبرنا لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلف عنا علي والعباس، ومن معهم في بيت فاطمة فاجتمعت المهاجرون إلى أبي بكر واجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة فقلت لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار فخرجنا فلقينا منهم رجلين صالحين، قال الزهري: هما عويم بن ساعدة ومعن بن عدي، فقالا: أين تريدون يا معشر قريش؟ فقلنا: نريد إخواننا من الأنصار، فقال: أمهلوا حتى تقضوا أمركم بينكم فقلنا لنأتينهم، فأتيناهم وإذا هم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة، وإذا رجل مزمل فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا سعد، قلت: وما شأنه؟ قالوا: وعك، وقام خطيبا للأنصار فقال: إنه قد دف إلينا منكم دافة يا معشر قريش وأنتم إخواننا ونحن كتيبة الإسلام تريدون أن تختزلونا وتختصمون بالأمر أو تستأثرون بالأمر دوننا، وقد كنت رويت مقالة أقولها بين يدي كلام أبي بكر، فلما ذهبت أن أتكلم بها قال لي: على رسلك فوالله ما ترك شيئا مما أردت أن أتكلم به إلا جاء به وبأحسن منه، فقال: يا معشر الأنصار مهما قلتم من خير فيكم فأنتم له أهل ولكن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح فكنت لأن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أتأمر، أو أتولى على قوم فيهم أبو بكر، فقام حباب بن المنذر فقال: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير وإلا أعدنا الحرب بيننا وبينكم جذعة، فقلت: إنه لا يصلح سيفان في غمد واحد ولكن منا الأمراء ومنكم الوزراء، ابسط يدك يا أبا بكر أبايعك، فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون والأنصار وارتفعت الأصوات وكثر اللغط ونزوا على سعد فقالوا: قتلتم سعدا، فقلت: قتل الله سعدا فمن زعم أن بيعة أبي بكر كانت فلتة فقد كانت فلتة، ولكن وقى الله شرها، فمن كان فيكم تمد الأعناق إليه مثل أبي بكر رضي الله عنه إلا من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فإنه لا يبايع لا هو ولا من بويع له تغرة أن يقتل " وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عمر، بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه، ورواه عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن عمر غير واحد، وابن عيينة حسن السياق له

[مسند أحمد] (1/ 449 ط الرسالة)
: 391 - حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع، حدثنا مالك بن أنس، حدثني ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن ابن عباس أخبره: أن عبد الرحمن بن عوف رجع إلى رحله، قال ابن عباس: وكنت أقرئ عبد الرحمن بن عوف، فوجدني، وأنا أنتظره، وذلك بمنى في آخر حجة حجها عمر بن الخطاب، قال عبد الرحمن بن عوف: إن رجلا أتى عمر بن الخطاب، فقال: إن فلانا يقول: لو قد مات عمر بايعت فلانا، فقال عمر: إني قائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم، قال عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين، لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، وإنهم الذين يغلبون على مجلسك إذا قمت في الناس، فأخشى أن تقول مقالة يطير بها أولئك فلا يعوها، ولا يضعوها على مواضعها، ولكن حتى تقدم المدينة، فإنها دار الهجرة والسنة، وتخلص بعلماء الناس وأشرافهم، فتقول ما قلت متمكنا، فيعون مقالتك، ويضعونها مواضعها، فقال عمر: لئن قدمت المدينة صالحا لأكلمن بها الناس في أول مقام أقومه. فلما قدمنا المدينة في عقب ذي الحجة، وكان يوم الجمعة، عجلت الرواح صكة الأعمى - فقلت لمالك: وما صكة الأعمى؟ قال: إنه لا يبالي أي ساعة خرج، لا يعرف الحر والبرد ونحو هذا - فوجدت سعيد بن زيد عند ركن المنبر الأيمن قد سبقني، فجلست حذاءه تحك ركبتي ركبته، فلم أنشب أن طلع عمر، فلما رأيته قلت: ليقولن العشية على هذا المنبر مقالة ما قالها عليه أحد قبله، قال: فأنكر سعيد بن زيد ذلك، فقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل أحد؟ فجلس عمر على المنبر، فلما سكت المؤذن، قام فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، أيها الناس، فإني قائل مقالة قد قدر لي أن أقولها، لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن وعاها وعقلها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته، ومن لم يعها فلا أحل له أن يكذب علي: إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، وكان مما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها ووعيناها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: لا نجد آية الرجم في كتاب الله عز وجل، فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله عز وجل، فالرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو الحبل أو الاعتراف، ألا وإنا قد كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم، فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم. ألا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم عليه السلام، فإنما أنا عبد الله، فقولوا عبد الله ورسوله ". وقد بلغني أن قائلا منكم يقول: