الموسوعة الحديثية


- كانتْ آمِنةُ تُحدِّثُ وتقولُ: أتاني آتٍ حينَ مَرَّ بي مِن حَمْلي ستةُ أشهُرٍ في المنامِ، وقال لي: يا آمِنةُ، إنَّك حمَلتِ بخيرِ العالَمينَ، فإذا ولَدتِه فسمِّيه محمَّدًا، واكتُمي شأنَك، قالتْ: ثمَّ لمَّا أخَذَني ما يأخُذُ النِّساءَ ولم يَعلَمْ بي أحدٌ لا ذكَرٌ ولا أُنثى، وإنِّي لَوحيدةٌ في المنزلِ، وعبدُ المطَّلِبِ في طوافِه، فسَمِعتُ وَجْبةً عظيمةً وأمرًا عظيمًا هالَني، ثمَّ رأيتُ كأنَّ جَناحَ طائرٍ أبيضَ قد مسَح على فؤادي، فذهَبَ عنِّي الرُّعبُ وكلُّ وجَعٍ أجِدُه، ثمَّ التفَتُّ فإذا أنا بشَربةٍ بيضاءَ فتناوَلتُها فأصابني نورٌ عالٍ، ثمَّ رأيتُ نِسوةً كالنَّخلِ طُوَلًا طِوالًا كأنَّهنَّ مِن بَناتِ عبدِ مَنافٍ، يُحدِقْنَ بي، فبَيْنا أنا أتعجَّبُ وأنا أقولُ: واغوثاه! مِن أين عَلِمْنَ بي؟! -قال في غيرِ هذه الرِّوايةِ:- فقُلنَ لي: نحن آسيةُ امرأةُ فِرعونَ ومريمُ ابنةُ عِمرانَ، وهؤلاء مِن الحورِ العِينِ، واشتَدَّ بي الأمرُ وأنا أَسمَعُ الوَجْبةَ في كلِّ ساعةٍ أعظَمَ وأهوَلَ ممَّا تَقدَّمَ، فبَينا أنا كذلك إذا بديباجٍ أبيضَ قد مُدَّ بينَ السماءِ والأرضِ، وإذا قائلٌ يقولُ: خُذاهُ عن أعيُنِ الناسِ، قالتْ: ورأيتُ رِجالًا قد وقَفوا في الهواءِ بأيديهِم أباريقُ مِن فِضَّةٍ، ثمَّ نظَرتُ فإذا أنا بقطعةٍ مِن الطيرِ قد أقبَلتْ حتى غطَّتْ حُجرتي، مناقيرُها مِن الزُّمُرُّدِ، وأجنحتُها مِن الياقوتِ، فكشَف اللهُ عن بصري فرأيتُ مشارقَ الأرضِ ومغاربَها، ورأيتُ ثلاثةَ أعلامٍ مضروباتٍ؛ علَمًا بالمشرقِ، وعلَمًا بالمغربِ، وعلَمًا على ظهرِ الكعبةِ، فأخَذني المخاضُ فوضَعتُ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فنظَرتُ إليه فإذا هو ساجدٌ قد رفَع إصبَعَيْه إلى السماءِ كالمتضرِّعِ المبتهلِ، ثمَّ رأيتُ سحابةً بيضاءَ قد أقبَلتْ مِن السماءِ حتى غشِيتْه فغيَّبتْه عنِّي، فسَمِعتُ مناديًا يُنادي: طُوفوا به مشارقَ الأرضِ ومغاربَها، وأَدخِلوه البِحارَ؛ لِيَعرِفوه باسمِه ونَعْتِه وصورتِه، ويَعلَمونَ أنَّه سُمِّيَ فيها الماحيَ، لا يَبقى شيءٌ مِن الشِّرك إلَّا مُحِيَ في زمنِه، ثمَّ انجلَتْ عنه في أسرعِ وقتٍ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : القسطلاني | المصدر : المواهب اللدنية
الصفحة أو الرقم : 1/76 | خلاصة حكم المحدث : تُكلم فيه | أحاديث مشابهة