الموسوعة الحديثية


- سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ وأنا رديفُه ، ونحن نسيرُ إذ رفع بصرَه إلى السَّماءِ فقال : الحمدُ للهِ يقضي في خلقِه ما أحبَّ ، يا معاذُ ، قلتُ : لبَّيك يا رسولَ اللهِ إمامَ الخيرِ ونبيَّ الرَّحمةِ ، قال : أُحدِّثُك حديثًا ما حدَّث به نبيٌّ أمَّتَه إن حفِظتَه نفعك عيْشُك ، وإن سمِعتَه ولم تحفظْه انقطعت حُجَّتُك عند اللهِ عزَّ وجلَّ . ثمَّ قال : إنَّ اللهَ تعالَى خلق سبعةَ أملاكٍ قبل أن يخلُقَ السَّماواتِ ، لكلِّ سماءٍ ملَكًا بوَّابًا ، قد جلَّلها تعظيمًا ، وجعل على كلِّ بابِ سماءٍ منهم بوَّابًا ، تكتُبُ الحفَظةُ عمَلَ العبدِ ، له نورٌ كنورِ الشَّمسِ ، حتَّى إذا بلغ سماءَ الدُّنيا فيقولُ الملَكُ البوَّابُ : اضرِبْ بهذا العملِ وجهَ صاحبِه ، وقُلْ له : لا غفر اللهُ لك ، أنا ملَكُ صاحبِ الغِيبةِ ، من اغتاب النَّاسَ لم أدَعْ عملَه يتجاوزني إلى غيري قال : ويلعنُه حتَّى يمسيَ ويقولُ : أمرني بذلك ربِّي ، قال : ويصعَدُ الملَكُ بالعملِ الصَّالحِ ، فيقولُ الملَكُ الَّذي في السَّماءِ الثَّانيةِ : قِفْ واضرِبْ بهذا العملِ وجهَ صاحبِه وقُلْ : لا غفر اللهُ لك ، إنَّك أردتَ بهذا العملِ عرَضَ الدُّنيا ، وأنا ملَكُ صاحبِ عملِ الدُّنيا لا أدَعُ أن يجاوزَني إلى غيري ، أمرني بذلك ربِّي ، قال ويلعنُه حتَّى يُمسيَ قال : ويصعَدُ الملَكُ بعملِ العبدِ مبتهِجًا به من صدقةٍ أو صلاةٍ ، فيُعجَبُ الحفَظةُ فيتجاوزها إلى السَّماءِ الثَّالثةِ فيقولُ الملَكُ : قِفْ واضرِبْ بهذا العملِ وجهَ صاحبِه ، وقُلْ : لا غفر اللهُ لك ، أنا صاحبُ الكِبرِ ، إنَّه عملُ متكبِّرٍ ، وقد أمرني ربِّي عزَّ وجلَّ أن لا أدَعَ عملَ متكبِّرٍ يُجاوزني إلى غيري . قال : وتصعَدُ الحفَظةُ بعملِ العبدِ يزهَرُ كما يزهَرُ النَّجمُ الدُّرِّيُّ في السَّماءِ ، له دوِيٌّ وتسبيحٌ من صومٍ وحجٍّ فيمرُّ به على [ ملَكِ ] السَّماءِ الرَّابعةِ ، فيقولُ له : قِفْ واضرِبْ بهذا العملِ وجهَ صاحبِه وبطنَه ، أنا ملَكُ صاحبِ العُجبِ بنفسِه ، إنَّه من عمِل وأدخل معه العُجْبَ ، فإنَّ ربِّي أمرني أن لا أدعَه يُجاوزني إلى غيري ، فقُلْ له : لا غفر اللهُ لك . قال : ويلعنُه ثلاثةَ أيَّامٍ ؛ قال : وتصعَدُ الحفَظةُ بعملِ العبدِ مع الملائكةِ كالعَروسِ المزفوفةِ إلى أهلِها ، فيمرُّ به على السَّماءِ الخامسةِ من عملِ الجهادِ والصَّلاةِ ، لذلك العملِ زئيرٌ كزئيرِ الأسدِ ، عليه ضوءٌ كضوءِ الشَّمسِ ، فيقولُ له الملَكُ : قِفْ أنا صاحبُ الحسَدِ ، اضرِبْ بهذا العملِ وجهَ صاحبِه ، واحمِلْه على عاتقِه ، الحسدُ من يتكلَّمُ فيه ، أو يعملُ كعملِه ، إذا رأَى العبيدُ في الفضلِ والعملِ والعبادةِ حسَدهم ووقع فيهم . قال : ويحمِلُه على عاتقِه ، ويلعنُه ما دام حيًّا . قال : وتصعَدُ الحفَظةُ بعملِ العبدِ بوضوءٍ تامٍّ وقيامِ اللَّيلِ وصلاةٍ كثيرةٍ ، فيمرُّ على ملَكِ السَّماءِ السَّابعةِ ، فيقولُ الملَكُ : قِفْ أنا صاحبُ العملِ الَّذي لغيرِ اللهِ ، اضرِبْ بهذا العملِ جوارحَه واقفِلْ على قلبِه ، أنا ملكُ الحجابِ ، أحجِبُ كلَّ عملٍ ليس للهِ وأراد به صاحبُه غيرَ اللهِ ، وأراد به الذِّكرَ في المجالسِ [ والصِّيتَ ] في المدائنِ ، أمرني ربِّي أن لا أدعَه يُجاوزني إلى غيري ما لم يكُنْ للهِ . قال : ويصعَدُ الحفَظةُ بعملِ العبدِ مبتهِجًا به من حُسنِ خُلقٍ وسَمتٍ وذِكرٍ كثيرٍ ، وتُشيِّعُه الملائكةُ السَّبعةُ تحملُ عملَه ، فيصعَدون الحُجُبَ كلَّها حتَّى يقوموا بين يدَيِ الرَّبِّ ، فيشهدون عليه بعملٍ خالصٍ ودعاءٍ ، فيقولُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ : أنتم الحفَظةُ وأنا الرَّقيبُ على ما في نفسِه – وفي روايةٍ أخرَى – إنَّه لم يُرِدْ به وجهي فتقولُ الملائكةُ : عليه لعنتُك ولعنتُنا . فيقولُ أهلُ السَّماءِ : عليه لعنتُك ولعنتُنا . قال : فبكَى معاذُ بنُ جبلٍ ، قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ما الَّذي أعملُ ؟ فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : اقتَدِ بنبيِّك يا معاذُ في اليقينِ . قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ أنت رسولُ اللهِ وأنا معاذُ بنُ جبلٍ ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وإن كان في عملِك تقصيرٌ يا معاذُ اقطَعْ لسانَك عن إخوانِك من حمَلةِ القرآنِ ، وليكُنْ ذنوبُك عليك لا تحمِلْها على إخوانِك ، ولا تُزكِّ نفسَك وتذُمَّ إخوانَك ، ولا ترفَعْ نفسَك بوضعِ إخوانِك ، ولا تُرائِ بعملِك ، ولا تفحَشْ في مجالسِك لكي يَحذَروك لسوءِ خُلقِك ، ولا تَتناجَ مع رجلٍ وعندك آخرُ ، ولا تُعظَّمْ على النَّاسِ فتُقطعُ عنك خيراتُ الدُّنيا والآخرةِ ، ولا تُمزِّقِ النَّاسَ فتُمزِّقك كلابُ النَّارِ ، وذلك قولُ اللهِ عزَّ وجلَّ في كتابِه { وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا } أتدري ما هو ؟ قال : يا نبيَّ اللهِ ما هو ؟ قال : كلابُ النَّارِ تنشُطُ اللَّحمَ والعظمَ . قال قلتُ : يا رسولَ اللهِ ومن يُطيقُ هذه الخِصالَ ؟ فقال [ يا ] معاذُ إنَّه ليسيرٌ على من يسَّر عليه اللهُ عزَّ وجلَّ
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : ابن الجوزي | المصدر : الموضوعات لابن الجوزي
الصفحة أو الرقم : 3/405 | خلاصة حكم المحدث : موضوع | أحاديث مشابهة