لو قد مات عمر، بايعت فلانا، فلا يغترن امرؤ أن يقول: إن بيعة أبي بكر رضي الله عنه كانت فلتة، ألا وإنها كانت كذلك، إلا أن الله عز وجل وقى شرها، وليس فيكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر، ألا وإنه كان من خبرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن عليا والزبير، ومن كان معهما، تخلفوا في بيت فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتخلفت عنا الأنصار بأجمعها في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر، فقلت له: يا أبا بكر، انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار، فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا رجلان صالحان، فذكرا لنا الذي صنع القوم، فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ فقلت: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار، فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم، واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين، فقلت: والله لنأتينهم. فانطلقنا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا هم مجتمعون، وإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل، فقلت: من هذا؟ فقالوا: سعد بن عبادة، فقلت: ما له؟ قالوا: وجع، فلما جلسنا قام خطيبهم فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله، وقال: أما بعد، فنحن أنصار الله عز وجل، وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا، وقد دفت دافة منكم يريدون أن يخزلونا من أصلنا، ويحضنونا من الأمر، فلما سكت أردت أن أتكلم، وكنت قد زورت مقالة أعجبتني، أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر، وقد كنت أداري منه بعض الحد، وهو كان أحلم مني وأوقر، فقال أبو بكر: على رسلك. فكرهت أن أغضبه، وكان أعلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضل، حتى سكت، فقال: أما بعد، فما ذكرتم من خير فأنتم أهله، ولم تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبا ودارا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أيهما شئتم. وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح، فلم أكره مما قال غيرها، وكان والله أن أقدم فتضرب عنقي، لا يقربني ذلك إلى إثم، أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، إلا أن تغير نفسي عند الموت، فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش - فقلت لمالك: ما معنى " أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب "؟ قال: كأنه يقول: أنا داهيتها -. قال: وكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى خشيت الاختلاف، فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده فبايعته، وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم: قتلتم سعدا، فقلت: قتل الله سعدا. وقال عمر رضي الله عنه: أما والله ما وجدنا فيما حضرنا أمرا هو أقوى من مبايعة أبي بكر رضي الله عنه، خشينا إن فارقنا القوم، ولم تكن بيعة، أن يحدثوا بعدنا بيعة، فإما أن نتابعهم على ما لا نرضى، وإما أن نخالفهم فيكون فيه فساد، فمن بايع أميرا عن غير مشورة المسلمين فلا بيعة له، ولا بيعة للذي بايعه، تغرة أن يقتلا

مصنف عبد الرزاق (5/ 439 ت الأعظمي)
: 9758 - عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: كنت أقرئ عبد الرحمن بن ‌عوف في خلافة عمر، فلما كان آخر حجة حجها عمر - ونحن بمنى - أتاني عبد الرحمن بن ‌عوف في منزلي عشيا، فقال: لو شهدت أمير المؤمنين اليوم أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إني سمعت فلانا يقول: لو قد مات أمير المؤمنين قد بايعت فلانا فقال عمر: إني لقائم عشية في الناس فنحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغتصبوا المسلمين أمرهم " قال: فقلت يا أمير المؤمنين، إن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، وإنهم الذين ‌يغلبون ‌على ‌مجلسك، وإني أخشى إن قلت فيهم اليوم مقالة أن يطيروا بها كل مطير ولا يعوها، ولا يضعوها على مواضعها، ولكن أمهل يا أمير المؤمنين حتى تقدم المدينة، فإنها دار السنة والهجرة، وتخلص بالمهاجرين والأنصار فتقول ما قلت متمكنا فيعوا مقالتك ويضعوها على مواضعها. قال: فقال عمر: أما والله إن شاء الله لأقومن به في أول مقام أقومه في المدينة " قال: فلما قدمنا المدينة وجاء الجمعة هجرت لما حدثني عبد الرحمن بن ‌عوف، فوجدت سعيد بن زيد قد سبقني بالتهجير جالسا إلى جنب المنبر فجلست إلى جنبه - تمس ركبتي ركبته قال: فلما زالت الشمس خرج علينا عمر رحمه الله قال فقلت وهو مقبل: أما والله ليقولن أمير المؤمنين على هذا المنبر مقالة لم يقل قبله، قال فغضب سعيد بن زيد وقال: وأي مقالة يقول لم يقل قبله؟ قال : فلما ارتقى عمر المنبر أخذ المؤذن في أذانه، فلما فرغ من أذانه قام عمر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد، فإني أريد أن أقول مقالة قد قدر لي أن أقولها، لا أدري لعلها بين يدي أجلي: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل معه الكتاب، فكان مما أنزل الله عليه آية الرجم، فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، وإني خائف أن يطول بالناس زمان فيقول قائل: والله ما الرجم في كتاب الله؟ فيضل أو يترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى إذا أحصن وقامت البينة وكان الحمل أو الاعتراف، ثم قد كنا نقرأ: ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أو فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم "، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم صلوات الله عليه، فإنما أنا عبد الله فقولوا: عبد الله ورسوله "، ثم إنه بلغني أن فلانا منكم يقول: إنه لو قد مات أمير المؤمنين قد بايعت فلانا، فلا يغرن امرأ أن يقول: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة - وقد كانت كذلك - إلا أن الله وقى شرها، وليس فيكم من يقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر، إنه كان من خيرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن عليا والزبير ومن معه تخلفوا عنه في بيت فاطمة، وتخلفت عنا الأنصار بأسرها في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر رحمه الله، فقلت: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار، فانطلقنا نؤمهم، فلقينا رجلين صالحين من الأنصار قد شهدا بدرا، فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ قلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار قالا: فارجعوا فاقضوا أمركم بينكم قال: قلت: فاقضوا ولنأتينهم، فأتيناهم فإذا هم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة بين أظهرهم رجل مزمل، قلت: من هذا؟ فقالوا: هذا سعد بن عبادة قلت: وما شأنه؟ قالوا: هو وجع قال: فقام خطيب الأنصار فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد، فنحن الأنصار، وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر قريش رهط منا، وقد دفت إلينا دافة منكم، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا ويحضونا من الأمر، وكنت قد رويت في نفسي، وكنت أريد أن أقوم بها بين يدي أبي بكر، وكنت أدارئ من أبي بكر بعض الحد وكان هو أوقر مني وأجل، فلما أردت الكلام قال: على رسلك، فكرهت أن أعصيه، فحمد الله أبو بكر رضي الله عنه، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: والله ما ترك كلمة كنت رويتها في نفسي إلا جاء بها أو بأحسن منها في بديهته، ثم قال: أما بعد، فما ذكرتم فيكم من خير يا معشر الأنصار فأنتم له أهل ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش فهو أوسط العرب دارا ونسبا، وإني قد رضيت لكم هذين الرجلين، فبايعوا أيهما شئتم قال: فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح قال: فوالله ما كرهت مما قال شيئا إلا هذه الكلمة، كنت لأن أقدم فيضرب عنقي لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن أؤمر على قوم فيهم أبو بكر، فلما قضى أبو بكر مقالته قام رجل من الأنصار فقال: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش، وإلا أجلبنا الحرب فيما بيننا وبينكم جذعا، قال معمر: قال قتادة: فقال عمر بن الخطاب: لا يصلح سيفان في غمد واحد، ولكن منا الأمراء ومنكم الوزراء، قال معمر: قال الزهري في حديثه بالإسناد: فارتفعت الأصوات بيننا، وكثر اللغط حتى أشفقت الاختلاف فقلت: يا أبا بكر ابسط يدك أبايعك قال: فبسط يده فبايعته، فبايعه المهاجرون وبايعه الأنصار قال: ونزونا على سعد حين قال قائل: قتلتم سعدا قال: قلت: قتل الله سعدا وإنا والله ما رأينا فيما حضرنا من أمرنا أمرا كان أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم أن يحدثوا بيعة بعدنا، فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى، وإما أن نخالفهم فيكون فسادا، فلا يغرن امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة، فقد كانت كذلك غير أن الله وقى شرها، وليس فيكم من يقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر، فمن بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فإنه لا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا "

[صحيح البخاري] (9/ 103)
: 7323 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، قال: حدثني ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كنت أقرئ عبد الرحمن بن عوف، فلما كان آخر حجة حجها عمر، فقال عبد الرحمن بمنى: لو شهدت أمير المؤمنين أتاه رجل قال: إن فلانا يقول: لو مات أمير المؤمنين لبايعنا فلانا، فقال عمر: لأقومن العشية، فأحذر هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوهم، قلت: لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس، يغلبون على مجلسك، فأخاف أن لا ينزلوها على وجهها، فيطير بها كل مطير، فأمهل حتى تقدم المدينة دار الهجرة ودار السنة، فتخلص بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، فيحفظوا مقالتك وينزلوها على وجهها، فقال: والله لأقومن به في أول مقام أقومه بالمدينة، قال ابن عباس: فقدمنا المدينة، فقال: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل آية الرجم