الموسوعة الحديثية


- أتَيْتُ أبا ذَرٍّ، فلم أجِدْه، ورَأيْتُ المرأةَ فسأَلْتُها، فقالت: هو ذاك في ضَيْعةٍ له، فجاءَ يَقودُ، أو يَسوقُ بَعيرَيْنِ، قاطرًا أحَدَهما في عَجُزِ صاحِبِه، في عُنُقِ كلِّ واحدٍ منهما قِربةٌ، فوضَعَ القِربَتيْنِ، قُلْتُ: يا أبا ذَرٍّ، ما كان منَ الناسِ أحَدٌ أحَبَّ إليَّ أنْ أَلْقاهُ منكَ، ولا أبغَضَ أنْ أَلْقاهُ منكَ، قال: للهِ أبوكَ، وما يَجمَعُ هذا؟ قال: قُلْتُ: إنِّي كُنْتُ وَأدْتُ في الجاهليَّةِ، وكُنْتُ أَرْجو في لِقائِكَ أنْ تُخبِرَني أنَّ لي تَوبةً ومَخرَجًا، وكُنْتُ أَخْشى في لِقائِكَ أنْ تُخبِرَني أنَّه لا تَوبةَ لي، فقال: أفي الجاهليَّةِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فقال: عَفا اللهُ عمَّا سلَفَ، ثُم عاجَ برأسِه إلى المرأةِ، فأمَرَ لي بطَعامٍ، فالتَوَتْ عليه، ثُم أمَرَها فالتَوَتْ عليه، حتى ارتَفَعَتْ أصواتُهما، قال: إيهًا، دَعينا عنكِ؛ فإنَّكُنَّ لن تَعْدُونَ ما قال لنا فيكُنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قُلْتُ: وما قال لكم فيهِنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قال: المرأةُ ضِلَعٌ، فإنْ تَذهَبْ تُقَوِّمُها تَكسِرْها، وإنْ تَدَعْها ففيها أَوَدٌ وبُلْغةٌ، فوَلَّتْ فجاءَتْ بثَريدةٍ كأنَّها قَطاةٌ، فقال: كُلْ ولا أَهولَنَّكَ، إنِّي صائمٌ، ثُم قامَ يُصلِّي، فجعَلَ يُهذِّبُ الركوعَ ويُخفِّفُه، ورَأيْتُه يَتَحرَّى أنْ أشبَعَ أو أُقارِبَ، ثُم جاءَ فوضَعَ يَدَه معي، فقُلْتُ: إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجِعونَ، فقال: ما لكَ؟ فقُلْتُ: مَن كُنْتُ أَخْشى منَ الناسِ أنْ يَكذِبَني، فما كُنْتُ أَخْشى أنْ تَكذِبَني، قال: للهِ أبوكَ، إنْ كذَبْتُكَ كَذْبةً منذ لَقيتَني، فقال: ألم تُخبِرْني أنَّكَ صائمٌ، ثُم أراكَ تأكُلُ؟ قال: بَلى، إنِّي صُمْتُ ثلاثةَ أيامٍ من هذا الشهْرِ، فوجَبَ لي أجْرُه، وحَلَّ لي الطعامُ معكَ.
الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 21339 | خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات
التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (9152) المرفوع منه، وأحمد (21339) واللفظ له