الموسوعة الحديثية


- أنَّ أبا موسَى إذ كان واليًا على البصرةِ كان إذا خطَب يومَ الجمعةِ حمِد اللهَ وأثنَى عليه وصلَّى على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ ثنَّى بعُمرَ يدعو له ولا يترحَّمُ على أبي بكرٍ رضِي اللهُ عنه ، فتقدَّم إليه ضبَّةُ بنُ مِحصَنٍ يقولُ : أين أنت من ذكرِ صاحبِه قبلَه تذكرُه بفضلِه . ففعل ذلك جمعٌ ثمَّ كتَب إلى عمرَ بقولِ ضبَّةَ بنِ مِحصَنٍ ، فكتب إليه عمرُ يأمرُه بتسريحِه إليه ، فلمَّا أتاه الكتابُ قال : اشخَصْ إلى أميرِ المؤمنين ، فلمَّا قدِم المدينةَ استأذن على عمرَ فدخل عليه ، فقال : أنت ضبَّةُ بنُ مِحصِنٍ ؟ قال : نعم ، قال : فلا مرحبًا ولا أهلًا . قال : أمَّا المرحبُ فمن اللهِ وأمَّا الأهلُ فلا أهلَ ولا مالَ فعلامَ استحلَلْتَ إشخاصي من مصرَ يا عمرُ بلا ذنبٍ ولا جِنايةٍ ولا سوءٍ آتيتُه . قال : وما تبوءُ بذنبٍ تعتذِرُ منه ؟ قال : لا . قال : فما شجر بينك وبين عاملِك ؟ قال : كان إذا خطب يومَ الجمعةِ صلَّى على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ ثنَّى بك يدعو لك ولا يترحَّمُ على أبي بكرٍ فكان ذلك ممَّا يُغيظُني منه . قال : أنت كنتَ أوفقَ منه وأفضلَ فهل أنت غافرٌ ذنبي إليك ؟ قال نعم : يغفِرُ اللهُ لك ، فاستبكَى عمرُ حتَّى انتحب ثمَّ قال : واللهِ لَيومٍ أو ليلةٍ من أبي بكرٍ رضِي اللهُ عنه خيرٌ من عمرَ وآلِ عمرَ من لدُنْ وُلِدوا ، أمَّا ليلتُه فإنَّه لمَّا توجَّه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الغارِ جعل يمشي طورًا أمامه وطورًا خلفه ومرَّةً عن يمينِه ومرَّةً عن يسارِه ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ما هذا من فعلِك يا أبا بكرٍ ؟ قال : بأبي أنت وأمِّي أذكُرُ الرَّصْدَ فأكونُ أمامَك ، وأذكُرُ الطَّلَبَ فأكونُ خلفَك وأنفُضُ الطَّريقَ يمينًا وشمالًا ، قال : إنَّه ليس عليك بأسٌ ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حافيًا ولم يكنْ مُخصَّرَ القدمَيْن ، فحفَّ فحمله أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضِي اللهُ عنه على كاهلِه حتَّى انتهَى به إلى الغارِ ، فلمَّا ذهب ليُدخِلَه قال : لا والَّذي بعثك بالحقِّ لا تدخُلُه حتَّى أستبرِئَه ، فدخل فنظر فلم يرَ شيئًا يُريبُه فدخلا ، فلمَّا قعدا فيه هُنَيَّةً أسفر لهما الغارُ بعضَ الإسفارِ ، فأبصر أبو بكرٍ إلى خَرقٍ في الغارِ فألقَمه قدمَه مخافةَ أن يكونَ فيه دابَّةٌ فتخرجَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فتؤذيَه ، فهذه ليلتُه رضِي اللهُ عنه ، وأمَّا يومُه فإنَّه لمَّا قُبِض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ارتدَّ من ارتدَّ من العربِ وقالوا : نُصلِّي ولا نُزكِّي ولا نُجبَى ، فأتيتُه فلا آلوه نُصحًا فقلتُ : يا خليفةَ رسولِ اللهِ تألَّفِ النَّاسَ وارفُقْ بهم فإنَّهم بمنزلةِ الوحْشِ ، فقال : رجوْتُ نُصرتَك وجئتني بخذلانِك جبَّارًا في الجاهليَّةِ خوَّارًا في الإسلامِ ، بماذا عسيتَ أن أتألَّفَهم بشِعرٍ مُفتَعلٍ أم بسحرٍ مُفترًى ، هيهاتَ هيهاتَ ، مضَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وانقطع الوحيُ ، واللهِ لأجاهدنَّهم ما استمسك السَّيفُ في يدي وإن منعوني عِقالًا ، قال : فوجدتُه في ذلك أمضَى منِّي وأصرمَ ، وأدَّب النَّاسَ على أمورٍ هانت على كثيرٍ من مؤمنِهم حين وليتُهم . هذا يومُه
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : ابن كثير | المصدر : مسند الفاروق
الصفحة أو الرقم : 2/673 | خلاصة حكم المحدث : إسناده غريب من هذا الوجه ولكن له شواهد كثيرة من وجوه أخر